هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
335 حَدَّثَنَا آدَمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا الحَكَمُ ، عَنْ ذَرٍّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ، فَقَالَ : إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ المَاءَ ، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ : أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ ، وَنَفَخَ فِيهِمَا ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
335 حدثنا آدم ، قال : حدثنا شعبة ، حدثنا الحكم ، عن ذر ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه ، قال : جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ، فقال : إني أجنبت فلم أصب الماء ، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب : أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت ، فأما أنت فلم تصل ، وأما أنا فتمعكت فصليت ، فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما كان يكفيك هكذا فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ، ونفخ فيهما ، ثم مسح بهما وجهه وكفيه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عَمَّارِ بْنِ يَاسِر ، قالَ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ : أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ ، وَنَفَخَ فِيهِمَا ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ .

Narrated `Abdur Rahman bin Abza [??]:

A man came to `Umar bin Al-Khattab and said, I became Junub but no water was available. `Ammar bin Yasir said to `Umar, Do you remember that you and I (became Junub while both of us) were together on a journey and you didn't pray but I rolled myself on the ground and prayed? I informed the Prophet (ﷺ) about it and he said, 'It would have been sufficient for you to do like this.' The Prophet then stroked lightly the earth with his hands and then blew off the dust and passed his hands over his face and hands.

0338 D’après Said ben Abd-ar-Rahman ben Abza, son père dit : Un homme vint voir Umar ben al-Khatâb et dit : « Je viens d’avoir une janaba et je n’ai pas trouvé d’eau. » Sur ce Ammar ben Yasir dit à Umar ben al-Khatab : « Ne te rappelles-tu pas que nous étions, toi et moi, en voyage ? Quant à toi, tu n’as pas fait la prière (Umar, ainsi que Ammar, était en état de janaba), mais moi, je me suis roulé dans le sable puis j’ai fait ma prière. Après cela, j’ai mis le Prophète au courant de la chose. Il m’a dit : Il t’aurait suffi de faire cela, et il frappa le sol avec ses paumes puis souffla dessus et s’essuya ensuite le visage et les deux mains. »  

":"ہم سے آدم بن ابی ایاس نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے شعبہ نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے حکم بن عیینہ نے بیان کیا ، انھوں نے ذر بن عبداللہ سے ، انھوں نے سعید بن عبدالرحمٰن بن ابزیٰ سے ، وہ اپنے باپ سے ، انھوں نے بیان کیا کہایک شخص عمر بن خطاب رضی اللہ عنہ کے پاس آیا اور عرض کی کہ مجھے غسل کی حاجت ہو گئی اور پانی نہیں ملا ( تو میں اب کیا کروں ) اس پر عمار بن یاسر رضی اللہ عنہ نے حضرت عمر بن خطاب رضی اللہ عنہ سے کہا ، کیا آپ کو یاد نہیں جب میں اور آپ سفر میں تھے ، ہم دونوں جنبی ہو گئے ۔ آپ نے تو نماز نہیں پڑھی لیکن میں نے زمین پر لوٹ پوٹ لیا ، اور نماز پڑھ لی ۔ پھر میں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے اس کا ذکر کیا تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ تجھے بس اتنا ہی کافی تھا اور آپ نے اپنے دونوں ہاتھ زمین پر مارے پھر انہیں پھونکا اور دونوں سے چہرے اور پہنچوں کا مسح کیا ۔

0338 D’après Said ben Abd-ar-Rahman ben Abza, son père dit : Un homme vint voir Umar ben al-Khatâb et dit : « Je viens d’avoir une janaba et je n’ai pas trouvé d’eau. » Sur ce Ammar ben Yasir dit à Umar ben al-Khatab : « Ne te rappelles-tu pas que nous étions, toi et moi, en voyage ? Quant à toi, tu n’as pas fait la prière (Umar, ainsi que Ammar, était en état de janaba), mais moi, je me suis roulé dans le sable puis j’ai fait ma prière. Après cela, j’ai mis le Prophète au courant de la chose. Il m’a dit : Il t’aurait suffi de faire cela, et il frappa le sol avec ses paumes puis souffla dessus et s’essuya ensuite le visage et les deux mains. »  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [338] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا الْحَكَمُ هُوَ بن عتيبة الْفَقِيه الْكُوفِي وذر بِالْمُعْجَمَةِ هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْهَبِيُّ .

     قَوْلُهُ  جَاءَ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ الْآتِيَةِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبْزَى شَهِدَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ أُصِبِ الْمَاءَ فَقَالَ عَمَّارٌ هَذِهِ الرِّوَايَةُ اخْتَصَرَ فِيهَا جَوَابَ عُمَرَ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ آدَمَ أَيْضًا بِدُونِهَا وَقَدْ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ رِوَايَةِ سِتَّةِ أَنْفُسٍ أَيْضًا عَنْ شُعْبَةَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَسُقْهُ تَامًّا مِنْ رِوَايَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَعَمْ ذَكَرَ جَوَابَ عُمَرَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ وَلَفْظُهُمَا فَقَالَ لَا تُصَلِّ زَادَ السَّرَّاجُ حَتَّى تَجِدَ الْمَاءَ وَلِلنَّسَائِيِّ نَحْوُهُ وَهَذَا مَذْهَبٌ مَشْهُورٌ عَنْ عُمَرَ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَجَرَتْ فِيهِ مُنَاظَرَةٌ بَيْنَ أَبِي مُوسَى وبن مَسْعُودٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابٌ التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ وَقيل إِن بن مَسْعُودٍ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ هُنَاكَ تَوْجِيهَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فِي ذَلِكَ وَالْجَوَابُ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  فِي سَفَرٍوَلِمُسْلِمٍ فِي سَرِيَّةٍ وَزَادَ فَأَجْنَبْنَا وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِثْلُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ .

     قَوْلُهُ  فَتَمَعَّكْتُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ بَعْدُ فَتَمَرَّغْتُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَقَلَّبْتُ وَكَأَنَّ عَمَّارًا اسْتَعْمَلَ الْقِيَاسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَأَى أَنَّ التَّيَمُّمَ إِذَا وَقَعَ بَدَلَ الْوُضُوءِ وَقَعَ عَلَى هَيْئَةِ الْوُضُوءِ رَأَى أَنَّ التَّيَمُّمَ عَنِ الْغُسْلِ يَقَعُ عَلَى هَيْئَةِ الْغُسْلِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وُقُوعُ اجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا لَوْمَ عَلَيْهِ إِذَا بَذَلَ وُسْعَهُ وَإِنْ لَمْ يُصِبِ الْحَقَّ وَأَنَّهُ إِذَا عَمِلَ بِالِاجْتِهَادِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَفِي تَرْكِهِ أَمْرَ عُمَرَ أَيْضًا بِقَضَائِهَا مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ إِنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ لَا يُصَلِّي وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ ( .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ)
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّيَمُّمِ هِيَ الصِّفَةُ الْمَشْرُوحَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ ثَبَتَتْ بِالْأَمْرِ دَلَّتْ عَلَى النَّسْخِ وَلَزِمَ قَبُولُهَا لَكِنْ إِنَّمَا وَرَدَتْ بِالْفِعْلِ فَتُحْمَلُ عَلَى الْأَكْمَلِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ كَمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ آدَمَ .

     قَوْلُهُ  وَنَفَخَ فِيهِمَا وَفِي رِوَايَةِ حَجَّاجٍ الْآتِيَةِ ثُمَّ أَدْنَاهُمَا مِنْ فِيهِ وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنِ النَّفْخِ وَفِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ كَانَ نَفْخًا خَفِيفًا وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ تَفَلَ فِيهِمَا وَالتَّفْلُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ دُونَ الْبَزْقِ وَالنَّفْثُ دُونَهُ وَسِيَاقُ هَؤُلَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيمَ وَقَعَ بِالْفِعْلِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَغَيْرِهِ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ أَنَّ التَّعْلِيمَ وَقَعَ بِالْقَوْلِ وَلَفْظُهُمْ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ الْأَرْضَ زَادَ يَحْيَى ثُمَّ تَنْفُخُ ثُمَّ تَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ وَاسْتُدِلَّ بِالنَّفْخِ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَخْفِيفِ التُّرَابِ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى سُقُوطِ اسْتِحْبَابِ التَّكْرَارِ فِي التَّيَمُّمِ لِأَنَّ التَّكْرَارَ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ التَّخْفِيفِ وَعَلَى أَنَّ مَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ بَدَلَ الْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ أَخْذًا مِنْ كَوْنِ عَمَّارٍ تَمَرَّغَ فِي التُّرَابِ لِلتَّيَمُّمِ وَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَى الضَّرْبَتَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ وَسُقُوطُ إِيجَابِ التَّرْتِيب فِي التَّيَمُّم عَن الْجَنَابَة قَولُهُ بَابُ التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ أَيْ هُوَ الْوَاجِبُ الْمُجْزِئُ وَأَتَى بِذَلِكَ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ مَعَ شُهْرَةِ الْخِلَافِ فِيهِ لِقُوَّةِ دَلِيلِهِ فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي صِفَةِ التَّيَمُّمِ لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي جُهَيْمٍ وَعَمَّارٍ وَمَا عَدَاهُمَا فَضَعِيفٌ أَوْ مُخْتَلَفٌ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ رَفْعِهِ فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي جُهَيْمٍ فَوَرَدَ بِذِكْرِ الْيَدَيْنِ مُجْمَلًا.

.
وَأَمَّاحَدِيثُ عَمَّارٍ فَوَرَدَ بِذِكْرِ الْكَفَّيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَبِذِكْرِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي السُّنَنِ وَفِي رِوَايَةٍ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ وَفِي رِوَايَةٍ إِلَى الْآبَاطِ فَأَمَّا رِوَايَةُ الْمَرْفِقَيْنِ وَكَذَا نِصْفُ الذِّرَاعِ فَفِيهِمَا مَقَالٌ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الْآبَاطِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ وَقَعَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلُّ تَيَمُّمٍ صَحَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ فَهُوَ نَاسِخٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ وَقَعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَالْحُجَّةُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَمِمَّا يُقَوِّي رِوَايَةَ الصَّحِيحَيْنِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ كَوْنُ عَمَّارٍ كَانَ يُفْتِي بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَرَاوِي الْحَدِيثِ أَعْرَفُ بِالْمُرَادِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا سِيَّمَا الصَّحَابِيَّ الْمُجْتَهِدَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَسْأَلَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [338] حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ الْمَاءَ.
فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا».
فَضَرَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ.
[الحديث أطرافه في: 339، 340، 341، 342، 343، 345، 346، 347] .
وبالسند قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: حدّثنا الحكم) بفتح الحاء والكاف ابن عتيبة بضم العين وفتح المثناة الفوقية وسكون التحتية وفتح الموحدة ( عن ذر) بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء ابن عبد الله الهمداني بسكون الميم ( عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى) بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالزاي المفتوحة مقصورًا وسعيد بكسر العين ( عن أبيه) عبد الرحمن الصحابي الخزاعي الكوفي ( قال) : ( جاء رجل) وفي رواية الطبراني من أهل البادية ( إلى عمر بن الخطاب) رضي الله عنه ( فقال: إني أجنبت) يفتح الهمزة أي صرت جنبًا ( فلم أصب الماء) بضم الهمزة من الإصابة أي لم أجده ( فقال عمار بن ياسر) العنسي بالنون الساكنة وكان من السابقين الأوّلين وهو وأبوه شهد المشاهد كلها.
وقال عليه الصلاة والسلام: "إن عمارًا ملئ إيمانًا" أخرجه الترمذي، واستأذن عليه فقال: "مرحبًا بالطيب المطيب" وقال: "من عادى عمارًا عاداه الله ومن أبغض عمارًا أبغضه الله" له في البخاري أربعة أحاديث منها قوله هنا ( لعمر بن الخطاب) رضي الله عنه يا أمير المؤمنين ( أما تذكر أنا) وللأصيلي إذا ( كنا في سفر) ولمسلم في سرية وزاد فأجنبنا ( أنا وأنت) تفسير لضمير الجمع في كنا وهمزة أم للاستفهام وكلمة ما للنفي وموضع أنا كنا نصب مفعول تذكر، ( فاما أنت فلم تصل) أي لأنه كان يتوقع الوصول إلى الماء قبل خروج الوقت أو لاعتقاد أن التيمم عن الحدث الأصغر لا الأكبر وعمار قاسه عليه.
( وأما أنا فتمعكت) أي تمرّغت في التراب كأنه لما رأى أن التيمم إذا وقع بدل الوضوء وقع على هيئة الوضوء رأى أن التيممعن الغسل يقع على هيئة الغسل، ( فصليت فذكرت ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولغير أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر فذكرته للنبي بإسقاط لفظ ذلك ( فقال النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وللأصيلي فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إنما كان يكفيك هكذا) بالكاف بعد الهاء وللحموي والمستملي هذا ( فضرب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكفّيه) ولأبي ذر فضرب بكفّيه ( الأرض) وللأصيلي في الأرض ( ونفخ فيهما) نفخًا تخفيفًا للتراب، وهو محمول على أنه كان كثيرًا، ( ثم مسح بهما وجهه وكفّيه) إلى الرسغين.
وهذا مذهب أحمد فلا يجب عنده المسح إلى المرفقين ولا الضربة الثانية للكفين، واستشكل بأن ما يمسح به وجهه يصير مستعملاً، فكيف يمسح به كفّيه؟ وأجيب بأنه يمكن أن يمسح الوجه ببعض والكفّين بباقيهما، والمشهور عند المالكية وجوب ضربتين والمسح إلى المرفقين، واختلف عندهم إذا قتصر على الرسغين وصلى، فالمشهور أنه يعيد في الوقت، ومذهب أبي حنيفة والشافعي، وصححه النووي رحمه الله وجوب ضربة لمسح وجهه وأخرى ليديه والمسح إلى المرفقين قياسًا على الوضوء لحديث أبي داود أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تيمم بضربتين مسح بإحداهما وجهه، وروى الحاكم والدارقطني، عن أبي عمر، وعن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين" وإلى هنا بمعنى مع والقياس على الوضوء دليل على أن المراد بقوله في حديث عمار وكفيه أي إلى المرفقين، وصحح الرافعي الاكتفاء بضربة لحديث الباب، والأوّل أصح مذهبًا، والثاني أصح دليلاً، وأما حديث الدارقطني والحاكم "التيمم ضربتان" الخ فالصواب وقفه على ابن عمر، وأما حديث أبي داود فليس بالقوي، وقضية حديث عمار الاكتفاء بمسح الوجه والكفين وهو قول قديم.
قال في المجموع: وهو وإن كان مرجوحًا عند الأصحاب فهو القوي في الدليل كما قال الخطابي: الاقتصار على الكفين أصح في الرواية، ووجوب الذراعين أشبه بالأصول وأصح في القياس، ولو كان التراب ناعمًا كفى وضع اليد عليه من غير ضرب.
وفي الحديث: إن مسح الوجه واليدين بدل في الجنابة عن كل البدن، وإنما لم يأمره بالإعادة لأنه عمل أكثر مما كان يجب عليه في التيمم.
ورواة هذا الحديث الثمانية ما بين خراساني وكوفي، وفيه التحديث والعنعنة والقول وثلاثة من الصحابة، وأخرجه المؤلف رحمه الله في الطهارة وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن 5 - باب التَّيَمُّمُ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ هذا ( باب) بالتنوين ( التيمم للوجه والكفّين) التيمم للوجه مبتدأ والكفين عطف على الوجه والخبر محذوف قدّره الحافظ ابن حجر بقوله هو الواجب المجزئ والعيني: التيمم ضربة واحدة للوجه والكفّين.
قال: ثم نقدّر بعد ذلك لفظ جوازًا يعني من حيث الجواز أو نقدّر وجوبًا يعني من حيث الوجوب.
قال: والتقييد بالوجوب لا يفهم منه لأنه أعم من ذلك اهـ.
وقد عقد المؤلف رحمه الله للضربة الواحدة بابًا يأتي إن شاء الله تعالى فليتأمل مع قول العيني ضربة واحدة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [338] حدثنا آدم: ثنا شعبة: ثنا الحكم، عن ذر، عن سعيد بن عبد الرحمان بن أبزى، عن أبيه، قَالَ: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب، فقال: إني أجنبت، فلم أجد الماء؟ فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت ذلك للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إنما كان يكفيك هكذا) ) ، فضرب بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه.
وقد خرجه فيما بعد من وجه أخر، وفيه: ( ( ثم نفضها) ) بدل ( ( نفخ فيهما) ) .
وفي رواية لمسلم في ( ( صحيحه) ) أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعمار: ( ( إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض، ثم تنفخ، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك) ) .
واستدل بهذا بعض من ذهب إلى أنه لا يشرط في المتيمم به أن يكون له غبار يعلق باليد، كما هو قول مالك وأبي حنيفةوالثوري وغيرهم؛ لان نفخ التراب من اليدين ونفضهما منه قد يزيل ما علق باليد منه أو يخففه حتّى لا يبقى منه ما يعم الوجه والكفين غباره، فلو كان المسح بالغبار شرطا لكان ترك النفخ أولى.
وأجاب عن ذلك بعض من يرى اشتراط الغبار الممسوح به، كأصحاب الشافعي وأحمد: بأن النفخ يدل على أنه علق باليد من التراب ما يخفف منه بالنفخ، وقد قال لعمار: ( ( إنما يكفيك هكذا) ) ، فدل على أنه لا بد في التيمم من تراب يعلق باليد.
وأجاب بعضهم: بأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما ذكر النفخ لعمار لا لكون النفخ سنة، بل ليبين له أن المبالغة في التيمم بالتمعك الذي فعله بالتراب ليس بسنة، وأنه يكفي من ذلك أدنى ما يمكن أن يمسح به الوجه والكفان من غباره.
وقد اختلف العلماء في نفخ اليدين من الغبار في التيمم: فمنهم من استحبه، ومنهم من كرهه.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، أنه كان إذا تيمم ضرب بيديه ضربة، فمسح بهما وجهه، ثم ضرب بيديه ضربة أخرى، ثم مسح بهما يديه إلى المرفقين، ولا ينفض يديه من التراب.
وكره النفض حماد وغيره، واستحبه الحسن ويحيى ابن أبي كثير.
واختلفت الرواية عن أحمد في ذَلكَ: فروي عنه أنه لم يذهب إلى النفخ.
وروي عنه أنه قَالَ: أن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل.
ونقل عنه الميموني قَالَ: لا ينفخهما.
ثم قَالَ: ومن الناس من ينفضهما، ولستأنفضهما، وكأني للنفخ أكره.
ونقل عنه حنبل أنه ذكر حديث عمار هذا، وقال: اذهب إليه.
قيل له: ينفخ فيهما؟ قَالَ: ينفخ فيهما ويمسحهما.
قال الخلال: العمل من مذهبه: على أنه يجوز فعل ذلك كله: النفخ والنفض، ويجوز تركه.
وقال غيره من أصحابنا: أن كان التراب خفيفا كره النفخ؛ لأنه ينقص به كمال التعميم بالطهور، وإن كان كثيرا ففي كراهته روايتان، والصحيح: لا يكره؛ لأنه تخفيف لا يكره ابتداء، فكذلك دواما.
وللشافعي في تخفيف التراب بالنفخ ونحوه قولان: أحدهما: يستحب.
والثاني: لا.
وقيل: أن القديم استحبابه والجديد عدم استحبابه.
واختلف أصحابه في ذلك على طريقين: فمنهم من قال: له قولان مطلقا.
ومنهم من قال: هما منزلان على حالين، فإن كان التراب كثيرا نفخ، وألا لم ينفخ.
ونقل حرب، عن إسحاق، قال: أن لزق بالكفين تراب كثير نفخهما، وان لم يلزق بهما تراب كثير أجزاه أن لا ينفخ.
قال حرب: ووصف لنا إسحاق التيمم، فضرب بيديه، ثم نفخهما فمسح بهما وجهه، ثم ضرب بيديه الثانية ولم ينفخهما، ثم مسح ظهور الكفين: اليمنى باليسرى واليسرى باليمنى.
وروى بإسناده، عن عمار، أنه غمس باطن كفيه بالتراب ثم نفخ يده، ثم مسح وجهه ويديه إلى المفصل.
وقال عمار: هذا التيمم.
وبإسناده: عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر، أنه وصف التيمم فمسح ظهر يديه وذراعيه من لدن أصابعه إلى مرفقيه، ثممن بطن اليدين من لدن مرفقه إلى أصابعه مرتين ينفضهما.
ورواية الزهري، عن سالم، عن ابن عمر المتقدمة أصح من هذه.
وذكر بعض المالكية: أن جواز نفض اليدين من التراب في التيمم قول مالك والشافعي دون استقصاء لما فيهما، لكن لخشية ما يضر به من ذلك من تلويث وجهه، أو شيء يؤذيه.
وقال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما ضرب بيديه الأرض للتيمم نفخ فيهما.
واختلفوا في ذلك، فكان الشعبي يقول: ينفضهما.
وقال مالك: نفضا خفيفا.
وقال الشافعي: لا باس أن ينفض إذا بقي في يده غبار.
وقال إسحاق نحوا من قول الشافعي.
وقال أحمد: لا يضره فعل أو لم يفعل.
وقال أصحاب الرأي: ينفضهما.
وكان ابن عمر لا ينفض يديه.
قال ابن المنذر: قول أحمد حسن.
5 - باب التيمم للوجه والكفين

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْمُتَيَمِّمِ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا)
أَيْ فِي يَدَيْهِ وَزَعَمَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ النّسخ بَاب هَل ينْفخ فِي يَدَيْهِ بعد مَا يَضْرِبُ بِهِمَا الصَّعِيدَ لِلتَّيَمُّمِ وَإِنَّمَا تَرْجَمَ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ فِيهِ احْتِمَالًا كَعَادَتِهِ لِأَنَّ النَّفْخَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِشَيْءٍ عَلِقَ بِيَدِهِ خَشِيَ أَنْ يُصِيبَ وَجْهَهُ الْكَرِيمَ أَوْ عَلِقَ بِيَدِهِ مِنَ التُّرَابِ شَيْءٌ لَهُ كَثْرَةٌ فَأَرَادَ تَخْفِيفَهُ لِئَلَّا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ فِي وَجْهِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ التَّشْرِيعِ وَمِنْ ثَمَّ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ أَجَازَ التَّيَمُّمَ بِغَيْرِ التُّرَابِ زَاعِمًا أَنَّ نَفْخَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرَطَ فِي التَّيَمُّمِ الضَّرْبُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْفِعْلُ مُحْتَمِلًا لِمَا ذَكَرَ أَوْرَدَهُ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ لِيَعْرِفَ النَّاظِرُ أَنَّ لِلْبَحْثِ فِيهِ مَجَالًا

[ قــ :335 ... غــ :338] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا الْحَكَمُ هُوَ بن عتيبة الْفَقِيه الْكُوفِي وذر بِالْمُعْجَمَةِ هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْهَبِيُّ .

     قَوْلُهُ  جَاءَ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ الْآتِيَةِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبْزَى شَهِدَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ أُصِبِ الْمَاءَ فَقَالَ عَمَّارٌ هَذِهِ الرِّوَايَةُ اخْتَصَرَ فِيهَا جَوَابَ عُمَرَ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ آدَمَ أَيْضًا بِدُونِهَا وَقَدْ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ رِوَايَةِ سِتَّةِ أَنْفُسٍ أَيْضًا عَنْ شُعْبَةَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَسُقْهُ تَامًّا مِنْ رِوَايَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَعَمْ ذَكَرَ جَوَابَ عُمَرَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ وَلَفْظُهُمَا فَقَالَ لَا تُصَلِّ زَادَ السَّرَّاجُ حَتَّى تَجِدَ الْمَاءَ وَلِلنَّسَائِيِّ نَحْوُهُ وَهَذَا مَذْهَبٌ مَشْهُورٌ عَنْ عُمَرَ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَجَرَتْ فِيهِ مُنَاظَرَةٌ بَيْنَ أَبِي مُوسَى وبن مَسْعُودٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابٌ التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ وَقيل إِن بن مَسْعُودٍ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ هُنَاكَ تَوْجِيهَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فِي ذَلِكَ وَالْجَوَابُ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  فِي سَفَرٍ وَلِمُسْلِمٍ فِي سَرِيَّةٍ وَزَادَ فَأَجْنَبْنَا وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِثْلُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ .

     قَوْلُهُ  فَتَمَعَّكْتُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ بَعْدُ فَتَمَرَّغْتُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَقَلَّبْتُ وَكَأَنَّ عَمَّارًا اسْتَعْمَلَ الْقِيَاسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَأَى أَنَّ التَّيَمُّمَ إِذَا وَقَعَ بَدَلَ الْوُضُوءِ وَقَعَ عَلَى هَيْئَةِ الْوُضُوءِ رَأَى أَنَّ التَّيَمُّمَ عَنِ الْغُسْلِ يَقَعُ عَلَى هَيْئَةِ الْغُسْلِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وُقُوعُ اجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا لَوْمَ عَلَيْهِ إِذَا بَذَلَ وُسْعَهُ وَإِنْ لَمْ يُصِبِ الْحَقَّ وَأَنَّهُ إِذَا عَمِلَ بِالِاجْتِهَادِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَفِي تَرْكِهِ أَمْرَ عُمَرَ أَيْضًا بِقَضَائِهَا مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ إِنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ لَا يُصَلِّي وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
هل ينفخ فيهما؟
[ قــ :335 ... غــ :338 ]
- حدثنا آدم: ثنا شعبة: ثنا الحكم، عن ذر، عن سعيد بن عبد الرحمان بن أبزى، عن أبيه، قَالَ: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب، فقال: إني أجنبت، فلم أجد الماء؟ فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت ذلك للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
( ( إنما كان يكفيك هكذا) ) ، فضرب بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه.

وقد خرجه فيما بعد من وجه أخر، وفيه: ( ( ثم نفضها) ) بدل ( ( نفخ فيهما) ) .

وفي رواية لمسلم في ( ( صحيحه) ) أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعمار: ( ( إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض، ثم تنفخ، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك) ) .

واستدل بهذا بعض من ذهب إلى أنه لا يشرط في المتيمم به أن يكون له غبار يعلق باليد، كما هو قول مالك وأبي حنيفة والثوري وغيرهم؛ لان نفخ التراب من اليدين ونفضهما منه قد يزيل ما علق باليد منه أو يخففه حتّى لا يبقى منه ما يعم الوجه والكفين غباره، فلو كان المسح بالغبار شرطا لكان ترك النفخ أولى.

وأجاب عن ذلك بعض من يرى اشتراط الغبار الممسوح به، كأصحاب الشافعي وأحمد: بأن النفخ يدل على أنه علق باليد من التراب ما يخفف منه بالنفخ، وقد قال لعمار: ( ( إنما يكفيك هكذا) ) ، فدل على أنه لا بد في التيمم من تراب يعلق باليد.

وأجاب بعضهم: بأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما ذكر النفخ لعمار لا لكون النفخ سنة، بل ليبين له أن المبالغة في التيمم بالتمعك الذي فعله بالتراب ليس بسنة، وأنه يكفي من ذلك أدنى ما يمكن أن يمسح به الوجه والكفان من غباره.

وقد اختلف العلماء في نفخ اليدين من الغبار في التيمم: فمنهم من استحبه، ومنهم من كرهه.

وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، أنه كان إذا تيمم ضرب بيديه ضربة، فمسح بهما وجهه، ثم ضرب بيديه ضربة أخرى، ثم مسح بهما يديه إلى المرفقين، ولا ينفض يديه من التراب.

وكره النفض حماد وغيره، واستحبه الحسن ويحيى ابن أبي كثير.

واختلفت الرواية عن أحمد في ذَلكَ: فروي عنه أنه لم يذهب إلى النفخ.
وروي عنه أنه قَالَ: أن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل.

ونقل عنه الميموني قَالَ: لا ينفخهما.
ثم قَالَ: ومن الناس من ينفضهما، ولست أنفضهما، وكأني للنفخ أكره.

ونقل عنه حنبل أنه ذكر حديث عمار هذا، وقال: اذهب إليه.
قيل له: ينفخ فيهما؟ قَالَ: ينفخ فيهما ويمسحهما.

قال الخلال: العمل من مذهبه: على أنه يجوز فعل ذلك كله: النفخ والنفض، ويجوز تركه.

وقال غيره من أصحابنا: أن كان التراب خفيفا كره النفخ؛ لأنه ينقص به كمال التعميم بالطهور، وإن كان كثيرا ففي كراهته روايتان، والصحيح: لا يكره؛ لأنه تخفيف لا يكره ابتداء، فكذلك دواما.

وللشافعي في تخفيف التراب بالنفخ ونحوه قولان: أحدهما: يستحب.
والثاني: لا.
وقيل: أن القديم استحبابه والجديد عدم استحبابه.

واختلف أصحابه في ذلك على طريقين: فمنهم من قال: له قولان مطلقا.
ومنهم من قال: هما منزلان على حالين، فإن كان التراب كثيرا نفخ، وألا لم ينفخ.

ونقل حرب، عن إسحاق، قال: أن لزق بالكفين تراب كثير نفخهما، وان لم يلزق بهما تراب كثير أجزاه أن لا ينفخ.

قال حرب: ووصف لنا إسحاق التيمم، فضرب بيديه، ثم نفخهما فمسح بهما وجهه، ثم ضرب بيديه الثانية ولم ينفخهما، ثم مسح ظهور الكفين: اليمنى باليسرى واليسرى باليمنى.

وروى بإسناده، عن عمار، أنه غمس باطن كفيه بالتراب ثم نفخ يده، ثم مسح وجهه ويديه إلى المفصل.
وقال عمار: هذا التيمم.

وبإسناده: عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر، أنه وصف التيمم فمسح ظهر يديه وذراعيه من لدن أصابعه إلى مرفقيه، ثم من بطن اليدين من لدن مرفقه إلى أصابعه مرتين ينفضهما.

ورواية الزهري، عن سالم، عن ابن عمر المتقدمة أصح من هذه.

وذكر بعض المالكية: أن جواز نفض اليدين من التراب في التيمم قول مالك والشافعي دون استقصاء لما فيهما، لكن لخشية ما يضر به من ذلك من تلويث وجهه، أو شيء يؤذيه.

وقال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما ضرب بيديه الأرض للتيمم نفخ فيهما.
واختلفوا في ذلك، فكان الشعبي يقول: ينفضهما.
وقال مالك: نفضا خفيفا.
وقال الشافعي: لا باس أن ينفض إذا بقي في يده غبار.
وقال إسحاق نحوا من قول الشافعي.
وقال أحمد: لا يضره فعل أو لم يفعل.
وقال أصحاب الرأي: ينفضهما.
وكان ابن عمر لا ينفض يديه.

قال ابن المنذر: قول أحمد حسن.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْمُتَيَمِّمُ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا
هذا ( باب) بالتنوين ( المتيمم هل ينفخ فيهما) أي في يديه بعدما يضرب بهما الصعيد وللأربعة
باب هل ينفخ فيهما.


[ قــ :335 ... غــ : 338 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ الْمَاءَ.
فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ،.

.
وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا».
فَضَرَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ.
[الحديث 338 - أطرافه في: 339، 340، 341، 342، 343، 345، 346، 347] .

وبالسند قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: حدّثنا الحكم)
بفتح الحاء والكاف ابن عتيبة بضم العين وفتح المثناة الفوقية وسكون التحتية وفتح الموحدة ( عن ذر)
بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء ابن عبد الله الهمداني بسكون الميم ( عن سعيد بن عبد الرحمن بن
أبزى)
بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالزاي المفتوحة مقصورًا وسعيد بكسر العين ( عن أبيه)
عبد الرحمن الصحابي الخزاعي الكوفي ( قال) :
( جاء رجل) وفي رواية الطبراني من أهل البادية ( إلى عمر بن الخطاب) رضي الله عنه ( فقال:
إني أجنبت)
يفتح الهمزة أي صرت جنبًا ( فلم أصب الماء) بضم الهمزة من الإصابة أي لم أجده
( فقال عمار بن ياسر) العنسي بالنون الساكنة وكان من السابقين الأوّلين وهو وأبوه شهد المشاهد
كلها.
وقال عليه الصلاة والسلام: "إن عمارًا ملئ إيمانًا" أخرجه الترمذي، واستأذن عليه فقال:
"مرحبًا بالطيب المطيب" وقال: "من عادى عمارًا عاداه الله ومن أبغض عمارًا أبغضه الله" له في
البخاري أربعة أحاديث منها قوله هنا ( لعمر بن الخطاب) رضي الله عنه يا أمير المؤمنين ( أما تذكر أنا)
وللأصيلي إذا ( كنا في سفر) ولمسلم في سرية وزاد فأجنبنا ( أنا وأنت) تفسير لضمير الجمع في كنا

وهمزة أم للاستفهام وكلمة ما للنفي وموضع أنا كنا نصب مفعول تذكر، ( فاما أنت فلم تصل) أي
لأنه كان يتوقع الوصول إلى الماء قبل خروج الوقت أو لاعتقاد أن التيمم عن الحدث الأصغر لا
الأكبر وعمار قاسه عليه.
( وأما أنا فتمعكت) أي تمرّغت في التراب كأنه لما رأى أن التيمم إذا وقع
بدل الوضوء وقع على هيئة الوضوء رأى أن التيمم عن الغسل يقع على هيئة الغسل، ( فصليت
فذكرت ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)
ولغير أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر فذكرته للنبي بإسقاط لفظ
ذلك ( فقال النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وللأصيلي فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إنما كان يكفيك هكذا) بالكاف بعد الهاء وللحموي
والمستملي هذا ( فضرب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكفّيه) ولأبي ذر فضرب بكفّيه ( الأرض) وللأصيلي في الأرض
( ونفخ فيهما) نفخًا تخفيفًا للتراب، وهو محمول على أنه كان كثيرًا، ( ثم مسح بهما وجهه وكفّيه) إلى
الرسغين.
وهذا مذهب أحمد فلا يجب عنده المسح إلى المرفقين ولا الضربة الثانية للكفين، واستشكل
بأن ما يمسح به وجهه يصير مستعملاً، فكيف يمسح به كفّيه؟ وأجيب بأنه يمكن أن يمسح الوجه
ببعض والكفّين بباقيهما، والمشهور عند المالكية وجوب ضربتين والمسح إلى المرفقين، واختلف عندهم
إذا قتصر على الرسغين وصلى، فالمشهور أنه يعيد في الوقت، ومذهب أبي حنيفة والشافعي،

وصححه النووي رحمه الله وجوب ضربة لمسح وجهه وأخرى ليديه والمسح إلى المرفقين قياسًا على
الوضوء لحديث أبي داود أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تيمم بضربتين مسح بإحداهما وجهه، وروى الحاكم والدارقطني،
عن أبي عمر، وعن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين" وإلى هنا
بمعنى مع والقياس على الوضوء دليل على أن المراد بقوله في حديث عمار وكفيه أي إلى المرفقين،
وصحح الرافعي الاكتفاء بضربة لحديث الباب، والأوّل أصح مذهبًا، والثاني أصح دليلاً، وأما
حديث الدارقطني والحاكم "التيمم ضربتان" الخ فالصواب وقفه على ابن عمر، وأما حديث أبي داود
فليس بالقوي، وقضية حديث عمار الاكتفاء بمسح الوجه والكفين وهو قول قديم.
قال في
المجموع: وهو وإن كان مرجوحًا عند الأصحاب فهو القوي في الدليل كما قال الخطابي: الاقتصار
على الكفين أصح في الرواية، ووجوب الذراعين أشبه بالأصول وأصح في القياس، ولو كان التراب
ناعمًا كفى وضع اليد عليه من غير ضرب.
وفي الحديث: إن مسح الوجه واليدين بدل في الجنابة
عن كل البدن، وإنما لم يأمره بالإعادة لأنه عمل أكثر مما كان يجب عليه في التيمم.

ورواة هذا الحديث الثمانية ما بين خراساني وكوفي، وفيه التحديث والعنعنة والقول وثلاثة من
الصحابة، وأخرجه المؤلف رحمه الله في الطهارة وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ المُتَيَمِّمُ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ الْمُتَيَمم: هَل ينْفخ فيهمَا؟ أَي: فِي الْيَدَيْنِ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَفِي بعض النّسخ: هَل ينفح فِي يَدَيْهِ بَعْدَمَا يضْرب بهما الصَّعِيد للتيمم؟ وَإِنَّمَا أوردهُ بِلَفْظ الِاسْتِفْهَام على سَبِيل الاستفسار، لِأَن نفخه، فِي يَدَيْهِ فِي التَّيَمُّم على مَا يَأْتِي فِي حَدِيث الْبابُُ يحْتَمل وُجُوهًا ثَلَاثَة: الأول: أَن يكون لشَيْء علق بيدَيْهِ فخشي عَلَيْهِ السَّلَام، أَن يُصِيب وَجهه الْكَرِيم فَنفخ لذَلِك.
وَالثَّانِي: أَن يكون قد علق بِيَدِهِ من التُّرَاب مَا يكرههُ، فَلذَلِك نفخ فيهمَا.
وَالثَّالِث: أَن يكون لبَيَان التشريع وَهُوَ الظَّاهِر، وَلِهَذَا احْتج بِهِ أَبُو حنيفَة، وَلم يشْتَرط التصاق التُّرَاب بيد الْمُتَيَمم، فعلى هَذَا، الِاحْتِمَالَات الْمَذْكُورَة الَّتِي ذهب إِلَيْهَا بَعضهم غير سديدة، بل ظَاهر الحَدِيث لبَيَان التشريع، وَالْحكمَة فِيهِ إِزَالَة التلويث عَن الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ، وتبويب البُخَارِيّ أَيْضا بالاستفهام غير سديد.

وَوجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهر، وَهُوَ أَن الْمَذْكُور فِيمَا قبل هَذَا الْبابُُ أَحْكَام التَّيَمُّم، والنفخ فِيهِ أَيْضا من أَحْكَامه.


[ قــ :335 ... غــ :338 ]
- ( حَدثنَا آدم قَالَ حَدثنَا شُعْبَة قَالَ حَدثنَا الحكم عَن ذَر عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أَبْزَى عَن أَبِيه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ إِنِّي أجنبت فَلم أصب المَاء فَقَالَ عمار بن يَاسر لعمر بن الْخطاب أما تذكر أَنا كُنَّا فِي سفر أَنا وَأَنت فَأَما أَنْت فَلم تصل وَأما أَنا فتمعكت فَصليت فَذكرت ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك هَكَذَا فَضرب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بكفيه الأَرْض وَنفخ فيهمَا ثمَّ مسح بهما وَجهه وكفيه) الحَدِيث يُطَابق التَّرْجَمَة من حَيْثُ ذكر النفخ وَلَكِن لَيْسَ فِي الحَدِيث اسْتِفْهَام فِيهِ وَلِهَذَا قُلْنَا أَن تبويبه بالاستفهام لَيْسَ بسديد.
( ذكر رِجَاله) وهم ثَمَانِيَة الأول آدم بن أبي إِيَاس وَقد تكَرر ذكره.
الثَّانِي شُعْبَة بن الْحجَّاج كَذَلِك.
الثَّالِث الحكم بِفتْحَتَيْنِ ابْن عتيبة بِضَم الْعين وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة مر فِي بابُُ السمر بِالْعلمِ.
الرَّابِع ذَر بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء ابْن عبد الله الْهَمدَانِي بِسُكُون الْمِيم.
الْخَامِس سعيد بن عبد الرَّحْمَن بِكَسْر الْعين.
السَّادِس أَبوهُ عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وبالزاي الْمَفْتُوحَة وبالقصر وَهُوَ صَحَابِيّ خزاعي كُوفِي اسْتَعْملهُ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ على خُرَاسَان.
السَّابِع عمر بن الْخطاب.
الثَّامِن عمار بن يَاسر.
( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه القَوْل وَفِيه ثَلَاثَة من الصَّحَابَة وَفِيه أَن رُوَاته مَا بَين خراساني وكوفي.
( ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا عَن آدم وَأخرجه أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن سُلَيْمَان بن حَرْب وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن كثير وفرقهم وَعَن بنْدَار عَن غنْدر ستتهم عَن شُعْبَة عَن الحكم وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن النَّضر بن شُمَيْل وَعَن عبد الله بن هَاشم وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان وَعَن مُحَمَّد بن الْعَلَاء وَعَن مُحَمَّد بن بشار وَعَن عَليّ بن سهل الرَّمْلِيّ وَعَن مُسَدّد وَعَن مُحَمَّد بن الْمنْهَال وَعَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أبي حَفْص عَمْرو بن عَليّ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن بشار عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَعَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن وَعَن عَمْرو بن يزِيد وَعَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن تَمِيم وَأخرجه ابْن ماجة فِيهِ عَن بنْدَار عَن غنْدر ( ذكر مَا فِيهِ من الرِّوَايَات وَاخْتِلَاف الْأَلْفَاظ) وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ " ثمَّ أدناهما من فِيهِ " وَفِي لفظ قَالَ " عمار كُنَّا فِي سَرِيَّة فأجنبنا.

     وَقَالَ  تفل فيهمَا " وَفِي لفظ " فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَكْفِيك الْوَجْه والكفان " وَفِي لفظ قَالَ " عمار فَضرب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ الأَرْض فَمسح وَجهه وكفيه " وَفِي لفظ " قَالَ أَبُو مُوسَى لِابْنِ مَسْعُود إِذا لم تَجِد المَاء لَا تصل " قَالَ عبد الله لَو رخصت لَهُم فِي هَذَا كَانَ إِذا وجد أحدهم الْبرد قَالَ هَكَذَا يَعْنِي تيَمّم وَصلى قَالَ أَبُو مُوسَى فَقلت فَأَيْنَ قَول عمار لعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ إِنِّي لم أر قنع عمر بقول عمار وَفِي لفظ " كَيفَ تصنع بقول عمار حِين قَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَكْفِيك قَالَ ألم تَرَ عمر لم يقنع بذلك مِنْهُ فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَدَعْنَا من قَول عمار كَيفَ تصنع بِهَذِهِ الْآيَة فَمَا درى عبد الله مَا يَقُول " وَفِي لفظ " بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَاجَة فأجنبت فَلم أجد المَاء فتمرغت فِي الصَّعِيد كَمَا تمرغ الدَّابَّة فَذكرت ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَن تصنع هَكَذَا وَضرب بكفه ضَرْبَة على الأَرْض ثمَّ نفضها ثمَّ مسح بهَا ظهر كفيه بِشمَالِهِ أَو ظهر شِمَاله بكفه ثمَّ مسح بهما وَجهه " وَفِي لفظ " مسح وَجهه وكفيه وَاحِدَة " انْتهى وَهُوَ ظَاهر فِي تَقْدِيم الْكَفّ على الْوَجْه وَهُوَ شَاهد لما يرَاهُ أَبُو حنيفَة رأى ذَلِك مُحَمَّد بن إِدْرِيس وَبقول أبي حنيفَة قَالَ ابْن حزم وَحَكَاهُ عَن الْأَوْزَاعِيّ وَعند مُسلم " ثمَّ تمسح بهما وَجهك وكفيك " وَعند ابْن ماجة من حَدِيث مُحَمَّد بن أبي ليلى القَاضِي عَن الحكم وَسَلَمَة بن كهيل أَنَّهُمَا سَأَلَا عبد الله بن أبي أوفى عَن التَّيَمُّم فَقَالَ أَمر الله النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عمارا أَن يفعل هَكَذَا وَضرب بيدَيْهِ إِلَى الأَرْض ثمَّ نفضهما وَمسح على وَجهه قَالَ الحكم وَيَديه.

     وَقَالَ  سَلمَة ومرفقيه " وَفِي حَدِيث عبيد الله بن عبد الله عَن أَبِيه عَن عمار " فتيممنا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى المناكب " وَسَنَده صَحِيح وَمن حَدِيث عبيد الله عَن عمار عِنْده وَعند أبي دَاوُد " حِين تيمموا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأمر الْمُسلمين فَضربُوا بأكفهم التُّرَاب وَلم يقبضوا من التُّرَاب شَيْئا فمسحوا وُجُوههم مسحة وَاحِدَة ثمَّ عَادوا فَضربُوا بأكفهم الصَّعِيد مرّة أُخْرَى فمسحوا بِأَيْدِيهِم " قَالَ أَبُو دَاوُد وَكَذَا رَوَاهُ ابْن إِسْحَاق قَالَ بِهِ عَن ابْن عَبَّاس وَذكر ضربتين كَمَا ذكره يُونُس عَن الزُّهْرِيّ وَرَوَاهُ معمر ضربتين وَعِنْده أَيْضا بِسَنَد صَحِيح مُتَّصِل عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ " فَقَامَ الْمُسلمُونَ مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَضربُوا بِأَيْدِيهِم إِلَى الأَرْض فمسحوا بهَا وُجُوههم وأيديهم إِلَى المناكب وَمن بطُون أَيْديهم إِلَى الآباط " وَفِي لفظ بِسَنَد صَحِيح " ثمَّ مسح وَجهه وَيَديه إِلَى نصف الذِّرَاع " وَفِي لفظ " إِلَى نصف الساعد وَلم يبلغ الْمرْفقين ضَرْبَة وَاحِدَة " وَفِي رِوَايَة " شكّ سَلمَة بن كهيل قَالَ لَا أَدْرِي فِيهِ إِلَى الْمرْفقين " يَعْنِي أَو إِلَى الْكَفَّيْنِ وَرَوَاهُ شُعْبَة عَنهُ إِلَى الْمرْفقين أَو الذراعين قَالَ شُعْبَة " كَانَ سَلمَة يَقُول إِلَى الْكَفَّيْنِ وَالْوَجْه والذراعين فَقَالَ لَهُ مَنْصُور ذَات يَوْم أنظر مَا تَقول فَإِنَّهُ لَا يذكر الذراعين غَيْرك " وَفِي حَدِيث مُوسَى بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا أبان عَن قَتَادَة عَمَّن حَدثهُ عَن الشّعبِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ إِلَى الْمرْفقين ".

     وَقَالَ  الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط لم يروه عَن أبان بن يزِيد الْعَطَّار إِلَّا عَفَّان وَفِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ الْحَرْبِيّ فَذكر لِأَحْمَد بن حَنْبَل فَعجب مِنْهُ.

     وَقَالَ  مَا أحْسنه.

     وَقَالَ  ابْن حزم هُوَ حبر سَاقِط وَرَوَاهُ ابْن أبي الذِّئْب عَن الزُّهْرِيّ فَذكر فِيهِ ضربتين رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه وَعند الدَّارَقُطْنِيّ " لما تمرغ عمار رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَسَأَلَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَضرب بكفه ضَرْبَة إِلَى الأَرْض ثمَّ نفضها.

     وَقَالَ  تمسح بهَا وَجهك وكفيك إِلَى الرسغين ".

     وَقَالَ  لم يروه عَن حُسَيْن مَرْفُوعا غير إِبْرَاهِيم بن طهْمَان وَوَافَقَهُ شُعْبَة وزائدة وَغَيرهمَا وَعند الْأَثْرَم من رِوَايَة عَنهُ " ثمَّ تمسح بِوَجْهِك وكفيك إِلَى الرسغين " وَفِي الْأَوْسَط للطبراني عَن عمار " تمسح وَجهك وكفيك بِالتُّرَابِ ضَرْبَة للْوَجْه وضربة للكفين ".

     وَقَالَ  لم يروه يَعْنِي عَن سَلمَة بن كهيل عَن سعيد بن أَبْزَى إِلَّا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْأَسْلَمِيّ وَفِي المعجم الْكَبِير لَهُ " وضربة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ ظهرا وبطنا " وَفِي لفظ " وَمن بطُون أَيْديهم إِلَى الآباط " وَفِي لفظ " إِلَى المناكب والآباط " وَفِي لفظ " أما كَانَ يَكْفِيك من ذَاك التَّيَمُّم فَإِذا قدرت على المَاء اغْتَسَلت " وَفِي لفظ " عزبت فِي الْإِبِل فأجنبت فَأمرنِي بِالتَّيَمُّمِ وَكنت تمعكت فِي التُّرَاب " وَفِي الكنى للنسائي أَنه قَالَ لعمر رَضِي الله عَنهُ " أما تذكر أَنا كُنَّا نتناوب رعية الْإِبِل فأجنبت " وَعند الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ إِلَى الْمرْفقين " ( ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه) قَوْله " جَاءَ رجل " وَفِي رِوَايَة للطبراني " من أهل الْبَادِيَة " وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن حَرْب الْآتِيَة أَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى شهد ذَلِك قَوْله " أَنِّي أجنبت " بِفَتْح الْهمزَة أَي صرت جنبا ويروى جنبت بِضَم الْجِيم وَكسر النُّون قَوْله " فَلم أصب المَاء " بِضَم الْهمزَة من الْإِصَابَة أَي لم أجد قَوْله " أما تذكر " الْهمزَة للاستفهام وَكلمَة مَا للنَّفْي قَوْله " فِي سفر " وَفِي رِوَايَة مُسلم " فِي سَرِيَّة " قَوْله " أَنا كُنَّا فِي سفر " فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ مفعول تذكر قَوْله " أَنا وَأَنت " تَفْسِير لضمير الْجمع فِي كُنَّا قَوْله " فَأَما أَنْت " تَفْصِيل لما وَقع من عمار وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَلم يذكر فِي هَذِه الرِّوَايَة جَوَاب عمر وَكَذَلِكَ روى البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي الْبابُُ الَّذِي يَلِيهِ من رِوَايَة سِتَّة أنفس عَن شُعْبَة وَلم يذكر فِيهَا جَوَاب عمر وَذكره مُسلم من طَرِيق يحيى بن سعيد وَالنَّسَائِيّ عَن حجاج بن مُحَمَّد فَقَالَ " لَا تصل " وَزَاد السراج " حَتَّى تَجِد المَاء " وَهَذَا مَذْهَب مَشْهُور عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَجَرت فِيهِ مناظرة بَين أبي مُوسَى وَابْن مَسْعُود على مَا سَيَأْتِي فِي بابُُ التَّيَمُّم ضَرْبَة وَقيل أَن ابْن مَسْعُود رَجَعَ عَن ذَلِك ( فَإِن قلت) كَيفَ جَازَ لعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ترك الصَّلَاة ( قلت) مَعْنَاهُ أَنه لم يصل بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ كَانَ يتَوَقَّع الْوُصُول إِلَى المَاء قبل خُرُوج الْوَقْت أَو أَنه جعل آيَة التَّيَمُّم مُخْتَصَّة بِالْحَدَثِ الْأَصْغَر وَأدّى اجْتِهَاده إِلَى أَن الْجنب لَا يتَيَمَّم قَوْله " فتمعكت " وَفِي الرِّوَايَة الْآتِيَة بعد " فتمرغت " بالغين الْمُعْجَمَة أَي تقلبت ( ذكر استنباط الْأَحْكَام) الأول فِيهِ أَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لم يكن يرى للْجنب التَّيَمُّم لقَوْل عمار لَهُ " فَأَما أَنْت فَلم تصل " وَقد ذكرنَا أَن البُخَارِيّ لم يسق هَذَا الحَدِيث بِتَمَامِهِ وَالْأَئِمَّة السِّتَّة أَخْرجُوهُ مطولا ومختصرا وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى " قَالَ كنت عِنْد عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ إِنَّا نَكُون بِالْمَكَانِ الشَّهْر أَو الشَّهْرَيْنِ فَقَالَ عمر أما أَنا فَلم أكن أُصَلِّي حَتَّى أجد المَاء قَالَ فَقَالَ عمار يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أما تذكر إِذْ كنت أَنا وَأَنت فِي الْإِبِل فأصابتنا جَنَابَة فَأَما أَنا فتمعكت فأتينا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَن تَقول هَكَذَا وَضرب بيدَيْهِ إِلَى الأَرْض ثمَّ نفخهما ثمَّ مسح بهما وَجهه وَيَديه إِلَى نصف الذِّرَاع فَقَالَ عمر يَا عمار اتَّقِ الله فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن شِئْت وَالله لم أذكرهُ أبدا فَقَالَ عمر كلا وَالله لنولينك مَا توليت ".
الثَّانِي فِيهِ دَلِيل على صِحَة الْقيَاس لقَوْل عمار " أما أَنا فتمعكت " فَإِنَّهُ اجْتهد فِي صفة التَّيَمُّم ظنا مِنْهُ أَن حَالَة الْجَنَابَة تخَالف حَالَة الْحَدث الْأَصْغَر فقاسه على الْغسْل وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ عِنْده علم من أصل التَّيَمُّم ثمَّ أَنه لما أخبر بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علمه صفة التَّيَمُّم فَإِنَّهُ للجنابة وَالْحَدَث سَوَاء الثَّالِث فِيهِ صفة التَّيَمُّم وَهِي ضَرْبَة وَاحِدَة للْوَجْه وَالْيَدَيْنِ وَبِه قَالَ عَطاء وَالشعْبِيّ فِي رِوَايَة وَالْأَوْزَاعِيّ فِي أشهر قوليه وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد واسحق والطبري.

     وَقَالَ  أَبُو عمر وَهُوَ أثبت مَا روى فِي ذَلِك عَن عمار وَسَائِر أَحَادِيث عمار مُخْتَلف فِيهَا وَأَجَابُوا عَن هَذَا بِأَن المُرَاد هَهُنَا هُوَ صُورَة الضَّرْب للتعليم وَلَيْسَ المُرَاد جَمِيع مَا يحصل بِهِ التَّيَمُّم وَقد أوجب الله غسل الْيَدَيْنِ إِلَى الْمرْفقين فِي الْوضُوء ثمَّ قَالَ فِي التَّيَمُّم { فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ} وَالظَّاهِر أَن الْيَد الْمُطلقَة هَهُنَا هِيَ الْمقيدَة فِي الْوضُوء من أول الْآيَة فَلَا يتْرك هَذَا الصَّرِيح إِلَّا بِدلَالَة صَرِيح ( فَإِن قلت) مَا تَقول فِي حَدِيثه " تيممنا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى المناكب والآباط " ( قلت) لَيْسَ هُوَ مُخَالفا لحَدِيث الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ فَفِي هَذَا دلَالَة أَنه انْتهى إِلَى مَا علمه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

     وَقَالَ  ابْن أبي حَازِم لَا يَخْلُو أَن يكون حَدِيث عمار بِأَمْر أَولا فَإِن يكن عَن غير أَمر فقد صَحَّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خِلَافه وَإِن كَانَ عَن أَمر فَهُوَ مَنْسُوخ وناسخه حَدِيث عمار أَيْضا ثمَّ إِن الْعلمَاء اخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة التَّيَمُّم فَذهب أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وأصحابهم وَاللَّيْث بن سعد إِلَى أَنه ضَرْبَة للْوَجْه وضربة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمرْفقين غير أَن عِنْد مَالك إِلَى الكوعين فرض وَإِلَى الْمرْفقين اخْتِيَار.

     وَقَالَ  الْحسن بن حييّ وَابْن أبي ليلى التَّيَمُّم ضربتان يمسح بِكُل ضَرْبَة مِنْهُمَا وَجهه وذراعيه ومرفقيه.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ لم يقل ذَلِك أحد من أهل الْعلم غَيرهمَا فِي علمي.

     وَقَالَ  الزُّهْرِيّ يبلغ بِالتَّيَمُّمِ الآباط وَفِي شرح الْأَحْكَام لِابْنِ بزيزة قَالَت طَائِفَة من الْعلمَاء يضْرب أَربع ضربات ضربتان للْوَجْه وضربتان لِلْيَدَيْنِ.

     وَقَالَ  ابْن بزيزة وَلَيْسَ لَهُ أصل من السّنة.

     وَقَالَ  بعض الْعلمَاء يتَيَمَّم الْجنب إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَغَيره إِلَى الكوعين قَالَ وَهُوَ قَول ضَعِيف وَفِي الْقَوَاعِد لِابْنِ رشد روى عَن مَالك الِاسْتِحْبابُُ إِلَى ثَلَاث وَالْفَرْض اثْنَتَانِ.

     وَقَالَ  ابْن سِيرِين ثَلَاث ضربات الثَّالِثَة لَهما جَمِيعًا وَفِي رِوَايَة عَنهُ ضَرْبَة للْوَجْه وضربة للكف وضربة للذراعين انْتهى وَلما كَانَت لعمَّار فِي هَذَا الْبابُُ أَحَادِيث مُخْتَلفَة مضطربة وَذهب كل وَاحِد من الْمَذْكُورين إِلَى حَدِيث مِنْهَا كَانَ الرُّجُوع فِي ذَلِك إِلَى ظَاهر الْكتاب وَهُوَ يدل على ضربتين ضَرْبَة للْوَجْه وضربة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمرْفقين قِيَاسا على الْوضُوء اتبَاعا بِمَا روى فِي ذَلِك من أَحَادِيث تدل على الضربتين إِحْدَاهمَا للْوَجْه وَالْأُخْرَى لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمرْفقين.
مِنْهَا حَدِيث الأسلع بن شريك التَّمِيمِي خَادِم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد ذَكرْنَاهُ فِيمَا مضى عَن قريب وَفِيه ضربتان رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ.
وَمِنْهَا حَدِيث ابْن عمر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مَرْفُوعا من حَدِيث نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " التَّيَمُّم ضربتان ضَرْبَة للْوَجْه وضربة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمرْفقين " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كَذَا رَوَاهُ عَليّ بن طهْمَان مَرْفُوعا وَوَقفه يحيى الْقطَّان وهشيم وَغَيرهمَا وَهُوَ الصَّوَاب وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ أَيْضا من طرق مَوْقُوفا وَمِنْهَا حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " التَّيَمُّم ضَرْبَة للْوَجْه وضربة للذراعين إِلَى الْمرْفقين " وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا وَالْحَاكِم أَيْضا من حَدِيث اسحق الْحَرْبِيّ.

     وَقَالَ  هَذَا إِسْنَاد صَحِيح.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ أَيْضا إِسْنَاده صَحِيح وَلَا يلْتَفت إِلَى قَول من يمْنَع صِحَّته وَأخرجه الطَّحَاوِيّ وَابْن أبي شيبَة مَوْقُوفا ووردت فِي ذَلِك آثَار صَحِيحَة.
مِنْهَا مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من حَدِيث قَتَادَة عَن الْحسن أَنه قَالَ " ضَرْبَة للْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ وضربة للذراعين إِلَى الْمرْفقين " وروى عَن إِبْرَاهِيم وطاووس وَسَالم وَالشعْبِيّ وَسَعِيد بن الْمسيب نَحوه وروى مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم فِي التَّيَمُّم " قَالَ تضع راحتيك فِي الصَّعِيد فتمسح وَجهك ثمَّ تضعهما الثَّانِيَة فتمسح يَديك وذراعيك إِلَى الْمرْفقين " قَالَ مُحَمَّد وَبِه نَأْخُذ.

     وَقَالَ  ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه أخبرنَا ابْن مهْدي عَن زَمعَة عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه قَالَ " التَّيَمُّم ضربتان ضَرْبَة للْوَجْه وضربة للذراعين إِلَى الْمرْفقين " حَدثنَا ابْن علية عَن دَاوُد عَن الشّعبِيّ قَالَ " التَّيَمُّم ضَرْبَة للْوَجْه وضربة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمرْفقين " وروى فِي ذَلِك أَيْضا عَن أبي أُمَامَة وَعَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا مَرْفُوعا ولكنهما ضعيفان فَحَدِيث أبي أُمَامَة أخرجه الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قَالَ التَّيَمُّم ضَرْبَة للْوَجْه وضربة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمرْفقين " وَفِي إِسْنَاده جَعْفَر بن الزبير قَالَ شُعْبَة وضع أَربع مائَة حَدِيث وَحَدِيث عَائِشَة أخرجه الْبَزَّار بِإِسْنَادِهِ عَنْهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " فِي التَّيَمُّم ضربتان ضَرْبَة للْوَجْه وضربة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمرْفقين " وَفِي إِسْنَاده الْحَرِيش بن حُرَيْث ضعفه أَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة.
الرَّابِع احْتج بِهِ أَبُو حنيفَة على جَوَاز التَّيَمُّم من الصَّخْرَة الَّتِي لَا غُبَار عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَو كَانَ مُعْتَبرا لما نفخ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي يَدَيْهِ.
الْخَامِس فِيهِ أَن النفخ سنة أَو مُسْتَحبّ