فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من تسوك بسواك غيره

( بابُُ مَنْ تَسَوَّكَ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من تسوك بسواك غَيره فَكَأَنَّهُ يُشِير بِحَدِيث هَذَا الْبابُُ إِلَى جَوَاز ذَلِك وَإِلَى طَهَارَة ريق بني آدم.



[ قــ :864 ... غــ :890 ]
- حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ قَالَ قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ أَخْبرنِي أبي عَن عَائِشةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحمانِ بنُ أبِي بَكْرٍ ومَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ فَنَظَرَ إلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْتُ لَهُ أعْطِنِي هاذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمانِ فأعْطَانِيهِ فَقَصَمْتُهُ ثُمَّ مَضَغْتُهُ فأعْطَيْتُهُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاسْتَنَّ بِهِ وَهْوَ مُسْتَسْنِدٌ إلَى صَدْرِي.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسوك بسواك عبد الرَّحْمَن، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: إِسْمَاعِيل بن أبي أويس.
الثَّانِي: سُلَيْمَان بن بِلَال.
الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة.
الرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.
الْخَامِس: عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون.
وَفِيه: أَن رِوَايَة إِسْمَاعِيل عَن سُلَيْمَان بِهَذَا الْإِسْنَاد لم تعرف فِي غير طَرِيق البُخَارِيّ عَنهُ، وَإِسْمَاعِيل يروي عَنهُ أَيْضا كثيرا بِوَاسِطَة.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي فَضَائِل أبي بكر.
وَفِي الْجَنَائِز بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور عَن إِسْمَاعِيل، وَأخرجه أَيْضا فِي الْخمس والمغازي ومرضه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفضل عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَأخرجه مُسلم فِي فضل عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( دخل) ، أَي: دخل عبد الرَّحْمَن حجرَة عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فِي مرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( وَمَعَهُ سواك) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا، وَكَذَلِكَ قَوْله: ( يستن بِهِ) ، جملَة فعلية حَالية.
أَي: يستاك بِهِ من الاستنان، وَقد مر عَن قريب.
قَوْله: ( إِلَيْهِ) أَي: إِلَى عبد الرَّحْمَن.
قَوْله: ( فَقلت لَهُ) أَي: قَالَت عَائِشَة: فَقلت لعبد الرَّحْمَن.
قَوْله: ( فقصمته) فِي هَذِه اللَّفْظَة ثَلَاث رِوَايَات.
الأولى: بِالْقَافِ وَالصَّاد الْمُهْملَة، وَهِي رِوَايَة الْأَكْثَرين أَي: كَسرته، فأبنت مِنْهُ الْموضع الَّذِي كَانَ عبد الله يستن مِنْهُ، وأصل: القصم، الدق وَالْكَسْر.
وَيُقَال لما يكسر من رَأس السِّوَاك إِذا قَصم: القصامة، يُقَال: وَالله لَو سَأَلَني قصامة سواك مَا أَعْطيته، و: القصمة بِالْكَسْرِ: الكسرة.
وَفِي الحَدِيث: ( استغنوا وَلَو من قصمة السِّوَاك) .
الرِّوَايَة الثَّانِيَة: بِالْفَاءِ وَالصَّاد الْمُهْملَة، فَإِنَّهُ كسر بإبانة.
.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: هُوَ فِي الْكتب بصاد غير مُعْجمَة وقاف، وَضَبطه بَعضهم بِالْفَاءِ، وَالْمعْنَى صَحِيح.
الرِّوَايَة الثَّالِثَة: بِالْقَافِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة، وَهِي رِوَايَة كَرِيمَة وَابْن السكن وَالْمُسْتَمْلِي والحموي، وَهُوَ من: القضم، بِالْقَافِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة، وَهُوَ الْأكل بأطراف الْأَسْنَان،.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: وَهُوَ الْأَصَح.
وَكَانَت عَائِشَة أَخَذته بأطراف أسنانها.
.

     وَقَالَ  ثَعْلَب: قضمت الدَّابَّة شعيرها، بِكَسْر ثَانِيه، تقضم.
وَحكى الْفَتْح فِي الْمَاضِي.
قَوْله: ( وَهُوَ مُسْتَند) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا، ويروى: ( وَهُوَ مستسند) فَالْأول من الِاسْتِنَاد من بابُُ الافتعال، وَالثَّانِي: من الاستسناد من بابُُ الاستفعال.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: دَلِيل على طَهَارَة ريق بني آدم، وَعَن النَّخعِيّ نَجَاسَة البصاق.
وَفِيه: دَلِيل على جَوَاز الدُّخُول فِي بَيت الْمَحَارِم.
وَفِيه: إصْلَاح السِّوَاك وتهيئته.
وَفِيه: الاستياك بسواك غَيره.
وَفِيه: الْعَمَل بِمَا يفهم عِنْد الْإِشَارَة والحركات.
وَفِيه: الدَّلِيل على تَأَكد أَمر السِّوَاك فِي اسْتِعْمَاله.