فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما يقول إذا رجع من الغزو؟

( بابُُ مَا يَقُولُ إذَا رَجَع مِنَ الغَزْوِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يَقُول الْغَازِي إِذا رَجَعَ من غَزوه.



[ قــ :2945 ... غــ :3084 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا جُوِيْرِيَةُ عنْ نافِعٍ عنْ عبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ إذَا قَفَلَ كبَّرَ ثَلاثاً قالَ آيِبُونَ إنْ شاءَ الله تائِبُونَ عَابِدُونَ حامِدُونَ لِرَبِّنَا ساجِدُونَ صَدَقَ الله وعْدَهُ ونَصَرَ عَبْدَهُ وهَزَمَ الأحْزَابَ وحْدَهُ.
.


وَجُوَيْرِية مصغر جَارِيَة بن أَسمَاء الضبعِي البشري، والْحَدِيث قد مر فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ التَّكْبِير إِذا علا شرفاً فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله عَن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة عَن صَالح بن كيسَان عَن سَالم بن عبد الله عَن عبد الله بن عمر الحَدِيث وَمضى أَيْضا فِي أَوَاخِر الْحَج فِي بابُُ مَا يَقُول إِذا رَجَعَ من الْحَج أَو الْعمرَة أَو الْغَزْو وَأَنه أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر إِلَى آخِره.
قَوْله.
قَوْله: ( إِذا قفل) ، بِالْقَافِ ثمَّ بِالْفَاءِ: مَعْنَاهُ: إِذا رَجَعَ من غَزوه.





[ قــ :946 ... غــ :3085 ]
- حدَّثنا أَبُو مَعْمَر قَالَ حدَّثنا عبْدُ الوَارِثِ قَالَ حدَّثني يَحْيَى بنُ أبي إسْحَاقَ عنْ أنَس ابنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقفلة من عسفان وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى رَاحِلَتِهِ وقَدْ أرْدَفَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ فعَثَرَتْ ناقَتُهُ فَصُرِعَا جَمِيعاً فاقْتَحَمَ أبُو طَلحَةَ فقالَ يَا رسولَ الله جعَلَنِي الله فِدَاءَكَ قَالَ عَلَيْكَ المَرْأةَ فقَلَبَ ثَوْباً علَى وجْهِهِ وأتاهَا فألقاَهُ علَيْهَا وأصْلَحَ لَهُمَا مَرْكَبَهُمَا فَرَكِبا فاكْتَنَفْنا رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلَمَّا أشْرَفْنَا علَى المَدِينَةِ قَالَ آيِبُونَ تَائِبُونَ عابِدُونَ لِرَبِنا حامِدُونَ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذالِكَ حتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو معمر، بِفَتْح الميمين: واسْمه عبد الله بن عَمْرو الْمنْقري المقعد الْبَصْرِيّ، وَعبد الْوَارِث هُوَ ابْن سعيد وَيحيى بن أبي إِسْحَاق مولى الحضارمة الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجِهَاد وَفِي الْأَدَب عَن عَليّ عَن بشر بن الْمفضل وَفِي اللبَاس عَن مُحَمَّد عَن الْحسن بن مُحَمَّد بن الصَّباح، وَأخرجه مُسلم فِي الْمَنَاسِك عَن زُهَيْر بن حَرْب وَعَن حميد بن مسْعدَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن عمرَان بن مُوسَى.

قَوْله: ( مقفله) ، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْقَاف وَفتح الْفَاء، أَي: مرجعه.
قَوْله: ( من عسفان) ، بِضَم الْعين وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة، وَقد مر غير مرّة أَنه مَوضِع على مرحلَتَيْنِ من مَكَّة.
.

     وَقَالَ  الْحَافِظ الدمياطي: هَذَا وهم، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد مقفله من خَيْبَر، لِأَن غَزْوَة عسفان إِلَى بني لحيان كَانَت فِي سنة سِتّ وغزوة خَيْبَر كَانَت فِي سنة سبع، وإرداف رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، صَفِيَّة ووقوعهما كَانَ فِيهَا.
قَوْله: ( فصرعا) أَي: وَقعا.
قَوْله: ( فاقتحم) ، من قحم فِي الْأَمر إِذا رمى نَفسه فِيهِ من غير روية.
قَوْله: ( الْمَرْأَة) ، بِالنّصب أَي: إلزم الْمَرْأَة، ويروى: بِالْمَرْأَةِ وَهِي صَفِيَّة.
قَوْله: ( فَقلب) ، أَي: أَبُو طَلْحَة قلب ثَوْبه على وَجهه وأتاها أَي: وأتى صَفِيَّة.
قَوْله: ( وَأصْلح لَهما) أَي: للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَصفِيَّة.
قَوْله: ( فاكتنفنا) ، أَي: احطنا بِهِ، يُقَال: كنفت الرجل أَي: حطته وصنته.
قَوْله: ( فَلَمَّا أَشْرَفنَا على الْمَدِينَة) ، من أشرفت على الشَّيْء إِذا اطَّلَعت عَلَيْهِ، وأشرفت الشَّيْء أَي: علوته.

وَفِي الحَدِيث فَوَائِد: فِيهِ: إرداف الْمَرْأَة خلف الرجل وسترها عَن النَّاس.
وَفِيه: ستر من لَا تجوز رُؤْيَته وَستر الْوَجْه عَنهُ.
وَفِيه: خدمَة الإِمَام والعالم وخدمة أهل الْعلم.
وَفِيه: اكتناف الإِمَام والاجتماع حوله عِنْد دُخُول المدن.
وَفِيه: حمد الله للْمُسَافِر عِنْد إِتْيَانه سالما إِلَى أَهله وسؤاله الله التَّوْبَة.
وَفِيه: حجاب أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَإِن كن كالأمهات.





[ قــ :947 ... غــ :3086 ]
- حدَّثنا عَلِيٌّ قَالَ حدَّثنا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى بنُ أبي إسحاقَ عنْ أنَسِ ابنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّهُ أقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَعَ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَفِيَّةُ مُرْدِفَها علَى رَاحِلَتِهِ فلَمَّا كانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتِ النَّاقَةُ فَصُرِعَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمَرْأةُ وإنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ أحْسِبُ قَالَ اقْتَحَمَ عنْ بَعِيرِهِ فَأتى رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا نَبِيَّ الله جعَلَنِي الله فِدَاءَكَ هَلْ أصَابَكَ مِنْ شَيْءٍ قَالَ لاَ ولَكِنْ عَلَيْكَ بالْمَرْأةِ فألْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَه علَى وَجْهِهِ فقَصَدَ قَصْدَها فألْقَى ثَوْبَهُ علَيْهَا فَقامَتِ الْمَرْأةُ فَشدَّ لَهُمَا علَى راحِلَتِهِما فرَكِبَا فسارُوا حتَّى إذَا كانوُا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ أوْ قالَ أشْرَفُوا علَى المَدِينَةِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيِبُونَ تائِبُونَ عابِدُونَ لِرَبِّنَا حامِدُون فلَمْ يَزَلْ يَقُولُها حتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ.
.


هَذَا وَجه آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور، وَهُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده، وَعلي هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وَيحيى هُوَ ابْن أبي إِسْحَاق الْمَذْكُور.
قَوْله: ( وَأَبُو طَلْحَة) هُوَ: زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ.

قَوْله: ( على رَاحِلَته) أَي: نَاقَته.
قَوْله: ( وَالْمَرْأَة) بِالرَّفْع عطفا على، النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَيجوز بِالنّصب على تَقْدِير: مَعَ الْمَرْأَة.
قَوْله: ( أَحسب) أَي: أَظن.
قَوْله: ( هَل أَصَابَك من شَيْء) كلمة: من، زَائِدَة.
قَوْله: ( عَلَيْك بِالْمَرْأَةِ) أَي: إلزم الْمَرْأَة وَانْظُر فِي أمرهَا.
قَوْله: ( فقصد قَصدهَا) أَي: نحا نَحْوهَا.
قَوْله: ( بِظهْر الْمَدِينَة) أَي: بظاهرها، قَوْله: ( أَو قَالَ: أشرفوا) ، شكّ من الرَّاوِي.