فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من رجع القهقرى في صلاته، أو تقدم بأمر ينزل به

( بابُُ من رَجَعَ الْقَهْقَرَى فِي صلَاته أَو تقدم بِأَمْر ينزل بِهِ)
أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْمُصَلِّي الَّذِي رَجَعَ الْقَهْقَرَى فِي صلَاته.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير الْقَهْقَرَى هُوَ الْمَشْي إِلَى خلف من غير أَن يُعِيد وَجهه إِلَى جِهَة مَشْيه قيل أَنه من بابُُ الْقَهْر.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي الْقَهْقَرَى الرُّجُوع إِلَى خلف فَإِذا قلت رجعت الْقَهْقَرَى فكأنك قلت رجعت الرُّجُوع الَّذِي يعرف بِهَذَا الِاسْم لِأَن الْقَهْقَرَى ضرب من الرُّجُوع ( قلت) فعلى هَذَا انتصابه على المصدرية من غير لَفظه قَوْله " أَو تقدم " أَي تقدم الْمُصَلِّي إِلَى قُدَّام لأجل أَمر ينزل بِهِ
( رَوَاهُ سهل بن سعد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) أَي روى كل وَاحِد من رُجُوع الْمُصَلِّي الْقَهْقَرَى فِي صلَاته وتقدمه لأمر ينزل بِهِ سهل بن سعد وروى ذَلِك البُخَارِيّ عَن سهل فِي بابُُ الصَّلَاة فِي الْمِنْبَر والسطوح فِي أَوَائِل كتاب الصَّلَاة فَقَالَ حَدثنَا عَليّ بن عبد الله قَالَ حَدثنَا سُفْيَان قَالَ أخبرنَا أَبُو حَازِم قَالُوا سَأَلُوا سهل بن سعد من أَي شَيْء الْمِنْبَر الحَدِيث وَفِيه " فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَي على الْمِنْبَر إِلَى أَن قَالَ فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَكبر وَقَامَ النَّاس خَلفه فَقَرَأَ وَركع وَركع النَّاس خَلفه ثمَّ رفع رَأسه ثمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى فَسجدَ على الأَرْض ثمَّ عَاد إِلَى الْمِنْبَر ثمَّ قَرَأَ ثمَّ ركع ثمَّ رفع رَأسه ثمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سجد بِالْأَرْضِ فَهَذَا شَأْنه ".

     وَقَالَ  بَعضهم يُشِير بذلك يَعْنِي بقوله رَوَاهُ سهل بن سعد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى حَدِيثه الْمَاضِي قَرِيبا فَفِيهِ " فَرفع أَبُو بكر يَده فَحَمدَ الله ثمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى " وَأما قَوْله " أَو تقدم " فَهُوَ مَأْخُوذ من الحَدِيث أَيْضا وَذَلِكَ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقف فِي الصَّفّ الأول خلف أبي بكر على إِرَادَة الائتمام بِهِ فَامْتنعَ أَبُو بكر من ذَلِك فَتقدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرجع أَبُو بكر من موقف الإِمَام إِلَى موقف الْمَأْمُوم انْتهى ( قلت) الَّذِي قَالَه يردهُ الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي " رَوَاهُ " يفهم ذَلِك من لَهُ أدنى ذوق من أَحْوَال تركيب الْكَلَام وَلذَلِك أعدنا الضَّمِير فِيهِ إِلَى مَا قدرناه وَصَاحب التَّلْوِيح أَيْضا ذهل فِي هَذَا.

     وَقَالَ  بعد قَوْله " رَوَاهُ سهل " هَذَا الحَدِيث تقدم مُسْندًا فِي بابُُ مَا يجوز من التَّسْبِيح فِي الصَّلَاة ثمَّ قَالَ وَفِي قَوْله " رَوَاهُ سهل " عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهِ نظر وَذَلِكَ أَنه إِنَّمَا شَاهد الْفِعْل وَهُوَ التَّقَدُّم من سيدنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والتأخر من أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ثمَّ قَالَ الْقَائِل الْمَذْكُور وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِحَدِيث سهل مَا تقدم فِي الْجُمُعَة من صلَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْمِنْبَر ونزوله الْقَهْقَرَى حَتَّى سجد فِي أصل الْمِنْبَر ثمَّ عَاد إِلَى مقَامه ( قلت) قَوْله يحْتَمل غير سديد لِأَن البُخَارِيّ مَا أَرَادَ إِلَّا هَذَا الحَدِيث وَهُوَ الْمُنَاسب لما ذكره وَلَا يُقَال فِي مثل هَذَا بِالِاحْتِمَالِ

[ قــ :1162 ... غــ :1205]
- ( حَدثنَا بشر بن مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا عبد الله.
قَالَ يُونُس.
قَالَ الزُّهْرِيّ أَخْبرنِي أنس بن مَالك أَن الْمُسلمين بَيْنَمَا هم فِي الْفجْر يَوْم الِاثْنَيْنِ وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يُصَلِّي بهم ففجأهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد كشف ستر حجرَة عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَنظر إِلَيْهِم وهم صُفُوف فَتَبَسَّمَ يضْحك فنكص أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ على عَقِبَيْهِ وَظن أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُرِيد أَن يخرج إِلَى الصَّلَاة وهم الْمُسلمُونَ أَن يفتتنوا فِي صلَاتهم فَرحا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين رَأَوْهُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَن أَتموا ثمَّ دخل الْحُجْرَة وأرخى السّتْر وَتُوفِّي ذَلِك الْيَوْم)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي التَّقَدُّم يسْتَأْنس من قَوْله " ففجأهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَهَذَا يدل على أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اتَّصل بالصف فلولا ذَلِك لما نكص أَبُو بكر على عَقِبَيْهِ ومطابقته فِي التَّأَخُّر فِي قَوْله " فنكص أَبُو بكر على عَقِبَيْهِ " والْحَدِيث مر فِي بابُُ أهل الْعلم وَالْفضل أَحَق بِالْإِمَامَةِ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس وَعَن أبي معمر عَن عبد الْوَارِث عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس وَذكرنَا هُنَاكَ جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ.
وَبشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وبالراء ابْن مُحَمَّد الْمروزِي قد مر فِي بابُُ بَدْء الْوَحْي وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك وَقد تكَرر ذكره وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم قَوْله " قَالَ يُونُس قَالَ الزُّهْرِيّ " أَي قَالَ قَالَ يُونُس قَالَ الزُّهْرِيّ وَهِي تحذف خطأ فِي الِاصْطِلَاح لَا نطقا قَوْله " بَيْنَمَا هم " أَي الصَّحَابَة فِي صَلَاة الْفجْر والْحَدِيث الَّذِي فِيهِ " مروا أَبَا بكر " كَانَت صَلَاة الْعشَاء وَالَّذِي فِيهِ " خرج يهادي بَين اثْنَيْنِ " كَانَت صَلَاة الظّهْر قَوْله " وَأَبُو بكر " الْوَاو فِيهِ للْحَال قَوْله " ففجأهم " بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا أَي فاجأهم.

     وَقَالَ  ابْن التِّين كَذَا وَقع فِي الأَصْل بِالْألف وَحقه أَن يكْتب بِالْيَاءِ لِأَن عينه مَكْسُورَة كوطئهم ( قلت) إِذا كسرت عينه يُقَال فَجِئَهُمْ وَإِذا فتحت يُقَال فجأهم قَوْله " كشف ستر حجرَة عَائِشَة " كَذَا هُوَ فِي أصل الْحَافِظ الدمياطي بِخَطِّهِ وَكَذَا فِي الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأبي نعيم.

     وَقَالَ  الشَّيْخ قطب الدّين فِي سَمَاعنَا إِسْقَاط لفظ حجرَة قَوْله " فنكص " بالصَّاد وبالسين الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي رَجَعَ بِحَيْثُ لم يستدبر الْقبْلَة وَهُوَ الرُّجُوع إِلَى الوراء قَوْله " فَرحا " نصب على التَّعْلِيل وَيجوز أَن يكون حَالا على تَأْوِيل فرحين قَوْله " أَن أَتموا " أَن مَصْدَرِيَّة أَي أَشَارَ بالإتمام