هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5432 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ هَمَّامٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : العَيْنُ حَقٌّ وَنَهَى عَنِ الوَشْمِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5432 حدثنا إسحاق بن نصر ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : العين حق ونهى عن الوشم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) said, The effect of an evil eye is a fact. And he prohibited tattooing.

":"ہم سے اسحاق بن نصر نے بیان کیا ، کہا ہم سے عبدالرزاق نے بیان کیا ، ان سے معمر نے ، ان سے ہمام نے اور ان سے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا نظر بد لگناحق ہے اور آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے جسم پر گودنے سے منع فرمایا ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [5740] .

     قَوْلُهُ  الْعَيْنُ حَقٌّ وَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ لَمْ تَظْهَرِ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ فَكَأَنَّهُمَا حَدِيثَانِ مُسْتَقِلَّانِ وَلِهَذَا حَذَفَ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ رِوَايَتِهِمَا مَعَ أَنَّهُمَا أَخْرَجَاهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ جِهَتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكُهُمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحْدِثُ فِي الْعُضْوِ لَوْنًا غَيْرَ لَوْنِهِ الْأَصْلِيِّ وَالْوَشْمُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ أَنْ يَغْرِزَ إِبْرَةً أَوْ نَحْوَهَا فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْبَدَنِ حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ ثُمَّ يُحْشَى ذَلِكَ الْمَوْضِعُ بِالْكُحْلِ أَوْ نَحْوِهِ فَيَخْضَرُّ وَسَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِهِ فِي بَابِ الْمُسْتَوْشِمَةِ مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ اللِّبَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ ظَهَرَتْ لِي مُنَاسَبَةٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ لَمْ أَرَ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا وَهِيَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْبَاعِثِ عَلَى عَمَلِ الْوَشْمِ تَغَيُّرُ صِفَةِ الْمَوْشُومِ لِئَلَّا تُصِيبَهُ الْعَيْنُ فَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ مَعَ إِثْبَاتِ الْعَيْنِ وَأَنَّ التَّحَيُّلَ بِالْوَشْمِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يَسْتَنِدُ إِلَى تَعْلِيمِ الشَّارِعِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا وَأَنَّ الَّذِي قَدَّرَهُ الله سيقع وَأخرج مُسلم من حَدِيث بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقٌ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا فَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فَفِيهَا تَأْكِيدٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى سُرْعَةِ نُفُوذِهَا وَتَأْثِيرِهِ فِي الذَّاتِ وَفِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ أَنَّ قَوْلَهُ الْعَيْنُ حَقٌّ يُرِيدُ بِهِ الْقَدَرَ أَيِ الْعَيْنَ الَّتِي تَجْرِي مِنْهَا الْأَحْكَامُ فَإِنَّ عَيْنَ الشَّيْءِ حَقِيقَتُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي يُصِيبُ مِنَ الضَّرَرِ بِالْعَادَةِ عِنْدَ نَظَرِ النَّاظِرِ إِنَّمَا هُوَ بِقَدَرِ اللَّهِ السَّابِقِ لَا بِشَيْءٍ يُحْدِثُهُ النَّاظِرُ فِي الْمَنْظُورِ وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ الْحَدِيثَ ظَاهِرٌ فِي الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الْقَدَرِ وَبَيْنَ الْعَيْنِ وَإِنْ كُنَّا نَعْتَقِدُ أَنَّ الْعَيْنَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقْدُورِ لَكِنْ ظَاهِرُهُ إِثْبَاتُ الْعَيْنِ الَّتِي تُصِيبُ إِمَّا بِمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا مِنْ ذَلِكَ وَأَوْدَعَهُ فِيهَا وَإِمَّا بِإِجْرَاءِ الْعَادَةِ بِحُدُوثِ الضَّرَرِ عِنْدَ تَحْدِيدِ النَّظَرِ وَإِنَّمَا جَرَى الْحَدِيثُ مَجْرَى الْمُبَالَغَةِ فِي إِثْبَاتِ الْعَيْنِ لَا أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَرُدَّ الْقَدَرَ شَيْءٌإِذِ الْقَدَرُ عِبَارَةٌ عَنْ سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ وَهُوَ لَا رَادَّ لِأَمْرِهِ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ وَحَاصِلُهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ شَيْئًا لَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ يَسْبِقُ الْقَدَرَ لَكَانَ الْعَيْنُ لَكِنَّهَا لَا تُسْبَقُ فَكَيْفَ غَيْرُهَا وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَ قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ بِالْأَنْفُسِ قَالَ الرَّاوِي يَعْنِي بِالْعَيْنِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ فِي الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ الْقَدَرِ وَصِحَّةُ أَمْرِ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا قَوِيَّةُ الضَّرَرِ.

.
وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ أَمْرُ الْعَايِنِ بِالِاغْتِسَالِ عِنْدَ طَلَبِ الْمَعْيُونِ مِنْهُ ذَلِكَ فَفِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الِاغْتِسَالَ لِذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا بَيْنَهُمْ فَأَمَرَهُمُ إِنْ لَا يَمْتَنِعُوا مِنْهُ إِذَا أُرِيدَ مِنْهُمْ وَأَدْنَى مَا فِي ذَلِكَ رَفْعُ الْوَهْمِ الْحَاصِلِ فِي ذَلِكَ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ فِيهِ خِلَافًا وَصَحَّحَ الْوُجُوبَ.

     وَقَالَ  مَتَى خَشِيَ الْهَلَاكَ وَكَانَ اغْتِسَالُ الْعَائِنِ مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالشِّفَاءِ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَذْلِ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ وَهَذَا أَوْلَى وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ صِفَةَ الِاغْتِسَالِ وَقَدْ وَقَعَتْ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَاءٍ حَتَّى إِذَا كَانُوا بشعب الخرار مِنَ الْجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدٍ مُخَبَّأَةٍ فَلُبِطَ أَيْ صُرِعَ وَزْنًا وَمَعْنًى سَهْلٌ فَأَتَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلْ تَتَّهِمُونَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةٍ فَدَعَا عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَقَالَ عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ثُمَّ قَالَ اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةِ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ يَصُبُّ ذَلِكَ الْمَاءَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ ثُمَّ يُكْفَأُ الْقَدَحُ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ لَفْظُ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَفْظِ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ أَنَّهُ يَصُبُّ صَبَّةً عَلَى وَجْهِهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَعْضَائِهِ صَبَّةً صَبَّةً فِي الْقَدَحِ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ ثُمَّ يُكْفَأُ الْقَدَحُ وَرَاءَهُ عَلَى الأَرْض وَوَقع فِي رِوَايَة بن ماجة من طَرِيق بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ مَرَّ بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَمَرَ أَنْ يُكْفَأَ الْإِنَاءُ مِنْ خَلْفِهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ الْمُرَادُ بِدَاخِلَةِ الْإِزَارِ الطَّرَفُ الْمُتَدَلِّي الَّذِي يَلِي حَقْوَهُ الْأَيْمَنَ قَالَ فَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْفَرْجِ انْتَهَى وَزَادَ عِيَاضٌ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَلِي جَسَدَهُ مِنَ الْإِزَارِ وَقِيلَ أَرَادَ مَوْضِعَ الْإِزَارِ مِنَ الْجَسَدِ وَقِيلَ أَرَادَ وَرِكَهُ لِأَنَّهُ مَعْقِدٌ الْإِزَارَ وَالْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِيهِ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ اغْتَسَلَ سَهْلٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يَنْظُرُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدِ عَذْرَاءَ فَوُعِكَ سَهْلٌ مَكَانَهُ وَاشْتَدَّ وَعَكُهُ وَفِيهِ أَلَا بَرَّكْتَ إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ تَوَضَّأَ لَهُ فَتَوَضَّأَ لَهُ عَامِرٌ فَرَاحَ سَهْلٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ اقْتَصَرَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ عَلَى قَوْلِهِ الِاسْتِغْسَالُ أَنْ يُقَالَ لِلْعَائِنِ اغْسِلْ دَاخِلَةَ إِزَارِكَ مِمَّا يَلِي الْجِلْدَ فَإِذَا فَعَلَ صَبَّهُ عَلَى الْمَنْظُورِ إِلَيْهِ وَهَذَا يُوهِمُ الِاقْتِصَارَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ عَجِيبٌ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ نُقِلَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَلَامُ عِيَاضٍ بِطُولِهِ الثَّانِي قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ وَمَعْرِفَةُ وَجْهِهِ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ فَلَا يُرَدُّ لِكَوْنِهِ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ إِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ مُتَشَرِّعٌ قُلْنَا لَهُ قُلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ وَقَدْ عَضَّدَتْهُ التَّجْرِبَةُ وَصَدَّقَتْهُ الْمُعَايَنَةُ أَوْ مُتَفَلْسِفٌ فَالرَّدُّ عَلَيْهِ أَظْهَرُ لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ الْأَدْوِيَةَ تُفْعَلُ بِقُوَاهَا وَقَدْ تُفْعَلُ بِمَعْنًى لَا يُدْرَكُويسمون مَا هَذَا سَبيله الْخَواص.

     وَقَالَ  بن الْقَيِّمِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا مَنْ أَنْكَرَهَا وَلَا مَنْ سَخِرَ مِنْهَا وَلَا مَنْ شَكَّ فِيهَا أَوْ فَعَلَهَا مُجَرِّبًا غَيْرَ مُعْتَقِدٍ وَإِذَا كَانَ فِي الطَّبِيعَةِ خَوَاصُّ لَا يَعْرِفُ الْأَطِبَّاءُ عِلَلَهَا بَلْ هِيَ عِنْدَهُمْ خَارِجَةٌ عَنِ الْقِيَاسِ وَإِنَّمَا تُفْعَلُ بِالْخَاصِّيَّةِ فَمَا الَّذِي تُنْكِرُ جَهَلَتَهُمْ مِنَ الْخَوَاصِّ الشَّرْعِيَّةِ هَذَا مَعَ أَنَّ فِي الْمُعَالَجَةِ بِالِاغْتِسَالِ مُنَاسَبَةً لَا تَأْبَاهَا الْعُقُولُ الصَّحِيحَةُ فَهَذَا تِرْيَاقُ سُمِّ الْحَيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْ لَحْمِهَا وَهَذَا عِلَاجُ النَّفْسِ الْغَضَبِيَّةِ تُوضَعُ الْيَدُ عَلَى بَدَنِ الْغَضْبَانِ فَيَسْكُنُ فَكَانَ أَثَرُ تِلْكَ الْعَيْنِ كَشُعْلَةِ نَارٍ وَقَعَتْ عَلَى جَسَدٍ فَفِي الِاغْتِسَالِ إِطْفَاءٌ لِتِلْكَ الشُّعْلَةِ ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ الْخَبِيثَةُ تَظْهَرُ فِي الْمَوَاضِعِ الرَّقِيقَةِ مِنَ الْجَسَدِ لِشِدَّةِ النُّفُوذِ فِيهَا وَلَا شَيْءَ أَرَقَّ مِنَ الْمَغَابِنِ فَكَانَ فِي غَسْلِهَا إِبْطَالٌ لِعَمَلِهَا وَلَا سِيَّمَا أَنَّ لِلْأَرْوَاحِ الشَّيْطَانِيَّةِ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ اخْتِصَاصًا وَفِيهِ أَيْضًا وُصُولُ أَثَرِ الْغَسْلِ إِلَى الْقَلْبِ مِنْ أَرَقِّ الْمَوَاضِعِ وَأَسْرَعِهَا نَفَاذًا فَتَنْطَفِئُ تِلْكَ النَّارُ الَّتِي أَثَارَتْهَا الْعَيْنُ بِهَذَا الْمَاءِ الثَّالِثُ هَذَا الْغَسْلُ يَنْفَعُ بَعْدَ اسْتِحْكَامِ النَّظْرَةِ فَأَمَّا عِنْدَ الْإِصَابَةِ وَقَبْلَ الِاسْتِحْكَامِ فَقَدْ أَرْشَدَ الشَّارِعُ إِلَى مَا يَدْفَعُهُ بِقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْمَذْكُورَةِ كَمَا مضى أَلا بَركت عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَة بن ماجة فَليدع بِالْبركَةِ وَمثله عِنْد بن السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَخْرَجَ الْبَزَّار وبن السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَفَعَهُ مَنْ رَأَى شَيْئًا فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ لَمْ يَضُرَّهُ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا أَنَّ الْعَائِنَ إِذَا عُرِفَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالِاغْتِسَالِ وَأَنَّ الِاغْتِسَالَ مِنَ النَّشْرَةِ النَّافِعَةِ وَأَنَّ الْعَيْنَ تَكُونُ مَعَ الْإِعْجَابِ وَلَوْ بِغَيْرِ حَسَدٍ وَلَوْ مِنَ الرَّجُلِ الْمُحِبِّ وَمِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَأَنَّ الَّذِي يُعْجِبُهُ الشَّيْءُ يَنْبَغِي أَنْ يُبَادِرَ إِلَى الدُّعَاءِ لِلَّذِي يُعْجِبُهُ بِالْبَرَكَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ رُقْيَةً مِنْهُ وَأَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ طَاهِرٌ وَفِيهِ جَوَازُ الِاغْتِسَالِ بِالْفَضَاءِ وَأَنَّ الْإِصَابَةَ بِالْعينِ قد تقتل وقداختلف فِي جَرَيَانِ الْقِصَاصِ بِذَلِكَ فَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَوْ أَتْلَفَ الْعَائِنُ شَيْئًا ضَمِنَهُ وَلَوْ قَتَلَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ إِذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ عَادَةً وَهُوَ فِي ذَلِكَ كَالسَّاحِرِ عِنْدَ مَنْ لَا يَقْتُلُهُ كُفْرًا انْتَهَى وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الشَّافِعِيَّةُ لِلْقِصَاصِ فِي ذَلِكَ بَلْ مَنَعُوهُ وَقَالُوا إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ غَالِبًا وَلَا يُعَدُّ مُهْلِكًا.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا دِيَةَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّ الْحُكْمَ إِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مُنْضَبِطٍ عَامٍّ دُونَ مَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِ النَّاسِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ مِمَّا لَا انْضِبَاطَ لَهُ كَيْفَ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ فِعْلٌ أَصْلًا وَإِنَّمَا غَايَتُهُ حَسَدٌ وَتَمَنٍّ لِزَوَالِ نِعْمَةٍ وَأَيْضًا فَالَّذِي يَنْشَأُ عَنِ الْإِصَابَةِ بِالْعَيْنِ حُصُولُ مَكْرُوهٍ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْمَكْرُوهُ فِي زَوَالِ الْحَيَاةِ فَقَدْ يَحْصُلُ لَهُ مَكْرُوهٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَثَرِ الْعَيْنِ اه وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا الْحُكْمُ بِقَتْلِ السَّاحِرِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَاهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِيهِ عُسْرٌ وَنَقَلَ بن بَطَّالٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ مَنْعُ الْعَائِنِ إِذَا عُرِفَ بِذَلِكَ مِنْ مُدَاخَلَةِ النَّاسِ وَأَنْ يَلْزَمَ بَيْتَهُ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا رَزَقَهُ مَا يَقُومُ بِهِ فَإِنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الْمَجْذُومِ الَّذِي أَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَنْعِهِ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاضِحًا فِي بَابِهِ وَأَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الثُّومِ الَّذِي مَنَعَ الشَّارِعُ آكِلَهُ مِنْ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ صَحِيحٌ مُتَعَيِّنٌ لَا يُعْرَفُ عَنْ غَيْرِهِ تَصْرِيحٌ بِخِلَافِهِ( قَولُهُ بَابُ رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ) أَيْ مَشْرُوعِيَّةُ ذَلِكَ وَأَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ الْبَابِ عَلَى مَا سَأَذْكُرُهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْعَيْنِ حَقٌّ)
أَيِ الْإِصَابَةُ بِالْعَيْنِ شَيْءٌ ثَابِتٌ مَوْجُودٌ أَوْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَحَقَّقَ كَوْنُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ أَخَذَ الْجُمْهُورُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَأَنْكَرَهُ طَوَائِفُ الْمُبْتَدِعَةِ لِغَيْرِ مَعْنًى لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَيْسَ مُحَالًا فِي نَفْسِهِ وَلَا يُؤَدِّي إِلَى قَلْبِ حَقِيقَةٍ وَلَا إِفْسَادِ دَلِيلٍ فَهُوَ مِنْ مُتَجَاوِزَاتِ الْعُقُولِ فَإِذَا أَخْبَرَ الشَّرْعُ بِوُقُوعِهِ لَمْ يَكُنْ لِإِنْكَارِهِ مَعْنًى وَهَلْ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَ إِنْكَارِهِمْ هَذَا وَإِنْكَارِهِمْ مَا يخبر بِهِ من أُمُور الْآخِرَة

[ قــ :5432 ... غــ :5740] .

     قَوْلُهُ  الْعَيْنُ حَقٌّ وَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ لَمْ تَظْهَرِ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ فَكَأَنَّهُمَا حَدِيثَانِ مُسْتَقِلَّانِ وَلِهَذَا حَذَفَ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ رِوَايَتِهِمَا مَعَ أَنَّهُمَا أَخْرَجَاهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ جِهَتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكُهُمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحْدِثُ فِي الْعُضْوِ لَوْنًا غَيْرَ لَوْنِهِ الْأَصْلِيِّ وَالْوَشْمُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ أَنْ يَغْرِزَ إِبْرَةً أَوْ نَحْوَهَا فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْبَدَنِ حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ ثُمَّ يُحْشَى ذَلِكَ الْمَوْضِعُ بِالْكُحْلِ أَوْ نَحْوِهِ فَيَخْضَرُّ وَسَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِهِ فِي بَابِ الْمُسْتَوْشِمَةِ مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ اللِّبَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ ظَهَرَتْ لِي مُنَاسَبَةٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ لَمْ أَرَ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا وَهِيَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْبَاعِثِ عَلَى عَمَلِ الْوَشْمِ تَغَيُّرُ صِفَةِ الْمَوْشُومِ لِئَلَّا تُصِيبَهُ الْعَيْنُ فَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ مَعَ إِثْبَاتِ الْعَيْنِ وَأَنَّ التَّحَيُّلَ بِالْوَشْمِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يَسْتَنِدُ إِلَى تَعْلِيمِ الشَّارِعِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا وَأَنَّ الَّذِي قَدَّرَهُ الله سيقع وَأخرج مُسلم من حَدِيث بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقٌ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا فَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فَفِيهَا تَأْكِيدٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى سُرْعَةِ نُفُوذِهَا وَتَأْثِيرِهِ فِي الذَّاتِ وَفِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ أَنَّ قَوْلَهُ الْعَيْنُ حَقٌّ يُرِيدُ بِهِ الْقَدَرَ أَيِ الْعَيْنَ الَّتِي تَجْرِي مِنْهَا الْأَحْكَامُ فَإِنَّ عَيْنَ الشَّيْءِ حَقِيقَتُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي يُصِيبُ مِنَ الضَّرَرِ بِالْعَادَةِ عِنْدَ نَظَرِ النَّاظِرِ إِنَّمَا هُوَ بِقَدَرِ اللَّهِ السَّابِقِ لَا بِشَيْءٍ يُحْدِثُهُ النَّاظِرُ فِي الْمَنْظُورِ وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ الْحَدِيثَ ظَاهِرٌ فِي الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الْقَدَرِ وَبَيْنَ الْعَيْنِ وَإِنْ كُنَّا نَعْتَقِدُ أَنَّ الْعَيْنَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقْدُورِ لَكِنْ ظَاهِرُهُ إِثْبَاتُ الْعَيْنِ الَّتِي تُصِيبُ إِمَّا بِمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا مِنْ ذَلِكَ وَأَوْدَعَهُ فِيهَا وَإِمَّا بِإِجْرَاءِ الْعَادَةِ بِحُدُوثِ الضَّرَرِ عِنْدَ تَحْدِيدِ النَّظَرِ وَإِنَّمَا جَرَى الْحَدِيثُ مَجْرَى الْمُبَالَغَةِ فِي إِثْبَاتِ الْعَيْنِ لَا أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَرُدَّ الْقَدَرَ شَيْءٌ إِذِ الْقَدَرُ عِبَارَةٌ عَنْ سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ وَهُوَ لَا رَادَّ لِأَمْرِهِ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ وَحَاصِلُهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ شَيْئًا لَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ يَسْبِقُ الْقَدَرَ لَكَانَ الْعَيْنُ لَكِنَّهَا لَا تُسْبَقُ فَكَيْفَ غَيْرُهَا وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَ قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ بِالْأَنْفُسِ قَالَ الرَّاوِي يَعْنِي بِالْعَيْنِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ فِي الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ الْقَدَرِ وَصِحَّةُ أَمْرِ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا قَوِيَّةُ الضَّرَرِ.

.
وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ أَمْرُ الْعَايِنِ بِالِاغْتِسَالِ عِنْدَ طَلَبِ الْمَعْيُونِ مِنْهُ ذَلِكَ فَفِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الِاغْتِسَالَ لِذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا بَيْنَهُمْ فَأَمَرَهُمُ إِنْ لَا يَمْتَنِعُوا مِنْهُ إِذَا أُرِيدَ مِنْهُمْ وَأَدْنَى مَا فِي ذَلِكَ رَفْعُ الْوَهْمِ الْحَاصِلِ فِي ذَلِكَ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ فِيهِ خِلَافًا وَصَحَّحَ الْوُجُوبَ.

     وَقَالَ  مَتَى خَشِيَ الْهَلَاكَ وَكَانَ اغْتِسَالُ الْعَائِنِ مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالشِّفَاءِ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَذْلِ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ وَهَذَا أَوْلَى وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ صِفَةَ الِاغْتِسَالِ وَقَدْ وَقَعَتْ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَاءٍ حَتَّى إِذَا كَانُوا بشعب الخرار مِنَ الْجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدٍ مُخَبَّأَةٍ فَلُبِطَ أَيْ صُرِعَ وَزْنًا وَمَعْنًى سَهْلٌ فَأَتَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلْ تَتَّهِمُونَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةٍ فَدَعَا عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَقَالَ عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ثُمَّ قَالَ اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةِ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ يَصُبُّ ذَلِكَ الْمَاءَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ ثُمَّ يُكْفَأُ الْقَدَحُ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ لَفْظُ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَفْظِ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ أَنَّهُ يَصُبُّ صَبَّةً عَلَى وَجْهِهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَعْضَائِهِ صَبَّةً صَبَّةً فِي الْقَدَحِ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ ثُمَّ يُكْفَأُ الْقَدَحُ وَرَاءَهُ عَلَى الأَرْض وَوَقع فِي رِوَايَة بن ماجة من طَرِيق بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ مَرَّ بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَمَرَ أَنْ يُكْفَأَ الْإِنَاءُ مِنْ خَلْفِهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ الْمُرَادُ بِدَاخِلَةِ الْإِزَارِ الطَّرَفُ الْمُتَدَلِّي الَّذِي يَلِي حَقْوَهُ الْأَيْمَنَ قَالَ فَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْفَرْجِ انْتَهَى وَزَادَ عِيَاضٌ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَلِي جَسَدَهُ مِنَ الْإِزَارِ وَقِيلَ أَرَادَ مَوْضِعَ الْإِزَارِ مِنَ الْجَسَدِ وَقِيلَ أَرَادَ وَرِكَهُ لِأَنَّهُ مَعْقِدٌ الْإِزَارَ وَالْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِيهِ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ اغْتَسَلَ سَهْلٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يَنْظُرُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدِ عَذْرَاءَ فَوُعِكَ سَهْلٌ مَكَانَهُ وَاشْتَدَّ وَعَكُهُ وَفِيهِ أَلَا بَرَّكْتَ إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ تَوَضَّأَ لَهُ فَتَوَضَّأَ لَهُ عَامِرٌ فَرَاحَ سَهْلٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ اقْتَصَرَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ عَلَى قَوْلِهِ الِاسْتِغْسَالُ أَنْ يُقَالَ لِلْعَائِنِ اغْسِلْ دَاخِلَةَ إِزَارِكَ مِمَّا يَلِي الْجِلْدَ فَإِذَا فَعَلَ صَبَّهُ عَلَى الْمَنْظُورِ إِلَيْهِ وَهَذَا يُوهِمُ الِاقْتِصَارَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ عَجِيبٌ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ نُقِلَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَلَامُ عِيَاضٍ بِطُولِهِ الثَّانِي قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ وَمَعْرِفَةُ وَجْهِهِ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ فَلَا يُرَدُّ لِكَوْنِهِ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ إِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ مُتَشَرِّعٌ قُلْنَا لَهُ قُلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ وَقَدْ عَضَّدَتْهُ التَّجْرِبَةُ وَصَدَّقَتْهُ الْمُعَايَنَةُ أَوْ مُتَفَلْسِفٌ فَالرَّدُّ عَلَيْهِ أَظْهَرُ لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ الْأَدْوِيَةَ تُفْعَلُ بِقُوَاهَا وَقَدْ تُفْعَلُ بِمَعْنًى لَا يُدْرَكُ ويسمون مَا هَذَا سَبيله الْخَواص.

     وَقَالَ  بن الْقَيِّمِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا مَنْ أَنْكَرَهَا وَلَا مَنْ سَخِرَ مِنْهَا وَلَا مَنْ شَكَّ فِيهَا أَوْ فَعَلَهَا مُجَرِّبًا غَيْرَ مُعْتَقِدٍ وَإِذَا كَانَ فِي الطَّبِيعَةِ خَوَاصُّ لَا يَعْرِفُ الْأَطِبَّاءُ عِلَلَهَا بَلْ هِيَ عِنْدَهُمْ خَارِجَةٌ عَنِ الْقِيَاسِ وَإِنَّمَا تُفْعَلُ بِالْخَاصِّيَّةِ فَمَا الَّذِي تُنْكِرُ جَهَلَتَهُمْ مِنَ الْخَوَاصِّ الشَّرْعِيَّةِ هَذَا مَعَ أَنَّ فِي الْمُعَالَجَةِ بِالِاغْتِسَالِ مُنَاسَبَةً لَا تَأْبَاهَا الْعُقُولُ الصَّحِيحَةُ فَهَذَا تِرْيَاقُ سُمِّ الْحَيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْ لَحْمِهَا وَهَذَا عِلَاجُ النَّفْسِ الْغَضَبِيَّةِ تُوضَعُ الْيَدُ عَلَى بَدَنِ الْغَضْبَانِ فَيَسْكُنُ فَكَانَ أَثَرُ تِلْكَ الْعَيْنِ كَشُعْلَةِ نَارٍ وَقَعَتْ عَلَى جَسَدٍ فَفِي الِاغْتِسَالِ إِطْفَاءٌ لِتِلْكَ الشُّعْلَةِ ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ الْخَبِيثَةُ تَظْهَرُ فِي الْمَوَاضِعِ الرَّقِيقَةِ مِنَ الْجَسَدِ لِشِدَّةِ النُّفُوذِ فِيهَا وَلَا شَيْءَ أَرَقَّ مِنَ الْمَغَابِنِ فَكَانَ فِي غَسْلِهَا إِبْطَالٌ لِعَمَلِهَا وَلَا سِيَّمَا أَنَّ لِلْأَرْوَاحِ الشَّيْطَانِيَّةِ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ اخْتِصَاصًا وَفِيهِ أَيْضًا وُصُولُ أَثَرِ الْغَسْلِ إِلَى الْقَلْبِ مِنْ أَرَقِّ الْمَوَاضِعِ وَأَسْرَعِهَا نَفَاذًا فَتَنْطَفِئُ تِلْكَ النَّارُ الَّتِي أَثَارَتْهَا الْعَيْنُ بِهَذَا الْمَاءِ الثَّالِثُ هَذَا الْغَسْلُ يَنْفَعُ بَعْدَ اسْتِحْكَامِ النَّظْرَةِ فَأَمَّا عِنْدَ الْإِصَابَةِ وَقَبْلَ الِاسْتِحْكَامِ فَقَدْ أَرْشَدَ الشَّارِعُ إِلَى مَا يَدْفَعُهُ بِقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْمَذْكُورَةِ كَمَا مضى أَلا بَركت عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَة بن ماجة فَليدع بِالْبركَةِ وَمثله عِنْد بن السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَخْرَجَ الْبَزَّار وبن السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَفَعَهُ مَنْ رَأَى شَيْئًا فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ لَمْ يَضُرَّهُ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا أَنَّ الْعَائِنَ إِذَا عُرِفَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالِاغْتِسَالِ وَأَنَّ الِاغْتِسَالَ مِنَ النَّشْرَةِ النَّافِعَةِ وَأَنَّ الْعَيْنَ تَكُونُ مَعَ الْإِعْجَابِ وَلَوْ بِغَيْرِ حَسَدٍ وَلَوْ مِنَ الرَّجُلِ الْمُحِبِّ وَمِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَأَنَّ الَّذِي يُعْجِبُهُ الشَّيْءُ يَنْبَغِي أَنْ يُبَادِرَ إِلَى الدُّعَاءِ لِلَّذِي يُعْجِبُهُ بِالْبَرَكَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ رُقْيَةً مِنْهُ وَأَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ طَاهِرٌ وَفِيهِ جَوَازُ الِاغْتِسَالِ بِالْفَضَاءِ وَأَنَّ الْإِصَابَةَ بِالْعينِ قد تقتل وقداختلف فِي جَرَيَانِ الْقِصَاصِ بِذَلِكَ فَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَوْ أَتْلَفَ الْعَائِنُ شَيْئًا ضَمِنَهُ وَلَوْ قَتَلَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ إِذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ عَادَةً وَهُوَ فِي ذَلِكَ كَالسَّاحِرِ عِنْدَ مَنْ لَا يَقْتُلُهُ كُفْرًا انْتَهَى وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الشَّافِعِيَّةُ لِلْقِصَاصِ فِي ذَلِكَ بَلْ مَنَعُوهُ وَقَالُوا إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ غَالِبًا وَلَا يُعَدُّ مُهْلِكًا.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا دِيَةَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّ الْحُكْمَ إِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مُنْضَبِطٍ عَامٍّ دُونَ مَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِ النَّاسِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ مِمَّا لَا انْضِبَاطَ لَهُ كَيْفَ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ فِعْلٌ أَصْلًا وَإِنَّمَا غَايَتُهُ حَسَدٌ وَتَمَنٍّ لِزَوَالِ نِعْمَةٍ وَأَيْضًا فَالَّذِي يَنْشَأُ عَنِ الْإِصَابَةِ بِالْعَيْنِ حُصُولُ مَكْرُوهٍ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْمَكْرُوهُ فِي زَوَالِ الْحَيَاةِ فَقَدْ يَحْصُلُ لَهُ مَكْرُوهٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَثَرِ الْعَيْنِ اه وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا الْحُكْمُ بِقَتْلِ السَّاحِرِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَاهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِيهِ عُسْرٌ وَنَقَلَ بن بَطَّالٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ مَنْعُ الْعَائِنِ إِذَا عُرِفَ بِذَلِكَ مِنْ مُدَاخَلَةِ النَّاسِ وَأَنْ يَلْزَمَ بَيْتَهُ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا رَزَقَهُ مَا يَقُومُ بِهِ فَإِنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الْمَجْذُومِ الَّذِي أَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَنْعِهِ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاضِحًا فِي بَابِهِ وَأَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الثُّومِ الَّذِي مَنَعَ الشَّارِعُ آكِلَهُ مِنْ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ صَحِيحٌ مُتَعَيِّنٌ لَا يُعْرَفُ عَنْ غَيْرِهِ تَصْرِيحٌ بِخِلَافِهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْعَيْنُ حَقٌّ
هذا ( باب) بالتنوين ( العين حق) أي الإصابة بها من جملة ما تحقق من كونه لها تأثير في النفوس.


[ قــ :5432 ... غــ : 5740 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْعَيْنُ حَقٌّ» وَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولغير أبي ذر: بالجمع ( إسحاق بن نصر) هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر الساعدي قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا ( عبد الرزاق) بن همام ( عن معمر) هو ابن راشد ( عن همام) هو ابن منبه ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( العين حق) أي الإصابة بها ثابتة موجودة، وزاد مسلم من حديث ابن عباس ولو كان شيء
سابق القدر لسبقته العين وهي كالمؤكدة لقوله: العين حق وفيها تنبيه على سرعة نفوذها وتأثيرها في الذات، والمعنى لو فرض أن شيئًا له قوّة بحيث يسبق القدر كان العين لكنها لا تسبق فكيف غيرها، وفي الحديث ردّ على طائفة من المبتدعة حيث أنكروا إصابة العين والدليل على فساد قولهم أن كل معنى لا يؤدي إلى قلب حقيقة ولا فساد دليل فإنه من مجوّزات العقول فإذا أخبر الشارع بوقوعه وجب اعتقاده ولا يجوز تكذيبه، واختلف في القصاص فقال القرطبي: لو أتلف العائن شيئًا ضمنه ولو قتل فعليه القصاص أو الدّية إذا تكرر ذلك منه بحيث يصير عادة كالساحر عند من لا يقتله كفرًا.
وقال الشافعي: لا قصاص ولا دية ولا كفارة لأنه لا يقتل غالبًا ولا يعدّ مهلكًا ولأن الحكم إنما يترتب على منضبط عام دون ما يختص ببعض الناس وبعض الأحوال مما لا ضبط فيه كيف ولم يقع منه فعل أصلاً اهـ.

وفي حديث أنس رفعه "من رأى شيئًا فأعجبه فقال: ما شاء الله لا قوّة إلا بالله لم يضره".
رواه البزار وابن السني.

( ونهى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهي تحريم ( عن الوشم) بفتح الواو وسكون المعجمة وهو أن يغرز إبرة أو نحوها في موضع من البدن حتى يسيل الدم ثم يحشى ذلك الموضع بالكحل ونحوه فيخضر وقال العيني: الظاهر أن قومًا سألوه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن العين وقومًا عن الوشم في مجلس واحد فأجابهما لذلك، ويأتي إن شاء الله تعالى حكم الوشم في أواخر كتاب اللباس بعون الله وقوته.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في اللباس ومسلم في الأدب وأبو داود في الطب.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ العَيْنُ حَقٌّ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ الْعين حق أَي: الْإِصَابَة بِالْعينِ ثَابِتَة مَوْجُودَة، وَلها تَأْثِير فِي النُّفُوس، وَأنكر طَائِفَة من الطبايعين الْعين وَأَنه لَا شَيْء إلاَّ مَا تُدْرِكهُ الْحَواس الْخمس وَمَا عَداهَا فَلَا حَقِيقَة لَهُ.
والْحَدِيث يرد عَلَيْهِم، وروى مُسلم من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَفعه: الْعين حق وَلَو كَانَ شَيْء سَابق الْقدر سبقته الْعين، وَإِذا استغسلتم فَاغْسِلُوا، وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: كَانَ يُؤمر العائن فيتوضأ ثمَّ يغْتَسل مِنْهُ الْمعِين، وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث عَامر بن ربيعَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا رأى أحدكُم من نَفسه أَو مَاله أَو أَخِيه شَيْئا يُعجبهُ فَليدع بِالْبركَةِ، فَإِن الْعين حق، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أَسمَاء بنت عُمَيْس أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله! إِن ولد جَعْفَر تسرع إِلَيْهِم الْعين أَو نسترقي لَهُم؟ قَالَ: نعم، فَإِنَّهُ لَو كَانَ شَيْء سَابق الْقدر لسبقته الْعين، وَفِي كتاب ابْن أبي عَاصِم من طَرِيق صعصعة: أَكثر مَا يحْفر لأمتي من الْقُبُور الْعين،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر.
قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: علام يقتل أحدكُم أَخَاهُ؟ دَلِيل على أَن الْعين رُبمَا قتلت، وَكَانَت سَببا من أَسبابُُ الْمنية وَقَوله: ( وَلَو كَانَ شَيْء يسْبق الْقدر لسبقته الْعين) دَلِيل على أَن الْمَرْء لَا يُصِيبهُ إلاَّ مَا قدر لَهُ، وَأَن الْعين لَا تسبق الْقدر وَلكنهَا من الْقدر، قَوْله: فَليدع بِالْبركَةِ، فِيهِ دَلِيل على أَن الْعين لَا تضر وَلَا تعدو إِذا برك العائن فَوَاجِب على كل من أعجبه شَيْء أَن يبرك فَإِنَّهُ إِذا دَعَا بِالْبركَةِ صرف الْمَحْذُور لَا محَالة، والتبريك أَن يَقُول: تبَارك الله أحسن الْخَالِقِينَ، اللَّهُمَّ بَارك فِيهِ، وَيُؤمر العائن بالاغتسال وَيجْبر إِن أَبى، لِأَن الْأَمر حَقِيقَة للْوُجُوب وَلَا يَنْبَغِي لأحد أَن يمْنَع أَخَاهُ مَا ينْتَفع بِهِ أَخُوهُ وَلَا يضرّهُ هُوَ لاسيما إِذا كَانَ سَببه، وَهُوَ الْجَانِي عَلَيْهِ، والاغتسال هُوَ أَن يغسل وَجهه وَيَديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجلَيْهِ وداخلة إزَاره فِي قدح ثمَّ صب عَلَيْهِ، ويروى: وَيَديه إِلَى الْمرْفقين والركبتين،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: وَأحسن شَيْء فِي تَفْسِير الِاغْتِسَال مَا وَصفه الزُّهْرِيّ رَاوِي الحَدِيث الَّذِي عِنْد مُسلم: يُؤْتى بقدح من مَاء ثمَّ يصب بِيَدِهِ الْيُسْرَى على كَفه الْيُمْنَى، ثمَّ بكفه الْيُمْنَى على كَفه الْيُسْرَى ثمَّ يدْخل يَده الْيُسْرَى فَيصب بهَا على مرفق يَده الْيُمْنَى ثمَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى على مرفق يَده الْيُسْرَى، ثمَّ يغسل قدمه الْيُمْنَى ثمَّ يدْخل الْيُمْنَى فَيغسل قدمه الْيُسْرَى، ثمَّ يدْخل يَده الْيُمْنَى فَيغسل الرُّكْبَتَيْنِ، ثمَّ يَأْخُذ دَاخِلَة إزَاره فَيصب على رَأسه صبة وَاحِدَة وَلَا يضع الْقدَم حَتَّى يفرغ، وَأَن يصب من خَلفه صبة وَاحِدَة يجْرِي على جسده، وَلَا يوضع الْقدح فِي الأَرْض، وَيغسل أَطْرَافه وركبتيه وداخلة إزَاره فِي الْقدح.
قَالَ النَّوَوِيّ: وَلَا يوضع الْقدح فِي الأَرْض وَلَا يغسل مَا بَين الْمرْفقين وَالْكَفَّيْنِ، وَاخْتلفُوا فِي دَاخِلَة إزَاره، فَقيل: هُوَ الطّرف المتدلى الَّذِي يَلِي حقوه الْأَيْمن، وَقيل: دَاخِلَة الْإِزَار هِيَ المئزر، وَالْمرَاد بداخلته مَا يَلِي الْجَسَد مِنْهُ، وَقيل: المُرَاد مَوْضِعه من الْجَسَد، وَقيل: مذاكره، وَقيل: المُرَاد وركه إِذْ هُوَ معقد الْإِزَار، قَالَ عِيَاض: قَالَ بعض الْعلمَاء يَنْبَغِي إِذا عرف وَاحِد بالإصابة بِالْعينِ أَن يتَجَنَّب ويحترز مِنْهُ، وَيَنْبَغِي للْإِمَام مَنعه من مداخلته النَّاس وَيلْزمهُ بِلُزُوم بَيته، وَإِن كَانَ فَقِيرا رزقه مَا يَكْفِيهِ فضرره أَكثر من آكل الثوم والبصل الَّذِي مَنعه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دُخُول الْمَسْجِد لِئَلَّا يُؤْذِي النَّاس، وَمن ضَرَر المجذوم الَّذِي مَنعه عمر، رَضِي الله عَنهُ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: لَو انْتَهَت إِصَابَة الْعين إِلَى أَن يعرف بذلك وَيعلم من حَاله أَنه كلما تكلم بِشَيْء مُعظما لَهُ أَو مُتَعَجِّبا مِنْهُ أُصِيب ذَلِك الشَّيْء، وتكرر ذَلِك بِحَيْثُ يصير ذَلِك عَادَة فَمَا أتْلفه بِعَيْنِه غرمه وَإِن قتل أحدا بِعَيْنِه عَامِدًا لقَتله قتل بِهِ كالساحر الْقَاتِل بسحره عِنْد من لَا يقْتله كفرا، وَأما عندنَا فَيقْتل على كل حَال، قتل بسحره أَو لَا لِأَنَّهُ كالزنديق.



[ قــ :5432 ... غــ :5740 ]
- حدّثنا إسحاقُ بنُ نَصْرٍ حدَّثنا عبْدُ الرَّزَّاقِ عنْ مَعْمَرٍ عنْ هَمَّامٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: العَيْنُ حَقٌّ وَنَهَى عنِ الوشْمِ.
( انْظُر الحَدِيث: 5740 طرفه فِي: 5944) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَإِسْحَاق بن نصر هُوَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نصر السَّعْدِيّ البُخَارِيّ كَانَ ينزل بِالْمَدِينَةِ بِبابُُ بني سعد، وَعبد الرَّزَّاق بن همام، وَمعمر بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد، وَهَمَّام بتَشْديد الْمِيم ابْن مُنَبّه الْأَنْبَارِي الصَّنْعَانِيّ أَخُو وهب بن مُنَبّه.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن يحيى وَأخرجه مُسلم فِي الطِّبّ عَن مُحَمَّد بن رَافع.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل، وَلم يذكر الوشم.

قَوْله: ( الْعين حق) مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.
قَوْله: ( وَنهى) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الوشم بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَهُوَ غرز بالإبرة فِي الْعُضْو ثمَّ التحشية بالكحل فيخضر.

     وَقَالَ  بَعضهم لم تظهر الْمُنَاسبَة بَين هَاتين الجملتين فكأنهما حديثان مستقلان، وَلِهَذَا حذف مُسلم وَأَبُو دَاوُد الْجُمْلَة الثَّانِيَة من روايتيهما مَعَ أَنَّهُمَا أَخْرجَاهُ من رِوَايَة عبد الرَّزَّاق الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ، وَيحْتَمل أَن يُقَال: الْمُنَاسبَة بَينهمَا اشتراكهما فِي أَن كلاًّ مِنْهُمَا يحدث فِي الْعُضْو لوناً غير لَونه الْأَصْلِيّ.
قلت: فِي كُله نظر أما قَوْله: فكأنهما حديثان مستقلان، زعم بِالظَّنِّ والتخمين أَن الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا، واستدلاله على هَذَا الظَّن بِعَدَمِ إِخْرَاج مُسلم وَأبي دَاوُد الْجُمْلَة الثَّانِيَة اسْتِدْلَال فَاسد، لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ نِسْبَة رِوَايَة البُخَارِيّ إِلَى زِيَادَة لم يقلها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الحَدِيث، وَنسبَة مُسلم وَأبي دَاوُد إِلَى نقص شَيْء مِنْهُ قَالَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بل هَذَا حَدِيث مُسْتَقل كَمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ، والاقتصار فِي رِوَايَة مُسلم وَأبي دَاوُد من الروَاة.
وَأما قَوْله: ( وَيحْتَمل أَن يُقَال) إِلَى آخِره، احْتِمَال بعيد لِأَن دَعْوَاهُ الْمُنَاسبَة بَين الجملتين بالاشتراك غير مطردَة لِأَن إِحْدَاث الْعين اللَّوْن غير اللَّوْن الْأَصْلِيّ غير مَقْصُور على عُضْو، بل إحداثها يعم الْبدن كُله، وَالْوَجْه فِي الْمُنَاسبَة بَين الجملتين أَن يُقَال: الظَّاهِر أَن قوما سَأَلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعين، وقوماً آخَرين سَأَلُوهُ عَن الوشم، فِي مجْلِس وَاحِد، فَأجَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمن سَأَلَهُ عَن الْعين بقوله: الْعين حق، وَنهى عَن الوشم تَنْبِيها لمن سَأَلَهُ عَنهُ بِأَنَّهُ: لَا يجوز، فَحصل الجوابان فِي مجْلِس وَاحِد، وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة بالجملتين، وَيحْتَمل أَن يكون أَبُو هُرَيْرَة سمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: الْعين حق، وَحضر فِي مجْلِس آخر سَأَلُوهُ عَن الوشم فَنهى عَنهُ، ثمَّ إِن أَبَا هُرَيْرَة رَوَاهُ عِنْد رِوَايَته بِالْجمعِ بَينهمَا لكَونه سُئِلَ: هَل لَهُ علم من الْعين والوشم؟ فَقَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْعين حق وَنهى عَن الوشم.