فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الشروط مع الناس بالقول

( بابُُ الشُّرُوطِ معَ النَّاسِ بالقَوْلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الشُّرُوط مَعَ النَّاس بالْقَوْل دون الْإِشْهَاد وَالْكِتَابَة.



[ قــ :2605 ... غــ :2728 ]
- حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوساى قَالَ أخبرنَا هشامٌ أنَّ ابْنَ جُرَيْج أخبرَهُ قَالَ أَخْبرنِي يَعْلاى بنُ مُسْلِمٍ وعَمْرُو بنُ دِينارٍ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ يَزيدُ أحَدُهُمَا علَى صاحِبِهِ وغيْرُهُمَا قدْ سَمِعْتُهُ يحدِّثُهُ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ إنَّا لَعِنْدَ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ حدَّثني أبيُّ بنُ كعْبٍ قَالَ قَالَ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُوساى رسولُ الله فذَكَرَ الحَدِيثَ { قالَ ألَمْ أقُلْ إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً} ( الْكَهْف: 27 و 57) .
كانَتِ الأُولى نِسْيَاناً والوُسْطاى شَرْطاً والثَّالِثَةُ عَمْداً قَالَ { لَا تُؤاخِذْني بِمَا نَسيتُ وَلَا تَرْهِقْني منْ أمْرِي عُسْراً} ( الْكَهْف: 37) .
لقِيَا غُلاماً فقَتَلَهُ فانْطَلَقَا { فوَجَدَا جِدَاراً يُريدُ أنْ يَنْقَضَّ فأقَامَهُ} ( الْكَهْف: 77) .
قرَأهَا ابنُ عَبَّاسٍ أمَامَهُمْ مَلِكٌ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( وَالْوُسْطَى شرطا) ، لِأَن المُرَاد بِهِ هُوَ قَوْله: { إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي} ( الْكَهْف 67) .
وَالْتزم مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بذلك وَلم يَقع بَينه وَبَين الْخضر، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي ذَلِك لَا إِشْهَاد، وَلَا كِتَابَة، وَإِنَّمَا وَقع ذَلِك شرطا بالْقَوْل، والترجمة الشَّرْط مَعَ النَّاس بالْقَوْل، وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد الْفراء أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ، وَقد مر غير مرّة، وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف أَبُو عبد الرَّحْمَن الصَّنْعَانِيّ الْيَمَانِيّ قاضيها.
وَابْن جريج عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، ويعلى على وزن: يرضى ابْن مُسلم بن هُرْمُز.

قَوْله: ( وَغَيرهمَا) ، بِالرَّفْع عطفا على فَاعل: أَخْبرنِي.
قَوْله: ( سمعته) ، الضَّمِير الْمَرْفُوع الَّذِي فِيهِ هُوَ جريج، والمنصوب يرجع إِلَى الْغَيْر.
قَوْله: ( إنَّا لعِنْدَ ابْن عَبَّاس) ، اللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة، لَام التوكيد.
قَوْله: ( قَالَ مُوسَى رَسُول الله) مُبْتَدأ وَخبر أَي: صَاحب الْخضر هُوَ مُوسَى بن عمرَان كليم الله وَرَسُوله، عَلَيْهِ السَّلَام، لَا مُوسَى آخر، كَمَا زعم نوف الْبكالِي.
قَوْله: ( كَانَت الأولى) ، أَي: الْمَسْأَلَة الأولى، اعتذر هَهُنَا بقوله: ( لَا تؤاخذني بِمَا نسيت) قَوْله: ( وَالْوُسْطَى شرطا) ، أَي: كَانَت المسؤلة الْوُسْطَى شرطا، يَعْنِي: كَانَت بِالشّرطِ، بالْقَوْل كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَهُوَ قَوْله: { ان سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي} قَوْله وَالثَّالِثَة ( عمدا) أَي وَكَانَت الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عمدا أَي قصدا وَهُوَ قَوْله { لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} ( الْكَهْف: 77) .
قَوْله: { وَلَا ترهقني من أَمر عسراً} ( الْكَهْف: 37) .
أَي: لَا تلْحق بِي عسراً.
.

     وَقَالَ  الْفراء: لَا تعجلني، وَقيل: لَا تضيق عَليّ.
قَوْله: ( لقيا غُلَاما) إِلَى آخِره، إِشَارَة إِلَى مَا ذكر من كل من الْقَصَص بِحَدِيث يحصل الْمَقْصُود، وَإِن لم يكن على تَرْتِيب الْقُرْآن أَي: لَقِي مُوسَى وَالْخضر، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، غُلَاما يُسمى حيسوناً، وَقيل: حيسوراً، قَالَ ابْن وهب: كن اسْم أَبِيه: ملاس، وَاسم أمه رحمى.
قَوْله: ( فَقتله) اخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة قَتله، فَقَالَ سعيد بن جُبَير، أضجعه ثمَّ ذبحه بالسكين،.

     وَقَالَ  الْكَلْبِيّ: صرعه ثمَّ نزع رَأسه من جسده، وَقيل: رفصه بِرجلِهِ فَقتله، وَقيل: ضرب رَأسه بالجدار فَقتله، وَقيل: أَدخل إصبعه فِي سرته فاقتلعها فَمَاتَ.
قَوْله: ( أَن ينْقض) ، وقرىء: ينقاص، بصاد مُهْملَة قَوْله: قَرَأَ ابْن عَبَّاس: ( أمامهم ملك) أَي: قدامهم.

وَاخْتلف فِيهِ: هَل هُوَ من الأضداد؟ فَزعم أَبُو عُبَيْدَة وقطرب والأزهري فِي آخَرين: أَنه مِنْهَا.
.

     وَقَالَ  الْفراء وثعلب: أَمَام ضد وَرَاء، وَإِنَّمَا يصلح أَن يكون من الأضداد فِي الْأَمَاكِن والأوقات، يَقُول الرجل: إِذا وعد وَعدا فِي رَجَب لرمضان.
ثمَّ قَالَ: من ورائك شعْبَان، يجوز، وَإِن كَانَ أَمَامه لِأَنَّهُ يخلفه إِلَى وَقت وعده، وَكَذَلِكَ: وَرَاءَهُمْ ملك يجوز لِأَنَّهُ يكون أمامهم، وطلبتهم خَلفه فَهُوَ من وَرَاء طلبتهم، وَكَانَ اسْم الْملك جلندي، وَكَانَ كَافِرًا،.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن إِسْحَاق منوه بن حلندي الْأَزْدِيّ.
.

     وَقَالَ  شُعَيْب: هدد بن بدد،.

     وَقَالَ  مقَاتل: كَانَ من ثَقِيف وَهُوَ جد الْحجَّاج ابْن يُوسُف الثَّقَفِيّ.

وَقَالَ الْمُهلب: وَفِيه: النسْيَان عذر لَا مُؤَاخذَة فِيهِ.
وَفِيه: أَن الرِّفْق بالعلماء أولى من الهجوم عَلَيْهِم بالسؤال عَن مَعَاني أَقْوَالهم فِي كل وَقت إلاَّ عِنْد انبساط نُفُوسهم، لَا سِيمَا إِذا اشْترط ذَلِك الْعَالم على المتعلم.
وَفِيه: جَوَاز سُؤال الْعَالم عَن مَعَاني أَقْوَاله وأفعاله.