فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب الخدم للمسجد

باب
الخدم للمسجد
وقال ابن عباس { نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً} [آل عمران:35] : للمسجد يخدمها.

هذا من رواية عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

وقاله - أيضا -: مجاهد، وعكرمة، وقتادة، والربيع بن أنس وغيرهم.

وقال قتادة والربيع وغيرهما: كانوا يحررون الذكور من أولادهم للكنيسة يخدمها، فكانت تظن أن ما في بطنها ذكرا، فلما وضعت أنثى اعتذرت من ذلك إلى الله، وقالت: { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عمران:36] ؛ لأن الأنثى لا تقوى على ما يقوى عليه الذكر من الخدمة، ولا تستطيع أن تلازم المسجد في حيضها ومع الله، فقال الله - عز وجل -: { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} [آل عمران:37] - يعني: أن الله قبل نذرها، وأن كان أنثى؛ فإنه أعلم بما وضعت، وهذا كان في دين بني إسرائيل.

وقد ذكر طائفة من المفسرين: أن هذا كان شرعا لهم، وأن شرعنا غير موافق له.

وخالفهم آخرون: قال القاضي أبو يعلى في ( ( كتاب أحكام القرآن) ) : هذا النذر صحيح في شريعتنا، فإنه إذا نذر الإنسان أن ينشئ ولده الصغير على عبادة الله وطاعته، وأن يعلمه القرآن والفقه وعلوم الدين صح النذر.

وهذا الذي قاله حق؛ فقد قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( من نذر أن يطيع الله فليطعه) ) ، فلو نذر أحد أن يخدم مسجداً لله - عز وجل - لزمه الوفاء بذلك مع القدرة، وأما إن نذر أن يجعل ولده لله ملازما لمسجد يخدمه ويتعبد فيه، فلا يبعد أن يلزمه الوفاء بذلك، فإنه نذر طاعة فيلزمه أن يجرد ولده لما نذره له، ويجب على الولد طاعة أبيه إذا أمره بطاعة الله - عز وجل -.

وقد نص الإمام أحمد على أن الكافرين إذا جعلا ولدهما الصغير مسلما صار مسلما بذلك.

ولو وقف عبده على خدمة الكعبة صح -: نص عليه أحمد - أيضا.

ونص في عبد موقوف على خدمة الكعبة أنه إذا أبى أن يخدم بيع واشترى بثمنه عبد يخدم مكانه.

وروى سعيد بن سالم القداح، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، أن معاوية أخدم الكعبة عبيدا بعث بهم إليها، ثم اتبعت ذلك الولاة بعده.

خرجه الأزرقي.
قال البخاري:
[ قــ :450 ... غــ :460 ]
- حدثنا أحمد بن واقد: ثنا حماد، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن أمرأة - أو رجلا - كانت تقم المسجد - ولا أراه إلا أمرأة - فذكر حديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه صلى على قبرها.

وقد سبق الحديث قريبا بتمامه مع الكلام عليه.

وإنما خرج هاهنا منه ما يدخل في هذا الباب، وهو: أن هذه المرأة كانت تقم المسجد، وتقوم بخدمته وتنظيفه وإخراج القمامة منه.