فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو

( بابُُ حَمْلِ النِّسَاءِ القِرَبَ إلَى النَّاسِ فِي الغَزْوِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة حمل النِّسَاء ... إِلَى آخِره.



[ قــ :2753 ... غــ :2881 ]
- حدَّثنا عَبْدَانُ قَالَ أخبرنَا عبْدُ الله قَالَ أخبرنَا يُوُنُسُ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ ثَعْلَبَةُ بنُ أبِي مالِكٍ إنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّبِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَسَمُ مُرُوطاً بَيْنَ نِساءٍ مِنْ نِساءِ المَدِينَةِ فَبَقِيَ مِرْطٌ جَيِّدٌ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أعْطِ هَذَا ابْنَةَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتي عِنْدَكَ يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ فَقَالَ عُمَرُ أُمُّ سَلِيطٍ نِساءِ الأنْصَارِ مِمَّنْ بايَعَ رَسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عُمَرُ فإنَّهَا كانَتْ تَزْفِرُ لَنَا القِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ.

( الحَدِيث 1882 طرفه فِي: 1704) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَإِنَّهَا كَانَت تزفر لنا الْقرب) أَي: تحمل إِلَيْهِم يَوْم أحد، وعبدان لقب عبد الله بن عُثْمَان بن جبلة الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وثعلبة بن أبي مَالك قَالَ الذَّهَبِيّ: ثَعْلَبَة بن أبي مَالك أَبُو يحيى الْقرظِيّ إِمَام بني قُرَيْظَة، ولد فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَله رُؤْيَة، وَطَالَ عمره، روى عَنهُ ابْنه أَبُو مَالك وَصَفوَان بن سليم، لَهُ حديثان مرسلان،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: قدم أَبُو مَالك من الْيمن وَهُوَ على دين الْيَهُودِيَّة، فَتزَوج امْرَأَة من بني قُرَيْظَة فنسب إِلَيْهِم وَهُوَ من كِنْدَة فَأسلم.
وثعلبة روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وروى عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم الزُّهْرِيّ،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: اسْم أبي مَالك عبد الله، والأثر الْمَذْكُور من أَفْرَاده.
وَأخرجه أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ بِهِ.

قَوْله: ( مروطاً) جمع مرط، وَهُوَ كسَاء من صوف أَو خَز يؤتزر بِهِ.
قَوْله: ( يُرِيدُونَ أم كُلْثُوم) ، بِضَم الْكَاف والثاء الْمُثَلَّثَة: هِيَ بنت فَاطِمَة بنت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ولدت فِي حَيَاة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خطبهَا عمر إِلَى عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَقَالَ: أَنا أبعثها إِلَيْك فَإِن رضيتها فقد زوجتكها، فبعثها إِلَيْهِ بِبرد.

     وَقَالَ  لَهَا: قولي لَهُ هَذَا الْبرد الَّذِي قلت لَك، فَقَالَت: ذَلِك لعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَالَ لَهَا: قولي لَهُ قد رضيت، رَضِي الله تَعَالَى عَنْك.
وَوضع يَده على سَاقهَا، فَقَالَت: أتفعل هَذَا؟ لَوْلَا أَنَّك أَمِير الْمُؤمنِينَ لكسرت أَنْفك، ثمَّ جَاءَت أَبَاهَا، فَقَالَت: بعثتني إِلَى شيخ سوء، وأخبرته، فَقَالَ لَهَا: يَا بنية إِنَّه زَوجك.
قَوْله: ( أم سليط) ، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر اللَّام، قَالَ أَبُو عمر فِي ( الِاسْتِيعَاب) : أم سليط امْرَأَة من المبايعات حضرت مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد،.

     وَقَالَ  غَيره: وَلَا يعرف اسْمهَا، وَلَيْسَ فِي الصحابيات من يشاركها فِي هَذِه الكنية.
قلت: ذكرهَا ابْن سعد فِي ( طَبَقَات النِّسَاء) ،.

     وَقَالَ : هِيَ أم قيس بنت عبيد بن زِيَاد بن ثَعْلَبَة من بني مَازِن تزَوجهَا أَبُو سليط بن أبي حَارِثَة عَمْرو بن قيس من بني عدي بن النجار، فَولدت لَهُ سليطاً، وَفَاطِمَة فَلذَلِك كَانَ يُقَال لَهَا: أم سليط، وَذكر أَنَّهَا شهِدت خَيْبَر وحنيناً وغفل عَن ذكر شهودها خَيْبَر.
قَوْله: ( تزفر لنا الْقرب) ، بِفَتْح أَوله وَسُكُون الزَّاي وَكسر الْفَاء: أَي: تحمل لنا الْقرب، جمع: قربَة المَاء، وَقد مر عَن قريب مَا جَاءَ من هَذِه الْمَادَّة.

وَفِيه: أَن الأولى برَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَتْبَاعه السَّابِقَة إِلَيْهِ والنصرة لَهُ والمعونة بِالْمَالِ وَالنَّفس، ألاَ ترى أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، جعل أم سليط أَحَق بِالْقِسْمَةِ لَهَا من المروط من حفيدة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لتقدم أم سليط بِالْإِسْلَامِ والنصرة والتأييد، وَكَذَلِكَ يجب أَن لَا يسْتَحق الْخلَافَة بعده ببنوة وَلَا قرَابَة، وَإِنَّمَا يسْتَحق بِمَا ذكر الله بالسابقة والإنفاق والمقاتلة.
وَفِيه: الْإِشَارَة بِالرَّأْيِ على الإِمَام، وَإِنَّمَا ذَلِك للوزير وَالْكَاتِب وَأهل النَّصِيحَة والبطانة لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِك لغَيرهم إلاَّ أَن يكون من أهل الْعلم والبروز فِي الْإِمَامَة، فَلهُ الْإِشَارَة على الإِمَام وَغَيره.

قَالَ أَبُو عبْدِ الله تَزْفِرُ تَخِيطُ

أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، يَعْنِي: قَالَ: إِن معنى تزفر الْقرب أَي تخيطها، وَورد عَلَيْهِ بِأَن ذَلِك لَا يعرف فِي اللُّغَة، وَهَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده.
قلت:.

     وَقَالَ  أَبُو صَالح، كَاتب اللَّيْث: تزفر تخرز، وَيُمكن أَن يكون هَذَا مُسْتَند البُخَارِيّ فِي تَفْسِيره.