فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من لم ير التشهد الأول واجبا لأن النبي صلى الله عليه وسلم: «قام من الركعتين ولم يرجع»

( بابُُ مَن لَمْ يَرَ التَّشَهُّدَ الأولَ وَاجِبا لِأَن النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ ولَمْ يَرْجِعْ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم من لم ير التَّشَهُّد الأول فِي الجلسة الأولى من الثلاثية أَو الرّبَاعِيّة، وَالْمرَاد من التَّشَهُّد تشهد الصَّلَاة، وَهُوَ التَّحِيَّات، سمي تشهدا لِأَن فِيهِ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وَهُوَ تفعل من الشَّهَادَة.
فَإِن قلت: فِي التَّحِيَّات أَشْيَاء غير التَّشَهُّد، فَمَا وَجه التَّخْصِيص بِلَفْظ التَّشَهُّد؟ قلت: لشرفه على غَيره من حَيْثُ إِنَّه كَلَام بِهِ يصير الشَّخْص مُؤمنا ويرتفع عَنهُ السَّيْف، وينتظم فِي سلك الْمُوَحِّدين الَّذِي بِهِ النجَاة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَالْبُخَارِيّ مِمَّن يرى عدم وجود التَّشَهُّد الأول.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : أجمع فُقَهَاء الْأَمْصَار، أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق وَاللَّيْث وَأَبُو ثَوْر: على أَن التَّشَهُّد الأول غير وَاجِب، حاشا أَحْمد، فَإِنَّهُ أوجبه.
كَذَا نَقله ابْن الْقصار، وَنَقله ابْن التِّين أَيْضا عَن اللَّيْث وَأبي ثَوْر.
وَفِي ( شرح الْهِدَايَة) : قِرَاءَة التَّشَهُّد فِي الْقعدَة الأولى وَاجِبَة عِنْد أبي حنيفَة، وَهُوَ الْمُخْتَار وَالصَّحِيح، وَقيل: سنة وَهُوَ الأقيس، لكنه خلاف ظَاهر الرِّوَايَة، وَفِي ( الْمُغنِي) : إِن كَانَت الصَّلَاة مغربا أَو ربَاعِية فهما واجبان فيهمَا على إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ مَذْهَب اللَّيْث وَإِسْحَاق لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعله وداوم عَلَيْهِ وَأمر بِهِ فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس بقوله: ( قُولُوا التَّحِيَّات لله) وجبره بِالسُّجُود حِين نَسيَه،.

     وَقَالَ : ( صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) وَفِي مُسلم: عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: ( وَكَانَ يَقُول فِي كل رَكْعَتَيْنِ: التَّحِيَّة) وللنسائي من حَدِيث ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا: ( إِذا قعدتم فِي كل رَكْعَتَيْنِ فَقولُوا: التَّحِيَّات.
.
)
الحَدِيث، وَحَدِيث الْمُسِيء وَحَدِيث رِفَاعَة الَّذِي مضى، وَرُوِيَ عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ يَقُول: من لم يتَشَهَّد فَلَا صَلَاة لَهُ.
وَحجَّة الْجُمْهُور هُوَ قَوْله: لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ، يَعْنِي قَامَ إِلَى الثَّالِثَة وَترك التَّشَهُّد وَلم يرجع إِلَى التَّشَهُّد، وَلَو كَانَ وَاجِبا لوَجَبَ عَلَيْهِ التَّدَارُك حِين علم تَركه مَا أَتَى بِهِ، بل جبره بسجود السَّهْو.
.

     وَقَالَ  التَّيْمِيّ: سُجُوده نَاب عَن التَّشَهُّد وَالْجُلُوس، وَلَو كَانَا واجبين لم ينب منابهما سُجُود السَّهْو، كَمَا لَا يَنُوب عَن الرُّكُوع وَسَائِر الْأَركان، وَاحْتج الطَّبَرِيّ لوُجُوبه: بِأَن الصَّلَاة فرضت أَولا رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ التَّشَهُّد فِيهَا وَاجِبا، فَلَمَّا زيدت لم تكن الزِّيَادَة مزيلة لذَلِك.
وَأجِيب بِأَن الزِّيَادَة لم تتَعَيَّن فِي الْأُخْرَيَيْنِ بل يحْتَمل، أَن تَكُونَا هما الْفَرْض الأول والمزيد هما الركعتان الأوليان بتشهدهما، وَيُؤَيِّدهُ اسْتِمْرَار السَّلَام بعد التَّشَهُّد الْأَخير كَمَا كَانَ، وَفِيه نظر يخفى.



[ قــ :807 ... غــ :829 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبَرَنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حدَّثني عَبْدُ الرَّحْمنِ بنْ هُرْمُزَ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ وقالَ مَرَّةً مَوْلَى بَنِي رَبِيعَةَ بنِ الحَارِثِ أنَّ عَبْدَ الله بنَ مالِكٍ ابنِ بُحَيْنَةَ وَهْوَ مِنْ أزْدِ شنُوءَةَ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وكانَ مِنْ أصْحَابِ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَّى بِهِمُ الظهْرَ فقامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ فقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إذَا قَضَى الصَّلاَةَ وانْتَظَرَ الناسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهْوَ جالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما ترك التَّشَهُّد الأول من صَلَاة الظّهْر الَّذِي صلى بهم، لم يرجع إِلَيْهِ، فَلَو كَانَ التَّشَهُّد الأول وَاجِبا لرجع إِلَيْهِ كَمَا ذكرنَا.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة ذكرُوا: أَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب ابْن أبي حَمْزَة وَاسم أبي حَمْزَة: دِينَار، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، بِالْهَاءِ وَالْمِيم المضمومتين بَينهمَا رَاء سَاكِنة: هُوَ الْأَعْرَج، وَعبد الله بن مَالك ابْن بُحَيْنَة، بِضَم الْمُوَحدَة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح النُّون: وَهُوَ اسْم أم عبد الله.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن الْأَوَّلين من الروَاة حمصيان والإثنان بعدهمَا مدنيان.
وَفِيه: ذكر عبد الله ابْن مَالك باسم أَبِيه وبنسبته إِلَى أمه.
وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: شَهَادَة الرَّاوِي التَّابِعِيّ أَن عبد الله بن مَالك من الصَّحَابَة.
وَفِيه: ذكر الزُّهْرِيّ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز أَولا بمولى بني عبد الْمطلب، وَثَانِيا بمولى بني ربيعَة بن الْحَارِث، وَلَا مُنَافَاة بَينهمَا، لِأَنَّهُ ذكر أَولا بجد موَالِيه الْأَعْلَى، وَثَانِيا بمولاه الْحَقِيقِيّ، وَهُوَ ربيعَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب، وَفِيه: ذكر عبد الله بن مَالك مَنْسُوبا إِلَى قبيلته وَهُوَ أَزْد شنُوءَة، وَهِي قَبيلَة مَشْهُورَة، وأزد، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الزَّاي بعْدهَا الدَّال الْمُهْملَة، وشنوءة، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَضم النُّون وَفتح الْهمزَة على وزن: فعولة.
وَفِيه: أَنه حَلِيف لبني عبد منَاف، وَهُوَ صَحِيح، لِأَن جده حَالف الْمطلب بن عبد منَاف.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن عبد الله بن يُوسُف وَعَن قُتَيْبَة وَفِي السَّهْو عَن قُتَيْبَة وَفِي النذور عَن آدم.
وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن يحيى بن يحيى وَعَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح وَعَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي وَعَن عَمْرو بن عُثْمَان.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة وَعَن أبي الطَّاهِر وَعَن يحيى بن حبيب وَعَن سُوَيْد بن نصر وَعَن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي وَعَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود وَعَن سُلَيْمَان بن مُسلم وَعَن مَحْمُود بن غيلَان.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَعبد الله بن نمير.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( لم يجلس) جملَة حَالية أَي: لم يجلس للتَّشَهُّد، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم: ( فَلم يجلس) بِالْفَاءِ، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر: ( وَلم يجلس) بِزِيَادَة: وَاو.
قَوْله: ( حَتَّى إِذا قضى الصَّلَاة) أَي: أَدَّاهَا وتممها، وَالْقَضَاء يَأْتِي بِمَعْنى الْأَدَاء كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى وَفِيه: { فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض} ( الْجُمُعَة: 10) .
أَي: فَإِذا أدّيت.
قَوْله: ( وَهُوَ جَالس) جملَة حَالية.
قَوْله: ( سَجْدَتَيْنِ) أَي: سَجْدَتي السَّهْو.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن التَّشَهُّد الأول غير وَاجِب لقَوْله: ( لم يجلس) ، وَقد ذكرنَا الْخلاف فِيهِ مستقصى.
وَفِيه: أَن الإِمَام إِذا سَهَا وَاسْتمرّ بِهِ السَّهْو حَتَّى يَسْتَوِي قَائِما فِي مَوضِع قعوده للتَّشَهُّد الأول تبعه الْقَوْم، قَالَ الْخطابِيّ: فِيهِ أَن مَوضِع سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام، وَمن فرق بِأَن السَّهْو إِذا كَانَ من نُقْصَان سجد قبل السَّلَام، وَإِذا كَانَ من زِيَادَة سجد بعد السَّلَام، لم يرجع فِيمَا ذهب إِلَيْهِ إِلَى فرق صَحِيح.
قلت: قَوْله: مَوضِع سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام، هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد فِي رِوَايَة، وَهُوَ مَذْهَب الزُّهْرِيّ وَمَكْحُول وَرَبِيعَة وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث بن سعد،.

     وَقَالَ  ابْن قدامَة فِي ( الْمُغنِي) : السُّجُود كُله عِنْد أَحْمد قبل السَّلَام إلاّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ اللَّذين ورد النَّص بسجودهما بعد السَّلَام، وهما: إِذا سلم من نقص فِي صلَاته، أَو تحرى الإِمَام فَبنى على غَالب ظَنّه، وَمَا عداهما يسْجد لَهُ قبل السَّلَام، نَص على هَذَا فِي رِوَايَة الْأَثْرَم.
وَالْجَمَاعَة المذكورون احْتَجُّوا بِحَدِيث الْبابُُ، وَقَول الْخطابِيّ: وَمن فرق بِأَن السَّهْو ... إِلَى آخِره، أَشَارَ بِهِ إِلَى مَذْهَب مَالك، فَإِنَّهُ فصل،.

     وَقَالَ : إِن سُجُود السَّهْو للنقصان قبل السَّلَام وللزيادة بعد السَّلَام، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو ثَوْر أَيْضا وَنَفر من الْحِجَازِيِّينَ.
وَأجَاب الْكرْمَانِي عَن قَول الْخطابِيّ: لم يرجع فِيمَا ذهب إِلَيْهِ إِلَى فرق صَحِيح، بِأَن الْفرق صَحِيح، لِأَنَّهُ قَالَ: السُّجُود فِي النُّقْصَان لجبر مَا فَاتَ لَهُ من الصَّلَاة، فَنَاسَبَ أَن يتداركه فِي نفس الصَّلَاة، وَفِي الزِّيَادَة لترغيم الشَّيْطَان، فَنَاسَبَ خَارج الصَّلَاة.
قلت: هَذَا دَلِيل عَقْلِي، فلِمَ لَمْ يقل فِي رده على الْخطابِيّ: إِن مَالِكًا عمل فِي النُّقْصَان بِحَدِيث ابْن بُحَيْنَة، وَهُوَ حَدِيث الْبابُُ، وَبِحَدِيث مُعَاوِيَة أخرجه النَّسَائِيّ: ( أَنه صلى إمَامهمْ فَقَامَ فِي الصَّلَاة وَعَلِيهِ جُلُوس فسبح النَّاس فتم على قِيَامه ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس بعد أَن أتم الصَّلَاة، ثمَّ قعد على الْمِنْبَر فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من نسي شَيْئا من صلَاته فليسجد مثل هَاتين السَّجْدَتَيْنِ) .
وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بأصرح مِنْهُ، وَلَفظه: ( أَن مُعَاوِيَة صلى بهم فَقَامَ وَعَلِيهِ جُلُوس فَلم يجلس، فَلَمَّا كَانَ فِي آخر السَّجْدَة من صلَاته سجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم، فَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع) .
وَعمل فِي النُّقْصَان بِحَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ وَغَيره،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: وَحَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ مَحْمُول على أَن تَأْخِيره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد السَّلَام كَانَ عَن سَهْو، وَذَلِكَ أَن الصَّلَاة قد توالى فِيهَا السَّهْو وَالنِّسْيَان مَرَّات فِي أُمُور شَتَّى، فَلم يُنكر أَن يكون هَذَا مِنْهَا.
انْتهى.
قلت: أَشَارَ بِهِ إِلَى الْجَواب عَن حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ الَّذِي احْتج بِهِ أَصْحَابنَا، على أَن سَجْدَتي السَّهْو بعد السَّلَام، وَهَذَا غير سديد لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَة إِلَى حمل تَأْخِيره على السَّهْو.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: لِأَن جَمِيع الْعلمَاء قَائِلُونَ بِجَوَاز التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، ونزاعهم فِي الْأَفْضَل، فتأخيره مَحْمُول على بَيَان الْجَوَاز.
قلت: فِي قَوْله: ونزاعهم فِي الْأَفْضَل، فِيهِ نظر، لِأَن الْقَدُورِيّ قَالَ: لَو سجد للسَّهْو قبل السَّلَام، رُوِيَ عَن أَصْحَابنَا أَنه: لَا يجوز لِأَنَّهُ أَدَّاهُ قبل وقته، وَلَكِن قَالَ صَاحب ( الْهِدَايَة) : هَذَا الْخلاف فِي الْأَوْلَوِيَّة، وَكَذَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ فِي ( الْحَاوِي) وَابْن عبد الْبر وَغَيرهم، وأصحابنا احْتَجُّوا فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِحَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: ( صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَهَا، فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فسبحنا بِهِ، فَمضى، فَلَمَّا أتم الصَّلَاة وَسلم سجد سَجْدَتي السَّهْو) .
أخرجه الطَّحَاوِيّ وَالتِّرْمِذِيّ.
.

     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِأَحَادِيث رويت عَن جمَاعَة من الصخابة فِيهَا سُجُود السَّهْو بعد السَّلَام، وَقد بَينا ذَلِك فِي ( شرحنا لمعاني الْآثَار) لِلْحَافِظِ أبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وَمثل مَذْهَبنَا مَرْوِيّ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَجَمَاعَة من التَّابِعين، أما الصَّحَابَة فهم: عَليّ بن أبي طَالب وَسعد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَبَّاس وعمار بن يَاسر وَعبد الله بن الزبير وَأنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَأما التابعون: فإبراهيم النَّخعِيّ وَابْن أبي ليلى وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَهُوَ مَذْهَب سُفْيَان الثَّوْريّ أَيْضا.