فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب النحر قبل الحلق في الحصر

( بابُُ النَّحْرِ قَبْلَ الحَلْقِ فِي الحَصْرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز النَّحْر قبل الْحلق فِي حَال الْحصْر، وَلم يشر إِلَى بَيَان الحكم فِي التَّرْجَمَة اكْتِفَاء بِحَدِيث الْبابُُ، فَإِنَّهُ يدل على جَوَاز النَّحْر قبل الْحلق فِي حَالَة الْإِحْصَار.



[ قــ :1730 ... غــ :1811 ]
- حدَّثنا مَحْمودٌ قالَ حَدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أخبرنَا مَعْمَرٌ عَن الزُّهْرِيَّ عنْ عُرْوَةَ عَنِ المِسْوَرِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحَرَ قَبْلَ أنْ يَحْلِق وأمَرَ أصْحَابَهُ بِذالِكَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، ومحمود هُوَ ابْن غيلَان أَبُو أَحْمد الْعَدوي الْمروزِي، وَمعمر، بِفَتْح الميمين: هُوَ ابْن رَاشد، والمسور، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو وبالراء: ابْن مخرمَة بن نَوْفَل الْقرشِي الزُّهْرِيّ أَبُو عبد الرَّحْمَن، لَهُ ولأبيه صُحْبَة، مَاتَ سنة أَربع وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ ابْن الزبير بالحجون.

وَهَذَا الحَدِيث طرف من حَدِيث طَوِيل أخرجه البُخَارِيّ فِي الشُّرُوط على مَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَلَفظه فِي أَوَاخِر الحَدِيث: ( فَلَمَّا فرغ من قَضِيَّة الْكتاب، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه: قومُوا فَانْحَرُوا، ثمَّ احْلقُوا) الحَدِيث.

وَفِيه: أَن نحر الْمحصر قبل الْحلق يجوز، والْحَدِيث حجَّة على مَالك فِي قَوْله: إِنَّه لَا هدي على الْمحصر.
قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: قَالَ تَعَالَى: { وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} ( الْبَقَرَة: 691) .
وَالْخطاب للمحصرين، وَمُقْتَضَاهُ أَن الْحلق لَا يقدم على النَّحْر فِي مَحَله.
قلت: بُلُوغ الْهَدْي الْمحل إمَّا زَمَانا أَو مَكَانا لَا يسْتَلْزم نَحره، وَمحل هدي الْمحصر هُوَ حَيْثُ أحْصر فقد بلغ مَحَله، وَثَبت أَنه، عَلَيْهِ السَّلَام، تحلل بِالْحُدَيْبِية وَنحر بهَا، وَهِي من الْحل لَا من الْحرم.
قلت: مَذْهَب أبي حنيفَة: أَن دم الْإِحْصَار يتوقت بِالْحرم وَهُوَ الْمَكَان لَا بِيَوْم النَّحْر، وَهُوَ الزَّمَان لإِطْلَاق النَّص وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد يتَوَقَّف بِالزَّمَانِ وَالْمَكَان كَمَا فِي الْحلق، وَهَذَا الْخلاف فِي الْمحصر بِالْحَجِّ وَأما دم الْمحصر بِالْعُمْرَةِ فَلَا يتوقت بِالزَّمَانِ بِلَا خلاف بَينهم، وبالهدي لَا يتَحَلَّل الْمحصر عِنْد أبي يُوسُف، وَلَا بُد لَهُ من الْحلق بعد النَّحْر لِأَنَّهُ إِن عجر عَن أَدَاء الْمَنَاسِك لم يعجز عَن الْحلق،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد: يتَحَلَّل بِالذبْحِ لإِطْلَاق النَّص.





[ قــ :1731 ... غــ :181 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرحِيمِ قَالَ أخبرنَا أبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بنُ الوَلِيدِ عنْ عُمْرَ بنِ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيِّ قَالَ وحدَّثَ نافِعٌ أنَّ عَبْدَ الله وسَالِما كَلَّمَا عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فَقَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُعْتَمِرِينَ فَحال كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ البَيْتِ فنَحَرَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بُدْنَهُ وحَلَقَ رَأسَهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَنحر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بدنه وَحلق رَأسه) ، والْحَدِيث قد مضى بأتم مِنْهُ فِي: بابُُ إِذا أحْصر الْمُعْتَمِر، قبل هَذَا الْبابُُ بِبابُُ، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم أَبُو يحيى كَانَ يُقَال لَهُ: صَاعِقَة صَاحب السابري، وَهُوَ من أَفْرَاده وشجاع ابْن الْوَلِيد بن قيس الْكُوفِي سكن بَغْدَاد، وَعمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، مر فِي: بابُُ من لم يتَطَوَّع فِي السّفر، وَعبد الله هُوَ ابْن عبد الله بن عمر.
قَوْله: ( بدنه) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة جمع: بَدَنَة.