فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام

( بابُُ مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أوْ ثَلاَثَةً عَلَى الجَنَازَةِ خَلْفَ الإمَامِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من صف النَّاس صفّين أَو ثَلَاثَة صُفُوف على الْجِنَازَة خلف الإِمَام، وَاعْترض على هَذِه التَّرْجَمَة من وَجْهَيْن: الأول: أَن فِي حَدِيث الْبابُُ قَول جَابر: كنت فِي الصَّفّ الثَّانِي وَالثَّالِث، لَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون مُنْتَهى الصُّفُوف، وَالثَّانِي: لَيْسَ فِيهِ مَا يدل على كَون الصُّفُوف خلف الإِمَام.
وَأجِيب: عَن الأول: بِأَن فِي حَدِيث مُسلم عَن جَابر: فقمنا فصففنا صفّين، فَدلَّ هَذَا أَن قَوْله: وَالثَّالِث، شكّ هَل كَانَ هُنَاكَ صف ثَالِث أم لَا.
وَعَن الثَّانِي: بِأَن البُخَارِيّ روى فِي هِجْرَة الْحَبَشَة عَن قَتَادَة بِهَذَا الْإِسْنَاد بِزِيَادَة: ( فصفنا وَرَاءه) وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: فصفوا خَلفه، وَالْأَحَادِيث يُفَسر بَعْضهَا بَعْضًا، وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ الْمخْرج وَاحِدًا وَالْأَصْل متحدا.



[ قــ :1267 ... غــ :1317 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ عنْ أبِي عَوَانَةَ عنْ قَتَادَةَ عنْ عَطَاءٍ عنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي أوِ الثَّالِثِ..
وَجه الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث قد ذَكرْنَاهُ آنِفا، وَأَبُو عوَانَة الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَيْضا فِي هِجْرَة الْحَبَشَة عَن عبد الْأَعْلَى عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة بِهِ.

قَوْله: ( النَّجَاشِيّ) ملك الْحَبَشَة بتَخْفِيف الْيَاء، قَالَ صَاحب ( الْمغرب) : سَمَاعا من الثِّقَات، وَهُوَ اخْتِيَار الفارابي، وَعَن صَاحب ( التكملة) بِالتَّشْدِيدِ وَعَن الْهَرَوِيّ كلتا اللغتين، وَأما تَشْدِيد الْجِيم فخطأ.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: اسْتِحْبابُُ صف أَو صفّين وَرَاء الإِمَام فِي الصَّلَاة على الْمَيِّت.