فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا أعتق نصيبا في عبد، وليس له مال، استسعي العبد غير مشقوق عليه، على نحو الكتابة

( بابٌُ إذَا أعْتَقَ نَصِيباً لَهُ فِي عَبْدٍ ولَيْسَ لَهُ مالٌ اسْتسعَى العَبْدُ غَيرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ علَى نَحْوِ الْكِتَابَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا أعتق شخص نَصِيبا لَهُ فِي عبد، وَالْحَال أَنه لَيْسَ لَهُ مَال استسعى العَبْد، هَذَا جَوَاب: إِذا، والاستسعاء أَن يُكَلف العَبْد الإكتساب حَتَّى يحصل قيمَة نصيب الشَّرِيك.
قَوْله: ( غير مشقوق عَلَيْهِ) ، حَال من العَبْد، أَي: لَا يُكَلف مَا يشق عَلَيْهِ.
قَوْله: ( على نَحْو الْكِتَابَة) أَي: يكون العَبْد فِي زمَان الِاسْتِسْعَاء كَالْمكَاتبِ، يُؤَدِّي أَولا فأولاً، وَهَذِه التَّرْجَمَة تدل على أَن البُخَارِيّ يرى بِصِحَّة حَدِيثي ابْن عمر الْمَذْكُور، وَأبي هُرَيْرَة الَّذِي يذكرهُ، وَقد استبعد الْإِسْمَاعِيلِيّ إِمْكَان الْجمع بَين حديثيهما، وَمنع الحكم بصحتهما مَعًا، وَجزم بِأَنَّهُمَا متدافعان، وَغَيره قد جمع بَينهمَا، وَقد بسطنا الْكَلَام فِيهِ فِي: بابُُ تَقْوِيم الْأَشْيَاء بَين الشُّرَكَاء، فَليرْجع إِلَيْهِ، فَمن وقف عَلَيْهِ هُنَاكَ فقد عرف مَا علمنَا فِيهِ من الْفَيْض الإلهي، والنور الرباني.



[ قــ :2417 ... غــ :2526 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ أبِي رَجاءٍ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى بنُ آدَمَ قَالَ حدَّثنا جَرِيرُ بنُ حازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ قَتادَةَ قَالَ حدَّثني النَّضْرُ بْنُ أنَسِ بْنِ مالِكٍ عنْ بَشِيرِ بنِ نَهيكٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعْتَقَ شَقِيصاً مِنْ عَبْد.





[ قــ :417 ... غــ :57 ]
- وحدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَزيِدُ بنُ زُرَيْعٍ قَالَ حدَّثنا سعِيدٌ عنْ قَتَادَةَ عنِ النَّضْرِ بنِ أنَسٍ عنْ بَشِيرِ بنِ نَهيكٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ منْ أعْتَقَ نِصيباً أَو شَقِيصاً فِي مَمْلُوكٍ فخَلاَصُهُ علَيْهِ فِي مالِهِ إنْ كانَ لَهُ مالٌ وإلاَّ قُوِّمَ عَلَيْهِ فاسْتَسْعَى بِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيق وَاحِد فِي: بابُُ تَقْوِيم الْأَشْيَاء بَين الشُّرَكَاء.
وَأخرجه هُنَا من طَرِيقين.
أَحدهمَا: عَن أَحْمد بن أبي رَجَاء، واسْمه عبد الله بن أَيُّوب، يكنى بِأبي الْوَلِيد الْحَنَفِيّ الْهَرَوِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده عَن يحيى بن آدم بن سُلَيْمَان الْقرشِي الْكُوفِي، صَاحب الثَّوْريّ عَن جرير بن حَازِم بن زيد الْبَصْرِيّ عَن قَتَادَة عَن النَّضر، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة: ابْن أنس بن مَالك عَن بشير، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الشين الْمُعْجَمَة: ابْن نهيك، بِفَتْح النُّون وَكسر الْهَاء، وَالطَّرِيق الآخر: عَن مُسَدّد عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة ... إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، أَعنِي: فِي بابُُ تَقْوِيم الْأَشْيَاء.

قَوْله: ( شقيصاً) ، بِفَتْح الشين وَكسر الْقَاف أَي: نَصِيبا.
قَوْله فِي الطَّرِيق الثَّانِي: ( أَو شقيصاً) ، شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( وإلاَّ) أَي: وَإِن لم يكن لَهُ مَال قوم، على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( غير مشقوق عَلَيْهِ) حَال أَي على العَبْد.
تابَعَهُ حَجَّاجُ بنُ حَجَّاجٍ وأبانُ ومُوسى بنُ خَلَفٍ عنْ قَتادَةَ اخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ

أَي: تَابع سعيد بن أبي عرُوبَة فِي رِوَايَته عَن قَتَادَة حجاج بن حجاج، على وزن فعال، بِالتَّشْدِيدِ فيهمَا: الْأَسْلَمِيّ الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ الْأَحول، أَرَادَ البُخَارِيّ بِذكر مُتَابعَة هَؤُلَاءِ الرَّد على من زعم أَن الِاسْتِسْعَاء فِي هَذَا الحَدِيث غير مَحْفُوظ، وَأَن سعيد بن أبي عرُوبَة تفرد بِهِ، فاستظهر لَهُ بمتابعة هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين.

أما رِوَايَة حجاج بن حجاج فَهِيَ فِي نُسْخَة رَوَاهَا أَحْمد بن حَفْص أحد شُيُوخ البُخَارِيّ عَن أَبِيه عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَنهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حجاج بن أَرْطَأَة عَن قَتَادَة فقد أخرجهَا الطَّحَاوِيّ،.

     وَقَالَ : حَدثنَا روح بن الْفرج، قَالَ: حَدثنَا يُوسُف بن عدي، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ عَن حجاج بن أَرْطَأَة عَن قَتَادَة، فَذكر مثله، أَي: مثل رِوَايَة سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة، وَقد ذكر آنِفا.

وَأما رِوَايَة أبان، فقد أخرجهَا أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا أبان، قَالَ: حَدثنَا قَتَادَة عَن النَّضر بن أنس عَن بشير ابْن نهيك عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( من أعتق شقيصاً فِي مَمْلُوكه فَعَلَيهِ أَن يعتقهُ كُله إِن كَانَ لَهُ مَال، وإلاَّ استسعى العَبْد غير مشقوق عَلَيْهِ) .
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا والطَّحَاوِي.

وَأما رِوَايَة مُوسَى بن خلف فقد أخرجهَا الْخَطِيب فِي كتاب ( الْفَصْل للوصل) من طَرِيق أبي ظفر عبد السَّلَام بن مطهر عَنهُ عَن قَتَادَة عَن النَّضر، وَلَفظه: ( من أعتق شِقْصا لَهُ فِي مَمْلُوك فَعَلَيهِ خلاصه إِن كَانَ لَهُ مَال، فَإِن لم يكن لَهُ مَال استسعى غير مشقوق عَلَيْهِ) .
ومُوسَى بن خلف، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَاللَّام المفتوحتين: الْعمي، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم: كَانَ يعد البدلاء.

وَأما من رِوَايَة شُعْبَة فأخرجها مُسلم وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق غنْدر عَن قَتَادَة بِإِسْنَادِهِ وَلَفظه عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي الْمَمْلُوك بَين الرجلَيْن فَيعتق أَحدهمَا نصِيبه، قَالَ: يضمن.