هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
57 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
57 حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى ، عن إسماعيل ، قال : حدثني قيس بن أبي حازم ، عن جرير بن عبد الله ، قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنصح لكل مسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ .

Narrated Jarir bin Abdullah:

I gave the pledge of allegiance to Allah's Messenger (ﷺ) for the following:

1. offer prayers perfectly

2. pay the Zakat (obligatory charity)

3. and be sincere and true to every Muslim.

0057 Jarir ben Abd-ul-Lâh dit : « J’ai prêté allégeance au Messager de Dieu sur l’accomplissement de la prière, sur le payement de la zakât et sur le fait d’être loyal à l’égard de tout musulman. »  

":"ہم سے مسدد نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے یحییٰ بن سعید بن قطان نے بیان کیا ، انھوں نے اسماعیل سے ، انھوں نے کہا مجھ سے قیس بن ابی حازم نے بیان کیا ، انھوں نے جریر بن عبداللہ بجلی رضی اللہ عنہ سے سنا ، انھوں نے کہاآنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم سے میں نے نماز قائم کرنے اور زکوٰۃ ادا کرنے اور ہر مسلمان کی خیرخواہی کرنے پر بیعت کی ۔

0057 Jarir ben Abd-ul-Lâh dit : « J’ai prêté allégeance au Messager de Dieu sur l’accomplissement de la prière, sur le payement de la zakât et sur le fait d’être loyal à l’égard de tout musulman. »  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [57] .

     قَوْلُهُ  عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْبَجَلِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَقَيْسٌ الرَّاوِي عَنْهُ وَإِسْمَاعِيلُ الرَّاوِي عَنْ قَيْسٍ بَجَلِيَّانِ أَيْضًا وَكُلٌّ مِنْهُمْ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَكُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اقْتَصَرَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِشُهْرَتِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرِالصَّوْمَ وَغَيْرَهُ لِدُخُولِ ذَلِكَ فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ.

.

قُلْتُ زِيَادَةُ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَقَعَتْ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْمَذْكُورِ وَلَهُ فِي الْأَحْكَامِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَلَقَّنَنِي فِيمَا اسْتَطَعْتُ وَالنُّصْحِ لكل مُسلم وَرَوَاهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَدِّهِ وَزَادَ فِيهِ فَكَانَ جَرِيرٌ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ بَاعَ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ.

.
اعْلَمْ أَنَّ مَا أَخَذْنَا مِنْكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا أَعْطَيْنَاكَهُ فَاخْتَرْ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي تَرْجَمته أَن غُلَامه اشْترى لَهُ فرسا بثلثمائة فَلَمَّا رَآهُ جَاءَ إِلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ إِنَّ فَرَسَكَ خَيْرٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ فَلَمْ يَزَلْ يَزِيدُهُ حَتَّى أَعْطَاهُ ثَمَانَمِائَةٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ كَانَتْ مُبَايَعَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ بِحَسَبِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ تَجْدِيدِ عَهْدٍ أَوْ تَوْكِيدِ أَمْرٍ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ وَقَولُهُ فِيمَا اسْتَطَعْتُ رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا وَتَوْجِيهُهُمَا وَاضِحٌ وَالْمَقْصُودُ بِهَذَا التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ اللَّازِمَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُبَايَعِ عَلَيْهَا هُوَ مَا يُطَاقُ كَمَا هُوَ الْمُشْتَرَطُ فِي أَصْلِ التَّكْلِيفِ وَيُشْعِرُ الْأَمْرُ بِقَوْلِ ذَلِكَ اللَّفْظِ حَالَ الْمُبَايَعَةِ بِالْعَفْوِ عَنِ الْهَفْوَةِ وَمَا يَقَعُ عَنْ خَطَأٍ وَسَهْوٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [57] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
[الحديث أطرافه في: 524، 1401، 2157، 2714، 2715، 7204] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن إسماعيل) بن أبي خالد البجلي التابعي ( قال: حدّثني) بالتوحيد ( قيس بن أبي حازم) بالحاء المهملة وبالزاي المعجمة البجلي بفتح الموحدة والجيم نسبة إلى بجيلة بنت صعب الكوفي التابعي المخضرم، المتوفى سنة أربع أو سبع وثمانين أو منة ثمان وتسعين، ( عن جرير بن عبد الله) بن جابر البجلي الأحمسي بالحاء والسين المهملتين، المتوفى سنة إحدى وخمسين.
( قال بايعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي عاقدته وكان قدومه عليه سنة عشر في رمضان وأسلم وبايعه ( على إقام الصلاة وإيتاء) أي إعطاء ( الزكاة والنصح) بالعطف على المجرور السابق ( لكل مسلم) ومسلمة وفيه تسمية النصح دينًا وإسلامًا، لأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول وهو فرض كفاية على قدر الطاقة إذا علم أنه يقبل نصحه ويأمن على نفسه المكروه، فإن خشي فهو في سعة فيجب على من علم بالمبيع عيبًا أن يبينه بائعًا كان أو أجنبيًّا، وعلى أن ينصح نفسه بامتثال الأوامر واجتناب المناهي وحذف التاء من إقامة تعويضًا عنها بالمضاف إليه ولم يذكر الصوم ونحوه لدخوله في السمع والطاعة.
وهذا الحديث من الخماسيات وفيه اثنان من التابعين إسماعيل وقيس وكل رواته كوفيون غير مسدد وفيه التحديث بالإفراد والجمع والعنعنة.
وأخرجه المؤلف في الصلاة والزكاة والبيوعوالشروط ومسلم في الإيمان والترمذي في البيعة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [57] حدّثنا مُسَدَّدٌ قالَ حدّثنا يَحْيَى عَنْ إسْمَاعِيلَ قالَ حدّثني قَيْسُ بنُ أبي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عبْدِ اللَّهِ قَالَ بَايَعْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى إِقَامِ الصَّلاَةِ وإِيتَاءِ الزَّكاةِ والنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن الْمَذْكُور فِيهِ: ( والنصح لكل مُسلم) .
وَفِي التَّرْجَمَة: لعامة الْمُسلمين، وَمُرَاد البُخَارِيّ من التَّرْجَمَة وُقُوع الدّين على الْعَمَل، فَإِنَّهُ سمى النَّصِيحَة: دينا..
     وَقَالَ  ابْن بطال: مَقْصُوده الرَّد على من زعم أَن الْإِسْلَام القَوْل دون الْعَمَل، وَهُوَ ظَاهر الْعَكْس، لِأَنَّهُ لما بَايعه على الْإِسْلَام شَرط عَلَيْهِ: والنصح لكل مُسلم، فَلَو دخل فِي الْإِسْلَام لما اسْتَأْنف لَهُ بيعَة.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة الأول: مُسَدّد بن مسرهد، تقدم.
الثَّانِي: يحيى بن سعيد الْقطَّان، تقدم.
الثَّالِث: إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد البَجلِيّ التَّابِعِيّ، تقدم.
الرَّابِع: قيس بن أبي حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي الْمُعْجَمَة، واسْمه عبد عَوْف، وَيُقَال: عَوْف بن عبد الْحَارِث بن الْحَارِث بن عَوْف، الأحمسي البَجلِيّ الْكُوفِي التَّابِعِيّ المخضرم، أدْرك الْجَاهِلِيَّة، وَجَاء ليبايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقبض وَهُوَ فِي الطَّرِيق، ووالده صَحَابِيّ، سمع خلقا من الصَّحَابَة مِنْهُم الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ، وَلَيْسَ فِي التَّابِعين من يروي عَنْهُم غَيره، وَقيل: لم يسمع من عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَعنهُ جمَاعَة من التَّابِعين، وجلالته مُتَّفق عَلَيْهَا وَهُوَ أَجود النَّاس إِسْنَادًا، كَمَا قَالَه أَبُو دَاوُد.
وَمن طُرف أَحْوَاله أَنه روى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة لم يرو عَنْهُم غَيره مِنْهُم أَبوهُ ودكين بن سعيد والصنابح بن الأعسر ومرداس الْأَسْلَمِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، مَاتَ سنة أربعٍ وَقيل: سبع وَثَمَانِينَ، وَقيل: سنة ثَمَانينْطق بهَا.
أَي: قل فِيمَا اسْتَطَعْت، وَهُوَ مُوَافق لقَوْله تَعَالَى: { لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} ( الْبَقَرَة: 233) وَالْمَقْصُود من هَذِه اللَّفْظَة التَّنْبِيه على أَن المُرَاد: فِيمَا اسْتَطَعْت من الْأُمُور المبايع عَلَيْهَا، هُوَ: مَا يُطَاق، كَمَا هُوَ الْمُشْتَرط فِي أصل التَّكْلِيف، وَفِي قَوْله: لَقَّنَنِي، دلَالَة على كَمَال شَفَقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّصِيحَة للْمُسلمين شرطا فِي الَّذِي يُبَايع عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة، فَلذَلِك ترَاهُ قرنها بهما.
فَإِن قلت: لِمَ اقْتصر عَلَيْهِمَا وَلم يذكر الصَّوْم وَغَيره؟ قلت: قَالَ القَاضِي عِيَاض: لدُخُول ذَلِك فِي السّمع وَالطَّاعَة، يَعْنِي الْمَذْكُور، فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى الَّتِي ذَكرنَاهَا الْآن،.

     وَقَالَ  غَيره: إِنَّمَا اقْتصر عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا أهم أَرْكَان الدّين وأظهرها، وهما الْعِبَادَات: الْبَدَنِيَّة والمالية.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّينُ النَّصِيحَةُ)
هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَرْجَمَةَ بَابٍ وَلَمْ يُخَرِّجُهُ مُسْنَدًا فِي هَذَا الْكتاب لكَونه علىغير شَرْطِهِ وَنَبَّهَ بِإِيرَادِهِ عَلَى صَلَاحِيَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَمَا أَوْرَدَهُ مِنَ الْآيَةِ وَحَدِيثِ جَرِيرٍ يَشْتَمِلُ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ.

.

قُلْتُ لِسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ إِنَّ عَمْرًا حَدَّثَنَا عَنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِيكَ بِحَدِيثٍ وَرَجَوْتُ أَنْ تُسْقِطَ عَنِّي رَجُلًا أَيْ فَتُحَدِّثَنِي بِهِ عَنْ أَبِيكَ قَالَ فَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنَ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ أَبِي كَانَ صَدِيقًا لَهُ بِالشَّامِ وَهُوَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَهُوَ يُحَدِّثُ أَبَا صَالِحٍ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ عَنْ سُهَيْلٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا الْحَدِيثَ قَالَ فَقَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ سَمِعْتُ تَمِيمًا الدَّارِيَّ يَقُولُ فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّصِيحَةِ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ النَّصِيحَةِ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ سُهَيْلٍ أَوْ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ لِمَا بَيَّنَّاهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ لَا يَصِحُّ إِلَّا عَنْ تَمِيمٍ وَلِهَذَا الِاخْتِلَافِ عَلَى سُهَيْلٍ لَمْ يُخَرِّجْهُ فِي صَحِيحِهِ بَلْ لَمْ يَحْتَجَّ فِيهِ بِسُهَيْلٍ أَصْلًا وَلِلْحَدِيثِ طُرُقٌ دُونَ هَذِهِ فِي الْقُوَّةِ مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يعلى من حَدِيث بن عَبَّاس وَالْبَزَّار من حَدِيث بن عُمَرَ وَقَدْ بَيَّنْتُ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ .

     قَوْلُهُ  الدِّينُ النَّصِيحَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَيْ مُعْظَمُ الدِّينِ النَّصِيحَةُ كَمَا قِيلَ فِي حَدِيثِ الْحَجُّ عَرَفَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَمْ يُرِدْ بِهِ عَامِلُهُ الْإِخْلَاصَ فَلَيْسَ مِنَ الدِّينِ.

     وَقَالَ  الْمَازِرِيُّ النَّصِيحَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ نَصَحْتُ الْعَسَلَ إِذَا صَفَّيْتُهُ يُقَالُ نَصَحَ الشَّيْءَ إِذَا خَلُصَ وَنَصَحَ لَهُ الْقَوْلَ إِذَا أَخْلَصَهُ لَهُ أَوْ مُشْتَقَّة من النصح وَهِي الْخياطَة المنصحة وَهِيَ الْإِبْرَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَلُمُّ شَعَثَ أَخِيهِ بِالنُّصْحِ كَمَا تَلُمُّ الْمِنْصَحَةَ وَمِنْهُ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ كَأَنَّ الذَّنْبَ يُمَزِّقُ الدِّينَ وَالتَّوْبَةُ تَخِيطُهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ النَّصِيحَةُ كِلْمَةٌ جَامِعَةٌ مَعْنَاهَا حِيَازَةُ الْحَظِّ للنصوح لَهُ وَهِيَ مِنْ وَجِيزِ الْكَلَامِ بَلْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ كِلْمَةٌ مُفْرَدَةٌ تُسْتَوْفَى بِهَا الْعِبَارَةَ عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا إِنَّهَا أَحَدُ أَرْبَاعِ الدِّينِ وَمِمَّنْ عَدَّهُ فِيهَا الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ الطُّوسِيُّ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ بَلْ هُوَ وَحْدَهُ مُحَصِّلٌ لِغَرَضِ الدِّينِ كُلِّهِ لِأَنَّهُ مُنْحَصِرٌ فِي الْأُمُورِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَالنَّصِيحَةُ لِلَّهِ وَصْفُهُ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ وَالْخُضُوعُ لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَالرَّغْبَةُ فِي مَحَابِّهِ بِفِعْلِ طَاعَتِهِ وَالرَّهْبَةُ مِنْ مَسَاخِطِهِ بِتَرْكِ مَعْصِيَتِهِ وَالْجِهَادُ فِي رَدِّ الْعَاصِينَ إِلَيْهِ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ صَاحِبِ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا رُوحَ اللَّهِ مَنِ النَّاصِحِ لِلَّهِ قَالَ الَّذِي يُقَدِّمُ حَقَّ اللَّهِ عَلَى حَقِّ النَّاسِ وَالنَّصِيحَةُ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ وَإِقَامَةُ حُرُوفِهِ فِي التِّلَاوَةِ وَتَحْرِيُرُهَا فِي الْكِتَابَةِ وَتَفَهُّمُ مَعَانِيهِ وَحِفْظُ حُدُودِهِ وَالْعَمَلُ بِمَا فِيهِ وَذَبُّ تَحْرِيفِ الْمُبْطِلِينَ عَنْهُ وَالنَّصِيحَةُ لِرَسُولِهِ تَعْظِيمُهُ وَنَصْرُهُ حَيًّا وَمَيِّتًا وَإِحْيَاءُ سُنَّتِهِ بِتَعَلُّمِهَا وَتَعْلِيمِهَا وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَمَحَبَّتُهُ وَمَحَبَّةُ أَتْبَاعِهِ وَالنَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ إِعَانَتُهُمْ عَلَى مَا حَمَلُوا الْقِيَامِ بِهِ وَتَنْبِيهُهُمْ عِنْدَ الْغَفْلَةِ وَسَدُّ خُلَّتِهِمْ عِنْدَ الْهَفْوَةِ وَجَمْعُ الْكَلِمَةِ عَلَيْهِمْ وَرَدُّ الْقُلُوبِ النَّافِرَةِ إِلَيْهِمْ وَمِنْ أَعْظَمِ نَصِيحَتِهِمْ دَفْعُهُمْ عَنِ الظُّلْمِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَمِنْ جُمْلَةِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَئِمَّةُ الِاجْتِهَادِ وَتَقَعُ النَّصِيحَةُ لَهُمْ بِبَثِّ عُلُومِهِمْ وَنَشْرِ مَنَاقِبِهِمْ وَتَحْسِينِ الظَّنِّ بِهِمْ وَالنَّصِيحَةُ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ وَالسَّعْيُ فِيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَيْهِمْ وَتَعْلِيمُهُمْ مَا يَنْفَعُهُمْ وَكَفُّ وُجُوهِ الْأَذَى عَنْهُمْ وَأَنْ يُحِبَّ لَهُمْ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وَيَكْرَهَ لَهُمْ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ وَفِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ أُخْرَى مِنْهَا أَنَّ الدِّينَ يُطْلَقُ عَلَى الْعَمَلِ لِكَوْنِهِ سَمَّى النَّصِيحَةَ دِينًا وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى بَنَى الْمُصَنِّفُ أَكْثَرَ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَمِنْهَا جَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ مِنْ قَوْلِهِ قُلْنَا لِمَنْ وَمِنْهَا رَغْبَةُ السَّلَفِ فِي طَلَبِ عُلُوِّ الْإِسْنَادِ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قِصَّةِ سُفْيَانَ مَعَ سُهَيْلٍ

[ قــ :57 ... غــ :57] .

     قَوْلُهُ  عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْبَجَلِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَقَيْسٌ الرَّاوِي عَنْهُ وَإِسْمَاعِيلُ الرَّاوِي عَنْ قَيْسٍ بَجَلِيَّانِ أَيْضًا وَكُلٌّ مِنْهُمْ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَكُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اقْتَصَرَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِشُهْرَتِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّوْمَ وَغَيْرَهُ لِدُخُولِ ذَلِكَ فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ.

.

قُلْتُ زِيَادَةُ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَقَعَتْ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْمَذْكُورِ وَلَهُ فِي الْأَحْكَامِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَلَقَّنَنِي فِيمَا اسْتَطَعْتُ وَالنُّصْحِ لكل مُسلم وَرَوَاهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَدِّهِ وَزَادَ فِيهِ فَكَانَ جَرِيرٌ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ بَاعَ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ.

.
اعْلَمْ أَنَّ مَا أَخَذْنَا مِنْكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا أَعْطَيْنَاكَهُ فَاخْتَرْ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي تَرْجَمته أَن غُلَامه اشْترى لَهُ فرسا بثلثمائة فَلَمَّا رَآهُ جَاءَ إِلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ إِنَّ فَرَسَكَ خَيْرٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ فَلَمْ يَزَلْ يَزِيدُهُ حَتَّى أَعْطَاهُ ثَمَانَمِائَةٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ كَانَتْ مُبَايَعَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ بِحَسَبِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ تَجْدِيدِ عَهْدٍ أَوْ تَوْكِيدِ أَمْرٍ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ وَقَولُهُ فِيمَا اسْتَطَعْتُ رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا وَتَوْجِيهُهُمَا وَاضِحٌ وَالْمَقْصُودُ بِهَذَا التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ اللَّازِمَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُبَايَعِ عَلَيْهَا هُوَ مَا يُطَاقُ كَمَا هُوَ الْمُشْتَرَطُ فِي أَصْلِ التَّكْلِيفِ وَيُشْعِرُ الْأَمْرُ بِقَوْلِ ذَلِكَ اللَّفْظِ حَالَ الْمُبَايَعَةِ بِالْعَفْوِ عَنِ الْهَفْوَةِ وَمَا يَقَعُ عَنْ خَطَأٍ وَسَهْوٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «الدِّينُ النَّصِيحَةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»، وَقَوْلِهِ تَعَالَى ( إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ)
هذا ( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مبتدأ مضاف خبره قوله ( الدين النصيحة) أي قوام الدين وعماده النصيحة ( لله) تعالى بأن يؤمن به ويصفه بما هو أهله ويخضع له ظاهرًا وباطنًا ويركب في محابه بفعل طاعته ويرغب عن مساخطه بترك معصيته ويجاهد في رد العاصين إليه ( و) النصيحة ( لرسوله) عليه الصلاة والسلام بأن يصدق برسالته ويؤمن بجميع ما أتى به ويعظمه وينصره حيًّا وميتًا ويحيي سُنته بتعلمها وتعليمها ويتخلق بأخلاقه ويتأدب بآدابه ويحب أهل بيته وأصحابه وأتباعه وأحبابه، ( و) النصيحة ( لأئمة المسلمين) بإعانتهم على الحق وطاعتهم فيه وتنبيههم عند الغفلة برفق وسد خلتهم عند الهفوة ورد القلوب النافرة اليهم، وأما أئمة الاجتهاد فببث علومهم ونشر مناقبهم وتحسين الظن بهم، ( و) نصيحة ( عامّتهم) بالشفقة عليهم والسعي فيما يعود نفعه عليهم وتعليم ما ينفعهم وكفّ الأذى عنهم إلى غير ذلك.
ويستفاد من هذا الحديث أن الدين يطلق على العمل لأنه سمى النصيحة دينًا، وعلى هذا المعنى بنى المؤلف أكثر كتاب الإيمان، وإنما أورده هنا ترجمة ولم يذكره في الباب مسندًا لكونه ليس على شرطه -كما سيأتي قريبًا- ووصله مسلم عن تميم الداري
وزاد فيه: النصيحة لكتاب الله وذلك يقع بتعلمه وتعليمه وإقامة حروفه في التلاوة وتحريرها في الكتابة وبفهم معانيه وحفظ حدوده والعمل بما فيه إلى غير ذلك، وإنما لم يسنده المؤلف لأنه ليس على شرطه لأن راويه تميم، وأشهر طرقه فيه سهيل بن أبي صالح، وقد قال ابن المديني فيما ذكره عنه المؤلف أنه نسي كثيرًا من الأحاديث لموجدته لموت أخيه.
وقال ابن معين: لا يحتج به، ونسبه بعضهم لسوء الحفظ، ومن ثم لم يخرج له البخاري، وقد أخرج له الأئمة كمسلم والأربعة.
وروى عنه مالك ويحيى الأنصاري والثوري وابن عيينة.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه.
وقال ابن عديّ: هو عندي ثبت لا بأس به مقبول الأخبار، ثم إن هذا الحديث قد عدّ من الأحاديث التي عليها مدار الإسلام وهو من بليغ الكلام والنصيحة من نصحت العسل إذا صفّيته من الشمع أو من النصح وهو الخياطة بالمنصحة وهي الإبرة، والمعنى أنه يلم شعثه بالنصح كما تلم المنصحة ومنه التوبة النصوح كأن الذنب يمزق الدين والتوبة تخيطه.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله آية يعضد بها الحديث فقال: ( وقوله تعالى) ولأبي الوقت: عز وجل بدل قوله تعالى، ولأبي ذر، وقول الله { إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91] بالإيمان والطاعة في السر والعلانية أو بما قدروا عليه فعلاً أو قولاً يعود على الإسلام والمسلمين بالصلاح.


[ قــ :57 ... غــ : 57 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
[الحديث 57 - أطرافه في: 524، 1401، 2157، 2714، 2715، 7204] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن إسماعيل) بن أبي خالد البجلي التابعي ( قال: حدّثني) بالتوحيد ( قيس بن أبي حازم) بالحاء المهملة وبالزاي المعجمة البجلي بفتح الموحدة والجيم نسبة إلى بجيلة بنت صعب الكوفي التابعي المخضرم، المتوفى سنة أربع أو سبع وثمانين أو منة ثمان وتسعين، ( عن جرير بن عبد الله) بن جابر البجلي الأحمسي بالحاء والسين المهملتين، المتوفى سنة إحدى وخمسين.

( قال بايعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي عاقدته وكان قدومه عليه سنة عشر في رمضان وأسلم وبايعه ( على إقام الصلاة وإيتاء) أي إعطاء ( الزكاة والنصح) بالعطف على المجرور السابق ( لكل مسلم) ومسلمة وفيه تسمية النصح دينًا وإسلامًا، لأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول وهو فرض كفاية على قدر الطاقة إذا علم أنه يقبل نصحه ويأمن على نفسه المكروه، فإن خشي فهو في سعة فيجب على من علم بالمبيع عيبًا أن يبينه بائعًا كان أو أجنبيًّا، وعلى أن ينصح نفسه بامتثال الأوامر واجتناب المناهي وحذف التاء من إقامة تعويضًا عنها بالمضاف إليه ولم يذكر الصوم ونحوه لدخوله في السمع والطاعة.


وهذا الحديث من الخماسيات وفيه اثنان من التابعين إسماعيل وقيس وكل رواته كوفيون غير مسدد وفيه التحديث بالإفراد والجمع والعنعنة.
وأخرجه المؤلف في الصلاة والزكاة والبيوع والشروط ومسلم في الإيمان والترمذي في البيعة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدِّينُ النَّصِيحَةُ للَّهِ ولِرَسُولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ
وعامَّتِهِمْ وقولِهِ تَعَالَى { إِذا نَصَحُوا للَّهِ وَرَسُولِهِ} )
الْكَلَام فِيهِ على وُجُوه.
الأول: إِن بابُُ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَلَام إضافي مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، تَقْدِيره: هَذَا بابُُ قَول النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَقَوله: ( الدّين) مُبْتَدأ و: ( النصِيحَة) خَبره، وَهَذَا التَّرْكِيب يُفِيد الْقصر والحصر، لِأَن الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر إِذا كَانَا معرفتين يُسْتَفَاد ذَلِك مِنْهُمَا.
فَإِن قلت: مَا مَحل هَذِه الْجُمْلَة؟ قلت: النصب لِأَنَّهُ مقول القَوْل، وَاللَّام فِي: لله، صلَة، لِأَن الفصيح أَن يُقَال: نصح لَهُ، فَإِن قلت: لِمَ ترك اللَّام فِي عامتهم؟ قلت: لأَنهم كالاتباع للأئمة لَا اسْتِقْلَال لَهُم، وإعادة اللَّام تدل على الِاسْتِقْلَال.
قَوْله ( وَقَوله تَعَالَى) بِالْجَرِّ، عطف على قَوْله: ( قَول النَّبِي) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

الثَّانِي: وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الأول، أَن الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَأَنَّهَا لَا تقبل إِلَّا إِذا كَانَت ابْتِغَاء لوجه الله تَعَالَى مَعَ ترك الرِّيَاء، وَالْعلم على هَذَا الْوَجْه من جملَة النَّصِيحَة لله تَعَالَى، وَمن جملَة النَّصِيحَة لرَسُوله أَيْضا، حَيْثُ أَتَى بِعَمَلِهِ على وفْق مَا أَمر بِهِ الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام، مجتنباً عَمَّا نَهَاهُ عَنهُ.
ثمَّ إِن البُخَارِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى، ختم كتاب الْإِيمَان بِهَذَا الحَدِيث لِأَنَّهُ حَدِيث عَظِيم جليل حفيل، عَلَيْهِ مدَار الْإِسْلَام، كَمَا قيل: إِنَّه أحد الْأَحَادِيث الْأَرْبَعَة الَّتِي عَلَيْهَا مدَار الْإِسْلَام، فَيكون هَذَا ربع الْإِسْلَام.
وَمِنْهُم من قَالَ: يُمكن أَن يسْتَخْرج مِنْهُ الدَّلِيل على جَمِيع الْأَحْكَام.

الثَّالِث: أَنه ذكر هَذَا الحَدِيث مُعَلّقا وَلم يُخرجهُ مُسْندًا فِي هَذَا الْكتاب، لِأَن رَاوِي الحَدِيث تَمِيم الدَّارِيّ، وَأشهر طرقه فِيهِ: سُهَيْل بن أبي صَالح، وَلَيْسَ من شَرطه، لِأَنَّهُ لم يخرج لَهُ فِي صَحِيحه، وَقد أخرج لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة، وروى عَنهُ مَالك وَيحيى الْأنْصَارِيّ وَالثَّوْري وَابْن عُيَيْنَة وَحَمَّاد بن سَلمَة وَخلق كثير، وَالْأَرْبَعَة..
     وَقَالَ  البُخَارِيّ: سَمِعت عليا يَعْنِي ابْن الْمَدِينِيّ، يَقُول: كَانَ سُهَيْل بن أبي صَالح مَاتَ لَهُ أَخ، فَوجدَ عَلَيْهِ فنسي كثيرا من الْأَحَادِيث..
     وَقَالَ  يحيى بن معِين: لَا يحْتَج بِهِ،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه،.

     وَقَالَ  ابْن عدي: وَهُوَ عِنْدِي ثَبت لَا بَأْس بِهِ مَقْبُول الْأَخْبَار، وَقد روى عَنهُ الْأَئِمَّة،.

     وَقَالَ  الْحَاكِم: وَقد روى مَالك فِي شُيُوخه من أهل الْمَدِينَة النَّاقِد لَهُم، ثمَّ قَالَ فِي أَحَادِيثه بالعراق: إِنَّه نسي الْكثير مِنْهَا وساء حفظه فِي آخر عمره، وَقد أَكثر مُسلم عَنهُ فِي إِخْرَاجه فِي الشواهد مَقْرُونا فِي أَكثر رُوَاته يحافظ لَا يدافع، فَيسلم بذلك من نسبته إِلَى سوء الْحِفْظ، وَلَكِن لما لم يكن عِنْد البُخَارِيّ من شَرطه، لم يَأْتِ فِيهِ بِصِيغَة الْجَزْم، وَلَا فِي معرض الإستدلال بل أدخلهُ فِي التَّبْوِيب فَقَالَ: بابُُ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا، فَلم يتْرك ذكره لِأَنَّهُ عِنْده من الواهي، بل ليفهم أَنه اطلع عَلَيْهِ أَن فِيهِ عِلّة منعته من إِسْنَاده، وَله من ذَلِك فِي كِتَابَة كثير يقف عَلَيْهِ من لَهُ تَمْيِيز، وَالله أعلم.

الرَّابِع: أَن هَذَا الحَدِيث أخرجه مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عباد الْمَكِّيّ ثَنَا سُفْيَان عَن سُهَيْل عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن تَمِيم الدَّارِيّ أَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: ( الدّين النَّصِيحَة.
قُلْنَا: لمن؟ قَالَ: لله ولكتابه ولرسله ولأئمة الْمُسلمين وعامتهم)
.
وَلَيْسَ لتميم الدَّارِيّ فِي صَحِيح مُسلم غَيره، أخرجه فِي بابُُ الْإِيمَان، وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي الْأَدَب عَن أَحْمد بن يُونُس عَن زُهَيْر عَن سُهَيْل بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْبيعَة عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الرَّحْمَن عَن سُفْيَان الثَّوْريّ بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن مَنْصُور عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة بِهِ.
وَأخرجه إِمَام الْأَئِمَّة، مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة فِي كتاب ( السياسة) تأليفه: حَدثنَا عبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء الْمَكِّيّ، حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة عَن سُهَيْل، سَمِعت عَطاء بن يزِيد، حَدثنَا تَمِيم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( الدّين النَّصِيحَة الدّين النَّصِيحَة! فَقَالَ رجل: لمن يَا رَسُول الله؟ قَالَ: لله ولكتابه ولنبيه ولأئمة الْمُؤمنِينَ وعامتهم) .

الْخَامِس: أَن حَدِيث النَّصِيحَة رُوِيَ عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة وَهُوَ وهم من سُهَيْل أَو مِمَّن روى عَنهُ.
قَالَ البُخَارِيّ فِي ( تَارِيخه) : لَا يَصح إلاَّ عَن تَمِيم، وَلِهَذَا الِاخْتِلَاف لم يُخرجهُ فِي ( صَحِيحه) ، وَلِلْحَدِيثِ طرق دون هَذِه فِي الْقُوَّة، فَمِنْهَا مَا أخرجه أَبُو يعلى من حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَمِنْهَا مَا أخرجه الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا.

السَّادِس: قَوْله ( الدّين النَّصِيحَة) ، فِيهِ حذف تَقْدِيره: عماد الدّين وقوامه النَّصِيحَة، كَمَا يُقَال: الْحَج عَرَفَة، أَي: عماد الْحَج وقوامه وقُوف عَرَفَة.
وَالتَّقْدِير: مُعظم أَرْكَان الدّين النَّصِيحَة، كَمَا يُقَال: الْحَج عَرَفَة، أَي: مُعظم أَرْكَان الْحَج وقُوف عَرَفَة.
وأصل النَّصِيحَة مَأْخُوذ من نصح الرجل ثَوْبه إِذا خاطه بالمنصح، وَهِي الإبرة، وَالْمعْنَى: أَنه يلم شعث أَخِيه بالنصح، كَمَا تلم المنصحة، وَمِنْه التَّوْبَة النصوح، كَأَن الذَّنب يمزق الدّين وَالتَّوْبَة تخيطه..
     وَقَالَ  الْمَازرِيّ: النَّصِيحَة مُشْتَقَّة من: نصحت الْعَسَل إِذا صفيته من الشمع، شبه تَخْلِيص القَوْل من الْغِشّ بتخليص الْعَسَل من الْخَلْط.
وَفِي ( الْمُحكم) النصح: نقيض الْغِشّ، نصح لَهُ ونصحه ينصح نصحاً أَو نصُوحًا ونصاحة.
وَفِي ( الْجَامِع) : النصح: بذل الْمَوَدَّة وَالِاجْتِهَاد فِي المشورة.
وَفِي كتاب ابْن طريف: نصح قلب الْإِنْسَان: خلص من الْغِشّ.
وَفِي ( الصِّحَاح) : هُوَ بِاللَّامِ أفْصح.
وَفِي ( الغريبين) نَصَحته، قَالَ أَبُو زيد أَي: صدقته..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: النَّصِيحَة كلمة جَامِعَة مَعْنَاهَا: حِيَازَة الْحَظ للمنصوح لَهُ، وَيُقَال: هُوَ من وجيز الْأَسْمَاء، ومختصر الْكَلَام، وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كلمة مُفْردَة تستوفى بهَا الْعبارَة عَن معنى هَذِه الْكَلِمَة، كَمَا قَالُوا فِي الْفَلاح: لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كلمة مُفْردَة تستوفى بهَا الْعبارَة عَن معنى مَا جمعت من خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
أما النَّصِيحَة لله تَعَالَى: فمعناها يرجع إِلَى الْإِيمَان بِهِ، وَنفي الشّرك عَنهُ، وَترك الْإِلْحَاد فِي صِفَاته، وَوَصفه بِصِفَات الْجلَال والكمال، وتنزيهه تَعَالَى عَن النقائص، وَالْقِيَام بِطَاعَتِهِ وَاجْتنَاب مَعْصِيَته، وموالاة من أطاعه ومعاداة من عَصَاهُ، وَالِاعْتِرَاف بنعمته وشكره عَلَيْهَا وَالْإِخْلَاص فِي جَمِيع الْأُمُور.
قَالَ: وَحَقِيقَة هَذِه الْإِضَافَة رَاجِعَة، إِلَى العَبْد فِي نصيحة نَفسه، فَإِنَّهُ تَعَالَى غَنِي عَن نصح الناصح وَعَن الْعَالمين.
وَأما النَّصِيحَة لكتابة، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: فالإيمان بِأَنَّهُ كَلَام الله تَعَالَى، وتنزيهه بِأَنَّهُ لَا يُشبههُ شَيْء من كَلَام الْخلق، وَلَا يقدر على مثله أحد من الْمَخْلُوقَات، ثمَّ تَعْظِيمه وتلاوته حق تِلَاوَته، وَإِقَامَة حُرُوفه فِي التِّلَاوَة، والتصديق بِمَا فِيهِ، وتفهم علومه، وَالْعَمَل بمحكمه، وَالتَّسْلِيم لمتشابهه، والبحث عَن ناسخه ومنسوخه، وعمومه وخصوصه، وَسَائِر وجوهه، وَنشر علومه، وَالدُّعَاء إِلَيْهِ.
وَأما النَّصِيحَة لرَسُوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: فتصديقه على الرسَالَة وَالْإِيمَان بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ، وطاعته فِي أوامره ونواهيه، ونصرته حَيا وَمَيتًا، وإعظام حَقه وإحياء سنته، والتلطف فِي تعلمهَا وَتَعْلِيمهَا والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه ومحبة أهل بَيته وَأَصْحَابه.
وَأما النَّصِيحَة للأئمة: فمعاونتهم على الْحق وطاعتهم فِيهِ، وتذكيرهم بِرِفْق وَترك الْخُرُوج عَلَيْهِم بِالسَّيْفِ وَنَحْوه، وَالصَّلَاة خَلفهم، وَالْجهَاد مَعَهم وَأَدَاء الصَّدقَات إِلَيْهِم، هَذَا على الْمَشْهُور من أَن المُرَاد من الْأَئِمَّة أَصْحَاب الْحُكُومَة: كالخلفاء والولاة، وَقد يؤول بعلماء الدّين، ونصيحتهم قبُول مَا رَوَوْهُ وتقليدهم فِي الْأَحْكَام وإحسان الظَّن بهم.
وَأما نصيحة الْعَامَّة: فإرشادهم لمصالحهم فِي آخرتهم ودنياهم، وكف الْأَذَى عَنْهُم: وَتَعْلِيم مَا جهلوا، وإعانتهم على الْبر وَالتَّقوى، وَستر عَوْرَاتهمْ والشفقة عَلَيْهِم، وَأَن يحب لَهُم مَا يحب لنَفسِهِ من الْخَيْر.

السَّابِع: فِي الحَدِيث فَوَائِد.
مِنْهَا: مَا قيل: إِن الدّين يُطلق على الْعَمَل لكَونه سمى النَّصِيحَة: دينا.
وَمِنْهَا: إِن النَّصِيحَة فرض على الْكِفَايَة لَازِمَة على قدر الطَّاقَة إِذا علم الناصح أَنه يقبل نصحه، ويطاع أمره وَأمن على نَفسه الْمَكْرُوه، فَإِن خشِي فَهُوَ فِي سَعَة، فَيجب على من علم بِالْمَبِيعِ عَيْبا أَن يُبينهُ بَائِعا كَانَ أَو أَجْنَبِيّا، وَيجب على الْوَكِيل وَالشَّرِيك والخازن النصح.
وَمِنْهَا: أَن النَّصِيحَة كَمَا هِيَ فرض للمذكورين، فَكَذَلِك هِيَ فرض لنَفسِهِ، بِأَن ينصحها بامتثال الْأَوَامِر وَاجْتنَاب المناهي.

الثَّامِن: قَوْله تَعَالَى: { إِذا نصحوا لله وَرَسُوله} ( التَّوْبَة: 91) فِي سُورَة بَرَاءَة وَأول الْآيَة: { لَيْسَ على الضُّعَفَاء وَلَا على المرضى وَلَا على الَّذين لَا يَجدونَ مَا يُنْفقُونَ حرج إِذا نصحوا لله وَرَسُوله} ( التَّوْبَة: 91) الْآيَة.
أكَّد الحَدِيث الْمَذْكُور بِهَذِهِ الْآيَة، وَالْمرَاد بالضعفاء: الزمنى والهرمى، وَالَّذين لَا يَجدونَ: الْفُقَرَاء.
والنصح لله وَرَسُوله: الْإِيمَان بهما وطاعتهما فِي السِّرّ والعلن.



[ قــ :57 ... غــ :57 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ قالَ حدّثنا يَحْيَى عَنْ إسْمَاعِيلَ قالَ حدّثني قَيْسُ بنُ أبي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عبْدِ اللَّهِ قَالَ بَايَعْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى إِقَامِ الصَّلاَةِ وإِيتَاءِ الزَّكاةِ والنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن الْمَذْكُور فِيهِ: ( والنصح لكل مُسلم) .
وَفِي التَّرْجَمَة: لعامة الْمُسلمين، وَمُرَاد البُخَارِيّ من التَّرْجَمَة وُقُوع الدّين على الْعَمَل، فَإِنَّهُ سمى النَّصِيحَة: دينا..
     وَقَالَ  ابْن بطال: مَقْصُوده الرَّد على من زعم أَن الْإِسْلَام القَوْل دون الْعَمَل، وَهُوَ ظَاهر الْعَكْس، لِأَنَّهُ لما بَايعه على الْإِسْلَام شَرط عَلَيْهِ: والنصح لكل مُسلم، فَلَو دخل فِي الْإِسْلَام لما اسْتَأْنف لَهُ بيعَة.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة الأول: مُسَدّد بن مسرهد، تقدم.
الثَّانِي: يحيى بن سعيد الْقطَّان، تقدم.
الثَّالِث: إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد البَجلِيّ التَّابِعِيّ، تقدم.
الرَّابِع: قيس بن أبي حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي الْمُعْجَمَة، واسْمه عبد عَوْف، وَيُقَال: عَوْف بن عبد الْحَارِث بن الْحَارِث بن عَوْف، الأحمسي البَجلِيّ الْكُوفِي التَّابِعِيّ المخضرم، أدْرك الْجَاهِلِيَّة، وَجَاء ليبايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقبض وَهُوَ فِي الطَّرِيق، ووالده صَحَابِيّ، سمع خلقا من الصَّحَابَة مِنْهُم الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ، وَلَيْسَ فِي التَّابِعين من يروي عَنْهُم غَيره، وَقيل: لم يسمع من عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَعنهُ جمَاعَة من التَّابِعين، وجلالته مُتَّفق عَلَيْهَا وَهُوَ أَجود النَّاس إِسْنَادًا، كَمَا قَالَه أَبُو دَاوُد.
وَمن طُرف أَحْوَاله أَنه روى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة لم يرو عَنْهُم غَيره مِنْهُم أَبوهُ ودكين بن سعيد والصنابح بن الأعسر ومرداس الْأَسْلَمِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، مَاتَ سنة أربعٍ وَقيل: سبع وَثَمَانِينَ، وَقيل: سنة ثَمَان وَتِسْعين روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الْخَامِس: جرير بن عبد الله بن جَابر بن مَالك بن نضر بن ثَعْلَبَة البَجلِيّ الأحمسي، أَبُو عبد الله، أَبُو عمر، نزل الْكُوفَة ثمَّ تحول إِلَى قرقيسيا، وَبهَا توفّي سنة إِحْدَى وَخمسين، وَقيل: غير ذَلِك، لَهُ مائَة حَدِيث، اتفقَا مِنْهَا على ثَمَانِيَة، وَانْفَرَدَ البُخَارِيّ بِحَدِيث، وَمُسلم بِسِتَّة.
كَذَا فِي ( شرح قطب الدّين) وَفِي ( شرح النَّوَوِيّ) ، لَهُ مِائَتَا حَدِيث انْفَرد البُخَارِيّ بِحَدِيث، وَقيل: بِسِتَّة وَلَعَلَّ صَوَابه: وَمُسلم بِسِتَّة بدل: وَقيل بِسِتَّة..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي فِي ( شَرحه) : لجرير عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائَة حَدِيث ذكر البُخَارِيّ مِنْهَا تِسْعَة وَهَذَا غلط صَرِيح، وَكَانَ قدومه على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سنة عشر فِي رَمَضَان فَبَايعهُ وَأسلم.
وَقيل: أسلم قبل وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَكَانَ يُصَلِّي إِلَى سَنَام الْبَعِير كَانَت صنمه ذِرَاعا، وَاعْتَزل الْفِتْنَة، وَكَانَ يدعى يُوسُف هَذِه الْأمة لحسنه، روى عَنهُ بنوه: عبد الله وَالْمُنْذر وَإِبْرَاهِيم، وَابْن ابْنه أَبُو زرْعَة هرم، روى لَهُ الْجَمَاعَة، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي تَرْجَمته أَن غُلَامه اشْترى لَهُ فرسا بثلاثمائة، فَلَمَّا رَآهُ جَاءَ إِلَى صَاحبه فَقَالَ؛ إِن فرسك خير من ثلثمِائة، فَلم يزل يزِيدهُ حَتَّى أعطَاهُ ثَمَانمِائَة..
     وَقَالَ : بَايَعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النصح لكل مُسلم.
وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَة جرير بن عبد الله البَجلِيّ، إلاَّ هَذَا.
وَمِنْهُم جرير بن عبد الله الْحِمْيَرِي فَقَط، وَقيل: ابْن عبد الحميد، وَمِنْهُم جرير بن الأرقط، وَجَرِير بن أَوْس الطَّائِي، وَقيل: جريم، وَأَبُو جرير يروي حَدِيثا عَن ابْن أبي ليلى عَنهُ.

بَيَان الْأَنْسَاب: البَجلِيّ: فِي كهلان، بِفَتْح الْجِيم، ينْسب إِلَى بجيلة بنت صَعب بن سعد الْعَشِيرَة بن مَالك، وَهُوَ مذْحج، كَانَت عِنْد أَنْمَار بن أراش بن الْغَوْث بن نبت بن ملكان بن زيد بن كهلان فولده مِنْهَا، وهم: عبقر والغوث وجهينة، ينسبون إِلَيْهَا، مِنْهُم: جرير بن عبد الله الْمَذْكُور، قَالَ الرشاطي: جرير بن عبد الله بن جَابر، وَهُوَ الشليل بن مَالك بن نضر بن ثَعْلَبَة بن جشم بن عريف بن خُزَيْمَة بن عَليّ بن مَالك بن سعد بن نَذِير بن قسر وَهُوَ مَالك بن عبقر وَهُوَ ولد بجيلة، ذكره أَبُو عَمْرو وَرفع نسبه.
غير أَنه قَالَ فِي خُزَيْمَة: جزيمة، وَفِي عَليّ: عدي، وَكِلَاهُمَا وهم وتصحيف، وكما ذكرناهما ذكره ابْن الْكَلْبِيّ وَابْن حبيب وَغَيرهمَا..
     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: اشتقاق: البجيلة، من الغلظ، يُقَال: ثوب بجيل، أَي: غليظ، و: رجل بجال، أَيْضا: إِذا كَانَ غليظاً سميناً، وكل شَيْء عَظمته وغلظته فقد بجلته.
الأحمسي: بِالْحَاء الْمُهْملَة، فِي بجيلة: أحمس بن الْغَوْث والغوث هَذَا ابْن لبجيلة، كَمَا ذكرنَا من حمس الرجل: إِذا شجع، وَأَيْضًا هاج وَغَضب، وَهُوَ حمس وأحمس: كَرجل وأرجل، وَفِي ربيعَة أَيْضا: أحمس بن ضبيعة بن ربيعَة بن نزار، مِنْهُم المتلمس الشَّاعِر، وَهُوَ: جرير بن عبد الْمَسِيح بن عبد الله بن زيد بن دوقن بن حَرْب بن وهب بن جلى بن أحمس بن ضبيعة.

بَيَان لطائف أسناده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وبصيغة الْإِفْرَاد والعنعنة، وَلَا يخفى الْفرق بَين الصيغتين.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم كوفيون مَا خلا مُسَددًا.
وَمِنْهَا: إِن ثَلَاثَة مِنْهُم، وهم: إِسْمَاعِيل وَقيس وَجَرِير مَكْنُون بِأبي عبد الله.
وَمِنْهَا: أَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة كلهم بجليون.
وَمِنْهَا: أَن الأثنين مِنْهُم إِسْمَاعِيل وَقيس تابعيان.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هُنَا كَمَا ترى، وَأخرجه أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن أبي مُوسَى عَن يحيى، وَفِي الزَّكَاة عَن مُحَمَّد بن عبد الله عَن أَبِيه، وَفِي الْبيُوع عَن عَليّ عَن سُفْيَان، وَفِي الشُّرُوط عَن مُسَدّد أَيْضا عَن يحيى، وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن عبد الله بن نمير، وَأبي أُسَامَة عَن يحيى بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبيعَة عَن مُحَمَّد بن بشار عَن يحيى بِهِ.

بَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب: قَوْله ( بَايَعت) ، من الْمُبَايعَة، وَهُوَ عقد الْعَهْد، وَهُوَ فعل وفاعل و: ( رَسُول الله) ، كَلَام إضافي مَفْعُوله.
قَوْله ( على إقَام الصَّلَاة) أَصله: إِقَامَة الصَّلَاة، وَإِنَّمَا جَازَ حذف التَّاء لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ عوض عَنْهَا، قد مر تَفْسِير: إِقَامَة الصَّلَاة.
قَوْله ( وإيتاء الزَّكَاة) أَي: إعطائها قَوْله ( والنصح) بِالْجَرِّ، عطف على الْمَجْرُور قبله.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله ( بَايَعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) : كَانَت مبايعته عَلَيْهِ السَّلَام لأَصْحَابه فِي أَوْقَات بِحَسب الْحَاجة إِلَيْهَا من: تَحْدِيد عهد أَو توكيد أَمر، فَلِذَا اخْتلفت ألفاظها، كَمَا سَيَأْتِي.
وَأَخْرَجَا من رِوَايَة الشّعبِيّ عَن جرير رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: ( بَايَعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على السّمع وَالطَّاعَة، فلقتني فِيمَا اسْتَطَعْت، والنصح لكل مُسلم) .
وَرَوَاهُ ابْن حبَان من طَرِيق أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير عَن جده.
وَزَاد فِيهِ: ( فَكَانَ جرير إِذا اشْترى وَبَاعَ يَقُول لصَاحبه: إعلم أَن مَا أَخذنَا مِنْك أحب إِلَيْنَا مِمَّا أعطيناكه، فاختر) .
قَوْله ( فِيمَا اسْتَطَعْت) رُوِيَ بِضَم التَّاء وَفتحهَا، قَالَه قطب الدّين فِي ( شَرحه) : ثمَّ قَالَ: فعلى الرّفْع يحْتَاج جرير ينْطق بهَا.
أَي: قل فِيمَا اسْتَطَعْت، وَهُوَ مُوَافق لقَوْله تَعَالَى: { لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} ( الْبَقَرَة: 233) وَالْمَقْصُود من هَذِه اللَّفْظَة التَّنْبِيه على أَن المُرَاد: فِيمَا اسْتَطَعْت من الْأُمُور المبايع عَلَيْهَا، هُوَ: مَا يُطَاق، كَمَا هُوَ الْمُشْتَرط فِي أصل التَّكْلِيف، وَفِي قَوْله: لَقَّنَنِي، دلَالَة على كَمَال شَفَقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّصِيحَة للْمُسلمين شرطا فِي الَّذِي يُبَايع عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة، فَلذَلِك ترَاهُ قرنها بهما.
فَإِن قلت: لِمَ اقْتصر عَلَيْهِمَا وَلم يذكر الصَّوْم وَغَيره؟ قلت: قَالَ القَاضِي عِيَاض: لدُخُول ذَلِك فِي السّمع وَالطَّاعَة، يَعْنِي الْمَذْكُور، فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى الَّتِي ذَكرنَاهَا الْآن،.

     وَقَالَ  غَيره: إِنَّمَا اقْتصر عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا أهم أَرْكَان الدّين وأظهرها، وهما الْعِبَادَات: الْبَدَنِيَّة والمالية.