فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب: يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب

باب
يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب
[ قــ :755 ... غــ :776 ]
- حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا همام، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي
قتادة، عن أبيه، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقرأ في الظهر [في الأوليين] بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب، ويسمعنا الآية، ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في [الركعة] الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح.

قد خرج البخاري هذا الحديث فيما سبق من رواية شيبان وهشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، وليس في حديثهما: ويقرأ في الركعتين الأخريين بأم الكتاب.

وخرجه هاهنا من طريق همام، عن يحيى بهذه الزيادة.

وخرجه مسلم في ( ( صحيحه) ) من راوية همام وأبان العطار، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير.

وقد سأل الأثرم الإمام أحمد عن هذه الزيادة: أثبت هي؟ قال: روها عدة، ورواها بعضهم عن الأوزاعي، فقال له الأثرم: هشام لا يقولها؟ قال نعم، هشام لا يقولها.

وقد ذهب أكثر العلماء إلى القول بذلك، وأنه لا يزيد في الركعتين الأخريين والثالثة من المغرب على فاتحة الكتاب.

وروي نحو ذلك عن علي وابن مسعود وعائشة وأبي هريرة وجابر وأبي الدرادء.

وعن ابن سيرين، قال: لا أعلمهم يختلفون أنه يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب.

وقد دل على ذلك – أيضاً –: حديث سعد في الحذف في الأخريين.
وقد تقدم في مواضع من الكتاب.

وروى مالك عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعا، في كل ركعة بأم القرآن وسورة.

وذهب الشافعي – في أحد قوليه – أنه يستحب أن يقرأ سورة مع أم القرآن في الركعات كلها.

ومن أصحابنا من حكاه رواية عن أحمد، وأكثر أصحابنا قالوا: لا يستحب -: رواية واحدة.

وفي كراهيته عنه روايتان.
وقد تقدم عن أبي بكر الصديق، أنه قرأ في الثالثة من المغرب بعد الفاتحة:
{ رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8] .

وقد استحب أحمد ذلك في رواية.

قال القاضي أبو يعلى: يحتمل أنه استحبه؛ لأنه دعاء، فإنه قال في رواية الأثرم: إن شاء قاله.
قال: ولا تدري أكان ذلك من أبي بكر قراءة أو دعاء.

وقد تقدم من حديث أبي سعيد الخدري ما يدل على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقرأ في الركعتين الأخريين على قدر نصف قراءته في الأوليين.

وحمله طائفة من أصحابنا وغيرهم على أن هذا كان يفعله أحياناً لبيان الجواز، فيدل على أنه غير مكروه، خلافا لمن كرهه.
والله أعلم