فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب سهام الفرس

( بابُُ سِهَامِ الفَرَسِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان كمية سِهَام فرس الْغَازِي من الْغَنِيمَة، وَإِضَافَة السِّهَام إِلَى الْفرس بِاعْتِبَار أَن صَاحبه يسْتَحق من الْغَنِيمَة بِسَبَبِهِ ثَلَاثَة أسْهم: سَهْمَان للْفرس وَسَهْم للفارس.



[ قــ :2736 ... غــ :2863 ]
- حدَّثنا عُبَيْدُ بنُ إسْمَاعِيلَ عنْ أبِي أُسَامَةَ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ ولِصاحِبِهِ سَهْمَاً.

( الحَدِيث 3682 طرفه فِي: 8224) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه بَين فِيهِ سِهَام الْفرس بقوله: ( جعل للْفرس سَهْمَيْنِ) وَفِي الْحَقِيقَة أَيْضا: السهْمَان لصَاحب الْفرس، وَلَكِن لما كَانَا لَهُ بِسَبَب الْفرس وَمن جِهَته أضيفا إِلَيْهِ، وَاللَّام فِيهِ للتَّعْلِيل.

وَعبيد مصغر عبد، ضد الْحر ابْن إِسْمَاعِيل واسْمه فِي الأَصْل: عبد الله، يكنى أَبَا مُحَمَّد الْهَبَّاري الْقرشِي الْكُوفِي، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَعبيد الله ابْن عمر الْعمريّ.

قَوْله: ( ولصاحبه سَهْما) ، أَي: جعل لصَاحب الْفرس سَهْما غير سهمي الْفرس، فَيصير للفارس ثَلَاثَة أسْهم وَقد فسره نَافِع كَذَلِك، وَلَفظه: إِذا كَانَ مَعَ الرجل فرس فَلهُ ثَلَاثَة أسْهم، فَإِن لم يكن مَعَه فرس فَلهُ سهم، وَسَيَأْتِي هَذَا فِي غَزْوَة خَيْبَر، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

وَفِي الْبابُُ أَحَادِيث نَحْو حَدِيث الْبابُُ.
فروى أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، قَالَ: أخبرنَا أَبُو مُعَاوِيَة حَدثنَا عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسْهم لرجل ولفرسه ثَلَاثَة أسْهم: سَهْما لَهُ وسهمين لفرسه،.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد أَيْضا: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن يزِيد، قَالَ: حَدثنِي المَسْعُودِيّ، قَالَ: حَدثنِي أَبُو عمْرَة عَن أَبِيه، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة نفر ومعنا فرس، فَأعْطى كل إِنْسَان منا سَهْما، وَأعْطى الْفرس سَهْمَيْنِ.
وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عَن جده، قَالَ: ضرب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام خَيْبَر للزبير أَرْبَعَة أسْهم: سهم للزبير وَسَهْم لذِي الْقُرْبَى لصفية بنت عبد الْمطلب أم الزبير وسهمين للْفرس.
وروى أَحْمد: من حَدِيث مَالك ابْن أَوْس عَن عمر، وَطَلْحَة بن عبيد الله، وَالزُّبَيْر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، قَالُوا: كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُسهم للفرسين سَهْمَيْنِ.
وروى الدَّارَقُطْنِيّ: من حَدِيث أبي رهم، قَالَ: غزونا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا وَأخي ومعنا فرسَان، فأعطانا سِتَّة أسْهم: أَرْبَعَة لفرسينا وسهمين لنا.
وروى أَيْضا من حَدِيث أبي كَبْشَة الْأَنمَارِي، قَالَ: لما فتح رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنِّي جعلت للْفرس سَهْمَيْنِ وللفارس سَهْما، فَمن أنقصهما أنقصه الله عز وَجل.
وروى أَيْضا من حَدِيث ضباعة بنت الزبير عَن الْمِقْدَاد، قَالَ: أسْهم لي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر سَهْما ولفرسي سَهْمَيْنِ.
وروى أَيْضا من حَدِيث عَطاء عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم لكل فرس بِخَيْبَر سَهْمَيْنِ سَهْمَيْنِ.
وروى أَيْضا من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أبي صَالح عَن جَابر، قَالَ: شهِدت مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غزَاة فَأعْطى الْفَارِس منا ثَلَاثَة أسْهم وَأعْطى الراجل سَهْما.
وروى أَيْضا من حَدِيث الْوَاقِدِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن سهل بن أبي حثْمَة عَن أَبِيه عَن جده: أَنه شهد حنيناً مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَسْهم لفرسه سَهْمَيْنِ وَله سَهْما.
.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن عَمْرو: حَدثنَا أَبُو بكر بن يحيى بن النَّضر عَن أَبِيه أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة، يَقُول: أسْهم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْفرس سَهْمَيْنِ ولصاحبه سَهْما.

وَاحْتج بِهَذِهِ الْأَحَادِيث جُمْهُور الْعلمَاء: إِن سِهَام الْفَارِس ثَلَاثَة: سَهْمَان لفرسه وَسَهْم لَهُ، وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد.

وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يُسهم للفارس إلاَّ سهم وَاحِد ولفرسه سهم.
وَاحْتج فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي ( مُعْجَمه) : حَدثنَا حجاج بن عمرَان السدُوسِي حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد الشَّاذكُونِي حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ حَدثنَا مُوسَى بن يَعْقُوب الربعِي عَن عمته قريبَة بنت عبد الله بن وهب عَن أمهَا كَرِيمَة بنت الْمِقْدَاد ابْن ضباعة بنت الزبير بن عبد الْمطلب عَن الْمِقْدَاد بن عَمْرو أَنه: كَانَ يَوْم بدر على فرس يُقَال لَهُ سبْحَة، فَأَسْهم لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَهْمَيْنِ لفرسه سهم وَاحِد وَله سهم، وَبِمَا رَوَاهُ الْوَاقِدِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي: حَدثنِي الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن جَعْفَر بن خَارِجَة، قَالَ: قَالَ الزبير بن الْعَوام: شهِدت بني قُرَيْظَة فَارِسًا فَضرب لي بِسَهْم ولفرسي بِسَهْم.
وَبِمَا رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي ( تَفْسِيره) فِي سُورَة الْأَنْفَال من حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: أساب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سَبَايَا بني المصطلق، فَأخْرج الْخمس مِنْهَا ثمَّ قسم بَين الْمُسلمين، فَأعْطى الْفَارِس سَهْمَيْنِ والراجل سَهْما.
وَبِمَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) : حَدثنَا أَبُو أُسَامَة وَابْن نمير، قَالَا: حَدثنَا عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جعل للفارس سَهْمَيْنِ وللراجل سَهْما.
وَبِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي أول كِتَابه ( المؤتلف والمختلف) من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أَمِين عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يقسم للفارس سَهْمَيْنِ وللراجل سَهْما.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : خَالف أَبُو حنيفَة عَامَّة الْعلمَاء قَدِيما وحديثاً،.

     وَقَالَ : لَا يُسهم للفارس إلاَّ سهم وَاحِد،.

     وَقَالَ : أكره أَن أفضل بَهِيمَة على مُسلم، وَخَالفهُ أَصْحَابه فَبَقيَ وَحده،.

     وَقَالَ  ابْن سَحْنُون: انْفَرد أَبُو حنيفَة بذلك دون فُقَهَاء الْأَمْصَار.
قلت: لم ينْفَرد أَبُو حنيفَة بذلك، بل جَاءَ مثل ذَلِك عَن عمر وَعلي وَأبي مُوسَى، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
فَإِن قلت: الْوَاقِدِيّ فِيهِ مقَال.
قلت: مَا لِلْوَاقِدِي؟ فقد قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ: سَمِعت مصعباً الزبيرِي، وَسُئِلَ عَن الْوَاقِدِيّ، فَقَالَ: ثِقَة مَأْمُون، وَكَذَلِكَ قَالَ الْمسَيبِي حِين سُئِلَ عَنهُ،.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام الْوَاقِدِيّ ثِقَة، وَعَن الدَّاودِيّ، قَالَ: الْوَاقِدِيّ أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث، وَلَئِن سلمنَا أَن فِيهِ مقَالا فَفِي أَكثر أَحَادِيث هَؤُلَاءِ أَيْضا مقَال.
فَحَدِيث أبي دَاوُد الَّذِي رَوَاهُ عَن أَحْمد فِيهِ المَسْعُودِيّ فِيهِ مقَال، واسْمه عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عتبَة بن عبد الله بن مَسْعُود.
وَحَدِيث أبي رهم فِيهِ قيس بن الرّبيع، قَالَ فِي ( التَّنْقِيح) : ضعفه بعض الْأَئِمَّة، وَأَبُو رهم مُخْتَلف فِي صحبته.
وَحَدِيث أبي كَبْشَة الْأَنمَارِي فِيهِ مُحَمَّد بن عمرَان الْعَبْسِي، قَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَفِيه عبد الله بن بشر، قَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِثِقَة،.

     وَقَالَ  يحيى الْقطَّان: لَا شَيْء،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيف.
وَحَدِيث مقداد فِيهِ مُوسَى بن يَعْقُوب عَن عمته قريبَة فِيهِ لين، وَتفرد بِهِ عَنْهَا.
فَإِن قلت: حَدِيث الْبابُُ وَمَا رُوِيَ من ( الصِّحَاح) مثله حجَّة عَلَيْهِ.
قلت: لَا، لِأَن ظَاهر قَوْله تَعَالَى: { وَاعْلَمُوا أَنما غنتم من شَيْء} ( الْأَنْفَال: 14) .
يَقْتَضِي الْمُسَاوَاة بَين الْفَارِس والراجل، وَهُوَ خطاب لجَمِيع الْغَانِمين، وَقد شملهم هَذَا الِاسْم، وَحَدِيث الْبابُُ وَنَحْوه مَحْمُول على وَجه التَّنْفِيل.

وَقَالَ مالِكٌ يُسْهَمُ لِلْخَيْلِ والبَرَاذِينِ مِنْهَا

وَفِي بعض النّسخ قَوْله: قَالَ مَالك إِلَى الْبابُُ الَّذِي يَلِيهِ ذكر مقدما على الحَدِيث الْمَذْكُور.
قَوْله: ( والبراذين) ، جمع: برذون، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو وَفِي آخِره نون، وَفِي الْمغرب: البرذون التركي من الْخَيل وخلافها العراب، وَالْأُنْثَى برذونة، وَيُقَال: البرذون يجلب من بِلَاد الرّوم، وَله جَلَد على السّير فِي الشعاب وَالْجِبَال والوعر بِخِلَاف الْخَيل الْعَرَبيَّة، وَهَذَا التَّعْلِيق رُوِيَ عَن مَالك بِزِيَادَة: والهجين، وَهُوَ مَا يكون أحد أَبَوَيْهِ عَرَبيا وَالْآخر غير عَرَبِيّ، وَقيل: الهجين الَّذِي أَبوهُ فَقَط عَرَبِيّ، وَأما الَّذِي أمه فَقَط عَرَبِيَّة فيسمى: المقرف، وَعَن أَحْمد: الهجين البرذون، وَيُقَال: الهجين والبراذين خيل الرّوم وَالْفرس،.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: اشتقاق البرذون من برذن الرجل برذنة إِذا ثقل.

لِقَوْلِهِ تَعَالى { والخَيْلَ والبِغَالَ والحَمِيْرَ لِتَرْكَبُوهَا} ( النَّحْل: 8) .


قَالَ ابْن بطال، رَحمَه الله: وَجه الِاحْتِجَاج بِالْآيَةِ أَن الله تَعَالَى أمتن بركوب الْخَيل، وَقد أسْهم لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَاسم الْخَيل يَقع على البرذون والهجين.
قلت: وَبقول مَالك قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر،.

     وَقَالَ  اللَّيْث: للهجين والبرذون سهم دون سهم الْفرس، وَلَا يلحقان بالعراب،.

     وَقَالَ  ابْن المناصف: أول من أسْهم البرذون رجل من هَمدَان يُقَال لَهُ الْمُنْذر الوداعي، فَكتب بذلك إِلَى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فأعجبه فجرت سنة للخيل والبراذين، وَفِي ذَلِك يَقُول شَاعِرهمْ: ( وَمنا الَّذِي قد سنَّ فِي الْخَيل سنَّة ... وَكَانَت سَوَاء قبل ذَاك سهامها)

وَعَن محكول فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي ( الْمَرَاسِيل) : ( أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هجّن الهجين يَوْم خَيْبَر وعرَّب الْعَرَبِيّ، للعربي سَهْمَان وللهجين سهم) .
.

     وَقَالَ  الإشبيلي: وَرُوِيَ مَوْصُولا عَن مَكْحُول عَن زِيَاد بن حَارِثَة عَن حبيب بن سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والمرسل أصح،.

     وَقَالَ  ابْن المناصف، وَرُوِيَ أَيْضا عَن الْحسن وَبِه قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل،.

     وَقَالَ  مَكْحُول: وَلَا شَيْء للبراذين، وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ،.

     وَقَالَ  ابْن حزم: للراجل وراكب الْبَغْل وَالْحمار والجمل سهم وَاحِد فَقَط، وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأبي سُلَيْمَان،.

     وَقَالَ  أَحْمد: للفارس ثَلَاثَة أسْهم ولراكب الْبَعِير سَهْمَان.

ولاَ يُسْهَمُ لأِكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ
هُوَ من بَقِيَّة كَلَام مَالك، وَهُوَ قَول الْجُمْهُور، وَبِه قَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمُحَمّد بن الْحسن وَأهل الظَّاهِر.
.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَأحمد وَأَبُو يُوسُف وَإِسْحَاق: يُسهم لفرسين، وَهُوَ قَول ابْن وهب وَابْن الجهم من الْمَالِكِيَّة،.

     وَقَالَ  ابْن أبي عَاصِم: وَهُوَ قَول الْحسن وَمَكْحُول وَسَعِيد بن عُثْمَان،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: لم يقل أحد أَنه يُسهم لأكْثر من فرسين إلاَّ شَيْئا رُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى الْأَشْدَق، قَالَ: يُسهم لمن عِنْده أَفْرَاس: لكل فرس سَهْمَان وَهُوَ شَاذ.
وَعَن مَالك، فِيمَا ذكره ابْن المناصف: إِذا كَانَ الْمُسلمُونَ فِي سفن فَلَقوا الْعَدو فغنموا أَنه يضْرب للخيل الَّتِي مَعَهم فِي السفن بسهمهم، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَالْأَوْزَاعِيّ وَأبي ثَوْر،.

     وَقَالَ  بعض الْفُقَهَاء: الْقيَاس أَن لَا يُسهم لَهَا.

وَاخْتلف فِي فرس يَمُوت قبل حُضُور الْقِتَال، فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق: يُسهم، وَأَبُو ثَوْر: لَا يُسهم لَهُ إلاَّ إِذا حضر الْقِتَال.
.

     وَقَالَ  مَالك وَابْن الْقَاسِم وَأَشْهَب وَعبد الْملك بن الْمَاجشون: بالإدراب يسْتَحق الْفرس الإسهام، وَإِلَيْهِ ذهب ابْن حبيب، قَالَ: وَمن حطم فرسه أَو كسر بعد الإيجاف أسْهم لَهُ.
.

     وَقَالَ  مَالك: ويسهم للرهيص من الْخَيل وَإِن لم يزل رهيصاً من حِين دخل إِلَى حِين خرج بِمَنْزِلَة الْإِنْسَان الْمَرِيض.
قَالَه ابْن الْمَاجشون وَأَشْهَب وَأصبغ،.

     وَقَالَ  اللَّخْمِيّ، وَرُوِيَ عَن مَالك أَنه: لَا يُسهم للْمَرِيض من الْخَيل.
.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل دخل دَار الْحَرْب بفرسه ثمَّ بَاعه من رجل دخل دَار الْحَرْب رَاجِلا، وَقد غنم الْمُسلمُونَ غَنَائِم قبل شِرَائِهِ وَبعده: أَنه يُسهم للْفرس، فَمَا غنموا قبل الشِّرَاء للْبَائِع، وَمَا غنموا بعد الشِّرَاء فسهمه للْمُشْتَرِي، فَمَا اشْتبهَ من ذَلِك قسم بَينهمَا، وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق،.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: وعَلى هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي إلاَّ فِيمَا اشْتبهَ، فمذهبه أَنه يُوقف الَّذِي أشكل من ذَلِك بَينهمَا حَتَّى يصطلحا.
.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة: إِذا دخل أَرض الْعَدو غازياً رَاجِلا، ثمَّ ابْتَاعَ فرسا يُقَاتل عَلَيْهِ وأحرزت الْغَنِيمَة وَهُوَ فَارس أَنه لَا يضْرب لَهُ إلاَّ بِسَهْم راجل.