هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
35 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
35 حدثنا أبو اليمان ، قال : أخبرنا شعيب ، قال : حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يقم ليلة القدر ، إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) said, Whoever establishes the prayers on the night of Qadr out of sincere faith and hoping to attain Allah's rewards (not to show off) then all his past sins will be forgiven.

0035 Abu Hurayra dit : Le Messager de Dieu a dit : « Celui qui reste éveillé la nuit d’al-quadr, poussé par sa foi et son espérance d’avoir une récompense divine, lui seront pardonnées ses fautes passées. »

":"ہم سے ابوالیمان نے بیان کیا ، انہیں شعیب نے خبر دی ، کہا ان سے ابوالزناد نے اعرج کے واسطے سے بیان کیا ، اعرج نے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے نقل کیا ، وہ کہتے ہیں کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ، جو شخص شب قدر ایمان کے ساتھ محض ثواب آخرت کے لیے ذکر و عبادت میں گزارے ، اس کے گزشتہ گناہ بخش دئیے جاتے ہیں ۔

0035 Abu Hurayra dit : Le Messager de Dieu a dit : « Celui qui reste éveillé la nuit d’al-quadr, poussé par sa foi et son espérance d’avoir une récompense divine, lui seront pardonnées ses fautes passées. »

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( بابُُ قِيامُ لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ الإيمانِ)

لما كَانَ الْمَذْكُور، بعد ذكر الْمُقدمَة الَّتِي هِيَ بابُُ كَيْفيَّة بَدْء الْوَحْي، كتاب الْإِيمَان الْمُشْتَمل على أَبْوَاب فِيهَا بَيَان أُمُور الْإِيمَان، وَذكر فِي أَثْنَائِهَا خَمْسَة من الْأَبْوَاب، مِمَّا يضاد أُمُور الْإِيمَان لأجل مُنَاسبَة ذَكرنَاهَا عِنْد ذكر أول الْأَبْوَاب الْخَمْسَة، عَاد إِلَى بَيَان بَقِيَّة الْأَبْوَاب الْمُشْتَملَة على أُمُور الْإِيمَان، نَحْو: قيام لَيْلَة الْقدر من الْإِيمَان، وَالْجهَاد من الْإِيمَان، وتطوع قيام رَمَضَان من الْإِيمَان، وَصَوْم رَمَضَان من الْإِيمَان، وَغير ذَلِك من الْأَبْوَاب الْمُتَعَلّقَة بِأُمُور الْإِيمَان.
وَيَنْبَغِي أَن تطلب الْمُنَاسبَة بَين هَذَا الْبابُُ وَبَين بابُُ السَّلَام من الْإِسْلَام، لِأَن الْأَبْوَاب الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة بَينهمَا إِنَّمَا هِيَ بطرِيق الاستطراد، لَا بطرِيق الْأَصَالَة.
فالمذكور بطرِيق الاستطراد كَالْأَجْنَبِيِّ، فَيكون هَذَا الْبابُُ فِي الْحَقِيقَة مَذْكُورا عقيب بابُُ السَّلَام من الْإِسْلَام، فتطلب الْمُنَاسبَة بَينهمَا، فَنَقُول: وَجه الْمُنَاسبَة هُوَ أَن الْمَذْكُور فِي بابُُ السَّلَام من الْإِسْلَام هُوَ أَن إفشاء السَّلَام من أُمُور الْإِيمَان، وَكَذَلِكَ لَيْلَة الْقدر فِيهَا يفشى السَّلَام من الْمَلَائِكَة على الْمُؤمنِينَ.
قَالَ الله تَعَالَى: { سَلام هِيَ حَتَّى مطلع الْفجْر} ( الْقدر: 5) قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: مَا هِيَ إلاَّ سَلام لِكَثْرَة مَا يسلمُونَ، أَي: الْمَلَائِكَة على الْمُؤمنِينَ، وَقيل: لَا يلقون مُؤمنا وَلَا مُؤمنَة إِلَّا سلمُوا عَلَيْهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة.
ثمَّ قَوْله: ( بابُُ) مُعرب على تَقْدِير أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف منون، أَي: هَذَا بابُُ.
وَقَوله: ( قيام) مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ، وَخَبره.
قَوْله: ( من الْإِيمَان) ، وَيجوز أَن يتْرك التَّنْوِين من: بابُُ على تَقْدِير إِضَافَته إِلَى الْجُمْلَة، وعَلى كل التَّقْدِير الأَصْل: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَن قيام لَيْلَة الْقدر من شعب الْإِيمَان، وَالْقِيَام مصدر: قَامَ، يُقَال: قَامَ قيَاما، وَأَصله قواما، قلبت الْوَاو يَاء لانكسار مَا قبلهَا.

وَالْكَلَام فِي لَيْلَة الْقدر على أَنْوَاع: الأول: فِي وَجه التَّسْمِيَة بِهِ.
فَقيل: سمي بِهِ لما تكْتب فِيهَا الْمَلَائِكَة من الأقدار والأرزاق والآجال الَّتِي تكون فِي تِلْكَ السّنة، أَي: يظهرهم الله عَلَيْهِ، وَيَأْمُرهُمْ بِفعل مَا هُوَ من وظيفتهم.
وَقيل: لعظم قدرهَا وشرفها وَقيل: لِأَن من أَتَى فِيهَا بالطاعات صَار ذَا قدر.
وَقيل: لِأَن الطَّاعَات لَهَا قدر زَائِد فِيهَا.
الثَّانِي: فِي وَقتهَا اخْتلف الْعلمَاء فِيهِ، فَقَالَت جمَاعَة: هِيَ منتقلة، تكون فِي سنة فِي لَيْلَة وَفِي سنة فِي لَيْلَة أُخْرَى، وَهَكَذَا.
وَبِهَذَا يجمع بَين الْأَحَادِيث الدَّالَّة على اخْتِلَاف أَوْقَاتهَا، وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَغَيرهمَا، قَالُوا: إِنَّمَا تنْتَقل فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان، وَقيل: بل فِي كُله، وَقيل: إِنَّهَا مُعينَة لَا تنْتَقل أبدا بل هِيَ لَيْلَة مُعينَة فِي جَمِيع السنين لَا تفارقها.
وَقيل: هِيَ فِي السّنة كلهَا.
وَقيل: فِي شهر رَمَضَان كُله، وَهُوَ قَول ابْن عمر، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَبِه أَخذ أَبُو حنيفَة، رَضِي الله عَنهُ، وَقيل: بل فِي الْعشْر الْأَوْسَط والأواخر، وَقيل: بل فِي الْأَوَاخِر، وَقيل: يخْتَص بأوتار الْعشْر، وَقيل: بأشفاعه، وَقيل: بل فِي ثَلَاث وَعشْرين أَو سبع وَعشْرين، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس.
وَقيل: فِي لَيْلَة سبع عشرَة، أَو إِحْدَى وَعشْرين، أَو ثَلَاث وَعشْرين، وَقيل: لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين، وَقيل: لَيْلَة أَربع عشْرين، وَهُوَ محكي عَن بِلَال وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم، وَقيل: سبع وَعشْرين، وَهُوَ قَول جمَاعَة من الصَّحَابَة، وَبِه قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد.
.

     وَقَالَ  زيد بن أَرقم: سبع عشرَة، وَقيل: تسع عشرَة، وَحكي عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، وَقيل، آخر لَيْلَة من الشَّهْر.
وميل الشَّافِعِي إِلَى أَنَّهَا لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين، أَو الثَّالِث وَالْعِشْرين ذكره الرَّافِعِيّ، وَهُوَ خَارج عَن الْمَذْكُورَات.
الثَّالِث: هَل هِيَ مُحَققَة ترى أم لَا؟ فَقَالَ قوم: رفعت لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حِين تلاحى الرّجلَانِ رفعت، وَهَذَا غلط، لِأَن آخر الحَدِيث يدل عَلَيْهِ، وَهُوَ ( عَسى أَن يكون خيرا لكم، التمسوها فِي السَّبع وَالتسع) ، وَفِيه تَصْرِيح بِأَن المُرَاد برفعها رفع بَيَان علم عينهَا، لَا رفع وجودهَا.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: أجمع من يعْتد بِهِ على وجودهَا ودوامها إِلَى آخر الدَّهْر، وَهِي مَوْجُودَة ترى ويحققها من شَاءَ الله تَعَالَى من بني آدم كل سنة فِي رَمَضَان، وأخبار الصَّالِحين بهَا ورؤيتهم لَهَا أَكثر من أَن تحصى، وَأما قَول الْمُهلب: لَا يُمكن رؤيتها حَقِيقَة فغلط،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: وَلَعَلَّ الْحِكْمَة فِي إخفائها أَن يحيي من يريدها اللَّيَالِي الْكَثِيرَة طلبا لموافقتها، فتكثر عِبَادَته وَأَن لَا يتكل النَّاس عِنْد إظهارها على إِصَابَة الْفضل فِيهَا، فيفرطوا فِي غَيرهَا.



[ قــ :35 ... غــ :35 ]
- حدّثنا أبُو اليَمانِ قَالَ أخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حدّثنا أبُو الزِّنَادِ عَنِ الأعْرجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا واحْتِسَابا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

( الحَدِيث 35 أَطْرَافه: 37، 38، 1901، 2008، 2009، 2014) .

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة.
قد ذكرُوا بِهَذَا التَّرْتِيب فِي بابُُ: حب الرَّسُول، عَلَيْهِ السَّلَام، وَأَبُو الْيَمَان: هُوَ الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب هُوَ ابْن حَمْزَة، وَأَبُو الزِّنَاد، بالنُّون، عبد الله بن ذكْوَان الْقرشِي، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْمدنِي الْقرشِي قيل: أصح أَسَانِيد أبي هُرَيْرَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَنهُ.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصّيام مطولا.
وَأخرجه مُسلم وَلَفظه: ( من يقم لَيْلَة الْقدر فيوافقها، أرَاهُ إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) .
وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ والموطأ، وَلَفْظهمْ: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرغب فِي قيام رَمَضَان من غير أَن يَأْمُرهُم بعزيمة، فَيَقُول: من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا وإحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) .
فَتوفي رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَالْأَمر على ذَلِك.
ثمَّ كَانَ الْأَمر على ذَلِك فِي خلَافَة أبي بكر وصدرا من خلَافَة عمر: رَضِي الله عَنْهُمَا، وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم أَيْضا نَحوه، وَأخرج النَّسَائِيّ: ( عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله عَنهُ، أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر رَمَضَان بفضله على الشُّهُور) .
.

     وَقَالَ : ( من قَامَ فِي رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه) .
.

     وَقَالَ : هَذَا خطأ، وَالصَّوَاب: أَنه عَن أبي هُرَيْرَة.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( من يقم) ، بِفَتْح الْيَاء، من قَامَ يقوم، وَهُوَ مُتَعَدٍّ هَهُنَا، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي رِوَايَة أُخْرَى للْبُخَارِيّ وَمُسلم: عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ( سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لرمضان: من قامه إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) .
وَفِي رِوَايَة للنسائي: ( فَمن صَامَهُ وقامه إِيمَانًا واحتسابا خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه) .
قَوْله: ( إِيمَانًا) ، أَي تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حق وَطَاعَة.
قَوْله: ( واحتسابا) ، أَي: إِرَادَة وَجه الله تَعَالَى لَا لرياء وَنَحْوه، فقد يفعل الْإِنْسَان الشَّيْء الَّذِي يعْتَقد أَنه صَادِق، لَكِن لَا يَفْعَله مخلصا، بل لرياء أَو خوف أَو نَحْو ذَلِك، يُقَال احتسابا أَي: حَسبه الله تَعَالَى.
يُقَال: احتسبت بِكَذَا أجرا عِنْد الله تَعَالَى، وَالِاسْم الْحِسْبَة، وَهِي الْأجر.
وَفِي ( الْعبابُ) : احتسبت بِكَذَا أجرا عِنْد الله، أَي: اعتددته أنوي بِهِ وَجه الله تَعَالَى، وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: ( من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا) الحَدِيث واحتسبت عَلَيْهِ كَذَا: أَي أنكرته عَلَيْهِ، قَالَه ابْن دُرَيْد، وَمِنْه: محتسب الْبَلَد.
قَوْله: ( غفر لَهُ) من الغفر، وَهُوَ السّتْر، وَمِنْه المغفر وَهُوَ الخودة، وَفِي ( الْعبابُ) الغفر التغطية، والغفر والغفران وَالْمَغْفِرَة وَاحِد، ومغفرة الله لعَبْدِهِ إلباسه إِيَّاه الْعَفو وستره ذنُوبه.

بَيَان الْإِعْرَاب والمعاني: قَوْله: ( من يقم) ، كلمة: من، شَرْطِيَّة، و: يقم، جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَقعت فعل الشَّرْط، قَوْله: ( لَيْلَة الْقدر) كَلَام إضافي مفعول بِهِ، ليقمْ، وَلَيْسَ بمفعول فِيهِ.
قَوْله: ( إِيمَانًا واحتسابا) منصوبان على أَنَّهُمَا حالان متداخلتان أَو مترادفتان على تَأْوِيل: مُؤمنا ومحتسبا.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَحِينَئِذٍ لَا تدل على تَرْجَمَة الْبابُُ، إِذْ الْمَفْهُوم مِنْهُ لَيْسَ إلاَّ الْقيام فِي حَال الْإِيمَان، وَفِي زَمَانه مشْعر بِأَنَّهُ من جملَته.
قلت: لَيْسَ المُرَاد من لَفظه: إِيمَانًا، هُوَ الْإِيمَان الشَّرْعِيّ، وَإِنَّمَا المُرَاد هُوَ الْإِيمَان اللّغَوِيّ، وَهُوَ التَّصْدِيق كَمَا فسرناه الْآن، والترجمة غير مترتبة عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هِيَ مترتبة على مُبَاشرَة عمل هُوَ سَبَب لغفران مَا تقدم من ذَنبه، وَهُوَ قيام لَيْلَة الْقدر هَهُنَا، ومباشرة مثل هَذَا الْعَمَل شُعْبَة من شعب الْإِيمَان فَافْهَم.
ثمَّ إِن الْكرْمَانِي جوز انتصابهما على التَّمْيِيز، وعَلى الْعلَّة أَيْضا بعد أَن قَالَ: التَّمْيِيز وَالْمَفْعُول لَهُ لَا يدلان على أَنه من الْإِيمَان بِتَأْوِيل أَن: من، للابتداء، فَمَعْنَاه: أَن الْقيام منشؤه الْإِيمَان، فَيكون للْإيمَان أَو من جِهَة الْإِيمَان.
قلت: وُقُوع كل مِنْهُمَا بعيد، أما التَّمْيِيز فَإِنَّهُ يرفع الْإِبْهَام المستقر عَن ذَات مَذْكُورَة أَو مقدرَة، وكل مِنْهُمَا هَهُنَا مُنْتَفٍ، أما الأول: فَلِأَنَّهُ يكون عَن ذَات مُفْردَة مَذْكُورَة، وَذَلِكَ الْمُفْرد يكون مُقَدرا غَالِبا.
وَأما الثَّانِي: فَإِنَّهُ لَا إِبْهَام فِي لَفْظَة: يقم، وَلَا فِي إِسْنَاده إِلَى فَاعله.
وَأما النصب على الْعلَّة فَإِنَّهُ مَا فعل لأَجله فعل مَذْكُور، وَهَهُنَا الْقيام لَيْسَ لأجل عِلّة الْإِيمَان، وَإِنَّمَا الْإِيمَان سَبَب للْقِيَام.
ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: شَرط التَّمْيِيز أَن يَقع موقع الْفَاعِل نَحْو: طَابَ زيد نفسا قلت: اطراد هَذَا الشَّرْط مَمْنُوع، وَلَئِن سلمنَا فَهُوَ أَعم من أَن يكون فَاعِلا بِالْفِعْلِ، أَو بِالْقُوَّةِ، كَمَا يؤول: طَار عَمْرو فَرحا، بِأَن المُرَاد طيَّره الْفَرح.
فَهُوَ فِي الْمَعْنى إِقَامَة الْإِيمَان.
قلت: هَذَا التَّمْثِيل لَيْسَ بِصَحِيح، لِأَن نِسْبَة الطيران إِلَى عَمْرو فِيهِ إِبْهَام، وَفَسرهُ بقوله: فَرحا، وتأويله: طيره الْفَرح كَمَا فِي قَوْلك طَابَ زيد نفسا تَقْدِيره: طَابَ نفس زيد، وَلَيْسَ كَذَلِك.
قَوْله: ( من يقم لَيْلَة الْقدر) لِأَنَّهُ إِبْهَام فِي نِسْبَة الْقيام إِلَيْهِ وَلَا فِي نفس الْقيام، وتأويله بقوله: إِقَامَة الْإِيمَان، لَيْسَ بِصَحِيح، لِأَن الْإِيمَان لَيْسَ بفاعل لَا بِالْفِعْلِ وَلَا بِالْقُوَّةِ.
قَوْله: ( غفر لَهُ) ، جَوَاب الشَّرْط، وَهَذَا كَمَا ترى وَقع مَاضِيا، وَفعل الشَّرْط مضارعا، والنحاة يستضعفون مثل ذَلِك.
وَمِنْهُم من مَنعه إِلَّا فِي ضَرُورَة شعر، وأجازوا ضِدّه، وَهُوَ أَن يكون فعل الشَّرْط مَاضِيا وَالْجَوَاب مضارعا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: { من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم} ( هود: 15) وَجَمَاعَة مِنْهُم جوزوا ذَلِك مُطلقًا، وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور، وَبقول عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، فِي أبي بكر الصّديق، رَضِي الله عَنهُ: مَتى يقم مقامك رق، وَالصَّوَاب: مَعَهم، لِأَنَّهُ وَقع فِي كَلَام أفْصح النَّاس، وَفِي كَلَام عَائِشَة الفصيحة.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى: { إِن نَشأ ننزل عَلَيْهِم من السَّمَاء آيَة فظلت} ( الشُّعَرَاء: 4) لِأَن قَوْله: فظلت، بِلَفْظ الْمَاضِي، وَهُوَ تَابع للجواب، وتابع الْجَواب جَوَاب! قلت: لَا نسلم أَن تَابع الْجَواب جَوَاب، بل هُوَ فِي حكم الْجَواب، وَفرق بَين الْجَواب وَحكم الْجَواب.
وَقَوله ( ظلت) عطف على قَوْله: ننزل، وَحقّ الْمَعْطُوف صِحَة حُلُوله مَحل الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَعِنْدِي فِي الِاسْتِدْلَال بِهِ نظر، أَرَادَ بِهِ اسْتِدْلَال المجوزين بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور، لأنني أَظُنهُ من تصرف الروَاة، فقد رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن مَيْمُون عَن أبي الْيَمَان، شيخ البُخَارِيّ فِيهِ، فَلم يغاير بَين الشَّرْط وَالْجَزَاء، بل قَالَ: من يقم لَيْلَة الْقدر يغْفر لَهُ.
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْمُسْتَخْرج عَن سُلَيْمَان، وَهُوَ الطَّبَرَانِيّ، عَن أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن نجدة عَن أبي الْيَمَان وَلَفظه: ( لَا يقوم أحد لَيْلَة الْقدر فيوافقها إِيمَانًا واحتسابا إلاَّ غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) .
قلت: لقَائِل أَن يَقُول: لم لَا يجوز أَن يكون تصرف الروَاة فِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ، وَأَن مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ بالمغايرة بَين الشَّرْط وَالْجَزَاء هُوَ اللَّفْظ النَّبَوِيّ، بل الْأَمر كَذَا، لِأَن رِوَايَة مُحَمَّد بن عَليّ بن مَيْمُون عَن أبي الْيَمَان لَا تعادل رِوَايَة البُخَارِيّ عَن أبي الْيَمَان: وَلَا رِوَايَة أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن نجدة عَن أبي الْيَمَان مثل رِوَايَة البُخَارِيّ عَنهُ، وَيُؤَيّد هَذَا رِوَايَة مُسلم أَيْضا، وَلَفظ البُخَارِيّ: ( من يقم لَيْلَة الْقدر فيوافقها أرَاهُ إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) ، وَلَفظ حَدِيث الطَّبَرَانِيّ يُنَادي بِأَعْلَى صَوته بِوُقُوع التَّغْيِير وَالتَّصَرُّف من الروَاة فِيهِ، لِأَن فِيهِ النَّفْي وَالْإِثْبَات مَوضِع الشَّرْط وَالْجَزَاء فِي رِوَايَة البُخَارِيّ وَمُسلم.
قَوْله: ( من ذَنبه) يتَعَلَّق بقوله: ( غفر) أَي: غفر من ذَنبه مَا تقدم، وَيجوز أَن تكون: من، البيانية لما تقدم.
فَإِن قلت: ( مَا تقدم) مَا موقعه من الْإِعْرَاب؟ قلت: النصب على المفعولية على الْوَجْه الأول، وَالرَّفْع على أَنه مفعول نَاب عَن الْفَاعِل على الْوَجْه الثَّانِي، فَافْهَم.

الأسئلة والأجوبة: مِنْهَا مَا قيل: لِمَ قَالَ هَهُنَا: من يقم، بِلَفْظ الْمُضَارع،.

     وَقَالَ  فِيمَا بعده: من قَامَ رَمَضَان وَمن صَامَ رَمَضَان، بالماضي؟ وَأجِيب: بِأَن قيام رَمَضَان وصيامه مُحَقّق الْوُقُوع، فجَاء بِلَفْظ يدل عَلَيْهِ بِخِلَاف قيام لَيْلَة الْقدر، فَإِنَّهُ غير مُتَيَقن، فَلهَذَا ذكره بِلَفْظ الْمُسْتَقْبل.
وَمِنْهَا مَا قيل: مَا النُّكْتَة فِي وُقُوع الْجَزَاء بالماضي مَعَ أَن الْمَغْفِرَة فِي زمن الِاسْتِقْبَال؟ وَأجِيب: للإشعار بِأَنَّهُ مُتَيَقن الْوُقُوع مُتَحَقق الثُّبُوت، فضلا من الله تَعَالَى على عباده.
وَمِنْهَا مَا قيل: لفظ: من يقم لَيْلَة الْقدر، هَل يَقْتَضِي قيام تَمام اللَّيْلَة، أَو يَكْفِي أقل مَا ينْطَلق عَلَيْهِ اسْم الْقيام؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ يَكْفِي الْأَقَل وَعَلِيهِ بعض الْأَئِمَّة، حَتَّى قيل بكفاية فرض صَلَاة الْعشَاء فِي دُخُوله تَحت الْقيام فِيهَا، لَكِن الظَّاهِر مِنْهُ عرفا أَنه لَا يُقَال: قيام اللَّيْلَة، إلاَّ إِذا قَامَ كلهَا أَو أَكْثَرهَا.
قلت: قَوْله: ( من يقم لَيْلَة الْقدر) .
مثل: من يصم يَوْمًا، فَكَمَا لَا يَكْفِي صَوْم بعض الْيَوْم وَلَا أَكْثَره، فَكَذَلِك لَا يَكْفِي قيام بعض لَيْلَة الْقدر وَلَا أَكْثَرهَا، وَذَلِكَ لِأَن لَيْلَة الْقدر وَقعت مَفْعُولا لقَوْله: يقم، فَيَنْبَغِي أَن يُوصف جَمِيع اللَّيْلَة بِالْقيامِ، لِأَن من شَأْن الْمَفْعُول أَن يكون مشمولاً بِفعل الْفَاعِل.
فَافْهَم.
وَمِنْهَا مَا قيل: مَا معنى الْقيام فِيهَا إِذْ ظَاهره غير مُرَاد قطعا؟ وَأجِيب: بِأَن الْقيام للطاعة كَأَنَّهُ مَعْهُود من قَوْله تَعَالَى: { قومُوا لله قَانِتِينَ} ( الْبَقَرَة: 238) وَهُوَ حَقِيقَة شَرْعِيَّة فِيهِ.
وَمِنْهَا مَا قيل: الذَّنب علم لِأَنَّهُ اسْم جنس مُضَاف، فَهَل يَقْتَضِي مغْفرَة ذَنْب يتَعَلَّق بِحَق النَّاس؟ وَأجِيب: بِأَن لَفظه مُقْتَض لذَلِك مُقْتَض لذَلِك، وَلَكِن علم من الْأَدِلَّة الخارجية أَن حُقُوق الْعباد لَا بُد فِيهَا من رضى الْخُصُوم، فَهُوَ عَام اخْتصَّ بِحَق الله تَعَالَى وَنَحْوه بِمَا يدل على التَّخْصِيص، وَقيل: يجوز أَن تكون: من، تبعيضية.
وَفِيه نظر.