3395 وَبِهَذَا الإِسْنَادِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَوْلُ الجِنِّ لِقَوْمِهِمْ : { لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا } قَالَ : لَمَّا رَأَوْهُ يُصَلِّي وَأَصْحَابُهُ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ ، قَالَ : تَعَجَّبُوا مِنْ طَوَاعِيَةِ أَصْحَابِهِ لَهُ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ : { لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا } . هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ |
3395 وبهذا الإسناد عن ابن عباس قال : قول الجن لقومهم : { لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا } قال : لما رأوه يصلي وأصحابه يصلون بصلاته ويسجدون بسجوده ، قال : تعجبوا من طواعية أصحابه له قالوا لقومهم : { لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا } . هذا حديث حسن صحيح |
شرح الحديث من تحفة الاحوذي
[3323] .
قَوْلُهُ ( حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ) هُوَ الطَّيَالِسِيُّ ( حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) الْوَضَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ ( عَنْ أَبِي بِشْرٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ اسْمُهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ .
قَوْلُهُ ( مَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَلَا رَآهُمْ) أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ في صحيحه حديث بن عَبَّاسٍ هَذَا لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذِهِ اللَّفْظَةَ قَالَ الْحَافِظُ كَأَنَّ الْبُخَارِيَّ حَذَفَ هَذِهِ اللفظة عمدا لأن بن مَسْعُودٍ أَثْبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَلَى الْجِنِّ فَكَانَ ذَلِكَ مُقَدَّمًا على نفي بن عَبَّاسٍ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ مُسْلِمٌ فَأَخْرَجَ عقب حديث بن عباس هذا حديث بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِالتَّعَدُّدِ انْتَهَى وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ هُمَا قَضِيَّتَانِ فَحَدِيثُ بن عَبَّاسٍ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَأَوَّلِ النُّبُوَّةِ حِينَ أتوا فسمعوا قراءة قل أوحي وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ هَلْ عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِمَاعَهُمْ حَالَ اسْتِمَاعِهِمْ بِوَحْيٍ إِلَيْهِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِمْ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ وأما حديث بن مَسْعُودٍ فَقَضِيَّتُهُ أُخْرَى جَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ اللَّهُ أَعْلَمُ بِقَدْرِهِ وَكَانَ بَعْدَ اشْتِهَارِ الْإِسْلَامِ ( عَامِدِينَ) أَيْ قَاصِدِينَ ( إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْكَافِ وَآخِرُهُ ظَاءٌ مُعْجَمَةٌ بِالصَّرْفِ وَعَدَمِهِ مَوْسِمٌ مَعْرُوفٌ لِلْعَرَبِ مِنْ أَعْظَمِ مَوَاسِمِهِمْ وَهُوَ نَخْلٌ فِي وُدْيَانِ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ يُقِيمُونَ به شوال كُلَّهُ يَتَبَايَعُونَ وَيَتَفَاخَرُونَ وَكَانَ ذَلِكَ لَمَّا خَرَجَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى الطَّائِفِ وَرَجَعَ مِنْهَا سَنَةَ عَشْرٍ مِنَ الْمَبْعَثِ لَكِنِ اسْتَشْكَلَ .
قَوْلُهُ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَّا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَأُجِيبَ بِالتَّعَدُّدِ أَوْ أنه لما رجع لافاه بَعْضُ أَصْحَابِهِ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَرَافَقُوهُ ( وَقَدْ حِيلَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا لَامٌ أَيْ حُجِزَ وَمُنِعَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ ( وأرسلت علينا الشُّهُبُ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ شِهَابٍ قَالَ الْحَافِظُ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْحَيْلُولَةَوَإِرْسَالَ الشُّهُبِ وَقَعَا فِي الزَّمَانِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ وَالَّذِي تَضَافَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ مِنْ أَوَّلِ الْبَعْثَةِ النَّبَوِيَّةِ وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ تَغَايُرَ زَمَنِ الْقِصَّتَيْنِ وَأَنَّ مَجِيءَ الْجِنِّ لِاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ كَانَ قَبْلَ خُرُوجِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الطَّائِفِ بِسَنَتَيْنِ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا .
قَوْلُهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ يُصَلِّي قَطْعًا وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ وَلَكِنِ اخْتُلِفَ هَلِ افْتُرِضَ قَبْلَ الْخَمْسِ شَيْءٌ مِنَ الصَّلَاةِ أَمْ لَا فَيُصْبِحُ عَلَى هَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْفَرْضَ أَوَّلًا كَانَ صَلَاةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةً قَبْلَ غُرُوبِهَا وَالْحُجَّةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وَنَحْوِهَا مِنَ الْآيَاتِ فَيَكُونُ إِطْلَاقُ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ لَا لِكَوْنِهَا إِحْدَى الْخَمْسِ الْمُفْتَرَضَةِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ فَتَكُونُ قِصَّةُ الْجِنِّ مُتَقَدِّمَةً مِنْ أَوَّلِ الْمَبْعَثِ انْتَهَى ( فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا) بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا ( نَحْوَ تِهَامَةَ) بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ اسْمٌ لِكُلِّ غَيْرِ عَالٍ مِنْ بِلَادِ الْحِجَازِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ حَرِّهَا اشْتِقَاقًا مِنَ التَّهَمِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَسُكُونُ الرِّيحِ وقيل من تهم الشيء إذا تغين قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لِتَغَيُّرِ هَوَائِهَا قَالَ الْبَكْرِيُّ حَدُّهَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ ذَاتُ عِرْقٍ وَمِنْ قِبَلِ الْحِجَازِ السَّرْجُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا جِيمٌ قَرْيَةٌ مِنْ عَمَلِ الْفَرْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ مِيلًا ( وَهُوَ بِنَخْلَةَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ قَالَ الْبَكْرِيُّ عَلَى لَيْلَةٍ مِنْ مَكَّةَ وهو غير منصرف للعلمية والتأنيث ( استمعوا له) أَيْ أَصْغَوْا إِلَيْهِ ( هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي) أَيِ الحدث الذي ( فهنالك) ظرف مكان والعمل فيه رجعوا مقدارا يفسره المذكور إنا سمعنا قرآن عجبا أَيْ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ فِي فَصَاحَةِ لَفْظِهِ وَكَثْرَةِ معانية قائمة فيه دلائل الإعجاز وعجبا مَصْدَرٌ وَوُصِفَ بِهِ لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ ذَا عَجَبٍ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ أَيْ يَدْعُو إِلَى الصَّوَابِ وَقِيلَ يَهْدِي إِلَى التوحيد والإيمان فآمنا به أَيْ بِالْقُرْآنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُمْ آمَنُوا عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ قَالَ وَالْإِيمَانُ يَقَعُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا بِأَنْ يَعْلَمَ حَقِيقَةَ الْإِعْجَازِ وَشُرُوطَ الْمُعْجِزَةِ فَيَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِصِدْقِ الرَّسُولِ أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكُتُبِ الْأُولَى فِيهَا دَلَائِلُ عَلَى أَنَّهُ النَّبِيُّ الْمُبَشَّرُ بِهِ وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ فِي الْجِنِّ مُحْتَمَلٌ وَلَنْنشرك أي بعد اليوم قل يامحمد لِلنَّاسِ أُوحِيَ إِلَيَّ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرَ قَوْمَهُ بِوَاقِعَةِ الْجِنِّ وَيُظْهِرَهَا لَهُمْ لِيَعْرِفُوا بِذَلِكَ وَأَنَّكَ مَبْعُوثٌ إِلَى الْجِنِّ كَالْإِنْسِ وَلِتَعْلَمَ قُرَيْشٌ أَنَّ الْجِنَّ مَعَ تَمَرُّدِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ وَعَرَفُوا إِعْجَازَهُ آمَنُوا بِهِ وَالْمَعْنَى أُخْبِرْتُ بِالْوَحْيِ مِنَ اللَّهِ أنه الضمير للشأن استمع أي لقراءئي ( وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ) أَيْ لِقَوْلِهِمْ إنا سمعنا الخ وهذا كلام بن عَبَّاسٍ كَأَنَّهُ تَقَرَّرَ فِيهِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَوَّلًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهِمْ وَإِنَّمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ بِأَنَّهُمُ اسْتَمَعُوا وَمِثْلُهُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالوا أنصتوا الْآيَةَ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ اجتماعه بهم حين استمعوا أن لا يكون اجتمع بهم بعد ذلك وحديث بن عَبَّاسٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لبدا بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْبَاءِ جَمْعُ لِبْدَةٍ بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُونٍ نَحْوَ قِرْبَةٍ وَقِرَبٍ وَاللِّبْدَةُ وَاللِّبَدُ الشَّيْءُ الْمُلَبَّدُ أَيِ الْمُتَرَاكِمُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وبه سمي اللبد الذي يفرش لتراكم صرفه ( قال) أي بن عَبَّاسٍ ( لَمَّا رَأَوْهُ يُصَلِّي) أَيْ بِسَبَبِ أَنْ رَأَى الْجِنُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَ كَوْنِهِ يُصَلِّي ( تَعَجَّبُوا مِنْ طَوَاعِيَةِ أَصْحَابِهِ لَهُ) أَيْ مِنَ انْقِيَادِهِمْ لَهُ وَالطَّوَاعِيَةُ الطَّاعَةُ لما قام عبد الله أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُ أَيْ يُصَلِّي وَيَتْلُو الْقُرْآنَ كَادُوا يَكُونُونَ أَيْ أَصْحَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ لِبَدًا أي مجتمعين عليه وحديث بن عَبَّاسٍ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والحاكم وبن جرير في تفسيره وروي عن بن عَبَّاسٍ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ مَا رَوَى الْعَوْفِيُّ عَنْهُ يَقُولُ لَمَّا سَمِعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْلُو الْقُرْآنَ كَادُوا يَرْكَبُونَهُ مِنَ الْحِرْصِ لَمَّا سَمِعُوهُ يَتْلُو الْقُرْآنَ وَدَنَوْا مِنْهُ فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمْ حَتَّى أَتَاهُ الرَّسُولُ يُقْرِئُهُ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجن يستمعون القرآن أخرجه بن جرير وبن مَرْدَوَيْهِ