هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3218 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا ، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ، لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3218 حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وسعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال : { رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي } ويرحم الله لوطا ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد ، ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف ، لأجبت الداعي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) said, We are more liable to be in doubt than Abraham when he said, 'My Lord! Show me how You give life to the dead. . He (i.e. Allah) slid: 'Don't you believe then?' He (i.e. Abraham) said: Yes, but (I ask) in order to be stronger in Faith. (2.260) And may Allah send His Mercy on Lot! He wished to have a powerful support. If I were to stay in prison for such a long time as Joseph did I would have accepted the offer (of freedom without insisting on having my guiltless less declared).

D'après Abu Hurayra (), le Messager d'Allah () dit: Nous avons plus de raison qu'Abraham à avoir de doute^, [si doute il y avait], lorsqu'il avait dit: Allah fera miséricorde à Loth: il recourrait à un appui ferme. Et si j'étais resté en prison aussi longtemps que Joseph, j'aurais accepté l'invitation [à la liberté]...

":"ہم سے احمد بن صالح نے بیان کیا ‘ کہا ہم سے عبداللہ بن وہب نے بیان کیا ‘ کہا کہ مجھے یونس نے خبر دی ‘ انہیں ابن شہاب نے ‘ انہیں ابوسلمہ بن عبدالرحمٰن اور سعید بن مسیب نے ‘ انہیں حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ‘ ہم حضرت ابراہیم علیہ السلام کے مقابلے میں شک کرنے کے زیادہ مستحق ہیں جب کہ انہوں نے کہا تھا کہ میرے رب ! مجھے دکھا کہ تو مردوں کو کس طرح زندہ کرتا ہے ۔ اللہ تعالیٰ نے فرمایا ‘ کہا کیا تم ایمان نہیں لائے ‘ انہوں نے عرض کیا کہ کیوں نہیں ‘ لیکن یہ صرف اس لئے تاکہ میرے دل کو اور زیادہ اطمینان ہو جائے اور اللہ لوط علیہ السلام پر رحم کر کہ وہ زبردست رکن ( یعنی اللہ تعالیٰ ) کی پناہ لیتے تھے اور اگر میں اتنی مدت تک قید خانے میں رہتا جتنی مدت تک یوسف علیہ السلام رہے تھے تو میں بلانے والے کے بات ضرور مان لیتا ۔

D'après Abu Hurayra (), le Messager d'Allah () dit: Nous avons plus de raison qu'Abraham à avoir de doute^, [si doute il y avait], lorsqu'il avait dit: Allah fera miséricorde à Loth: il recourrait à un appui ferme. Et si j'étais resté en prison aussi longtemps que Joseph, j'aurais accepté l'invitation [à la liberté]...

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب .

     قَوْلُهُ  عَزَّ وَجَلَّ: { وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ} الآيَةَ [الحجر: 51]
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى} الآيَةَ [البقرة: 260]
هذا ( باب) بالتنوين في قوله عز وجل وملحق في اليونينية بعد باب بين الأسطر قوله عز وجل ( { ونبئهم} ) أي وأخبر عبادي ( { عن ضيف إبراهيم} ) أي أضيافه جبريل وميكائيل وإسرافيل ودردائيل ( { إذ دخلوا عليه} ) [الحجر: 51] ( الآية) وكانوا دخلوا مشاة في صورة رجال مرد حسان، فلما رآهم سرّ بهم فخرج إلى أهله فجاء بعجل سمين مشوي فقربه إليهم فأمسكوا أيديهم فقال: إنّا منكم وجلون.
قالوا: ( لا توجل) أي ( لا تخف) وإنما خاف منهم لأنهم دخلوا بغير وقت وبغير إذن أو لأنهم امتنعوا من الأكل.
فإن قيل: كيف سماهم ضيفًا مع امتناعهم من الأكل؟ أجيب: بأنه لما ظن إبراهيم أنهم إنما دخلوا عليه لطلب الضيافة جاز تسميتهم بذلك وقيل: إن من دخل دار إنسان والتجأ إليه سمي ضيفًا وإن لم يأكل.
( { وإذ قال إبراهيم: رب أرني كيف تحيي الموتى} إلى قوله { ولكن ليطمئن قلبي} [البقرة: 260] ) قال القرطبي: الاستفهام بكيف إنما هو سؤال عن حال شيء موجود متقرر الوجود عند السائل والمسؤول نحو قولك كيف علم زيد وكيف نسج الثوب ونحو هذا فكيف في هذه الآية إنما هي استفهام عن هيئة الإحياء والإحياء متقرر اهـ.

وسقط لأبي ذر قوله { ولكن ليطمئن قلبي} وثبت له سابقه في فرع اليونينية وفيها.
وقال الحافظ ابن حجر بعد قوله باب قوله: { ونبئهم عن ضيف إبراهيم} الآية لا توجل لا تخف كذا اقتصر في هذا الباب على تفسير هذه الكلمة، وبذلك جزم الإسماعيلي وقال: ساق الآيتين بلا حديث، ثم قال الحافظ بعد قوله: { وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى} [البقرة: 206] كذا وقع هذا الكلام لأبي ذر متصلاً بالباب، ووقع في رواية كريمة بدل قوله { ولكن ليطمئن قلبي} وحكى الإسماعيلي أنه وقع عنده باب قوله { وإذا قال إبراهيم} الخ وسقط كل ذلك للنسفي، وصار حديث أبي هريرة تكملة الباب الذي قبله فكملت به الأحاديث عشرين حديثًا وهو متجه اهـ.


[ قــ :3218 ... غــ : 3372 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «نَحْنُ أَحَقُّ بالشَكّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ: { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ: أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ: بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لأَجَبْتُ الدَّاعِيَ».
[الحديث 3372 - أطرافه في: 3375، 3387، 4537، 4694، 6992] .

وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن صالح) المصري قال: ( حدّثنا ابن وهب) عبد الله المصري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن أبي سلمة بن عبد الرَّحمن) بن عوف ( وسعيد بن المسيب) كلاهما ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) على سبيل التواضع.

( نحن أحق من إبراهيم) ولأبي ذر عن الكشميهني: نحن أحق بالشك من إبراهيم ( إذ قال) لما رأى جيفة حمار مطروحة على شط البحر فإذا مدّ البحر أكل دواب البحر منها وإذا جزر البحر جاءت السباع فأكلت، وإذا ذهبت جاءت الطيور فأكلت وطارت ( { رب أرني كيف تحيي الموتى} ) أي كيف تجمع أجزاء الحيوان من بطون السباع والطيور ودواب البحر، أو لما ناظر نمروذ حين قال: ربي الذي يحيي ويميت، وقال الملعون: أنا أحيي وأميت وأطلق محبوسًا وأقتل رجلاً.
فقال إبراهيم عليه السلام: إن إحياء الله تعالى برد الروح إلى بدنها.
فقال نمروذ، فهل عاينته؟ فلم يقدر أن يقول نعم.

وانتقل إلى تقرير آخر فقال له نمروذ لعنه الله: قل لربك حتى يحيي وإلا قتلتك فسأل الله تعالى ذلك، وقيل: إن الله لما أوحى إليه أني متخذ بشرًا خليلاً فاستعظم إبراهيم عليه السلام ذلك فقال: إلهي ما علامة ذلك؟ قال: إنه يحيي الموتى بدعائه فلما عظم مقام إبراهيم في العبودية خطر بباله أنه الخليل فسأل إحياء الموتى ( { قال أو لم تؤمن} ) بأني قادر على جمع الأجزاء المتفرقة أو على الإحياء بإعادة التركيب والروح إلى الجسد ( { قال بلى} ) آمنت ( { ولكن} ) سألت ( { ليطمئن قلبي} ) [البقرة: 260] ليحصل الفرق بين المعلوم بالبرهان والمعلوم عيانًا أو ليطمئن قلبي بقوة حجتي، إذا قيل لي: أنت عاينت؟ أقول: نعم.
أو ليطمئن قلبي بأني خليل لك، فظهر أن سؤال إبراهيم لم يكن شكًّا بل من قبيل زيادة العلم بالعيان فإن العيان يفيد من المعرفة والطمأنينة ما لا يفيده الاستدلال.
وعن الشافعي في معنى الحديث الشك يستحيل في حق إبراهيم عليه السلام ولو كان الشك متطرقًا إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لكنت الأحق به من إبراهيم وقد علمتم أن إبراهيم لم يشك فإذا لم أشك أنا ولم أرتب في القدرة على الإحياء فإبراهيم أولى بذلك.
وقال الزركشي وذكر صاحب الأمثال السائرة: إن أفعل تأتي في اللغة لنفي المعنى عن الشيئين نحو: الشيطان خير من زيد أي لا خير فيهما وكقوله تعالى: { أهم خير أم قوم تبع} [الدخان: 37] أي لا خير في الفريقين وعلى هذا فمعنى قوله نحن أحق بالشك من إبراهيم لا شك عندما جميعًا قال وهو أحسن ما يتخرج عليه هذا الحديث اهـ.

وكذا نقله في الفتح، لكن عن بعض علماء العربية قال في المصابيح وهذا غير معروف عند المحققين.

( ويرحم الله لوطًا) اسم أعجمي وصرف مع المعجمة والعلمية لسكون وسطه ( لقد كان يأوي) في الشدائد ( إلى ركن شديد) إلى الله تعالى.
وقال مجاهد إلى العشيرة، ولعله يريد لو أراد لأوى إليها ولكنه أوى إلى الله تعالى.
وقال أبو هريرة: ما بعث الله نبيًّا إلا في منعة من عشيرته ( ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف) بضع سنين ما بين الثلاث إلى التسع ( لأجبت الداعي) لأسرعت الإجابة في الخروج من السجن ولما قدّمت طلب البراءة.
قال محيي السنة: وصف -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوسف بالأناة والصبر حيث لم يبادر إلى الخروج حين جاءه رسول الملك فعل المذنب حين يعفى
عنه مع طول لبثه في السجن بل قال { ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} [يوسف: 50] أراد أن يقيم الحجة في حبسهم إياه ظلمًا فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على سبيل التواضع لا أنه عليه الصلاة والسلام كان في الأمر منه مبادرة وعجلة لو كان مكان يوسف والتواضع لا يصغر كبيرًا ولا يضع رفيعًا ولا يبطل الذي حق حقًّا لكنه يوجب لصاحبه فضلاً ويكسبه إجلالاً وقدرًا.
اهـ.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التفسير ومسلم في الإيمان وفي الفضائل وابن ماجه في الفتن.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ .

     قَوْلُهُ  عَزَّ وَجَلَّ: { ونَبِّئْهُمْ عنْ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ إذْ دَخَلُوا علَيْهِ.
.
}
( الْحجر: 15) .
الْآيَة: لَا تَوْجَلْ لَا تَخَفْ)


أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قَوْله تَعَالَى: { ونبئهم عَن ضيف إِبْرَاهِيم ... } ( الْحجر: 15) .
الْآيَة وَأَشَارَ بِهِ إِلَى قصَّة من قصَص إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَهِي: دُخُول الْمَلَائِكَة، قَوْله: الَّذين أرْسلُوا إِلَى هَلَاك قوم لوط صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ حَتَّى حصل لَهُ الوجل مِنْهُم، وَذَلِكَ لامتناعهم من الْأكل، وَقيل لأَنهم دخلُوا بِغَيْر وَقت وَبِغير إِذن، وَتَمام الْآيَة قَوْله: { قَالُوا لَا توجل إِنَّا نبشرك بِغُلَام عليم} ( الْحجر: 15) .
قَوْله: ( ونبئهم) ، أَي: نبيء عبَادي عَن ضيف إِبْرَاهِيم وقصته أَن الله تَعَالَى أرسل لوطاً إِلَى قومه ينهاهم عَمَّا يرتكبون من الْمعاصِي وَالْفَوَاحِش فَلم ينْتَهوا بل ازدادوا عتواً وَفَسَادًا، وَقَالُوا: ائتنا بِعَذَاب الله إِن كنت من الصَّادِقين، فَسَأَلَ لوط ربه أَن ينصره عَلَيْهِم فَأجَاب الله دعاءه وَبعث أَرْبَعَة من الْمَلَائِكَة: جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل ودردائيل، وَقيل: رفائيل لإهلاكهم، وَبشَارَة إِبْرَاهِيم بِالْوَلَدِ، فَأَقْبَلُوا مشَاة فِي صُورَة رجال مرد حسان حَتَّى نزلُوا على إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ الضَّيْف قد حبس عَنهُ خمس عشرَة لَيْلَة حَتَّى شقّ ذَلِك عَلَيْهِ، وَكَانَ لَا يَأْكُل إلاَّ مَعَ الضَّيْف مهما أمكنه، فَلَمَّا رَآهُمْ سُرَّ بهم لِأَنَّهُ رأى ضيفاً لم يضف مثلهم حسنا وجمالاً، فَقَالَ: لَا يخْدم هَؤُلَاءِ، إِلَّا أَنا فَخرج إِلَى أَهله فجَاء بعجل حنيذ، وَهُوَ المشوي بِالْحِجَارَةِ، فقربه إِلَيْهِم فأمسكوا أَيْديهم: { قَالَ: إِنَّا مِنْكُم وجلون} أَي: خائفون { قَالُوا: لَا توجل إِنَّا نبشرك بِغُلَام عليم} ( الْحجر: 15) .
أَي: يكون عليمياً بِالدّينِ.
وَفسّر البُخَارِيّ قَوْله: ( لَا توجل) بقوله: ( لَا تخف) من وَجل ييجل ويوجل فَهُوَ وَجل، أَي: خَائِف فزع، وَقَرَأَ الْحسن: لَا توجل، بِضَم التَّاء من: أوجله يوجله إِذا أخافه، وقرىء لَا تأجل وَلَا تواجل.
من واجله بِمَعْنى أوجله.

{ ولاكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} ( الْبَقَرَة: 062) .


وَفِي بعض النّسخ: { وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم رب أَرِنِي كَيفَ تحيى الْمَوْتَى قَالَ أولَمْ تؤمن قَالَ بلَى وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} ( الْبَقَرَة: 062) .
وَهَذِه رِوَايَة أبي ذَر، وَوَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة: { وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} ( الْبَقَرَة: 062) .
فَقَط، وَسقط كل ذَلِك للنسفي، فَحَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد تَكْمِلَة الْبابُُ الَّذِي قبله، وَأما الْكرْمَانِي فَإِنَّهُ كَذَلِك لم يذكر مِنْهُ شَيْئا، لَا لفظ الْبابُُ وَلَا لفظ التَّرْجَمَة.

قَوْله: { وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم} ( الْبَقَرَة: 062) .
يَعْنِي: أذكر يَا مُحَمَّد حِين: { قَالَ إِبْرَاهِيم رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى؟ ... } ( الْبَقَرَة: 062) .
الْآيَة وَذكر الْمُفَسِّرُونَ لسؤال إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أسبابُاً: مِنْهَا: أَنه لما قَالَ لنمرود لَعنه الله رَبِّي الَّذِي يحيى وَيُمِيت أحب أَن يترقى من علم الْيَقِين إِلَى عين الْيَقِين، وَأَن يرى ذَلِك مُشَاهدَة، فَقَالَ: { رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى} ( الْبَقَرَة: 062) .
كَمَا أَن الْإِنْسَان يعلم الشَّيْء ويتيقنه وَلَكِن يحب أَن يرَاهُ عيَانًا.
وَمِنْهَا: أَنه لما بشر بالخلة سَأَلَ ذَلِك ليتيقن بالإجابة لصِحَّة مَا بشر بِهِ قَالَه ابْن مَسْعُود ونمها انما سَأَلَ ليشاهد كَيْفيَّة جمع أَجزَاء الْمَوْتَى بعد تفريقها واتصال الأعصاب والجلود بعد تمزيقها، فَأَرَادَ أَن يجمع بَين علم الْيَقِين وَعين الْيَقِين وَحقّ الْيَقِين.
وَمِنْهَا: مَا رُوِيَ عَن قَتَادَة أَنه قَالَ: ذكر لنا أَن إِبْرَاهِيم أَتَى على دَابَّة توزعتها الدَّوَابّ وَالسِّبَاع، فَقَالَ: { رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى} ( الْبَقَرَة: 062) .
ليشاهد ذَلِك، لِأَن النُّفُوس متشوقة إِلَى المعاينة، يصدقهُ الحَدِيث: لَيْسَ الْخَبَر كالمعاينة.
وَمِنْهَا: مَا قَالَه ابْن دُرَيْد: مر إِبْرَاهِيم بحوت نصفه فِي الْبر وَنصفه فِي الْبَحْر، وَالَّذِي فِي الْبَحْر تَأْكُله دَوَاب الْبَحْر، وَالَّذِي فِي الْبر تَأْكُله دَوَاب الْبر، فَقَالَ إِبْلِيس الْخَبيث: يَا إِبْرَاهِيم! مَتى يجمع الله هَذَا من بطُون هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ { رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى} ( الْبَقَرَة: 162) .
{ لِيَطمَئِن قلبِي} ( الْبَقَرَة: 162) .
ليسكن ويهتدي بِالْيَقِينِ الَّذِي يستيقنه،.

     وَقَالَ  ابْن الْحصار فِي ( شرح القصيدة) : إِنَّمَا سَأَلَ الله أَن يحيي الْمَوْتَى على يَدَيْهِ يدل على ذَلِك قَوْله تَعَالَى: { فصرهن إِلَيْك} ( الْبَقَرَة: 062) .
فَأَجَابَهُ على نَحْو مَا سَأَلَ، وَعلم أَن أحدا لَا يقترح على الله مثل هَذَا فَيُجِيبهُ بِعَين مَطْلُوبه إِلَّا عَن رضَا واصطفاء.
بقوله: { أَو لم تؤمن} ( الْبَقَرَة: 062) .
بِأَنا اصطفيناك واتخذناك خَلِيلًا؟ قَالَ: بلَى.
قَوْله: كَيفَ تحيي الْمَوْتَى، لفظ: كَيفَ، اسْم لدُخُول الْجَار عَلَيْهِ بِلَا تَأْوِيل نَحْو قَوْلهم: على كَيفَ تبيع الأحمرين؟ وَيسْتَعْمل على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون شرطا نَحْو: كَيفَ تصنع أصنع، وَالْآخر: وَهُوَ الْغَالِب: أَن يكون استفهاماً، وَهنا كَذَلِك،.

     وَقَالَ  ابْن عَطِيَّة: السُّؤَال: بكيف؟ إِنَّمَا هُوَ سُؤال عَن حَالَة شَيْء مَوْجُود متقرر الْوُجُود عِنْد السَّائِل، فَكيف هُنَا اسْتِفْهَام عَن هَيْئَة الْإِحْيَاء، وَهُوَ متقرر.
قَوْله: { قَالَ أَو لم تؤمن} ( الْبَقَرَة: 062) .
يَعْنِي: بإحياء الْمَوْتَى؟ وَإِنَّمَا قَالَ: أَو لَمْ تؤمن؟ مَعَ علمه بِأَنَّهُ أثبت النَّاس إِيمَانًا ليجيب بِمَا أجَاب بِهِ لما فِيهِ من الْفَائِدَة الجليلة للسامعين.
قَوْله: قَالَ بلَى، أَي: بلَى آمَنت، و: بلَى، إِيجَاب لما بعد النَّفْي.
قَوْله: { وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} ( الْبَقَرَة: 162) .
أَي: ليزِيد سكوناً وطمأنينة بمضامة علم الضَّرُورَة علم الِاسْتِدْلَال، لِأَن ظَاهر الْأَدِلَّة أسكن للقلوب وأزيد للبصيرة وَالْيَقِين، وَعَن ابْن عَبَّاس وَالْحسن وَآخَرين: لِيَطمَئِن قلبِي للمشاهدة، كَأَن نَفسه طالبته بِرُؤْيَة ذَلِك، فَإِذا رَآهُ اطْمَأَن، وَقد يعلم الْمَرْء الشَّيْء من جِهَة ثمَّ يطْلب أَن يُعلمهُ من غَيرهَا، وَقيل: الْمَعْنى: لِيَطمَئِن قلبِي لِأَنِّي إِذا سَأَلتك أجبتني، وَقيل: كَانَ سُؤَاله على طَرِيق الْأَدَب يَعْنِي: أقدرني على إحْيَاء الْمَوْتَى لِيَطمَئِن قلبِي عَن هَذِه الأمنية، فَأَجَابَهُ الله إِلَى سُؤَاله،.

     وَقَالَ : فَخذ أَرْبَعَة من الطير وَهِي: الغرموق والطاووس والديك والحمامة، كَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس، وَعنهُ: أَنه أَخذ وزاً ورألاً، وَهُوَ فرخ النعامة وديكاً وطاووساً..
     وَقَالَ  مُجَاهِد وَعِكْرِمَة: كَانَت حمامة وديكاً وطاووساً وغراباً.
وروى مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس: أَن الطُّيُور كَانَت طاووساً ونسراً وغرابا وحماماً.

وَفِيه: إِشَارَة إِلَى أَحْوَال الدُّنْيَا: فالطاووس من الزِّينَة، والنسر من امتداد الأمل، والغراب من الغربة، وَالْحمام من النِّيَاحَة.
وَقيل: مَوضِع النسْر: البط، وَمَوْضِع الْحمام: الديك، وَالْحكمَة فِي اخْتِيَار هَذِه الْأَرْبَعَة هِيَ: أَن الطاووس خَان آدم، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي الْجنَّة، والبطَّ خَان يُونُس صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قطع يقطينه، والغراب خَان نوحًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أرْسلهُ ليكشف حَال المَاء الَّذِي عَم الأَرْض فاشتغل بالجيفة، والديك خَان إلْيَاس فسلب ثَوْبه، فَلَا جرم أَن الله تَعَالَى غير صَوت الطاووس بِدُعَاء آدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وسلب السّكُون على البط بِدُعَاء يُونُس صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَجعل رزق الْغُرَاب الجيفة بِدُعَاء نوح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَألقى الْعَدَاوَة بَين الديك بِدُعَاء الياس صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلما أَخذ إِبْرَاهِيم هَذِه الطُّيُور الْأَرْبَعَة، قَالَ الله تَعَالَى لَهُ: فصرهن إِلَيْك، أَي: قطعهن، كَذَا رَوَاهُ مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، ثمَّ خلطهن ثمَّ اجْعَلْهَا أَرْبَعَة أَجزَاء، ثمَّ اجْعَل على كل جبل مِنْهُنَّ جُزْءا، فَفعل إِبْرَاهِيم مثل مَا أَمر بِهِ، ثمَّ أمره الله أَن يدعوهن، فدعاهن فَجعل ينظر إِلَى الريش يطير إِلَى الريش، وَالدَّم إِلَى الدَّم، وَاللَّحم إِلَى اللَّحْم، والأجْزَاء من كل طير يقْصد بَعْضهَا بَعْضًا حَتَّى قَامَ كل طير على حِدته وأتينه يَمْشين سعياً ليَكُون أبلغ فِي الرُّؤْيَة الَّتِي سَأَلَهَا.
قَالَ ابْن عَبَّاس: وَكَانَ إِبْرَاهِيم قد أَخذ رؤوسهن بِيَدِهِ وَجعل كل طير يَجِيء ليَأْخُذ رَأسه من يَد إِبْرَاهِيم، فَإِذا قدَّم إِبْرَاهِيم غير رَأسه يأباه، وَإِذا قدَّم رَأسه تركب مَعَ بَقِيَّة جثته، بحول الله تَعَالَى وقوته، وَلِهَذَا قَالَ الله: وَاعْلَم أَن الله عَزِيز لَا يغلبه شَيْء، وَلَا يمْتَنع مِنْهُ شَيْء، حَكِيم فِي أَقْوَاله وأفعاله.
فَإِن قلت: لِمَ خص الطير من بَين سَائِر الْحَيَوَانَات؟ قلت: لِأَن للطير مَا لسَائِر الْحَيَوَانَات، وَله زِيَادَة: الطيران، وَلِأَن الطير هوائي ومائي وأرضي، فَكَانَت الأعجوبة فِي إحيائه أَكثر، وَلذَا قَالَ عِيسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي أخلق لكم من الطين كَهَيئَةِ الطير، فَاخْتَارَ الخفاش لاختصاصه بأَشْيَاء لَيست فِي الطُّيُور.
الْحيض وَالْحَبل والطيران فِي الظلمَة وَعدم الرُّؤْيَة بِالنَّهَارِ وَله أَسْنَان.
فَإِن قلت: لم خص أَرْبَعَة من الطير؟ قلت: لأجل الإسطقسات الْأَرْبَع الَّتِي بهَا قوام الْعَالم.
وَالْجِبَال كَانَت أَرْبَعَة من جبال الشَّام، وَقيل: جبل لبنان وسينين وطور سينين وطور زينا.



[ قــ :3218 ... غــ :3372 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ صَالِحٍ حدَّثنا ابنُ وَهْبٍ قَالَ أخْبَرَنِي يُونُسُ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ إبِي سلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ وسَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نَحْنُ أحَقّ بالشَّكِّ مِنْ إبْرَاهِيمَ إذْ قَالَ رَبِّ أرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلاى ولاكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي: ويَرْحَمُ الله لُوطَاً لَقَدْ كانَ يأوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ولَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لأجَبْتُ الدَّاعِيَ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة الْأَصْلِيَّة ظَاهِرَة، وَأحمد بن صَالح أَبُو جَعْفَر الْمصْرِيّ، وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن أَحْمد بن صَالح وَعَن سعيد بن تليد، وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان وَفِي الْفَضَائِل عَن حَرْمَلَة بن يحيى.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْفِتَن عَن حَرْمَلَة بن يحيى وَيُونُس بن عبد الْأَعْلَى.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( نَحن أَحَق بِالشَّكِّ) ، وَسقط فِي بعض الرِّوَايَات لفظ: الشَّك، وَمَعْنَاهُ: نَحن أَحَق بِالشَّكِّ فِي كَيْفيَّة الْإِحْيَاء لَا فِي نفس الْإِحْيَاء، وَعَن الشَّافِعِي وَغَيره: أَن الشَّك مُسْتَحِيل فِي حق إِبْرَاهِيم، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَو كَانَ الشَّك متطرقاً إِلَى الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، لَكُنْت أَنا أَحَق بِهِ من إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد علمْتُم أَن إِبْرَاهِيم لم يشك، فَإِذا لم أَشك أَنا وَلم أرْتَبْ فِي الْقُدْرَة عل الْإِحْيَاء فإبراهيم أولى بذلك، وَقيل: مَعْنَاهُ أَن هَذَا الَّذِي تظنونه شكا فَلَيْسَ بشك، فَلَو كَانَ شكا لَكُنْت أَنا أولى بِهِ وَلكنه لَيْسَ بشك، وَلكنه تطلب لمزيد الْيَقِين،.

     وَقَالَ  عِيَاض: يحْتَمل أَنه أَرَادَ أمته الَّذين يجوز عَلَيْهِم الشَّك، أَو أَنه قَالَه تواضعاً مَعَ إِبْرَاهِيم.
قَوْله: ( إِذْ قَالَ) أَي: حِين قَالَ.
قَوْله: ( وَيرْحَم الله لوطاً) ، وَلُوط صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ ابْن هاران ابْن آزر وَهُوَ أخي إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ مِمَّن آمن بإبراهيم وَهَاجَر مَعَه إِلَى مصر ثمَّ عَاد مَعَه إِلَى الشَّام فَنزل إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فلسطين وَنزل لوط الْأُرْدُن ثمَّ أرْسلهُ الله إِلَى أهل سدوم، وَهِي عدَّة قرى،.

     وَقَالَ  مقَاتل: وبلادهم مَا بَين الشَّام والحجاز بِنَاحِيَة زغر، وَكَانَت اثْنَتَيْ عشرَة قَرْيَة وَتسَمى الْمُؤْتَفِكَات من الْإِفْك، وَكَانُوا يعْبدُونَ الْأَوْثَان ويأتون الْفَوَاحِش ويسافد بَعضهم بَعْضًا على الطَّرِيق، وَغير ذَلِك من الْمَفَاسِد وَذكر الله لوطاً فِي الْقُرْآن فِي سَبْعَة عشر موضعا وَهُوَ اسْم أعجمي وَفِيه العلمية والعجمة وَلكنه صرف لسكون وَسطه، وَقيل: اسْم عَرَبِيّ من: لَاطَ، لِأَن حبه لَاطَ بقلب إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: تعلق ولصق.
قَوْله: ( لقد كَانَ يأوي إِلَى ركن شَدِيد) ، وَهُوَ إِشَارَة إِلَى الْآيَة الْكَرِيمَة وَهِي قَوْله تَعَالَى: { قَالَ لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو أَوَى إِلَى ركن شَدِيد} ( هود: 08) ..
     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك لِأَن كَلَامه يدل على إقناط كلي ويأس شَدِيد من أَن يكون لَهُ نَاصِر ينصره، وَكَأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، اسْتغْرب ذَلِك القَوْل وعده نَادرا مِنْهُ، إِذْ لَا ركن أَشد من الرُّكْن الَّذِي كَانَ يأوي إِلَيْهِ..
     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: مَعْنَاهُ إِلَى قوي أستند إِلَيْهِ وأمتنع بِهِ فيحميني مِنْكُم، شبه الْقوي الْعَزِيز بالركن من الْجَبَل فِي شدته ومنعته،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى: يجوز أَنه نسي الالتجاء إِلَى الله فِي حمايته الأضياف، أَو أَنه التجأ إِلَى الله فِيمَا بَينه وَبَين الله، وَأظْهر للأضياف الْعذر وضيق الصَّدْر قَوْله: ( وَلَو لَبِثت فِي السجْن مَا لبث يُوسُف) وَقد لبث سبع سِنِين وَسَبْعَة أشهر وَسَبْعَة أَيَّام وَسبع سَاعَات.
قَوْله: ( لَأَجَبْت الدَّاعِي) يَعْنِي: لَأَسْرَعت إِلَى الْإِجَابَة إِلَى الْخُرُوج من السجْن وَلما قدمت الْعذر، قَالَ الله تَعَالَى: { فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُول قَالَ إرجع إِلَى رَبك} ( يُوسُف: 05) .
الْآيَة ... وَصفه رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالصبرِ حَيْثُ لم يُبَادر إِلَى الْخُرُوج، وَإِنَّمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك تواضعاً، لَا أَنه كَانَ فِي الْأَمر مِنْهُ مبادرة وعجلة لَو كَانَ مَكَان يُوسُف، والتواضع لَا يصغر كَبِيرا، بل يزِيدهُ إجلالاً وَقدرا، وَقيل: هُوَ من جنس قَوْله: لَا تفضلُونِي على يُونُس، وَقيل: إِنَّه كَانَ قبل أَن يعلم أَنه أفضل من الْجَمِيع، وَالله أعلم وَأحكم.