5649 حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : الوَلِيدُ بْنُ عَيْزَارٍ ، أَخْبَرَنِي قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ ، يَقُولُ : أَخْبَرَنَا - صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى دَارِ - عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : بِرُّ الوَالِدَيْنِ قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي بِهِنَّ ، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي |
Narrated Al-Walid bin 'Aizar:
I heard Abi `Amr 'Ash-Shaibani saying, The owner of this house. he pointed to `Abdullah's house, said, 'I asked the Prophet (ﷺ) 'Which deed is loved most by Allah? He replied, 'To offer prayers at their early (very first) stated times.' `Abdullah asked, What is the next (in goodness)? The Prophet (ﷺ) said, To be good and dutiful to one's parents, `Abdullah asked, What is the next (in goodness)? The Prophet said, To participate in Jihad for Allah's Cause. `Abdullah added, The Prophet (ﷺ) narrated to me these three things, and if I had asked more, he would have told me more.
":"ہم سے ابو الولید ہشام نے بیان کیا ، کہا ہم سے شعبہ نے ، انہوں نے کہا کہ مجھے ولید بن عیزار نے خبر دی ، کہا کہ میں نے ابوعمرو شیبانی سے سنا ، کہا کہہمیں اس گھر والے نے خبر دی اور انہوں نے اپنے ہاتھ سے عبداللہ بن مسعود رضی اللہ عنہما کے گھر کی طرف اشارہ کیا ، انہوں نے بیان کیا کہ میں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے پوچھا اللہ تعالیٰ کے نزدیک کو ن سا عمل سب سے زیادہ پسند ہے ؟ آپ نے فرمایا کہ وقت پر نماز پڑھنا ۔ پوچھا کہ پھر کون سا ؟ فرمایا کہ والدین کے سا تھ اچھا سلوک کرنا ، پوچھا پھر کون سا ؟ فرمایا کہ اللہ کے راستے میں جہاد کرنا ۔ عبداللہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے مجھ سے ان کاموں کے متعلق بیان کیا اور اگر میں اسی طرح سوال کرتا رہتا تو آپ جواب دیتے رہتے ۔
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[5970] .
قَوْلُهُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَيْزَارٍ أَخْبَرَنِي هُوَ مِنْ تَقْدِيمُ اسْمِ الرَّاوِي عَلَى الصِّيغَةِ وَهُوَ جَائِزٌ وَكَانَ شُعْبَةُ يَسْتَعْمِلُهُ كَثِيرًا وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ الْعَيْزَارُ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَلَامٍ فِي أَوَّلِهِ وَكَذَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ مَعَ كَثِيرٍ مِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ وَللَّه الْحَمد.
وَقَالَ بن التِّينِ تَقْدِيمُ الْبِرِّ عَلَى الْجِهَادِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّعْدِيَةُ إِلَى نَفْعِ الْغَيْرِ وَالثَّانِي أَنَّ الَّذِي يَفْعَلُهُ يَرَى أَنَّهُ مُكَافَأَةٌ عَلَى فِعْلِهِمَا فَكَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ غَيْرَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ فَنَبَّهَهُ عَلَى إِثْبَاتِ الْفَضِيلَةِ فِيهِ.
.
قُلْتُ وَالْأَوَّلُ لَيْسَ بِوَاضِحٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قُدِّمَ لِتَوَقُّفِ الْجِهَادِ عَلَيْهِ إِذْ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ اسْتِئْذَانُهُمَا فِي الْجِهَادِ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنِ الْجِهَادِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا كَمَا يَأْتِي قَرِيبا
( قَولُهُ بَابُ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ)
الصُّحْبَةُ وَالصَّحَابَةُ مَصْدَرَانِ بِمَعْنًى وَهُوَ الْمُصَاحَبَةُ أَيْضًا
وَقَول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَحَذَفَ بَعْضُهُمْ لَفْظَ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَبَعْضُهُمُ الْبَسْمَلَةَ وَاقْتَصَرَ النَّسَفِيُّ عَلَى قَوْلِهِ كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ إِلَخْ وَوَقَعَ فِي أَوَّلِ الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ لِلْبُخَارِيِّ بَاب مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ حسنا وَكِتَابُ الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ يَشْتَمِلُ عَلَى أَحَادِيثَ زَائِدَةٍ عَلَى مَا فِي الصَّحِيحِ وَفِيهِ قَلِيلٌ مِنَ الْآثَار الْمَوْقُوفَة وَهُوَ كثير الْفَائِدَة وَالْأَدَبُ اسْتِعْمَالُ مَا يُحْمَدُ قَوْلًا وَفِعْلًا وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ بِأَنَّهُ الْأَخْذُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَقِيلَ الْوُقُوفُ مَعَ الْمُسْتَحْسَنَاتِ وَقِيلَ هُوَ تَعْظِيمُ مَنْ فَوْقَكَ وَالرِّفْقُ بِمَنْ دُونَكَ وَقِيلَ إِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَأْدُبَةِ وَهِيَ الدَّعْوَةُ إِلَى الطَّعَامِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُدْعَى إِلَيْهِ وَهَذِهِ الْآيَةُ وَقَعَتْ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي الْعَنْكَبُوتِ وَفِي الْأَحْقَافِ لَكِنِ المُرَاد هُنَا الَّتِي فِي العنكبوت.
وَقَالَ بن بَطَّالٍ ذَكَرَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي فِي لُقْمَانَ نَزَلَتْ فِي سَعدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ كَذَا قَالَ إِنَّهَا الَّتِي فِي لُقْمَانَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَلَفَتْ أُمُّ سَعْدٍ لَا تُكَلِّمُهُ أَبَدًا حَتَّى يَكْفُرَ بِدِينِهِ قَالَتْ زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ أَوْصَاكَ بِوَالِدَيْكَ فَأَنَا أُمُّكَ وَأَنَا آمُرُكَ بِهَذَا فَنَزَلَتْ وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ حسنا وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا كَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ وَفِيهِ انْتِقَالٌ مِنْ آيَةٍ إِلَى آيَةٍ فَإِنَّ فِي آيَةِ الْعَنْكَبُوتِ وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تطعهما إِلَى مَرْجِعِكُمْ وَالْمَذْكُورُ عِنْدَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ جَاهَدَاك على إِلَخْ إِنَّمَا هُوَ فِي لُقْمَانَ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ إِلَى قَوْلِهِ حُسْنًا الْآيَةَ فَقَطْ وَمِثْلُهُ عِنْدَ أَحْمَدَ لَكِنْ لَمْ يَقُلْ الْآيَةَ وَوَقَعَ فِي أُخْرَى لِأَحْمَدَ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَملته أمه وَهنا على وَهن وَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَهَذَا الْقَدْرُ الْأَخِيرُ إِنَّمَا هُوَ فِي آيَةِ الْعَنْكَبُوتِ وَأَوَّلُهُ مِنْ آيَةِ لُقْمَانَ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْآيَتَيْنِ مَعًا كَانَتَا فِي الْأَصْلِ ثَابِتَتَيْنِ فَسَقَطَ بَعْضُهُمَا عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْمُ أُمِّ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حَمْنَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا نُونٌ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ
الْأَخْبَارِ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ وَاقْتَضَتِ الْآيَةُ الْوَصِيَّةَ بِالْوَالِدَيْنِ وَالْأَمْرَ بِطَاعَتِهِمَا وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ إِلَّا إِذَا أَمَرَا بِالشِّرْكِ فَتَجِبُ مَعْصِيَتُهُمَا فِي ذَلِكَ فَفِيهَا بَيَانُ مَا أُجْمِلَ فِي غَيْرِهَا وَكَذَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْأَمْرِ بِبِرِّهِمَا
[ قــ
:5649 ... غــ
:5970] .
قَوْلُهُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَيْزَارٍ أَخْبَرَنِي هُوَ مِنْ تَقْدِيمُ اسْمِ الرَّاوِي عَلَى الصِّيغَةِ وَهُوَ جَائِزٌ وَكَانَ شُعْبَةُ يَسْتَعْمِلُهُ كَثِيرًا وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ الْعَيْزَارُ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَلَامٍ فِي أَوَّلِهِ وَكَذَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ مَعَ كَثِيرٍ مِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ وَللَّه الْحَمد.
وَقَالَ بن التِّينِ تَقْدِيمُ الْبِرِّ عَلَى الْجِهَادِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّعْدِيَةُ إِلَى نَفْعِ الْغَيْرِ وَالثَّانِي أَنَّ الَّذِي يَفْعَلُهُ يَرَى أَنَّهُ مُكَافَأَةٌ عَلَى فِعْلِهِمَا فَكَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ غَيْرَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ فَنَبَّهَهُ عَلَى إِثْبَاتِ الْفَضِيلَةِ فِيهِ.
.
قُلْتُ وَالْأَوَّلُ لَيْسَ بِوَاضِحٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قُدِّمَ لِتَوَقُّفِ الْجِهَادِ عَلَيْهِ إِذْ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ اسْتِئْذَانُهُمَا فِي الْجِهَادِ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنِ الْجِهَادِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا كَمَا يَأْتِي قَرِيبا
( بسم الله الرحمن الرحيم) قال في فتح الباري حذف بعضهم البسملة.
وهو الأخذ بمكارم الأخلاق أو استعمال ما يحمد قولاً وفعلاً أو هو تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك أو الوقوف مع المستحسنات.
باب البِرِّ وَالصِّلَةِ: { وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [العنكبوت: 8]
( باب البر) للوالدين والأقربين وغيرهم ( والصلة) للأرحام.
قال القرطبي: الرحم اسم لكافة الأقارب من غير فرق بين المحرم وغيره، وأجمعوا على أن صلة الرحم واجبة في الجملة وأن قطيعتها معصية كبيرة، وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها مستحب، ولو لم يصل غايتها لا يسمى قاطعًا ولو قصر عما يقدر عليه.
والبر عمل كل خير يفضي بصاحبه إلى الجنة وحذف بعضهم لفظ البر والصلة، وفي الفرع كشط بعد قوله باب وكتب بعده ( { ووصينا الإنسان بوالديه} ) [العنكبوت: 8] وزاد في بعض النسخ { حسنًا} والمراد آية العنكبوت، والذي في اليونينية: بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الأدب باب قول الله تعالى: { ووصينا الإنسان بوالديه} ولأبي ذر والأصيلي زيادة { حسنًا} ووصى حكمه حكم أمر في معناه وتصرفه.
يقال: وصيت زيدًا بأن يفعل خيرًا كما تقول: أمرته بأن يفعل، ومنه قوله تعالى: { ووصى بها إبراهيم بنيه} [البقرة: 32] أي وصاهم بكلمة التوحيد وأمرهم بها، وكذلك معنى قوله: { ووصينا الإنسان بوالديه حسنًا} وصيناه بإيتاء والديه حسنًا أو بإيلاء والديه حسنًا أي فعلاً ذا حسن أو ما هو في ذاته حسن لفرط حسنه، ويجوز أن تجعل حسنًا من باب قولك: زيدًا بإضمار اضرب إذا رأيته متهيئًا للضرب فتنصبه بإضمار أولهما، أو الفعل بهما
لأن التوصية بهما دالة عليه وما بعده مطابق له كأنه قال: أولهما معروفًا ولا تطعهما في الشرك إذا حملاك عليه.
[ قــ
:5649 ... غــ
: 5970 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَيْزَارٍ: أَخْبَرَنِى قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِىَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَىُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا» قَالَ: ثُمَّ أَىُّ: قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ» قَالَ: ثُمَّ أَىّ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ: حَدَّثَنِى بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِى.
وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي الحافظ ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج الحافظ أبو بسطام العتكي ( قال الوليد بن عيزار) وللأصيلي العيزار بفتح العين المهملة وسكون التحتية وفتح الزاي وبعد الألف راء ابن حريث العبدي ( أخبرني) بالإفراد وهو من تقديم اسم الراوي على الصيغة وهو جائز، وكان شعبة يستعمله كثيرًا وليس في نسخة الفرع لفظ أخبرني وهو ثابت في أصله ( قال: سمعت أبا عمرو) بفتح العين سعد بن إياس ( الشيباني) بفتح المعجمة بعدها تحتية ساكنة فموحدة فألف فنون فياء نسبة ( يقول: أخبرنا صاحب هذه الدار وأومأ) بهمز في اليونينية أي أشار ( بيده إلى دار عبد الله) بن مسعود -رضي الله عنه- ( قال: سألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي العمل أحب إلى الله عز وجل) ؟ مبتدأ وخبر والموضع معمول القول مقدرًا أي فقلت أي العمل وأحب أفعل تفضيل ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( الصلاة على وقتها) ( قال) : عبد الله ثم قلت: يا رسول الله ( ثم أي) ؟ ولم يضبط في الفرع كأصله الياء وكتب فوقها في الفرع كذا.
قال الفاكهاني: الصواب عدم تنوينه لأنه موقوف عليه في الكلام والسائل ينتظر الجواب والتنوين لا يوقف عليه إجماعًا فتنوينه ووصله بما بعده خطأ فيوقف عليه وقفة لطيفة، ثم يؤتى بما بعده ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ثم بر الوالدين) بالإحسان إليهما وفعل الجميل معهما وفعل ما يسرهما ويدخل فيه الإحسان إلى صديقهما كما في الصحيحين، وقال سفيان بن عيينة في قوله تعال: { أن اشكر لي ولوالديك} [لقمان: 14] من صلّى الصلوات الخمس فقد شكر الله، ومن دعا لوالديه عقب الصلوات فقد شكر لهما، وسقط قوله: "ثم" لأبي ذر ( قال) عبد الله قلت ( ثم أي؟ قال) : -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( الجهاد في سبيل الله) عز وجل.
( قال) عبد الله ( حدثني) بالإفراد ( بهن) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب وفيه تقرير وتأكيد لما سبق وأنه باشر السؤال وسمع الجواب ( ولو استزدته) من هذا النوع وهو أفضل مراتب الأعمال أو من مطلق المسائل المحتاج إليها ( لزادني) .
ووقع في باب الإيمان أوّل الكتاب أن إطعام الطعام خير الأعمال.
واستشكل مع قوله هنا الصلاة على وقتها.
وأجيب: بأن الجواب اختلف باختلاف أحوال
السائلين فأعلم كل قوم بما يحتاجون إليه أو بمالهم فيه رغبة أو بما هو لائق بهم، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات بأن يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال لأنه وسيلة إلى القيام بها والتمكن من أدائها، وقد تضافرت النصوص على أن الصلاة أفضل من الصدقة، ومع ذلك ففي وقت مواساة المضطر تكون الصدقة أفضل أو أن أفضل ليست على بابها، بل المراد بها الفضل المطلق، فالمراد من أفضل الأعمال فحذفت من وهي مرادة والمراد الأعمال البدنية، فلا تعارض بين ذلك وبين حديث أبي هريرة: أفضل الأعمال إيمان بالله.
وهذا الحديث سبق في الصلاة.
( كتابُ الأدَبِ)
سَقَطت الْبَسْمَلَة عِنْد الْبَعْض.
قَوْله: ( كتاب الْأَدَب) أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان الْأَدَب وَله أَنْوَاع سنذكرها، وَقد قُلْنَا فِيمَا مضى: إِن الْكتاب يجمع الْأَبْوَاب، والأبواب تجمع الْفُصُول، وَلم يذكر فِي البُخَارِيّ لفظ: فصل، غير أَنه يذكر فِي بعض الْمَوَاضِع لفظ: بَاب، كَذَا مُجَردا وَهُوَ عِنْده بِمَنْزِلَة الْفَصْل يتَعَلَّق بِمَا قبله، أما الْأَدَب فَقَالَ الْقَزاز: يُقَال: أدب الرجل يأدب إِذا كَانَ أديباً كَمَا يُقَال: كرم يكرم إِذا كَانَ كَرِيمًا، وَالْأَدب مَأْخُوذ من المأدبة وَهُوَ طَعَام يتَّخذ ثمَّ يدعى النَّاس إِلَيْهِ فَكَانَ الْأَدَب مِمَّا يدعى كل أحد إِلَيْهِ.
يُقَال: أدبه الْمُؤَدب تأديباً فَهُوَ مؤدب بِفَتْح الدَّال.
والمعلم مؤدب بِكَسْر الدَّال وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يردد إِلَيْهِ الدعْوَة إِلَى الْأَدَب فَكثر الْفِعْل التَّشْدِيد وَالْأَدب الدَّاعِي، وَفِي كتاب الواعي) لأبي مُحَمَّد: سمي الْأَدَب أدباً لِأَنَّهُ يَدعُوهُ إِلَى المحامد،.
وَقَالَ ابْن طريف فِي ( الْأَفْعَال) : أدب الرجل، وأدب بِضَم الدَّال وَكسرهَا أدباً: صَار أديباً فِي خلق أَو علم..
وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْأَدَب أدب النَّفس والدرس، تَقول مِنْهُ: أدب رجل فَهُوَ أديب، وَفِي ( الْمُنْتَهى) لأبي الْمَعَالِي: استأدب الرجل بِمَعْنى تأدب، وَالْجمع أدباء، وَعَن أبي زيد: الْأَدَب إسم يَقع على كل رياضة محمودة يتَخَرَّج بهَا الْإِنْسَان فِي فَضِيلَة من الْفَضَائِل، وَقيل: الْأَدَب اسْتِعْمَال مَا يحمد قولا وفعلاً، وَقيل: الْأَخْذ بمكارم الْأَخْلَاق، وَقيل: الْوُقُوف مَعَ المستحسنات، وَقيل: هُوَ تَعْظِيم من فَوْقك والرفق بِمن دُونك فَافْهَم.
( بابُُ البِرِّ والصِّلَةِ وقَوْلِ الله تَعَالَى: { الْإِنْسَان بِوَالِديهِ حسنا} ( العنكبوت: 8)
أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر الْبر والصلة، وَالْبر وَالْإِحْسَان وَمِنْه الْبر فِي حق الْوَالِدين وَهُوَ فِي حَقّهمَا وَحقّ الْأَقْرَبين من الْأَهْل، ضد العقوق وَهُوَ الْإِسَاءَة إِلَيْهِم والتضييع لحقهم، يُقَال: بريبر فَهُوَ بار وَجمعه بررة، وَجمع الْبر أبرار، والصلة هِيَ صلَة الْأَرْحَام وَهِي كِنَايَة عَن الْإِحْسَان إِلَى الْأَقْرَبين من ذَوي النّسَب والأصهار والتعطف عَلَيْهِم والرفق بهم وَالرِّعَايَة لأحوالهم، وَكَذَلِكَ إِن بعدوا وأساؤوا، وَقطع الرَّحِم قطع ذَلِك كُله، يُقَال: وصل رَحمَه يصلها وصلا وصلَة، وأصل الصِّلَة: وصل، فحذفت الْوَاو تبعا لفعله وعوضت عَنْهَا الْهَاء فَكَأَنَّهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِم قد وصل مَا بَينه وَبينهمْ من علاقَة الْقَرَابَة والصهر.
وَقَوله: ( بابُُ الْبر ... إِلَخ) هَكَذَا وَقع لأكْثر الروَاة وَحذف بَعضهم لفظ: الْبر والصلة، وَاقْتصر النَّسَفِيّ على قَوْله: كتاب الْبر والصلة ... إِلَى آخِره قَوْله: ( وَقَول الله) بِالْجَرِّ عطفا على مَا قبله من الْمَجْرُور بِالْإِضَافَة، هَذِه الْآيَة وَقعت بِهَذَا اللَّفْظ فِي العنكبوت وَفِي الأحقاق أما الَّتِي فِي العنكبوت فَهِيَ قَوْله تَعَالَى: { وَوَصينَا الْإِنْسَان.
.
لَك بِهِ علم} ( الْأَحْقَاف: 15) ، وَأما الَّتِي فِي الأحقاق فَهِيَ قَوْله تَعَالَى: { ( 13) وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ إحساناً حَملته أمه كرها وَوَضَعته كرها} ( لُقْمَان: 14) وَفِي لُقْمَان أَيْضا: { وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ حَملته أمه وَهنا على وَهن} ... الْآيَة.
وَالْمرَاد هُنَا الْآيَة الَّتِي فِي العنكبوت، وَسبب نزُول هَذِه الْآيَة مَا رُوِيَ عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ، أَنه قَالَ: نزلت يَعْنِي: الْآيَة الْمَذْكُورَة فِي خَاصَّة، كنت رجلا باراً بأمي، فَلَمَّا أسلمت قَالَت: يَا سعد! مَا هَذَا الَّذِي أحدثت؟ لتدعن دينك هَذَا أَو لَا آكل وَلَا أشْرب، وَلَا يعلني سقف حَتَّى أَمُوت فتعير فِي فَيُقَال: يَا قَاتل أمه، فَقلت: لَا تفعلي يَا أُمَّاهُ فَإِنِّي لَا أترك ديني هَذَا، فَمَكثت يَوْمًا وَلَيْلَة لَا تَأْكُل، فَلَمَّا أَصبَحت جهدت وَمَكَثت يَوْمًا آخر وَلَيْلَة كَذَلِك، فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك مِنْهَا، قلت: تعلمين وَالله يَا أُمَّاهُ لَو كَانَت لَك مائَة نفس فَخرجت نفسا نفسا مَا تركت ديني هَذَا، فكلي إِن شِئْت أَو لَا تأكلي، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك أكلت فَنزلت هَذِه الْآيَة، وَالَّتِي فِي لُقْمَان والأحقاف وَأمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن يرضيها وَيحسن إِلَيْهَا وَلَا يطيعها فِي الشّرك.
قلت: إسم أم سعد الْمَذْكُورَة: حمْنَة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم بعْدهَا نون بنت سُفْيَان بن أُميَّة وَهِي ابْنة عَم أبي سُفْيَان بن حَرْب بن أُميَّة، وَلم يعلم إسْلَامهَا واقتضت الْآيَة الْكَرِيمَة الْوَصِيَّة بالوالدين وَالْأَمر بطاعتهما وَلَو كَانَا كَافِرين إِلَّا إِذا أمرا بالشرك فَتجب معصيتهما فِي ذَلِك.
قَوْله: ( حسنا) نصب بِنَزْع الْخَافِض أَي: بِحسن، وقرىء إحساناً على تَقْدِير: أَن تحسن إحساناً، وحسناً أَعم فِي الْبر.
[ قــ
:5649 ... غــ
:5970 ]
- حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ حَدثنَا شُعْبَةُ قَالَ: الوَلِيدُ بنُ عَيْزار أَخْبرنِي قَالَ: سمعْتُ أَبَا عَمْرو الشَّيْبانِيّ يَقُولُ: أخبرنَا صاحبُ هاذِهِ الدَّارِ.
وأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى دارِ عَبْدِ الله.
قَالَ: سألْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إِلَى الله؟ قَالَ: الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِها، قَالَ: ثُمَّ أيُّ؟ قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الوالِدَيْنِ، قَالَ: ثُمَّ أيُّ.
قَالَ: الجهادُ فِي سَبِيلِ الله، قَالَ: حدّثني بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن قَوْله: بابُُ الْبر، هُوَ بر الْوَالِدين وَالْآيَة أَيْضا فِي بر الْوَالِدين.
وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، والوليد بن عيزار بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا زَاي ثمَّ رَاء، وَوَقع لبَعض الروَاة: الْعيزَار، بِالْألف وَاللَّام.
قَوْله قَالَ: الْوَلِيد بن عيزار أَخْبرنِي، هُوَ من تَقْدِيم اسْم الرَّاوِي على الصِّيغَة، وَهُوَ جَائِز، وَكَانَ شُعْبَة يَسْتَعْمِلهُ كثيرا، وَأَبُو عمر والشيباني اسْمه سعد بن أبي إِيَاس، والشيباني من شَيبَان بن ثَعْلَبَة بن عكامة بن صَعب بن عَليّ بن بكر بن وَائِل، أدْرك زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعاش مائَة وَعشْرين سنة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ.
والْحَدِيث مضى فِي مَوَاقِيت الصَّلَاة فِي: بابُُ فضل الصَّلَاة لوَقْتهَا، بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن.
فَإِن قلت: تقدم فِي: بابُُ الْإِيمَان إِن إطْعَام الطَّعَام خير أَعمال
الْإِسْلَام وَأحب الْعَمَل أَدْوَمه، فَمَا وَجه الْجمع بَينه وَبَين حَدِيث الْبابُُ؟ قلت: الِاخْتِلَاف بِالنّظرِ إِلَى الْأَوْقَات أَو الْأَحْوَال أَو الْحَاضِرين، فَقدم فِي كل مقَام مَا يَلِيق بِهِ أَو بهم.