فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب لا يبصق عن يمينه في الصلاة

باب
لا يبصق عن يمينه في الصلاة
خرج فيه حديثين:
الأول: 410، 411 - حديث: أبي هريرة وأبي سعيد الذي خرجه في الباب الماضي، خرجه من طريق عقيل، عن الزهري، ولفظه مثل لفظه، إلا أنه قال:
( ( في حائط المسجد) )
والثاني:
قال:
[ قــ :404 ... غــ :412 ]
- ثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة: أخبرني قتادة، قال: سمعت أنسا، قال: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( لا يتفلن أحدكم بين يديه، ولا عن يمينه، ولكن عن يساره، أو تحت رجله) ) .

وليس في لفظ الحديثين تخصيص ذلك بالصلاة، كما بوب عليه، ولكن هو في رواية أخرى لحديث أنس ذكرها في الباب الآتي.

وقد يفهم من تبويب البخاري اختصاص كراهة البصاق عن اليمين بحال الصلاة، وهو قول المالكية، كما سنذكره فيما بعد - أن شاء الله.

والأكثرون على خلاف ذلك.

قال معاذ: ما بصقت عن يميني منذ أسلمت.
خرجه ابن سعد.

وروي كراهته عن ابن مسعود وابن سيرين.

قال أحمد في رواية مهنا: يكره أن يبزق الرجل عن يمينه في الصلاة، وفي غير الصلاة؛ لأن عن يمينه ملك الحسنات.

يشير إلى حديث أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبزق عن يمينه؛ فإن عن يمينه ملكا) ) .

وقد خرجه البخاري فيما بعد.

وخرج أبي داود هذه اللفظة من حديث أبي سعيد، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وخرج الطبراني بإسناد ضعيف، عن أبي أمامة، قال: قام النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فاستفتح الصلاة، فرأى نخامة في القبلة، فخلع نعله، ثم مشى إليها فحتها، يفعل ذلك ثلاث مرات، فلما قضى صلاته أقبل على الناس، فقال: ( ( أن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يقوم بين يدي الله عز وجل مستقبل ربه تبارك وتعالى، وملكه عن يمينه، وقرينه عن يساره، فلا يتفلن أحدكم بين يديه، ولا عن يمينه، ولكن عن يساره، وتحت قدمه اليسرى، ثم ليعرك فليشدد عركه، فإنما يعرك أذني الشيطان) ) .

وروى وكيع في ( ( كتابه) ) عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال: المصلي لا يبزق في القبلة، ولا عن يمينه؛ فإن عن يمينه كاتب الحسنات، ولكن عن شماله، أو خلف ظهره.

وقد قالَ كثير من السلف في قول الله عز وجل: { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: 17] : أن الذي عن اليمين كاتب الحسنات، والذي عن الشمال كاتب السيئات، منهم: الحسن، والأحنف بن قيس، ومجاهد، وابن جريج، والإمام أحمد.

وزاد ابن جريج، قال: أن قعد فأحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، وأن مشى فأحدهما أمامه والآخر خلفه، وأن رقد فأحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه.

وعلى هذا، فقد يخلو اليمين عن الملك إذا مشى أو رقد.

وحديث أبي أمامة فيه أن الذي على الشمال هو القرين.

يريد به: الشيطان الموكل بالعبد، كما في ( ( صحيح مسلم) ) عن ابن مسعود، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة) ) .
قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: ( ( وإياي، ولكن الله أعانني عليه، فلا يأمرني إلا بخير) ) .

وقد ورد في حديث خرجه الطبراني من حديث أبي مالك الأشعري - مرفوعاً -: ( ( أن القرين هو كاتب السيئات) ) .

وإسناده شامي ضعيف.