| 5420 حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ، يُحَدِّثُ سَعْدًا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا فَقُلْتُ : أَنْتَ سَمِعْتَهُ يُحَدِّثُ سَعْدًا ، وَلاَ يُنْكِرُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ |
| 5420 حدثنا حفص بن عمر ، حدثنا شعبة ، قال : أخبرني حبيب بن أبي ثابت ، قال : سمعت إبراهيم بن سعد ، قال : سمعت أسامة بن زيد ، يحدث سعدا ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فقلت : أنت سمعته يحدث سعدا ، ولا ينكره ؟ قال : نعم |
Narrated Saud:
The Prophet (ﷺ) said, If you hear of an outbreak of plague in a land, do not enter it; but if the plague breaks out in a place while you are in it, do not leave that place.
":"ہم سے حفص بن عمر نے بیان کیا ، کہا ہم سے شعبہ نے کہا کہ مجھے حبیب بن ابی ثابت نے خبر دی ، کہا کہ میں نے ابراہیم بن سعد سے سنا ، کہا کہ میں نے اسامہ بن زید رضی اللہ عنہما سے سنا ، وہ سعد رضی اللہ عنہ سے بیان کرتے تھے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا جب تم سن لو کہ کسی جگہ طاعون کی وبا پھیل رہی ہے تو وہاں مت جاؤ لیکن جب کسی جگہ یہ وبا پھوٹ پڑے اور تم وہیں موجود ہو تو اس جگہ سے نکلو بھی مت ( حبیب بن ابی ثابت نے بیان کیا کہ میں نے ابراہیم بن سعد سے ) کہا تم نے خود یہ حدیث اسامہ رضی اللہ عنہ سے سنی ہے کہ انہوں نے سعد رضی اللہ عنہ سے بیان کیا اور انہوں نے اس کا انکار نہیں کیا ؟ فرمایا کہ ہاں ۔
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[5728] .
قَوْلُهُ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ أَي بن أَبِي وَقَّاصٍ وَقَعَ فِي سِيَاقِ أَحْمَدَ فِيهِ قِصَّةٌ عَنْ حَبِيبٍ قَالَ كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فَبَلَغَنِي أَنَّ الطَّاعُونَ بِالْكُوفَةِ فَلَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ فَسَأَلْتُهُ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَزَادَ فَقَالَ لِي عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَغَيْرُهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ فَقُلْتُ عَمَّنْ قَالُوا عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ فَأَتَيْتُهُ فَقَالُوا غَائِبٌ فَلَقِيتُ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ فَسَأَلْتُهُ .
قَوْلُهُ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا أَيْ وَالِدَ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَسَعْدٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَبِيبٍ وَزَادَ وَخُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا وَهَذَا الِاخْتِلَافُ لَا يَضُرُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَعْدٌ تَذَكَّرَ لِمَا حَدَّثَهُ بِهِ أُسَامَةُ أَوْ نُسِبَتِ الرِّوَايَةُ إِلَى سَعْدٍ لِتَصْدِيقِهِ أُسَامَةَ.
.
وَأَمَّا خُزَيْمَةُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ سَمِعَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَضَمَّهُ إِلَيْهَا تَارَةً وَسَكَتَ عَنْهُ أُخْرَى .
قَوْلُهُ إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أُسَامَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى رِوَايَةِ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ أَخْرَجَهَا الْمُصَنِّفُ فِي تَرْكِ الْحِيَلِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْوَجَعَ فَقَالَ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الْأُمَمِ ثُمَّ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأْتِي الْأُخْرَى الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ فِيهِ إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ أَوِ السَّقَمَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ وَمُغِيرَةِ بْنِعَبْدِ الرَّحْمَنِ كُلُّهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ زَادَ مَالِكٌ وَسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ كِلَاهُمَا عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَاذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّاعُونِ فَقَالَ أُسَامَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْحَدِيثَ كَذَا وَقَعَ بِالشَّكِّ وَوَقَعَ بِالْجَزْمِ عِنْد بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ بِلَفْظِ فَإِنَّهُ رِجْزٌ سُلِّطَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسلم وَوَقع عِنْد بن خُزَيْمَةَ بِالْجَزْمِ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِد عَن بن سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ لَكِنْ قَالَ رِجْزٌ أُصِيبَ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ تَنْبِيهٌ وَقَعَ الرِّجْسُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعَ الرِّجْزِ بِالزَّايِ وَالَّذِي بِالزَّايِ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَهُوَ الْعَذَابُ وَالْمَشْهُورُ فِي الَّذِي بِالسِّينِ أَنَّهُ الْخَبِيثُ أَوِ النَّجِسُ أَوِ الْقَذِرُ وَجَزَمَ الْفَارَابِيُّ وَالْجَوْهَرِيُّ بِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْعَذَابِ أَيْضًا وَمِنْهُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذين لَا يُؤمنُونَ وَحَكَاهُ الرَّاغِبُ أَيْضًا وَالتَّخْصِيصُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَخَصُّ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُرَادَ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا جَاءَ فِي قِصَّةِ بَلْعَامَ فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَحَدِ صِغَارِ التَّابِعِينَ عَنْ سَيَّارٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُقَالُ لَهُ بَلْعَامُ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ وَأَنَّ مُوسَى أَقْبَلَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُرِيدُ الْأَرْضَ الَّتِي فِيهَا بَلْعَامُ فَأَتَاهُ قَوْمُهُ فَقَالُوا ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ حَتَّى أُؤَامِرَ رَبِّي فَمُنِعَ فَأَتَوْهُ بِهَدِيَّةٍ فَقَبِلَهَا وَسَأَلُوهُ ثَانِيًا فَقَالَ حَتَّى أُؤَامِرَ رَبِّي فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فَقَالُوا لَوْ كَرِهَ لَنَهَاكَ فَدَعَا عَلَيْهِمْ فَصَارَ يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ مَا يَدْعُو بِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَيَنْقَلِبُ عَلَى قَوْمِهِ فَلَامُوهُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ سَأَدُلُّكُمْ عَلَى مَا فِيهِ هَلَاكُهُمُ أَرْسِلُوا النِّسَاءَ فِي عَسْكَرِهِمْ وَمُرُوهُنَّ أَنْ لَا يَمْتَنِعْنَ مِنْ أَحَدٍ فَعَسَى أَنْ يَزْنُوا فَيَهْلِكُوا فَكَانَ فِيمَنْ خَرَجَ بِنْتُ الْمَلِكِ فَأَرَادَهَا رَأْسُ بَعْضِ الْأَسْبَاطِ وَأَخْبَرَهَا بِمَكَانِهِ فَمَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَقَعَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الطَّاعُونُ فَمَاتَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا فِي يَوْمٍ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَارُونَ وَمَعَهُ الرُّمْحُ فَطَعَنَهُمَا وَأَيَّدَهُ اللَّهُ فَانْتَظَمَهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ وَسَيَّارٌ شَامِيٌّ مُوَثَّقٌ وَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَسَمَّى الْمَرْأَةَ كَشْتًا بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ وَالرَّجُلُ زِمْرِي بِكَسْرِ الزي وَسُكُونِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ رَأْسُ سِبْطٍ شَمْعُونَ وَسُمِّيَ الَّذِي طَعَنَهُمَا فِنْحَاصَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ النُّون بعْدهَا مُهْملَة ثمَّ مُهْملَة بن هَارُونَ.
وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَحُسِبَ مَنْ هَلَكَ مِنَ الطَّاعُونِ سَبْعُونَ أَلْفًا وَالْمُقَلِّلُ يَقُولُ عِشْرُونَ أَلْفًا وَهَذِهِ الطَّرِيقُ تُعَضِّدُ الْأُولَى وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهَا عِيَاضٌ فَقَالَ .
قَوْلُهُ أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قِيلَ مَاتَ مِنْهُمْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ عشرُون ألفا وَقيل سَبْعُونَ ألفا وَذكر بن إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَأِ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَثُرَ عِصْيَانُهُمْ فَخَيِّرْهُمْ بَيْنَ ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ أَبْتَلِيَهُمْ بِالْقَحْطِ أَوِ الْعَدُوِّ شَهْرَيْنِ أَوِ الطَّاعُونِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالُوا اخْتَرْ لَنَا فَاخْتَارَ الطَّاعُونَ فَمَاتَ مِنْهُمْ إِلَى أَنْ زَالَتِ الشَّمْسُ سَبْعُونَ أَلْفًا وَقِيلَ مِائَةُ أَلْفٍ فَتَضَرَّعَ دَاوُدُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَرَفَعَهُ وَوَرَدَ وُقُوعُ الطَّاعُونِ فِي غَيْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَمِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَمَرَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَذْبَحَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ كَبْشًا ثُمَّ لْيُخَضِّبْ كَفَّهُ فِي دَمِهِ ثُمَّ لْيَضْرِبْ بِهِ عَلَى بَابِهِ فَفَعَلُوا فَسَأَلَهُمُ الْقِبْطُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ سَيَبْعَثُ عَلَيْكُمْ عَذَابًا وَإِنَّمَا نَنْجُو مِنْهُ بِهَذِهِ الْعَلَامَةِ فَأَصْبَحُوا وَقَدْ مَاتَ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ سَبْعُونَ أَلْفًا فَقَالَ فِرْعَوْنُ عِنْدَ ذَلِكَ لِمُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِن كشفت عَنَّا الرجز الْآيَةَ فَدَعَا فَكَشَفَهُ عَنْهُمْ وَهَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوف حذر الْمَوْتقَالَ فِرُّوا مِنَ الطَّاعُونِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ موتوا ثمَّ أحياهم ليكملوا بَقِيَّة آجالهم وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قِصَّتَهُمْ مُطَوَّلَةً فَأَقْدَمُ مَنْ وَقَفْنَا عَلَيْهِ فِي الْمَنْقُولِ مِمَّنْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي قِصَّةِ بَلْعَامَ وَمِنْ غَيْرِهِمْ فِي قِصَّةِ فِرْعَوْنَ وَتَكَرَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي شَرْحُ قَوْلِهِ إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا إِلَخْ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَفِيهِ قِصَّةُ عُمَرَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا
( قَولُهُ بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الطَّاعُونِ)
أَيْ مِمَّا يَصِحُّ عَلَى شَرْطِهِ وَالطَّاعُونُ بِوَزْنِ فَاعُولٍ مِنَ الطَّعْنِ عَدَلُوا بِهِ عَنْ أَصْلِهِ وَوَضَعُوهُ دَالًا عَلَى الْمَوْتِ الْعَامِّ كَالْوَبَاءِ وَيُقَالُ طُعِنَ فَهُوَ مَطْعُونٌ وَطَعِينٌ إِذَا أَصَابَهُ الطَّاعُونُ وَإِذَا أَصَابَهُ الطَّعْنُ بِالرُّمْحِ فَهُوَ مَطْعُونٌ هَذَا كَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ.
وَقَالَ الْخَلِيلُ الطَّاعُونُ الْوَبَاءُ.
وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ الطَّاعُونُ الْمَرَضُ الْعَامُّ الَّذِي يَفْسُدُ لَهُ الْهَوَاءُ وَتَفْسُدُ بِهِ الْأَمْزِجَةُ وَالْأَبْدَانُ.
وَقَالَ أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ الطَّاعُون الوجع الْغَالِبُ الَّذِي يُطْفِئُ الرُّوحَ كَالذَّبْحَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِعُمُومِ مُصَابِهِ وَسُرْعَةِ قَتْلِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِي هُوَ مَرَضٌ يَعُمُّ الْكَثِيرَ مِنَ النَّاسِ فِي جِهَةِ مِنَ الْجِهَاتِ بِخِلَافِ الْمُعْتَادِ مِنْ أَمْرَاضِ النَّاسِ وَيَكُونُ مَرَضُهُمْ وَاحِدًا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ فَتَكُونُ الْأَمْرَاضُ مُخْتَلِفَةً.
وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ الطَّاعُونُ حَبَّةٌ تَخْرُجُ مِنَ الْأَرْقَاعِ وَفِي كُلِّ طَيٍّ مِنَ الْجَسَدِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ الْوَبَاءُ.
وَقَالَ عِيَاضٌ أَصْلُ الطَّاعُونِ الْقُرُوحُ الْخَارِجَةُ فِي الْجَسَدِ وَالْوَبَاءُ عُمُومُ الْأَمْرَاضِ فَسُمِّيَتْ طَاعُونًا لِشَبَهِهَا بِهَا فِي الْهَلَاكِ وَإِلَّا فَكُلُّ طَاعُونٍ وَبَاءٌ وَلَيْسَ كُلُّ وَبَاءٍ طَاعُونًا قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ وَبَاءَ الشَّامِ الَّذِي وَقَعَ فِي عَمَوَاسَ إِنَّمَا كَانَ طَاعُونًا وَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الطَّاعُون وخز الْجِنّ.
وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ الطَّاعُونُ غُدَّةٌ تَخْرُجُ فِي الْمَرَاقِّ وَالْآبَاطِ وَقَدْ تَخْرُجُ فِي الْأَيْدِي وَالْأَصَابِعِ وَحَيْثُ شَاءَ اللَّهُ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ قِيلَ الطَّاعُونُ انْصِبَابُ الدَّمِ إِلَى عُضْوٍ.
وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ هَيَجَانُ الدَّمِ وَانْتِفَاخُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْجُذَامِ مَنْ أَصَابَهُ تَأَكَّلَتْ أَعْضَاؤُهُ وَتَسَاقَطَ لَحْمُهُ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ هُوَ انْتِفَاخُ جَمِيعِ الْبَدَنِ مِنَ الدَّمِ مَعَ الْحُمَّى أَوِ انْصِبَابُ الدَّم إِلَى بعض الْأَطْرَاف فينتفخ وَيَحْمَرُّ وَقَدْ يَذْهَبُ ذَلِكَ الْعُضْوُ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَيْضا فِي تهذيبه هُوَ بِئْر وَوَرَمٌ مُؤْلِمٌ جِدًّا يَخْرُجُ مَعَ لَهَبٍ وَيَسْوَدُّ مَا حَوَالَيْهِ أَوْ يَخْضَرُّ أَوْ يَحْمَرُّ حُمْرَةً شَدِيدةً بَنَفْسَجِيَّةً كَدُرَّةٍ وَيَحْصُلُ مَعَهُ خَفَقَانٌ وَقَيْءٌ وَيَخْرُجُ غَالِبًا فِي الْمَرَاقِّ وَالْآبَاطِ وَقَدْ يَخْرُجُ فِي الْأَيْدِي وَالْأَصَابِعِ وَسَائِرِ الْجَسَدِ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَطِبَّاءِ مِنْهُمْ أَبُو عَلِيِّ بْنُ سِينَا الطَّاعُونُ مَادَّةٌ سُمِّيَّةٌ تُحْدِثُ وَرَمًا قَتَّالًا يَحْدُثُ فِي الْمَوَاضِعِ الرَّخْوَةِ وَالْمَغَابِنِ مِنَ الْبَدَنِ وَأَغْلَبُ مَا تَكُونُ تَحْتَ الْإِبْطِ أَوْ خَلْفَ الْأُذُنِ أَوْ عِنْدَ الْأَرْنَبَةِ قَالَ وَسَبَبُهُ دَمٌ رَدِيءٌ مَائِلٌ إِلَى الْعُفُونَةِ وَالْفَسَادِ يَسْتَحِيلُ إِلَى جَوْهَرٍ سُمِّيٍّ يُفْسِدُ الْعُضْوَ وَيُغَيِّرُ مَا يَلِيهِ وَيُؤَدِّي إِلَى الْقَلْبِ كَيْفِيَّةً رَدِيئَةً فَيُحْدِثُ الْقَيْءَ وَالْغَثَيَانَ وَالْغَشْيَ وَالْخَفَقَانَ وَهُوَ لِرَدَاءَتِهِ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْأَعْضَاءِ إِلَّا مَا كَانَ أَضْعَفَ بِالطَّبْعِ وَأَرْدَؤُهُ مَا يَقَعُ فِي الْأَعْضَاءِ الرَّئِيسِيَّةِ وَالْأَسْوَدُ مِنْهُ قَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنْهُ وَأَسْلَمُهُ الْأَحْمَرُ ثُمَّ الْأَصْفَرُ وَالطَّوَاعِينُ تَكْثُرُ عِنْدَ الْوَبَاءِ فِي الْبِلَادِ الْوَبِئَةِ وَمِنْ ثَمَّ أُطْلِقَ عَلَى الطَّاعُونِ وَبَاءً وَبِالْعَكْسِ.
.
وَأَمَّا الْوَبَاءُ فَهُوَ فَسَادُ جَوْهَرِ الْهَوَاءِ الَّذِي هُوَ مَادَّةُ الرُّوحِ وَمَدَدُهُ.
.
قُلْتُ فَهَذَا مَا بَلَغَنَا مِنْ كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَطِبَّاءِ فِي تَعْرِيفِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَقِيقَتَهُ ورم ينشأ
عَنْ هَيَجَانِ الدَّمِ أَوِ انْصِبَابِ الدَّمِ إِلَى عُضْوٍ فَيُفْسِدُهُ وَأَنَّ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْعَامَّةِ النَّاشِئَةِ عَنْ فَسَادِ الْهَوَاءِ يُسَمَّى طَاعُونًا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عُمُومِ الْمَرَضِ بِهِ أَوْ كَثْرَةِ الْمَوْتِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الطَّاعُونَ يُغَايِرُ الْوَبَاءَ مَا سَيَأْتِي فِي رَابِعِ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّ الطَّاعُونَ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ سَبَقَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ وَفِيهِ قَوْلُ بِلَالٍ أَخْرَجُونَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ وَمَا سَبَقَ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا وَمَا سَبَقَ فِي حَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ فِي الطَّهَارَةِ أَنَّهُمُ اسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ وَفِي لَفْظٍ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّهَا أَرْضٌ وَبِئَةٌ فَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَبَاءَ كَانَ مَوْجُودًا بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ صَرَّحَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الطَّاعُونَ لَا يَدْخُلُهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَبَاءَ غَيْرُ الطَّاعُونِ وَأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ عَلَى كُلِّ وَبَاءٍ طَاعُونًا فَبِطَرِيقِ الْمَجَازِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْوَبَاءُ هُوَ الْمَرَضُ الْعَامُّ يُقَالُ أَوْبَأَتِ الْأَرْضُ فَهِيَ مُوبِئَةٌ وَوَبِئَتْ بِالْفَتْحِ فَهِيَ وَبِئَةٌ وَبِالضَّمِّ فَهِيَ مَوْبُوءَةٌ وَالَّذِي يَفْتَرِقُ بِهِ الطَّاعُونُ مِنَ الْوَبَاءِ أَصْلُ الطَّاعُونِ الَّذِي لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْأَطِبَّاءُ وَلَا أَكْثَرُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي تَعْرِيفِ الطَّاعُونِ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ طَعْنِ الْجِنِّ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا قَالَ الْأَطِبَّاءُ مِنْ كَوْنِ الطَّاعُونِ يَنْشَأُ عَنْ هَيَجَانِ الدَّمِ أَوِ انْصِبَابِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَحْدُثُ عَنِ الطَّعْنَةِ الْبَاطِنَةِ فَتَحْدُثُ مِنْهَا الْمَادَّةُ السُّمِّيَّةُ وَيَهِيجُ الدَّمُ بِسَبَبِهَا أَوْ يَنْصَبُّ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَرَّضِ الْأَطِبَّاءُ لِكَوْنِهِ مِنْ طَعْنِ الْجِنِّ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ مِنَ الشَّارِعِ فَتَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ قَوَاعِدُهُمْ.
وَقَالَ الْكَلَابَاذِيُّ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الطَّاعُونُ عَلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ يَحْصُلُ مِنْ غَلَبَةِ بَعْضِ الْأَخْلَاطِ مِنْ دَمٍ أَوْ صَفْرَاءَ مُحْتَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يَكُونُ مِنَ الْجِنِّ وَقِسْمٌ يَكُونُ مِنْ وَخْزِ الْجِنِّ كَمَا تَقَعُ الْجِرَاحَاتُ مِنَ الْقُرُوحِ الَّتِي تَخْرُجُ فِي الْبَدَنِ مِنْ غَلَبَةِ بَعْضِ الْأَخْلَاطِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ طَعْنٌ وَتَقَعُ الْجِرَاحَاتُ أَيْضًا مِنْ طَعْنِ الْإِنْسِ انْتَهَى وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّ الطَّاعُونَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ طَعْنِ الْجِنِّ وُقُوعُهُ غَالِبًا فِي أَعْدَلِ الْفُصُولِ وَفِي أَصَحِّ الْبِلَادِ هَوَاءً وَأَطْيَبِهَا مَاءً وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِسَبَبِ فَسَادِ الْهَوَاءِ لَدَامَ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ الْهَوَاءَ يَفْسُدُ تَارَةً وَيَصِحُّ أُخْرَى وَهَذَا يَذْهَبُ أَحْيَانًا وَيَجِيءُ أَحْيَانًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَلَا تَجْرِبَةٍ فَرُبَّمَا جَاءَ سَنَةً عَلَى سَنَةٍ وَرُبَّمَا أَبْطَأَ سِنِينَ وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَعَمَّ النَّاسَ وَالْحَيَوَانَ وَالْمَوْجُودُ بِالْمُشَاهَدَةِ أَنَّهُ يُصِيبُ الْكَثِيرَ وَلَا يُصِيبُ مَنْ هُمْ بِجَانِبِهِمْ مِمَّا هُوَ فِي مِثْلِ مِزَاجِهِمْ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَعَمَّ جَمِيعَ الْبَدَنِ وَهَذَا يَخْتَصُّ بِمَوْضِعٍ مِنَ الْجَسَدِ وَلَا يَتَجَاوَزُهُ وَلِأَنَّ فَسَادَ الْهَوَاءِ يَقْتَضِي تَغَيُّرَ الْأَخْلَاطِ وَكَثْرَةَ الْأَسْقَامِ وَهَذَا فِي الْغَالِبِ يَقْتُلُ بِلَا مَرَضٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ طَعْنِ الْجِنِّ كَمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى رَفَعَهُ فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ قَالَ وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَفِي كُلٍّ شَهَادَةٌ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْ زِيَادٍ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي قَالَ كُنَّا عَلَى بَابِ عُثْمَانَ نَنْتَظِرُ الْإِذْنَ فَسَمِعْتُ أَبَا مُوسَى قَالَ زِيَادٌ فَلَمْ أَرْضَ بِقَوْلِهِ فَسَأَلْتُ سَيِّدَ الْحَيِّ فَقَالَ صَدَقَ وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ زِيَادٍ فَسَمَّيَا الْمُبْهَمَ يَزِيدَ بْنَ الْحَارِثِ وَسَمَّاهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أُسَامَةَ بْنَ شَرِيكٍ فَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ النَّهْشَلِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ خَرَجْنَا فِي بِضْعَ عَشْرَةَ نَفْسًا مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ فَإِذَا نَحْنُ بِأَبِي مُوسَى وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ سَمَّاهُ يَزِيدُ بْنُ الْحَارِثِ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ أُسَامَةَ هُوَ سَيِّدُ الْحَيِّ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَاسْتَثْبَتَهُ فِيمَا حَدَّثَهُ بِهِ الْأَوَّلُ وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ الْحَارِثِ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا الْمُبْهَمَ وَأُسَامَةُ بْنُ شَرِيكٍ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ وَالَّذِي سَمَّاهُ وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ فَالْحَدِيث صَحِيح بِهَذَا
الِاعْتِبَار وَقد صَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَأَخْرَجَاهُ وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هُوَ وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَهُوَ لَكُمْ شَهَادَةٌ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَبَا بَلْجٍ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ اللَّام بعْدهَا جِيم واسْمه يحيى وَثَّقَهُ بن مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ بِسَبَبِ التَّشَيُّعِ وَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي قَبُولِ رِوَايَتِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلِلْحَدِيثِ طَرِيقٌ ثَالِثَةٌ أَخْرَجَهَا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ كُرَيْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا كُرَيْبًا وأباه وكريب وَثَّقَهُ بن حِبَّانَ وَلَهُ حَدِيثٌ آخَرُ فِي الطَّاعُونِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ كُرَيْبِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ قَيْسٍ أَخِي أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَفَعَهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ أُمَّتِي قَتْلًا فِي سَبِيلِكَ بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ قَالَ الْعُلَمَاءُ أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحَصِّلَ لِأُمَّتِهِ أَرْفَعَ أَنْوَاعِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَيْدِي أَعْدَائِهِمْ إِمَّا مِنَ الْإِنْسِ وَإِمَّا مِنَ الْجِنِّ وَلِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ رِوَايَةِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ رجل عَنْ عَطَاءٍ عَنْهَا وَهَذَا سَنَدٌ ضَعِيفٌ وَآخَرُ من حَدِيث بن عُمَرَ سَنَدُهُ أَضْعَفُ مِنْهُ وَالْعُمْدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي مُوسَى فَإِنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِالصِّحَّةِ لِتَعَدُّدِ طُرُقِهِ إِلَيْهِ وَقَولُهُ وَخْزُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا زَايٌ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ الطَّعْنُ إِذَا كَانَ غَيْرَ نَافِذٍ وَوَصْفُ طَعْنِ الْجِنِّ بِأَنَّهُ وَخْزٌ لِأَنَّهُ يَقَعُ مِنَ الْبَاطِنِ إِلَى الظَّاهِرِ فَيُؤَثِّرُ بِالْبَاطِنِ أَوَّلًا ثُمَّ يُؤَثِّرُ فِي الظَّاهِرِ وَقَدْ لَا يَنْفُذُ وَهَذَا بِخِلَافِ طَعْنِ الْإِنْسِ فَإِنَّهُ يَقَعُ مِنَ الظَّاهِرِ إِلَى الْبَاطِنِ فَيُؤَثِّرُ فِي الظَّاهِرِ أَوَّلًا ثُمَّ يُؤَثِّرُ فِي الْبَاطِنِ وَقَدْ لَا يَنْفُذُ تَنْبِيهٌ يَقَعُ فِي الْأَلْسِنَةِ وَهُوَ فِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ تَبَعًا لِغَرِيبَيِ الْهَرَوِيِّ بِلَفْظِ وَخْزُ إِخْوَانِكُمْ وَلَمْ أَرَهُ بِلَفْظِ إِخْوَانِكُمْ بَعْدَ التَّتَبُّعِ الطَّوِيلِ الْبَالِغِ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الحَدِيث المسندة لَا فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ وَلَا الْأَجْزَاءِ الْمَنْثُورَةِ وَقَدْ عَزَاهُ بَعْضُهُمْ لِمُسْنَدِ أَحْمَدَ أَوِ الطَّبَرَانِيِّ أَوْ كِتَابِ الطَّوَاعِينِ لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا وَلَا وُجُودَ لِذَلِكَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ
[ قــ
:5420 ... غــ
:5728] .
قَوْلُهُ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ أَي بن أَبِي وَقَّاصٍ وَقَعَ فِي سِيَاقِ أَحْمَدَ فِيهِ قِصَّةٌ عَنْ حَبِيبٍ قَالَ كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فَبَلَغَنِي أَنَّ الطَّاعُونَ بِالْكُوفَةِ فَلَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ فَسَأَلْتُهُ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَزَادَ فَقَالَ لِي عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَغَيْرُهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ فَقُلْتُ عَمَّنْ قَالُوا عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ فَأَتَيْتُهُ فَقَالُوا غَائِبٌ فَلَقِيتُ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ فَسَأَلْتُهُ .
قَوْلُهُ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا أَيْ وَالِدَ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَسَعْدٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَبِيبٍ وَزَادَ وَخُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا وَهَذَا الِاخْتِلَافُ لَا يَضُرُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَعْدٌ تَذَكَّرَ لِمَا حَدَّثَهُ بِهِ أُسَامَةُ أَوْ نُسِبَتِ الرِّوَايَةُ إِلَى سَعْدٍ لِتَصْدِيقِهِ أُسَامَةَ.
.
وَأَمَّا خُزَيْمَةُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ سَمِعَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَضَمَّهُ إِلَيْهَا تَارَةً وَسَكَتَ عَنْهُ أُخْرَى .
قَوْلُهُ إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أُسَامَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى رِوَايَةِ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ أَخْرَجَهَا الْمُصَنِّفُ فِي تَرْكِ الْحِيَلِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْوَجَعَ فَقَالَ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الْأُمَمِ ثُمَّ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأْتِي الْأُخْرَى الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ فِيهِ إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ أَوِ السَّقَمَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ وَمُغِيرَةِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ كُلُّهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ زَادَ مَالِكٌ وَسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ كِلَاهُمَا عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَاذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّاعُونِ فَقَالَ أُسَامَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْحَدِيثَ كَذَا وَقَعَ بِالشَّكِّ وَوَقَعَ بِالْجَزْمِ عِنْد بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ بِلَفْظِ فَإِنَّهُ رِجْزٌ سُلِّطَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسلم وَوَقع عِنْد بن خُزَيْمَةَ بِالْجَزْمِ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِد عَن بن سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ لَكِنْ قَالَ رِجْزٌ أُصِيبَ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ تَنْبِيهٌ وَقَعَ الرِّجْسُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعَ الرِّجْزِ بِالزَّايِ وَالَّذِي بِالزَّايِ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَهُوَ الْعَذَابُ وَالْمَشْهُورُ فِي الَّذِي بِالسِّينِ أَنَّهُ الْخَبِيثُ أَوِ النَّجِسُ أَوِ الْقَذِرُ وَجَزَمَ الْفَارَابِيُّ وَالْجَوْهَرِيُّ بِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْعَذَابِ أَيْضًا وَمِنْهُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذين لَا يُؤمنُونَ وَحَكَاهُ الرَّاغِبُ أَيْضًا وَالتَّخْصِيصُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَخَصُّ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُرَادَ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا جَاءَ فِي قِصَّةِ بَلْعَامَ فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَحَدِ صِغَارِ التَّابِعِينَ عَنْ سَيَّارٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُقَالُ لَهُ بَلْعَامُ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ وَأَنَّ مُوسَى أَقْبَلَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُرِيدُ الْأَرْضَ الَّتِي فِيهَا بَلْعَامُ فَأَتَاهُ قَوْمُهُ فَقَالُوا ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ حَتَّى أُؤَامِرَ رَبِّي فَمُنِعَ فَأَتَوْهُ بِهَدِيَّةٍ فَقَبِلَهَا وَسَأَلُوهُ ثَانِيًا فَقَالَ حَتَّى أُؤَامِرَ رَبِّي فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فَقَالُوا لَوْ كَرِهَ لَنَهَاكَ فَدَعَا عَلَيْهِمْ فَصَارَ يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ مَا يَدْعُو بِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَيَنْقَلِبُ عَلَى قَوْمِهِ فَلَامُوهُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ سَأَدُلُّكُمْ عَلَى مَا فِيهِ هَلَاكُهُمُ أَرْسِلُوا النِّسَاءَ فِي عَسْكَرِهِمْ وَمُرُوهُنَّ أَنْ لَا يَمْتَنِعْنَ مِنْ أَحَدٍ فَعَسَى أَنْ يَزْنُوا فَيَهْلِكُوا فَكَانَ فِيمَنْ خَرَجَ بِنْتُ الْمَلِكِ فَأَرَادَهَا رَأْسُ بَعْضِ الْأَسْبَاطِ وَأَخْبَرَهَا بِمَكَانِهِ فَمَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَقَعَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الطَّاعُونُ فَمَاتَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا فِي يَوْمٍ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَارُونَ وَمَعَهُ الرُّمْحُ فَطَعَنَهُمَا وَأَيَّدَهُ اللَّهُ فَانْتَظَمَهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ وَسَيَّارٌ شَامِيٌّ مُوَثَّقٌ وَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَسَمَّى الْمَرْأَةَ كَشْتًا بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ وَالرَّجُلُ زِمْرِي بِكَسْرِ الزي وَسُكُونِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ رَأْسُ سِبْطٍ شَمْعُونَ وَسُمِّيَ الَّذِي طَعَنَهُمَا فِنْحَاصَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ النُّون بعْدهَا مُهْملَة ثمَّ مُهْملَة بن هَارُونَ.
وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَحُسِبَ مَنْ هَلَكَ مِنَ الطَّاعُونِ سَبْعُونَ أَلْفًا وَالْمُقَلِّلُ يَقُولُ عِشْرُونَ أَلْفًا وَهَذِهِ الطَّرِيقُ تُعَضِّدُ الْأُولَى وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهَا عِيَاضٌ فَقَالَ .
قَوْلُهُ أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قِيلَ مَاتَ مِنْهُمْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ عشرُون ألفا وَقيل سَبْعُونَ ألفا وَذكر بن إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَأِ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَثُرَ عِصْيَانُهُمْ فَخَيِّرْهُمْ بَيْنَ ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ أَبْتَلِيَهُمْ بِالْقَحْطِ أَوِ الْعَدُوِّ شَهْرَيْنِ أَوِ الطَّاعُونِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالُوا اخْتَرْ لَنَا فَاخْتَارَ الطَّاعُونَ فَمَاتَ مِنْهُمْ إِلَى أَنْ زَالَتِ الشَّمْسُ سَبْعُونَ أَلْفًا وَقِيلَ مِائَةُ أَلْفٍ فَتَضَرَّعَ دَاوُدُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَرَفَعَهُ وَوَرَدَ وُقُوعُ الطَّاعُونِ فِي غَيْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَمِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَمَرَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَذْبَحَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ كَبْشًا ثُمَّ لْيُخَضِّبْ كَفَّهُ فِي دَمِهِ ثُمَّ لْيَضْرِبْ بِهِ عَلَى بَابِهِ فَفَعَلُوا فَسَأَلَهُمُ الْقِبْطُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ سَيَبْعَثُ عَلَيْكُمْ عَذَابًا وَإِنَّمَا نَنْجُو مِنْهُ بِهَذِهِ الْعَلَامَةِ فَأَصْبَحُوا وَقَدْ مَاتَ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ سَبْعُونَ أَلْفًا فَقَالَ فِرْعَوْنُ عِنْدَ ذَلِكَ لِمُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِن كشفت عَنَّا الرجز الْآيَةَ فَدَعَا فَكَشَفَهُ عَنْهُمْ وَهَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوف حذر الْمَوْت
قَالَ فِرُّوا مِنَ الطَّاعُونِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ موتوا ثمَّ أحياهم ليكملوا بَقِيَّة آجالهم وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قِصَّتَهُمْ مُطَوَّلَةً فَأَقْدَمُ مَنْ وَقَفْنَا عَلَيْهِ فِي الْمَنْقُولِ مِمَّنْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي قِصَّةِ بَلْعَامَ وَمِنْ غَيْرِهِمْ فِي قِصَّةِ فِرْعَوْنَ وَتَكَرَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي شَرْحُ قَوْلِهِ إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا إِلَخْ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَفِيهِ قِصَّةُ عُمَرَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا
باب مَا يُذْكَرُ فِى الطَّاعُونِ
( باب ما يذكر في) أمر ( الطاعون) بوزن فاعول من الطعن عدلوا به عن أصله ووضعوه دالاًّ على الموت العام كالوباء وفي تهذيب النووي هو بثر وورم موّلم جدًّا يخرج مع لهب وشمودّ ما حوله أو يخضر أو يحمرّ حمرة شديدة بنفسجية كدرة ويحصل معه خفقان وقيء ويخرج غالبًا في المراق والآباط وقد يخرج في الأيدي والأصابع وسائر الجسد.
وقال ابن سينا: وسببه دم رديء يستحيل إلى جوهر سمي يفسد العضو ويؤدّي إلى القلب كيفية رديئة فتحدث القيء والغثيان والغشى ولرداءته لا يقبل من الأعضاء إلا ما كان أضعف بالطبع والطوالعين تكثر عند الوباء في البلاد الوبيئة، ومن ثم أطلق على الطاعون وباء وبالعكس والوباء فساد جوهر الهواء الذي هو مادة الروح ومدده انتهى.
وحاصل هذا أنه ورم ينشأ عن هجيان الدم وانصباب الدم إلى عضو فيفسده وأن غير ذلك من الأمراض العامة الناشئة عن فساد الهواء يسمى طاعونًا بطريق المجاز لاشتراكهما في عموم المرض به وهذا لا يعارض حديث الطاعون وخز أعدائكم من الجن إذ يجوز أن ذلك يحدث عن الطعنة الباطنة فتحدث منها المادة السمية ويهيج الدم بسببها، وإنما لم تتعرض الأطباء لكونه من
طعن الجن لأنه أمر لا يدرك بالعقل وإنما عرف من جهة الشارع فتكلموا في ذلك بما اقتضته قواعدهم، لكن في وقوع الطاعون في أعدل الفصول وأصح البلاد هواء وأطيبها ماء دلالة على أن الطاعون إنما يكون من طعن الجن ولأنه لو كان بسبب فساد الهواء لدام في الأرض لأن الهواء يفسد تارة ويصح أخرى والطاعون يذهب أحيانًا ويجيء أحيانًا على غير قياس ولا تجربة وربما جاء سنة على سنة وربما أبطأ سنين وأيضًا لو كان من فساد الهواء لعمّ الناس والحيوان وربما يصيب الكثير من الناس ولا يصيب من هو بجانبهم ممن هو في مثل مزاجهم وربما يصيب بعض أهل البيت الواحد ويسلم منه الآخرون منهم، وأما ما يذكر من أنه وخز إخوانكم من الجن فقال ابن حجر: إنه لم يجده في شيء من طرق الحديث المسندة لا في الكتب المشهورة ولا الأجزاء المنثورة بعد التتبّع الطويل البالغ، وعزاه في آكام المرجان لمسند أحمد والطبراني وكتاب الطواعين لابن أبي الدنيا ولا وجود له في واحد منها.
فإن قلت: فإذا كان الطعن من الجن فكيف يقع في رمضان والشياطين تصفد فيه وتسلسل؟ وأجيب: باحتمال أنهم يطعنون قبل دخول رمضان ولم يظهر التأثير إلا بعد دخوله وقيل غير ذلك.
[ قــ
:5420 ... غــ
: 5728 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِى حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا».
فَقُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ يُحَدِّثُ سَعْدًا وَلاَ يُنْكِرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) بن الحارث بن سخبرة الأزدي أبو عمر الحوضي قال:
( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: أخبرني) بالإفراد ( حبيب بن أبي ثابت) قيس ويقال: هند بن دينار الأسدي مولاهم أبو يحيى الكوفي ( قال: سمعت إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن أبي وقاص ( قال: سمعت أسامة بن زيد) هو ابن حارثة بن شراحيل الكلبي ( يحدّث سعدًا) والد إبراهيم المذكور ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( إذا سمعتم بالطاعون) وقع ( بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها) قال حبيب بن أبي ثابت ( فقلت) لإبراهيم بن سعد ( أنت سمعته) أي سمعت أسامة ( يحدث سعدًا) أباك ( ولا ينكره) أبوك ( قال: نعم) سمعته يحدّثه وسعد لا ينكره، وسقط قال نعم للحموي والمستملي.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الطب.
( بابُُ مَا يُذْكَرُ فِي الطَّاعُونِ)
أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يذكر فِي أَمر الطَّاعُون وَهُوَ على وزن فاعول من الطعْن وضعوه على هَذَا الْوَزْن ليدل على الْمَوْت الْعَام..
وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الطَّاعُون الْمَرَض الْعَام الَّذِي يفْسد لَهُ الْهَوَاء وتفسد بِهِ الأمزجة والأبدان..
وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الطَّاعُون الْمَوْت الْعَام..
وَقَالَ الْكرْمَانِي: الطَّاعُون بثر مؤلم جدا يخرج غَالِبا فِي الآباط مَعَ لهيب واسوداد حواليه وخفقان الْقلب والقيء.
قلت: هَذَا من كَلَام النَّوَوِيّ، فنقله عَنهُ، يُقَال: طعن الرجل فَهُوَ مطعون وطعين إِذا أَصَابَهُ الطَّاعُون..
وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: الطَّاعُون الوجع الْغَالِب الَّذِي يطعن الرّوح كالذبحة، سمي بذلك لعُمُوم مصابه وَسُرْعَة قَتله،.
وَقَالَ الْبَاجِيّ: وَهُوَ مرض يعم الْكثير من النَّاس فِي جِهَة من الْجِهَات بِخِلَاف الْمُعْتَاد من أمراض النَّاس، وَيكون مرضهم وَاحِدًا بِخِلَاف بَقِيَّة الْأَوْقَات فَتكون الْأَمْرَاض مُخْتَلفَة..
وَقَالَ الدَّاودِيّ: الطَّاعُون حَبَّة تخرج فِي الأرفاغ وَفِي كل طي من الْجَسَد، وَالصَّحِيح أَنه الوباء،.
وَقَالَ عِيَاض: أصل الطَّاعُون القروح الْخَارِجَة فِي الْجَسَد، والوباء عُمُوم الْأَمْرَاض فسميت طاعوناً لشبهها بهَا فِي الْهَلَاك، وإلاَّ فَكل طاعون وباء وَلَيْسَ كل وباء طاعوناً، قَالَ: وَيدل على ذَلِك أَن وباء الشَّام الَّذِي وَقع فِي عمواس إِنَّمَا كَانَ طاعوناً.
وَمَا ورد فِي الحَدِيث: أَن الطَّاعُون وخز الْجِنّ.
قلت: طاعون عمواس كَانَ فِي سنة ثَمَان عشرَة، وعمواس قَرْيَة بَين الرملة وَبَيت الْمُقَدّس، وطاعون عمواس هُوَ أول طاعون وَقع فِي الْإِسْلَام وَمَات فِي الشَّام فِي هَذَا الطَّاعُون ثَلَاثُونَ ألفا.
وَأما الحَدِيث الْمَذْكُور فَرَوَاهُ أَحْمد فِي ( مُسْنده) من حَدِيث أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فنَاء أمتِي بالطعن والطاعون.
قَالُوا: يَا رَسُول الله! هَذَا الطعْن قد عَرفْنَاهُ، فَمَا الطَّاعُون؟ قَالَ: وخز إخْوَانكُمْ من الْجِنّ، وَفِي كل شَهَادَة.
وَرَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ( كتاب الطواعين) .
وَقَالَ فِيهِ: وخز أعدائكم من الْجِنّ، وَلَا تنَافِي بَين اللَّفْظَيْنِ لِأَن الْأُخوة فِي الدّين لَا تنَافِي الْعَدَاوَة لِأَن عَدَاوَة الْإِنْس وَالْجِنّ بالطبع، وَإِن كَانُوا مُؤمنين فالعداوة مَوْجُودَة..
وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الوخز طعن لَيْسَ بنافذ،.
وَقَالَ بَعضهم: لم أر لفظ: إخْوَانكُمْ، بعد التتبع الطَّوِيل الْبَالِغ فِي شَيْء من طرق الحَدِيث.
قلت: هَذِه اللَّفْظَة ذكرهَا هُنَا ابْن الْأَثِير وَذكرهَا أَيْضا نَاقِلا من ( مُسْند أَحْمد) قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين مُحَمَّد بن عبد الله أبي الْبَقَاء الشبلي الْحَنَفِيّ، وَكفى بهما الِاعْتِمَاد على صِحَّتهَا، وَعدم اطلَاع هَذَا الْقَائِل لَا يدل على الْعَدَم..
وَقَالَ ابْن عبد الْبر: الطَّاعُون غُدَّة تخرج فِي المراق والآباط، وَقد تخرج فِي الْأَيْدِي والأصابع وَحَيْثُ شَاءَ الله تَعَالَى، وَقيل: الطَّاعُون انصبابُ الدَّم إِلَى عُضْو، وَقيل: هيجان الدَّم وانتفاخه،.
وَقَالَ الْمُتَوَلِي: وَهُوَ قريب من الجذام من أَصَابَهُ تآكلت أعضاؤه وتساقط لَحْمه..
وَقَالَ الْغَزالِيّ: هُوَ انتفاخ جَمِيع الْبدن من الدَّم مَعَ الْحمى، أَو انصبابُ الدَّم إِلَى بعض الْأَطْرَاف، فينتفخ ويحمر وَقد يذهب ذَلِك الْعُضْو..
وَقَالَ ابْن سينا: الطَّاعُون مَادَّة سميَّة تحدث ورماً قتالاً لَا يحدث إلاَّ فِي الْمَوَاضِع الرخوة والمغاير من الْبدن، وأغلب مَا يكون تَحت الْإِبِط أَو خلف الْأذن أَو عِنْد الأرنبة، قَالَ: وَسَببه دم رَدِيء مائل إِلَى العفونة وَالْفساد يَسْتَحِيل إِلَى جَوْهَر سمي يفْسد الْعُضْو ويغير مَا يَلِيهِ وَيُؤَدِّي إِلَى الْقلب كَيْفيَّة ردية فَيحدث الْقَيْء والغثيان والغشي والخفقان، وَهُوَ لرداءته لَا يقبل من الْأَعْضَاء إلاَّ مَا كَانَ أَضْعَف بالطبع، وأردؤه مَا يَقع فِي الْأَعْضَاء الرئيسة، وَالْأسود مِنْهُ قل من يسلم مِنْهُ، وأسلمه الْأَحْمَر ثمَّ الْأَصْفَر، فَإِن قلت إِن
الشَّارِع أخبر بِأَن الطَّاعُون من وخزالجن فبينه وَبَين مَا ذكر من الْأَقْوَال فِي تَفْسِير الطَّاعُون مُنَافَاة ظَاهرا أقلت: الْحق مَا قَالَه الشَّارِع، والأطباء تكلمُوا فِي ذَلِك على مَا افتضته قواعدهم، وَطعن الْجِنّ أَمر لَا يدْرك بِالْعقلِ فَلم يذكروه على أَنه يحْتَمل أَن تحدث هَذِه الْأَشْيَاء فِيمَن يطعن عِنْد وخز الْجِنّ، وَمِمَّا يُؤَيّد أَن الطَّاعُون من وخز الْجِنّ وُقُوعه غَالِبا فِي أعدل الْفُصُول وَفِي أصح الْبِلَاد هَوَاء وأطيبها مَاء، وَلَو كَانَ من فَسَاد الْهَوَاء لعم النَّاس الَّذين يَقع فيهم الطَّاعُون ولطعنت الْحَيَوَانَات أَيْضا.
[ قــ
:5420 ... غــ
:5728 ]
- حدّثنا حَفْصُ بن عُمَرَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبرنِي حَبيبُ بنُ أبي ثابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْرَاهيمَ بنَ سعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أُُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْداً عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنهُ قَالَ: إِذا سَمَعْتُمْ بالطَّاعُونِ بأرْضٍ فَلا تَدْخُلُوها وَإِذا وَقَعَ بأرْض وأنْتُمْ بِها فَلا تَخرُجُوا مِنْها، فَقُلْتُ: أنْتَ سَمِعْتَهُ يحدِّثُ سَعْداً وَلَا يُنْكِرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
( انْظُر الحَدِيث: 3473 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ مِمَّا ذكر فِي الطَّاعُون، وَسعد هُوَ ابْن أبي وَقاص أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الطِّبّ أَيْضا عَن وهب بن بَقِيَّة.
قَوْله ( يحدث سعد) أَي: وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور وَوَقع فِي رِوَايَة الْأَعْمَش عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن ابراهيم بن سعد عَن أُسَامَة بن زيد، وَسعد أخرجه مُسلم.
قَوْله: ( بِأَرْض) أَي: وَقع بِأَرْض.
قَوْله: ( وَأَنْتُم بهَا) جملَة حَالية قَوْله: ( فَقلت) الْقَائِل هُوَ حبيب بن أبي ثَابت يُخَاطب إِبْرَاهِيم بن سعد.
بقوله: ( أَنْت سمعته) يَعْنِي أُسَامَة بن زيد يحدث سَعْدا وَلَا يُنكر ذَلِك، ( قَالَ: نعم) .