فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب إقبال الإمام على الناس، عند تسوية الصفوف

باب
إِقْبالِ الأمَام عَلَى النَّاسِ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصٌّفٌوفِ
[ قــ :698 ... غــ :719 ]
- حدثنا أحمد بن أبي رجاء: ثنا معاوية بن عمرو: ثنا زائدة بن قدامة: ثنا حميد الطويل: ثنا أنس بن مالك، قالَ: أقيمت الصلاة، فأقبل علينا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بوجهه، فقالَ: ( ( أقيموا صفوفكم، وتراصوا؛ فإني أراكم من وراء ظهري) ) .

التراص: هوَ التضام والتداني والتلاصق.
ومنه قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4] .

وفي هذا: دليل على أن الإمام يستحب لهُ أن يقبل على المأمومين بعد إقامة الصلاة، ويأمرهم بتسوية صفوفهم.

وقد تقدم حديث النعمان بن بشير في هذا.

وخرج النسائي من حديث ثابت، عن أنس، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يقول:
( ( استووا، استووا، استووا؛ فوالذي نفسي بيده إني لأراكم من خلفي كما أراكم بين يدي) ) .

وبوب عليهِ: ( ( كم مرة يقول: استووا) ) .

يشير إلى أنه يكررها ثلاثا؛ فأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا.

وخرج أبو داود وابن حبان في ( ( صحيحه) ) من حديث محمد بن مسلم - صاحب المقصورة -، قالَ: صليت إلى جنب أنس يوماً، فقالَ: هل تدري لم صنع هذا العود؟ قلت: لا والله.
قالَ: إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ إذا قام إلى الصلاة أخذه بيمينه، ثم التفت، فقالَ: ( ( اعتدلوا، سووا صفوفكم) ) .

وخرج الدارقطني والحاكم من حديث حميد، عن انس، قالَ: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قام في الصلاة قالَ هكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله، ثم يقول: ( ( استووا وتعادلوا) ) .
وروى مالك في ( ( الموطأ) ) عن نافع، أن عمر كانَ يأمر بتسوية الصفوف، فإذا أخبروه أن قد استوت كبر.

وعن عمه أبي سهيل، عن أبيه، عن عثمان بن عفان - أيضاً.

وروى عمرو بن ميمون، قالَ: كانَ عمر إذا أقيمت الصلاة أقام الصف، حتى إذا لم ير فيهِ خللاً كبّر.

وروى وكيع بإسناده، عن كعب بن مرة، قالَ: إن كنت لأدع الصف المقدم من شدة قول عمر: استووا.

وبإسناده، عن ابن عمر، أن عمر كانَ يبعث رجالاً يقيمون الصفوف في الصلاة.

وروى أبو نعيمٍ بإسناده، عن الحارث، عن علي، قالَ: كانَ يسوي صفوفنا، ويقول: سووا تراحموا، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم.