فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الإشارة في الصلاة

( بابُُ الْإِشَارَة فِي الصَّلَاة)
أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْإِشَارَة فِي الصَّلَاة وَالْفرق بَين الْبابَُُيْنِ أَن فِي الْبابُُ الأول كَانَت الْإِشَارَة بمقتض لَهُم وَهَذَا الْبابُُ أَعم من ذَلِك وَقد مر الْبَحْث فِي الْإِشَارَة فِيمَا مضى
( قَالَه كريب عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) أَي قَالَ مَا ذكر من الْإِشَارَة كريب عَن أم سَلمَة فِي حَدِيث الْبابُُ السَّابِق

[ قــ :1190 ... غــ :1234]
- ( حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ حَدثنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بلغه أَن بني عَمْرو بن عَوْف كَانَ بَينهم شَيْء فَخرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصلح بَينهم فِي أنَاس مَعَه فحبس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وحانت الصَّلَاة فجَاء بِلَال إِلَى أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ يَا أَبَا بكر إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد حبس وَقد حانت الصَّلَاة فَهَل لَك أَن تؤم النَّاس.
قَالَ نعم إِن شِئْت فَأَقَامَ بِلَال وَتقدم أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَكبر للنَّاس وَجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمشي فِي الصُّفُوف حَتَّى قَامَ فِي الصَّفّ فَأخذ النَّاس فِي التصفيق وَكَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ لَا يلْتَفت فِي صلَاته فَلَمَّا أَكثر النَّاس الْتفت فَإِذا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمُرهُ أَن يُصَلِّي فَرفع أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يَدَيْهِ فَحَمدَ الله وَرجع الْقَهْقَرَى وَرَاءه حَتَّى قَامَ فِي الصَّفّ فَتقدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى للنَّاس فَلَمَّا فرغ أقبل على النَّاس فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس مالكم حِين نابكم شَيْء فِي الصَّلَاة أَخَذْتُم فِي التصفيق إِنَّمَا التصفيق للنِّسَاء من نابه شَيْء فِي صلَاته فَلْيقل سُبْحَانَ الله فَإِنَّهُ لَا يسمعهُ أحد حِين يَقُول سُبْحَانَ الله إِلَّا الْتفت يَا أَبَا بكر مَا مَنعك أَن تصلي للنَّاس حِين أَشرت إِلَيْك فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أبي قُحَافَة أَن يُصَلِّي بَين يَدي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -)
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله " فَأخذ النَّاس فِي التصفيق " لِأَن التصفيق يكون بِالْيَدِ وحركتها بِهِ كحركتها بِالْإِشَارَةِ وَيُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله " الْتفت " أَي أَبُو بكر لِأَن الِالْتِفَات فِي معنى الْإِشَارَة ( فَإِن قلت) قد أنكر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِم فِي التصفيق فَكيف تُؤْخَذ مِنْهُ إِبَاحَة الْإِشَارَة ( قلت) لَا يضر ذَلِك لإباحة الْإِشَارَة أَلا ترى أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يَأْمُرهُم بِإِعَادَة الصَّلَاة بِسَبَب ذَلِك ( فَإِن قلت) لم لَا يُؤْخَذ وَجه التَّرْجَمَة من قَوْله " حِين أَشرت إِلَيْك " ( قلت) لَا يُطَابق هَذَا لِأَن هَذِه الْإِشَارَة وَقعت مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل أَن يحرم بِالصَّلَاةِ وَالْكَلَام فِي الْإِشَارَة الْوَاقِعَة فِي الصَّلَاة ثمَّ إِن هَذَا الحَدِيث قد مضى فِي بابُُ من دخل ليؤم النَّاس أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن أبي حَازِم بن دِينَار عَن سهل بن سعد وَفِي بابُُ رفع الْأَيْدِي فِي الصَّلَاة لأمر نزل بِهِ وَقد تكلمنا فِيهِ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ فِيهِ أَن الصَّحَابَة بَادرُوا إِلَى إِقَامَة الصَّلَاة فِي أول وَقتهَا وَلم يُنكر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عدم انتظارهم ( قلت) لَا يفهم من لفظ الحَدِيث مبادرتهم وَإِنَّمَا كَانَت الْمُبَادرَة من بِلَال لَا لأجل أَن الْأَفْضَل أَدَاؤُهَا فِي أول الْأَوْقَات وَإِنَّمَا بَادر لِأَن الْجَمَاعَة قد حَضَرُوا وَرُبمَا كَانُوا يتضررون بِالتَّأْخِيرِ والانتظار إِلَى مَجِيء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما لَهُم من الْأُمُور الشاغلة


[ قــ :1191 ... غــ :135]
( حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان قَالَ حَدثنِي ابْن وهب قَالَ حَدثنَا الثَّوْريّ عَن هِشَام عَن فَاطِمَة عَن أَسمَاء قَالَت دخلت على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَهِي تصلي قَائِمَة وَالنَّاس قيام فَقلت مَا شَأْن النَّاس فَأَشَارَتْ برأسها إِلَى السَّمَاء قلت آيَة فَأَشَارَتْ برأسها أَي نعم) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَأَشَارَتْ برأسها أَي نعم " والْحَدِيث مضى فِي بَاب الْفتيا بِإِشَارَة الْيَد وَالرَّأْس عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن ابْن وهب عَن هِشَام عَن فَاطِمَة عَن أَسمَاء الحَدِيث مضى فِي كتاب الْعلم وَمضى أَيْضا فِي بَاب صَلَاة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال فِي الْكُسُوف فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن امْرَأَته فَاطِمَة بنت الْمُنْذر " عَن أَسمَاء بنت أبي بكر أَنَّهَا قَالَت أتيت عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين خسفت الشَّمْس فَإِذا النَّاس قيام يصلونَ وَإِذا هِيَ قَائِمَة تصلي " الحَدِيث مطولا وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب وَالثَّوْري بالثاء الْمُثَلَّثَة سُفْيَان وَقد مضى شَرحه مُسْتَوْفِي


[ قــ :119 ... غــ :136]
- ( حَدثنَا إِسْمَاعِيل قَالَ حَدثنَا مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا قَالَت صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيته وَهُوَ شَاك جَالِسا وَصلى وَرَاءه قوم قيَاما فَأَشَارَ إِلَيْهِم أَن اجلسوا فَلَمَّا انْصَرف قَالَ إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ فَإِذا ركع فاركعوا وَإِذا رفع فارفعوا) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَأَشَارَ إِلَيْهِم " والْحَدِيث مضى فِي بابُُ إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ الحَدِيث بأطول مِنْهُ وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس ابْن أُخْت مَالك بن أنس قَوْله " وَهُوَ شَاك " أَي يشكو عَن انحراف مزاجه أَرَادَ أَنه مَرِيض وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ بعون الله كمل طبع الْجُزْء السَّابِع من عُمْدَة الْقَارِي شرح صَحِيح البُخَارِيّ للْإِمَام الْبَدْر الْعَيْنِيّ ويتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْجُزْء الثَّامِن ومطلعه ( كتاب الْجَنَائِز) نَسْأَلهُ سُبْحَانَهُ الْإِعَانَة لإتمامه على هَذَا الْوَجْه الْحسن وَمَا ذَلِك على الله بعزيز -