فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب التطوع خلف المرأة

باب
التطوع خلف المرأة
[ قــ :500 ... غــ :513 ]
- حدثنا عبد الله بن يوسف: أبنا مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن
عبيد الله، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنها قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما.

قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح.

دل هذا الحديث على أن من صلى إلى امرأة بين يديه، وليست معه في صلاة واحدة فإن صلاته صحيحة، وقد نص على ذلك سفيان وأحمد وإسحاق، ولا نعلم فيه خلافا.

وإنما اختلفوا: إذا كانا في صلاة واحدة، وليس بينهما سترة.

وقد سبق ذكر ذلك في ( ( باب: إذا أصاب ثوب المصلي امرأته إذا سجد) ) .

ولكن يجيء على قول من يقول: إن مرور المرأة يبطل الصلاة، وإن قيامها وجلوسها واضطجاعها كمرورها، أنه تبطل الصلاة باستقبالها.

وقد حكي رواية عن أحمد، ونص أحمد على أن المرأة إذا كانت بين يدي المصلي، وهي في غير صلاة فلا بأس به، واحتج بحديث عائشة -: نقله عنه حرب.
وكره الشافعي أن يستتر الرجل بالمرأة في صلاته؛ لما يخشى من فتنتها للمصلي، وشغلها لقلبه.

وهذا إذا كان بحيث ينظر إليها، فأما إن كان ذلك في ظلمة الليل، كما في حديث عائشة، فقد أمن من ذلك.

ولم يفرق الشافعي وأحمد بين النفل والفرض.

وظاهر تبويب البخاري يدل على التفريق بينهما، وأن الرخصة في النفل خاصة.

وقد نص أحمد على مثل ذلك في رواية أخرى عنه، وأن الرخصة في صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المرأة كان مخصوصا به؛ لأنه كان يملك نفسه، وغيره يخشى عليه الفتنة، وهذه دعوى لا دليل عليها.