فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: إن شاء رد المصراة وفي حلبتها صاع من تمر

( بابٌُ إِن شاءَ رَدَّ المُصَرَّاةَ وفِي حَلُبتِهَا صاعٌ مِنْ تَمْرٍ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِن شَاءَ المُشْتَرِي ترك بَيْعه رد الْمُصراة، وَالْحَال أَن الْوَاجِب فِي حلبتها صَاع من تمر، الحلبة بِسُكُون اللَّام اسْم الْفِعْل، وَيجوز الْفَتْح على أَنه بِمَعْنى المحلوب، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن الْوَاجِب رد صَاع من تمر، سَوَاء كَانَ اللَّبن قَلِيلا أَو كثيرا.
قَوْله: ( رد) ، فعل مَاض، والمصراة مَفْعُوله، وَالْجُمْلَة جَوَاب الشَّرْط.



[ قــ :2068 ... غــ :2151 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍ.

     وَقَالَ  حَدثنَا المَكِّيُّ قَالَ أخبرنَا ابنُ جُرَيْج قَالَ أخبرَني زِياد أنَّ ثَابتا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ زَيْدٍ أخبَرَهُ أنَّهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منِ اشْتَرَى غنَمَا مُصَرَّاةً فاحْتَلَبَهَا فإنْ رَضِيَهَا أمْسَكَها وإنْ سَخِطَهَا فَفي حَلْبَتِهَا صاعٌ مِنْ تَمْرٍ.
.


مطابقتها للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد بن عَمْرو، بِفَتْح الْعين، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِغَيْر ذكر جده، وَوَقع فِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن الْهَمدَانِي عَن الْمُسْتَمْلِي: مُحَمَّد بن عَمْرو بن جبلة، وَكَذَا قَالَ أَبُو أَحْمد الْجِرْجَانِيّ فِي رِوَايَته عَن الْفربرِي، وَفِي رِوَايَة أبي عَليّ بن شبويه عَن الْفربرِي: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو يَعْنِي: ابْن جبلة وأهمل الْبَاقُونَ ذكر جده، وَجزم الدَّارَقُطْنِيّ بِأَنَّهُ: مُحَمَّد بن عَمْرو أَبُو غَسَّان الْمَعْرُوف بزنيج، بِضَم الزَّاي وَفتح النُّون وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره جِيم، وَجزم الْحَاكِم والكلاباذي بِأَنَّهُ: مُحَمَّد بن عَمْرو السواق، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وبالقاف: الْبَلْخِي، وَكَذَا قَالَه الْكرْمَانِي،.

     وَقَالَ : مَاتَ سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: الْمَكِّيّ، على صُورَة النِّسْبَة إِلَى مَكَّة، وَهُوَ اسْمه الْمَكِّيّ بن إِبْرَاهِيم، وَقد مر فِي: بابُُ إِثْم من كذب فِي كتاب الْعلم.
الثَّالِث: عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج.
الرَّابِع: زِيَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن سعد بن عبد الرَّحْمَن.
الْخَامِس: ثَابت، بالثاء الْمُثَلَّثَة: ابْن عِيَاض بن الْأَحْنَف.
السَّادِس: أَبُو هُرَيْرَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: الْإِخْبَار كَذَلِك فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي موضِعين.
وَفِيه: السماع.
وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن الْمَكِّيّ هُوَ شَيْخه وَلكنه روى عَنهُ هَهُنَا بِوَاسِطَة.
وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَهُوَ الْبَلْخِي على رِوَايَة الْحَاكِم والرازي على رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَن شيخ شَيْخه زيادا بلخيان، وَلَكِن زِيَاد أسكن خُرَاسَان ثمَّ مَكَّة، وَكَانَ شريك ابْن جريج، وَأَن ثَابتا مدنِي.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْبيُوع أَيْضا عَن عبد الله بن مخلد التَّمِيمِي عَن الْمَكِّيّ.

قَوْله: ( غنما) هُوَ اسْم مؤنث مَوْضُوع للْجِنْس يَقع على الذُّكُور وعَلى الْإِنَاث.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَهَذَا الصَّاع إِنَّمَا يجب فِي الْغنم وَمَا فِي حكمهَا من مَأْكُول اللَّحْم، بِخِلَاف النَّهْي عَن التصرية وَثُبُوت الْخِيَار فَإِنَّهُمَا عامان لجَمِيع الْحَيَوَانَات.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ فِي ( شرح مُسلم) بردهَا بِدُونِ الصَّاع، لِأَن الأَصْل أَنه إِذا أتلف شَيْئا لغيره رد مثله إِن كَانَ مثلِيا وإلاَّ فَقيمته، وَأما جنس آخر من الْعرُوض فخلاف الْأُصُول.
قلت: هَذَا بِعَيْنِه مَذْهَب الْحَنَفِيَّة.
قَوْله: ( فَفِي حلبتها صَاع من تمر) ظَاهره أَن صَاع التَّمْر فِي مُقَابل الْمُصراة، سَوَاء كَانَت وَاحِدَة أَو أَكثر، لقَوْله: من اشْترى غنما، لأَنا قد ذكرنَا أَنه اسْم جنس.
ثمَّ قَالَ: ( وَفِي حلبتها صَاع من تمر) وَنقل ابْن عبد الْبر عَمَّن اسْتعْمل الحَدِيث، وَابْن بطال عَن أَكثر الْعلمَاء، وَابْن قدامَة عَن الشَّافِعِيَّة والحنابلة وَعَن أَكثر الْمَالِكِيَّة: يرد عَن كل وَاحِدَة صَاعا.
.

     وَقَالَ  الْمَازرِيّ: من المستبشع أَن يغرم متْلف لبن ألف شَاة كَمَا يغرم متْلف لبن شَاة وَاحِدَة، قلت: استغنت الْحَنَفِيَّة عَن مثل هَذِه التعسفات، ومذهبهم كَمَا مر أَن الْمُصراة لَا ترد، وَلكنه يرجع بِنُقْصَان الْعَيْب، على أَن فِيهِ رِوَايَتَيْنِ عَن أبي حنيفَة.