فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب وقف الدواب والكراع والعروض والصامت

( بابُُ وَقْفِ الدَّوَابِّ والكرَاعِ والعُرُوضِ والصَّامِتِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان وقف الدَّوَابّ إِلَى آخِره، وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى جَوَاز وقف المنقولات، والكراع بِضَم الْكَاف وَتَخْفِيف الرَّاء اسْم للخيل، وَعطفه على الدَّوَابّ من عطف الْخَاص على الْعَام، وَالْعرُوض، بِضَم الْعين: جمع عرض، بِسُكُون الرَّاء وَهُوَ الْمَتَاع لَا نقد فِيهِ، والصامت ضد النَّاطِق، وَأُرِيد بِهِ النَّقْد من المَال.

قَالَ الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ جعَلَ ألْفَ دِينارٍ فِي سَبِيلَ الله ودفَعَهَا إِلَى غُلامٍ لَهُ تاجِرِ يَتْجُرُ بِها وجعَلَ رِبْحَهُ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ والأقْرَبِينَ هَلْ لِلرَّجُلِ أنْ يأكُلَ مِنْ رِبْحِ ذَلِكَ الألْفِ شَيْئاً وإنْ لَمْ يَكُنْ جعَلَ رِبْحَهَا صَدَقَةً فِي المَسَاكِينَ قالَ لَيْسَ لَهُ أنْ يأكُلَ مِنْها

مُطَابقَة هَذَا فِي التَّرْجَمَة، لقَوْله: ( والصامت) ، وَهَذَا التَّعْلِيق عَن الزُّهْرِيّ أخرجه ابْن وهب فِي ( موطئِهِ) عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ.
قَوْله: ( ذَلِك الْألف) ، ويروى: ( تِلْكَ الْألف) ، وَجه التَّأْنِيث ظَاهر، وَوجه التَّذْكِير بِاعْتِبَار اللَّفْظ.
قَوْله: ( وَإِن لم يكن) شَرط على سَبِيل الْمُبَالغَة أَي: هَل لَهُ أَن يَأْكُل، وَإِن لم يَجْعَل ربحها صَدَقَة! فَقَالَ الزُّهْرِيّ: لَيْسَ لَهُ وَإِن لم يَجْعَل، وَيُقَال: إِنَّمَا لَا يَأْكُل مِنْهَا إِذا كَانَ فِي غنى عَنْهَا، وَإِمَّا إِن احْتَاجَ، وافتقر فمباح لَهُ الْأكل مِنْهَا وَيكون كَأحد الْمَسَاكِين.
.

     وَقَالَ  ابْن حبيب: وَهَذَا مَذْهَب مَالك وَجَمِيع أَصْحَابنَا يَقُولُونَ: إِنَّه ينْفق على ولد الرجل وَولد وَلَده من حَبسه إِذا احتاجوا، وَإِن لم يكن لَهُم فِي ذَلِك أَسمَاء فَإِذا استغنوا فَلَا حق لَهُم، وَاسْتحْسن مَالك أَن لَا يوعبوها، إِذا احتاجوا، وَأَن يكون سهم مِنْهَا جَارِيا على الْفُقَرَاء لِئَلَّا يدرس، قَالَه ربيعَة وَيحيى بن سعيد.



[ قــ :2649 ... غــ :2775 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيى قَالَ حدَّثنا عُبَيْدُ الله قَالَ حدَّثني نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ عُمَرَ حَمَلَ علَى فرَسٍ لَهُ فِي سَبِيلِ الله أعْطَاهَا رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا رجُلاً فأخْبَرَ عُمَرَ أنَّهُ قَدْ وقفَهَا يَبِيعُها فَسألَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يَبْتَاعَهَا فَقَالَ لَا تَبْتَعْهَا ولاَ تَرْجِعَنَّ فِي صَدَقَتِكَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( حمل على فرس لَهُ فِي سَبِيل الله) وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ، وَقد مر الحَدِيث فِي كتاب الْهِبَة فِي: بابُُ لَا يحل لأحد أَن يرجع فِي هِبته.
قَوْله: ( فَأخْبر عمر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( أَن يبتاعها) ، أَي: يَشْتَرِيهَا.
قَوْله: ( وَلَا ترجعن) ، بنُون التَّأْكِيد الثَّقِيلَة.