فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب استقبال الإمام الناس في خطبة العيد


[ قــ :947 ... غــ :976 ]
- حدثنا أحمد بن يعقوب: حدثني إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، قال: دخل الحجاج على ابن عمر وأنا عنده، فقال: كيف هو؟ قالَ: صالح.
قالَ: من أصابك؟ قال: أصابني من أمر بحمل السلاح في يوم لا يحل فيه حمله –يعني: الحجاج.

زكريا بن يحيى أبو السكين الطائي الكوفي، روى عنه البخاري هذا الحديث، ولم يرو عنه في ( ( كتابه) ) ، ولم يخرج لهُ أحد من أهل الكتب الستة سواه.

وكذلك أحمد بن يعقوب المسعودي الكوفي، لم يروعنه البخاري من أهل
الكتب، لكنه روى عنه في موضوع أخر من ( ( كتابه) ) .

وظاهر كلام ابن عمر: يقتضي أن حمل السلاح يوم النحر غير جائز، سواء كان في الحرم أو غيره، وكذلك حمله في الحرم.

وفي ( ( صحيح مسلم) ) من حديث معقل، عن أبي الزبير، عن جابر، عن
النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( لايحل لأحدكم أن يحمل بمكة السلاح) ) .

وقول ابن عمر قالَ: ( ( لم يكن يحمل فيه) ) ، في معنى رفعه؛ لأنه إشارة إلى أن ذلك كان عادة مستمرة من عهد النبي ? - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ذلك الزمان.

ولعل النهي إنما هو عن إشتهار السلاح لا عن حمله في القراب، كما نهى عن ذلك في المساجد.

ويدل عليه: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاضى أهل مكة عام الحديبية على أن يدخلها من قابل، وأن لا يدخلها إلا بجلبان السلاح، وهي السيوف في القراب.

ولكن ألفاظ الأحاديث عامة، وقد يكون دخوله مكة عام القضية بالسلاح؛ لأنه كانَ خائفاً.

وقد حكي عن عطاء ومالك والشافعي، أنه يكره إدخال السلاح إلى الحرم لغير حاجة إليه.

وأما حمل السلاح يوم العيد، فقد حكى البخاري عن الحسن، أنه قال: نهوا
عنه، إلا أن يخافوا عدواً.

وقد روي عنه مرفوعاً.

خرجه أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في ( ( كتاب الشافي) ) ، من طريق علي بن عياش: ثنا إسماعيل، عن ابن أبي نعم ٍ، عن الحسن، عن جابر، قال: نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يخرج السلاح في العيدين.
إسماعيل: كأنه: ابن عياش.

والصحيح: الموقوف.

وبوب عليه أبو بكر: ( ( باب: القول في لبس السلاح في العيدين وذكر
الثغور)
)
.

يشير إلى أنه في الثغور التي يخاف فيها من هجم العدو غير منهي عنه.


باب
استقبال الإمام الناس [في خطبة العيد]

وقال أبو سعيد: قام النبي ? - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مقابل الناس.

حديث أبي سعيد، قد خرجه فيما سبق.

[ قــ :947 ... غــ :976 ]
- حدثنا أبو نعيم: ثنا محمد بن طلحة، عن زبيد، عن الشعبي، عن
البراء، قال: خرج النبي ? - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الاضحى إلى البقيع، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه، وقال: ( ( إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد وافق سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك، فإنه شيء عجله لأهله، ليس من النسك في شيء) ) .
فقام رجل، فقال: يارسول الله، إني ذبحت، وعندي جذعة خير من مسنة.
قال: ( ( أذبحها، فلا تفي عن أحد بعدك) ) .

في هذا الحديث: أن خروجه وصلاته كانت بالبقيع، وليس المراد به: أنه صلى في المقبرة، وإنما المراد: أنه صلى في الفضاء المتصل بها، واسم البقيع يشمل الجميع 0
وقد ذكر ابن زبالة، بإسناد له، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى العيد خارج المدينة في خمسة مواضع، حتَّى استقر من صلاته في الموضع الذي عرف به، وصلى فيه الناس بعده.
وأما استقباله الناس، فالمراد به: بعد الصلاة عند الخطبة.

وذكر استقباله الناس: يدل على أنه لم يرق منبراً، وأنه كان على الأرض والله سبحانه وتعالى أعلم.