فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: كيف يكفن المحرم؟

( بابٌُ كيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِمُ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ كَيفَ يُكفن الْمحرم إِذا مَاتَ، وَلَيْسَت هَذِه التَّرْجَمَة بموجودة فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، قيل: ضمن هَذِه التَّرْجَمَة الِاسْتِفْهَام عَن الْكَيْفِيَّة، مَعَ أَنَّهَا مبينَة، لَكِنَّهَا لما كَانَت يحْتَمل أَن تكون خَاصَّة بذلك الرجل وَأَن تكون عَامَّة لكل محرم آثر المُصَنّف الِاسْتِفْهَام،.

     وَقَالَ  بَعضهم: يظْهر أَن المُرَاد بقوله: كَيفَ يُكفن؟ أَي: كَيْفيَّة التَّكْفِين؟ وَلم يرد الإستفهام.
وَكَيف يظنّ بِهِ أَنه مُتَرَدّد فِيهِ وَقد جزم قبل ذَلِك بِأَنَّهُ عَام فِي حق كل أحد حَيْثُ ترْجم بِجَوَاز التَّكْفِين فِي ثَوْبَيْنِ؟ قلت: قَوْله لم يرد بِهِ الِاسْتِفْهَام، غير صَحِيح، لِأَن: كَيفَ، للاستفهام الْحَقِيقِيّ فِي الْغَالِب، وَمَعْنَاهُ السُّؤَال عَن الْحَال، وَعدم تردد البُخَارِيّ فِي: بابُُ التَّكْفِين فِي ثَوْبَيْنِ، لَا يسْتَلْزم عدم تردده فِي هَذَا الْبابُُ.


[ قــ :1220 ... غــ :1267 ]
- ( حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان قَالَ أخبرنَا أَبُو عوَانَة عَن أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا وقصه بعيره وَنحن مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ محرم فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اغسلوه بِمَاء وَسدر وكفنوه فِي ثَوْبَيْنِ وَلَا تمسوه طيبا وَلَا تخمروا رَأسه فَإِن الله يَبْعَثهُ يَوْم الْقِيَامَة ملبدا) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " وَلَا تخمروا رَأسه " وَهُوَ مثل الحَدِيث الأول غير أَن سَنَده عَن أبي النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل عَن ابْن عوَانَة الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي وَيُقَال الْكِنْدِيّ الوَاسِطِيّ عَن أبي بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة جَعْفَر بن أبي وحشية قَوْله " وَنحن " الْوَاو فِيهِ للْحَال وَكَذَلِكَ الْوَاو فِي " وَهُوَ محرم " قَوْله " وَلَا تمسوه " بِضَم التَّاء وَكسر الْمِيم من الإمساس قَوْله " ملبدا " كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي " ملبيا " كَمَا فِي الرِّوَايَة الأولى وَالثَّانيَِة وَهُوَ من التلبيد وَهُوَ أَن يَجْعَل الْمحرم فِي رَأسه شَيْئا من الصمغ ليلتصق شعره فَلَا يشعث فِي الْإِحْرَام وَأنكر عِيَاض رِوَايَة التلبيد.

     وَقَالَ  لَيْسَ لَهُ معنى ( قلت) لَهُ معنى وَهُوَ أَن الله تَعَالَى يَبْعَثهُ على هَيئته الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا



[ قــ :11 ... غــ :168 ]
- ( حَدثنَا مُسَدّد قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن عَمْرو وَأَيوب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رجل وَاقِف مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَرَفَة فَوَقع عَن رَاحِلَته.
قَالَ أَيُّوب فوقصته.

     وَقَالَ  عَمْرو فأقعصته فَمَاتَ فَقَالَ اغسلوه بِمَاء وَسدر وكفنوه فِي ثَوْبَيْنِ وَلَا تحنطوه وَلَا تخمروا رَأسه فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة.
قَالَ أَيُّوب يُلَبِّي.
.

     وَقَالَ  عَمْرو ملبيا)
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " وَلَا تخمروا وَجهه " وَهَذَا طَرِيق آخر لحَدِيث ابْن عَبَّاس عَن مُسَدّد إِلَى آخِره وَعَمْرو بِفَتْح الْعين هُوَ ابْن دِينَار وَحَمَّاد بن زيد يرويهِ عَن عَمْرو وَعَن أَيُّوب جَمِيعًا وَكِلَاهُمَا يرويان عَن سعيد بن جُبَير قَوْله " كَانَ رجل وَاقِف " بِالرَّفْع لِأَن كَانَ تَامَّة ويروى " وَاقِفًا " بِالنّصب على أَنَّهَا نَاقِصَة قَوْله " قَالَ أَيُّوب فوقصته " أَي قَالَ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ فِي رِوَايَته " فوقصته " بِالْقَافِ بعْدهَا الصَّاد من الوقص وَهُوَ كسر الْعُنُق كَمَا ذكرنَا قَوْله ".

     وَقَالَ  عَمْرو " أَي قَالَ عَمْرو بن دِينَار فِي رِوَايَة " فأقعصته " بِالْقَافِ بعْدهَا الْعين ثمَّ الصَّاد المهملتان من الإقعاص وَهُوَ إعجال الْهَلَاك كَمَا قُلْنَا فِيمَا مضى مستقصى قَوْله " قَالَ أَيُّوب " أَي قَالَ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ فِي رِوَايَته " يُلَبِّي " بِصِيغَة الْمُضَارع الْمَبْنِيّ للْفَاعِل.

     وَقَالَ  عَمْرو بن دِينَار فِي رِوَايَته " ملبيا " على صِيغَة اسْم الْفَاعِل الْمَنْصُوب على الْحَال وَالْفرق بَينهمَا أَن يُلَبِّي يدل على تجدّد التَّلْبِيَة مستمرا وملبيا يدل على ثُبُوتهَا -