فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب يكبر وهو ينهض من السجدتين

باب
يكبر وهو ينهض من السجدتين
وكان ابن الزبير يكبر في نهضته.

وقد سبق في ( ( باب: يهوي بالتكبير حين يسجد) ) حديث أبي هريرة، أنه كان يكبر حين يرفع رأسه من السجدة الأولى والثانية، ويقول حين ينصرف: إني لأقربكم شبهاً بصلاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا.

وهو يدل على أنه كان يكبر في حال نهوضه وقيامه من السجود إلى الركعة التي بعده.

وخرّج هاهنا حديثين:
الحديث الأول:

[ قــ :803 ... غــ :825 ]
- حدثنا يحيى بن صالح: ثنا فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، قال: صلى لنا أبو سعيد، فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود، وحين سجد، وحين رفع، وحين قام من الركعتين، وقال: هكذا رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

الثاني:



[ قــ :804 ... غــ :86 ]
- حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد: ثنا غيلان بن جرير، عن مطرف، قالَ: صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب –رضي الله
عنه -، فكان إذا سجد كّبر، وإذا رفع كبر، وإذا نهض من الركعتين كّبر، فلما سلم أخذ عمران بيدي، فقال: لقد صلى بنا هذا صلاة محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو قال: لقد ذكرني هذا صلاة محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ووجه استدلال البخاري بهذين الحديثين على ما بوب عليه: أن حديث أببي سعيد فيه التكبير حين يرفع من السجود، وهذا ظاهر في شروعه في التكبير مع شروعه في الرفع، وأما حديث عمران، ففيه: ( ( إذا رفع كّبر) ) ، ويحُمل –أيضاً – على أنه كّبر حين شرع في الرفع.

وحديث أبي هريرة الذي أشرنا إليه أصرح من ذلك كله؛ فإن فيه: أنه كان يكّبر حين يرفع رأسه من السجدة الأولى والثانية، وهذا لا اختلاف فيه.

وفي حديث أبي سعيد: التكبير حين قام من الركعتين، وفي حديث عمران: إذا نهض من الركعتين كّبر.
وقد اختلف في تأويل ذلك، فحمله إلاكثرون على أنه كان يكّبر حين يشرع في القيام والنهوض.

وفي حديث أبي هريرة المشار إليه في أول الباب: ( ( ويكبر حين يقوم من الجلوس في الاثنتين) ) .

وهذا قول أبي حنيفة والثوري والشافعي وأحمد.

وقال مالك - في أشهر الروايتين عنه -: لا يكبر إذا قام من الركعتين حتَّى يستوي قائماً؛ لأنه روي في بعض ألفاظ حديث أبي حميد وأصحابه: ( ( حتى إذا قام من الركعتين كّبر) ) .

خرّجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان.

وروي نحوه من حديث أبي هريرة وأنس وغيرهما.

وهذه الأحاديث محمولة على أنه كان يكبر إذا أراد القيام من التشهد الأول؛ بدليل ما روي في رواية أخرى في حديث أبي حميد وأصحابه: ( ( ثم جلس بعد ركعتين حتى إذا هو أراد أن ينهض للقيام قام بتكبيرة) ) .
خرّجه أبو داود.

فهذه الرواية تدل على أن معنى تلك الرواية: أنه كان إذا شرع في القيام من الركعتين كبر.

* * *