فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء

( بَاب رفع النَّاس أَيْديهم مَعَ الإِمَام فِي الاسْتِسْقَاء)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن النَّاس يرفعون أَيْديهم عِنْد رفع الإِمَام يَدَيْهِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الرَّد على من زعم أَنه يكْتَفى بِدُعَاء الإِمَام ( وَقَالَ أَيُّوب بن سُلَيْمَان حَدثنِي أَبُو بكر بن أبي أويس عَن سُلَيْمَان بن هِلَال.
قَالَ يحيى بن سعيد سَمِعت أنس بن مَالك قَالَ أَتَى رجل أَعْرَابِي من أهل البدو إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ يَا رَسُول الله هَلَكت الْمَاشِيَة هلك الْعِيَال هلك النَّاس فَرفع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدَيْهِ يَدْعُو وَرفع النَّاس أَيْديهم مَعَه يدعونَ.
قَالَ فَمَا خرجنَا من الْمَسْجِد حَتَّى مُطِرْنَا فَمَا زلنا نمطر حَتَّى كَانَت الْجُمُعَة الْأُخْرَى فَأتى الرجل إِلَى نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا رَسُول الله بشق الْمُسَافِر وَمنع الطَّرِيق بشق أَي مل)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة هَذَا تَعْلِيق ذكره البُخَارِيّ عَن شَيْخه أَيُّوب بن سُلَيْمَان بن هِلَال وَوَصله أَبُو نعيم الْحَافِظ قَالَ حَدثنَا أَبُو أَحْمد مُحَمَّد بن أَحْمد حَدثنَا مُوسَى بن الْعَبَّاس وَإِسْحَق الْحَرْبِيّ قَالَا حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ حَدثنَا أَيُّوب عَن سُلَيْمَان حَدثنَا أَبُو بكر فَذكره.

     وَقَالَ  ذكره البُخَارِيّ فَقَالَ.

     وَقَالَ  أَيُّوب بن سُلَيْمَان بِلَا رِوَايَة.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيّ أخبرنَا مُوسَى بن الْعَبَّاس حَدثنَا أَبُو إِسْمَاعِيل حَدثنَا أَيُّوب بن سُلَيْمَان وَعِنْده " حبس الْمُسَافِر وَانْقطع الطَّرِيق ".

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الْخَالِق الْمُؤَذّن أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن خنب البُخَارِيّ أخبرنَا أَبُو إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ حَدثنَا أَيُّوب عَن سُلَيْمَان وَفِيه " فَأتى الرجل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا رَسُول الله بشق الْمُسَافِر وَمنع الطَّرِيق " الحَدِيث قَوْله " أَبُو بكر بن أبي أويس " هُوَ أَبُو بكر عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله ابْن أبي أويس بن مَالك بن عَامر الأصبحي الْمدنِي وَهُوَ أَخُو إِسْمَاعِيل ابْن أبي أويس قَوْله " عَن سُلَيْمَان " هُوَ أَبُو أَيُّوب الْمَذْكُور وَيحيى بن سعيد بن قيس الْأنْصَارِيّ وَأَبُو سعيد الْمدنِي القَاضِي قَوْله " يَدْعُو " من الْأَحْوَال الْمقدرَة وَكَذَلِكَ قَوْله " يدعونَ " قَوْله " مُطِرْنَا " بِضَم الْمِيم على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " فَأتى الرجل " أَي الْمَذْكُور إِذْ اللَّام فِي مثله للْعهد عَن النكرَة السَّابِقَة قَالَ الْكرْمَانِي ( فَإِن قلت) قد مر أَن أنسا قَالَ " لَا أَدْرِي أهوَ الرجل الأول أَو غَيره " ( قلت) لَا مُنَافَاة إِذْ رُبمَا نسي ثمَّ تذكر أَو كَانَ ذَاكِرًا ثمَّ نسي قَوْله " بشق الْمُسَافِر " بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره قَاف وَفَسرهُ البُخَارِيّ بقوله " بشق أَي مل ".

     وَقَالَ  الْخطابِيّ بشق لَيْسَ بِشَيْء إِنَّمَا هُوَ لثق الْمُسَافِر من اللثق بالثاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ الوحل يُقَال لثق الثَّوْب إِذا أَصَابَهُ ندى الْمَطَر ولطخ الطين وَيحْتَمل أَن يكون مشق بِالْمِيم فحسبه السَّامع بشق لتقارب مخرجي الْبَاء وَالْمِيم يُرِيد أَن الطّرق صَارَت مزلة زلقا وَمِنْه مشق الْخط.

     وَقَالَ  ابْن بطال وَذكر الروَاة فِي هَذَا الحَدِيث بشق الْمُسَافِر بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَلم أجد لَهُ فِي اللُّغَة معنى وَوجدت فِي نَوَادِر اللحياني نشق بالنُّون وَكسر الشين بِمَعْنى نشب وعَلى هَذَا يَصح الْمَعْنى فِي قَوْله " وَمنع الطَّرِيق " قَالَ صَاحب التَّلْوِيح وَفِيه نظر لما ذكره أَبُو مُحَمَّد فِي الْكتاب الواعي فِي الحَدِيث بشق الْمُسَافِر وَرَوَاهُ الْمُسْتَمْلِي فِي صَحِيح البُخَارِيّ كَذَا يَعْنِي بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَمعنى بشق مل قَالَ وَفِي المنضد لكراع بشق تَأَخّر وَلم يتَقَدَّم قَالَ فَمَعْنَى بشق الْمُسَافِر ضعف عَن السّفر وَعجز مِنْهُ لِكَثْرَة الْمَطَر كضعف الباشق وعجزه عَن التصيد لِأَنَّهُ ينفر الصَّيْد وَلَا يصيد.

     وَقَالَ  صَاحب الْمُجْمل بشق الظبي فِي الحبالة علق وَرجل بشق يَقع فِي الْأَمر لَا يكَاد يتَخَلَّص مِنْهُ قَالُوا رفع الْيَد مُسْتَحبّ فِي الاسْتِسْقَاء لِأَنَّهُ خضوع وتضرع إِلَى الله تَعَالَى رُوِيَ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " إِن الله حييّ يستحيي إِذا رفع العَبْد إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَن يردهما صفرا " وَكَانَ مَالك يرى رفع الْيَدَيْنِ فِي الاسْتِسْقَاء وبطونهما إِلَى الأَرْض وَذَلِكَ الْعَمَل عِنْد الاستكانة وَالْخَوْف وَهُوَ الرهب وَأما عِنْد الرَّغْبَة وَالسُّؤَال فَبسط الْأَيْدِي وَهُوَ الرغب وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى { ويدعوننا رغبا ورهبا} .

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ قَالَ جمَاعَة من أَصْحَابنَا وَغَيرهم السّنة فِي كل دُعَاء لدفع بلَاء كالقحط أَن يرفع يَدَيْهِ وَيجْعَل ظهر كفيه إِلَى السَّمَاء فَإِذا دَعَا لسؤال شَيْء وتحصله جعل بطُون كفيه إِلَى السَّمَاء ( وَقَالَ الأويسي حَدثنِي مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن يحيى بن سعيد وَشريك سمعا أنسا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه رفع يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْت بَيَاض إبطَيْهِ) الأويسي بِضَم الْهمزَة وَفتح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالسين الْمُهْملَة هُوَ عبد الْعَزِيز بن عبد الله وَقد تقدم وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي كثير الْمدنِي أَخُو إِسْمَاعِيل وَقد تقدم وَشريك بن عبد الله وَقد تقدم وَهَذَا التَّعْلِيق هُنَا ثَابت فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَثَبت لأبي الْوَقْت وكريمة فِي آخر الْبَاب الَّذِي بعده وَسقط بِالْكُلِّيَّةِ عِنْد الْبَقِيَّة وَهُوَ مَذْكُور عِنْد الْجَمِيع فِي كتاب الدَّعْوَات وَوصل أَبُو نعيم فِي الْمُسْتَخْرج هَذَا التَّعْلِيق وَسَيَأْتِي هُنَاكَ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.