فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب مباشرة الحائض

( بابُُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْمُبَاشرَة مَعَ زَوجته الْحَائِض وَأَرَادَ بِالْمُبَاشرَةِ هُنَا مماسة الخلدين لَا الْجِمَاع، فَإِن جماع الْحَائِض حرَام على مَا نذكرهُ مفصلا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهِرَة جدا، وَهُوَ وجود الْمُبَاشرَة فِي كل مِنْهُمَا.



[ قــ :296 ... غــ :299 ]
- حدّثنا قَبِيصَةُ قالَ حدّثنا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا والنَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ كَلانَا جُنُبٌ.

حدّثنا وَكانَ يَأْمُرُنِي فَاتزِرُ فَيُبَاشِرُنِي وَأَنا حائِضُ.
حدّثنا وَكانَ يُخْرُجُ رَأْسَهُ إلَيَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأْغْتَسِلُهُ وَأَنَا حائِضٌ.
.


مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْلهَا: ( فيباشرني) .

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: قبيصَة، بِفَتْح الْقَاف وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَفِي آخِره تَاء ابْن عقبَة أَبُو عَامر الْكُوفِي، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وخَالِد الْأسود بن يزِيد كلهم تقدمُوا فِي بابُُ عَلامَة الْمُنَافِق.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم إِلَى عَائِشَة كوفيون.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ.
فَإِن قلت: إِبْرَاهِيم، هَل أدْرك أحدا من الصَّحَابَة، أَو سمع من أحد مِنْهُم؟ قلت: ذكر الْعجلِيّ: إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ لم يحدث عَن أحد من الصَّحَابَة، وَقد أدْرك مِنْهُم جمَاعَة، وَقد رأى عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَيُقَال: رأى أَبَا جُحَيْفَة وَزيد بن أَرقم وَابْن أبي أوفى وَلم يسمع مِنْهُم، وَعَن ابْن حبَان بِأَنَّهُ سمع الْمُغيرَة وَالله تَعَالَى أعلم.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي آخر الصَّوْم عَن مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ، وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم ثَلَاثَتهمْ عَن جرير عَن مَنْصُور بِهِ أخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن شُعْبَة وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن بنْدَار عَن ابْن مهْدي عَن سُفْيَان بِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بِهِ، وَفِي عشرَة النِّسَاء عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن وَكِيع عَن سُفْيَان بِهِ وَعَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الطَّهَارَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه قَوْلهَا: ( أَنا وَالنَّبِيّ) النَّبِي بِالرَّفْع وَالنّصب وَأما الرّفْع فبالعطف على الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي: كنت، وَأما النصب فعلى أَن: الْوَاو، بِمَعْنى المصاحبة.
وَقَوْلها: ( أَنا) ذكر لِأَن فِي عطف الظَّاهِر على الضَّمِير الْمَرْفُوع المستكن بِدُونِ التَّأْكِيد خلافًا، كَمَا ذكر فِي مَوْضِعه.
قَوْلهَا: ( كِلَانَا جنب) وَقع حَالا، وَإِنَّمَا لم تقل: كِلَانَا جنبان، لِأَنَّهَا اخْتَارَتْ اللُّغَة الفصيحة وَقد ذكرنَا أَن الْجنب يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد والمثنى وَالْجمع فِي اللُّغَة الفصحى، وَإِن كَانَ يُقَال: جنبان وجنبون.
قَوْلهَا: ( وَكَانَ يَأْمُرنِي) أَي: وَكَانَ النَّبِي ت يَأْمُرنِي بالاتزال قَوْلهَا: ( فاتزر) بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَأَصله ائتزر، بالهمزتين أولاهما مَفْتُوحَة، وَالثَّانيَِة سَاكِنة، لِأَن أَصله من أزر، فَنقل إِلَى بابُُ، افتعل، فَصَارَ، اتزر يتزر، وَكَذَا اسْتعْمل من غير إدغام فِي حَدِيث آخر، وَهُوَ: ( كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَاشر بعض نِسَائِهِ وَهِي مؤتزرة فِي حَالَة الْحيض) .
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات: وَهِي متزرة، وَهُوَ خطأ، لِأَن الْهمزَة لَا تُدْغَم فِي التَّاء.
قلت: فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يقْرَأ: فآتزر بِالْمدِّ، لِأَن الهمزتين إِذا اجتمعتا وَكَانَت الأولى متحركة وَالثَّانيَِة سَاكِنة أبدلت الثَّانِيَة حرف عِلّة من جنس حَرَكَة الأولى، فتبدل ألفا بعد الفتحة، فَكَذَلِك هَاهُنَا، لِأَن أَصله أتزر، بهمزتين الأولى متحركة وَالثَّانيَِة سَاكِنة، فأبدلت الثَّانِيَة ألفا فَصَارَت: آتزر بِالْمدِّ.
.

     وَقَالَ  ابْن هِشَام: وعوام الْمُحدثين يحرفونه فيقرؤونه بِأَلف وتاء مُشَدّدَة، وَلَا وَجه لَهُ لِأَنَّهُ افتعل من الْإِزَار، ففاؤه همزَة فساكنة بعد همزَة المضارعة الْمَفْتُوحَة، وَكَذَا الزَّمَخْشَرِيّ أنكر الْإِدْغَام.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لَا يجوز الْإِدْغَام فِيهِ عِنْد التصريف، قَالَ صَاحب ( الْمفصل) قَول من قَالَ: اتزر خطأ.
قلت: قَول عَائِشَة، وَهِي من فصحاء الْعَرَب، حجَّة فِي جَوَازه، فالمخطىء، قلت: إِنَّمَا يَصح مَا ادَّعَاهُ إِذا ثَبت عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت بِالْإِدْغَامِ، فَلم لَا يجوز أَن يكون هَذَا خطأ مثل مَا قَالَ مُعظم أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن، وَيكون الْخَطَأ من بعض الروَاة أَو من عوام الْمُحدثين لَا من عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
قَوْلهَا: ( وَأَنا حَائِض) فِي الْمَوْضِعَيْنِ جملَة حَالية، وَكَذَلِكَ قَوْلهَا: ( وَهُوَ معتكف) الِاعْتِكَاف فِي اللُّغَة مُجَرّد اللّّبْث، وَفِي الشَّرِيعَة: لبث فِي الْمَسْجِد مَعَ الصَّوْم، وَالِاعْتِكَاف من بابُُ الافتعال من: عكف يعكف عكوفاً إِذا أَقَامَ، وعكفه عكفاً إِذا حبس.

ذكر استنباط الْأَحْكَام مِنْهَا: جَوَاز اغتسال الرجل مَعَ امْرَأَته من إِنَاء وَاحِد، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
وَمِنْهَا: جَوَاز مُبَاشرَة الْحَائِض وَهِي: الْمُلَامسَة، من لمس بشرة الرجل بشرة الْمَرْأَة، وَقد ترد الْمُبَاشرَة بِمَعْنى الْجِمَاع، وَالْمرَاد هَهُنَا الْمَعْنى الأول بِالْإِجْمَاع.

ثمَّ اعْلَم أَن مُبَاشرَة الْحَائِض على أَقسَام: أَحدهَا: حرَام بِالْإِجْمَاع، وَلَو اعْتقد حلّه يكفر، وَهُوَ أَن يُبَاشِرهَا فِي الْفرج عَامِدًا، فَإِن فعله غير مستحل يسْتَغْفر الله تَعَالَى وَلَا يعود إِلَيْهِ، وَهل يجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة أَو لَا؟ فِيهِ خلاف، فَذهب جمَاعَة إِلَى وجوب الْكَفَّارَة، مِنْهُم: قَتَادَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم،.

     وَقَالَ  فِي الْجَدِيد: لَا شَيْء عَلَيْهِ، وَلَا يُنكر أَن يكون فِيهِ كَفَّارَة لِأَنَّهُ وَطْء مَحْظُور كَالْوَطْءِ فِي رَمَضَان.
.

     وَقَالَ  أَكثر الْعلمَاء، لَا شَيْء عَلَيْهِ سوى الاسْتِغْفَار، وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا أَيْضا.
.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ: وَلَو فعله غير مُعْتَقد حلّه، فَإِن كَانَ نَاسِيا أَو جَاهِلا بِوُجُود الْحيض أَو جَاهِلا تَحْرِيمه أَو مكْرها فَلَا إِثْم عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَة، وَإِن كَانَ عَالما بِالْحيضِ وبالتحريم مُخْتَارًا عَامِدًا فقد ارْتكب مَعْصِيّة نَص الشَّافِعِي على أَنَّهَا كَبِيرَة، وَيجب عَلَيْهِ التَّوْبَة وَفِي وجوب الْكَفَّارَة قَولَانِ: أصَحهمَا، وَهُوَ قَول الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة: لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي الْكَفَّارَة، فَقيل: عتق رَقَبَة، وَقيل: دِينَار وَنصف دِينَار على اخْتِلَاف بَينهم، هَل الدِّينَار فِي أول الدَّم وَنصفه فِي آخِره؟ أَو الدِّينَار فِي زمن الدَّم وَنصفه بعد انْقِطَاعه؟ فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَته وَهِي حَائِض، قَالَ: ( يتَصَدَّق بِدِينَار أَو بِنصْف دِينَار) وَرَوَاهُ بَقِيَّة الْأَرْبَعَة: قلت: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَأعله بأَشْيَاء: مِنْهَا: أَن جمَاعَة رَوَوْهُ عَن شُعْبَة، مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس، وَأَن شُعْبَة رَجَعَ عَن رَفعه، وَمِنْهَا: أَنه رُوِيَ مُرْسلا.
وَمِنْهَا: أَنه رُوِيَ معضلاً، وَهُوَ رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَن يزِيد بن أبي مَالك عَن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( أمرت أَن يتَصَدَّق بخمسي دِينَار) ، والمعضل نوع خَاص من الْمُنْقَطع، فَكل معضل مُنْقَطع، وَلَيْسَ كل مُنْقَطع معضلاً، وَقوم يسمونه مُرْسلا، وَمِنْهَا: أَن فِي مَتنه اضطراباً، لِأَنَّهُ رُوِيَ: بِدِينَار، أَو نصف دِينَار على الشَّك، وَرُوِيَ: يتَصَدَّق بدينارد فَإِن لم يجد فبنصف دِينَار، وَرُوِيَ: يتَصَدَّق بِنصْف دِينَار، وَرُوِيَ: إِن كَانَ دَمًا أَحْمَر فدينار، وَإِن كَانَ أصفر فَنصف دِينَار، وَرُوِيَ: إِن كَانَ الدَّم عبيطاً فليتصدق بِدِينَار، وَإِن كَانَ صفرَة فَنصف دِينَار.
قلت: هَذَا الحَدِيث صَححهُ الْحَاكِم وَابْن الْقطَّان، وَذكر الْحَلَال عَن أبي دَاوُد أَن أَحْمد قَالَ: مَا أحسن حَدِيث عبد الحميد، وَهُوَ أحد رُوَاة هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ من رجال الصَّحِيحَيْنِ، وَهُوَ عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب بن نفَيْل الْقرشِي الْهَاشِمِي الْعَدوي، عَامل عمر بن عبد الْعَزِيز على الْكُوفَة، رأى عبد الله بن عَبَّاس وَسَأَلَهُ، وروى عَن حَفْصَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقيل لِأَحْمَد: تذْهب إِلَيْهِ؟ قَالَ: نعم، إِنَّمَا هُوَ كَفَّارَة، ثمَّ إِن شُعْبَة إِن كَانَ رَجَعَ عَن رَفعه فَإِن غَيره رَوَاهُ مَرْفُوعا، وَهُوَ عَمْرو بن قيس الْملَائي وَهُوَ ثِقَة، وَمن طَرِيقه أخرجه النَّسَائِيّ، وَكَذَا رَوَاهُ قَتَادَة مَرْفُوعا وأسقطا فِي روايتهما عبد الحميد، وَمُقْتَضى الْقَوَاعِد أَن رِوَايَة الرّفْع أشبه بِالصَّوَابِ لِأَنَّهُ زِيَادَة ثِقَة، وَأما مَا لاوي فِيهِ من خمسي دِينَارا، أَو عتق نسمَة، وَغير ذَلِك، فَمَا مِنْهَا شَيْء يعول عَلَيْهِ، ثمَّ إِن الَّذين ذَهَبُوا إِلَى عدم وجوب الصَّدَقَة، أجابوا أَن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( يتَصَدَّق) ، مَحْمُول على الِاسْتِحْبابُُ، إِن شَاءَ تصدق وإلاَّ لَا وَعَن الْحسن أَنه قَالَ: عَلَيْهِ مَا على من وَاقع أَهله فِي رَمَضَان.

النَّوْع الثَّانِي من الْمُبَاشرَة: فِيمَا فَوق السُّرَّة وَتَحْت الرّكْبَة بالذكرة أَو بالقبلة أَو المعانقة أَو اللَّمْس أَو غَيره ذَلِك، فَهَذَا حَلَال بِالْإِجْمَاع، إلاَّ مَا حُكيَ عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي وَغَيره من أَنه لَا يُبَاشر شَيْئا مِنْهَا، فَهُوَ شَاذ مُنكر مَرْدُود بالأحاديث الصَّحِيحَة الْمَذْكُورَة فِي ( الصَّحِيحَيْنِ) وَغَيرهمَا فِي مُبَاشرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوق الْإِزَار.

النَّوْع الثَّالِث: الْمُبَاشرَة فِيمَا بَين السُّرَّة وَالركبَة فِي غير الْقبل والدبر، فَعِنْدَ أبي حنيفَة حرَام، وَهُوَ رِوَايَة عَن أبي يُوسُف، وَهُوَ الْوَجْه الصَّحِيح للشَّافِعِيَّة، وَهُوَ قَول مَالك: وَقَول أَكثر الْعلمَاء مِنْهُم: سعيد بن الْمسيب وَشُرَيْح وَطَاوُس وَعَطَاء وَسليمَان بن يسَار وَقَتَادَة.
وَعند مُحَمَّد بن الْحسن وَأبي يُوسُف فِي رِوَايَة يتَجَنَّب شعار الدَّم فَقَط، وَمِمَّنْ ذهب إِلَيْهِ عِكْرِمَة وَمُجاهد وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالْحكم وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَأصبغ وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو ثورة وَابْن الْمُنْذر وَدَاوُد، وَهَذَا أقوى دَلِيلا لحَدِيث أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ( اصنعوا كل شَيْء إلاَّ النِّكَاح) اقْتِصَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مُبَاشَرَته على مَا فَوق الْإِزَار مَحْمُول على الِاسْتِحْبابُُ، وَقَول مُحَمَّد هُوَ الْمَنْقُول عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وَأبي طَلْحَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَذكر الْقُرْطُبِيّ عَن مُجَاهِد: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يتجنبون النِّسَاء فِي الْحيض، ويأتونهن فِي أدبارهن فِي مدَّته.
وَالنَّصَارَى كَانُوا بجامعونهن فِي فروجهن، وَالْيَهُود وَالْمَجُوس كَانُوا يبالغون فِي هجرانهن وتجنبهن فيعتزلونهن بعد انْقِطَاع الدَّم وارتفاعه سَبْعَة أَيَّام، ويزعمون أَن ذَلِك فِي كِتَابهمْ.

وَمِنْهَا: جَوَاز اسْتِخْدَام الزَّوْجَات.
وَمِنْهَا: فِيهِ طَهَارَة عرق الْحَائِض.
وَمِنْهَا: أَن إِخْرَاج الرَّأْس من الْمَسْجِد لَا يبطل الِاعْتِكَاف.





[ قــ :98 ... غــ :30 ]
- حدّثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ قالَ أَخْبَرنا عَليُّ بْنُ مُسْهِرٍ قالَ أَخْبَرَنا أبُو إسْحاقَ هُوَ الشُيْبَانِي عَنُ عَبْدِ الرِّحْمنَ بْنِ الأسْوَدِ عَنْ أبِيهِ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ كانتْ إحْدَانَا إذَا كانَتْ حائِضاً فأرَادَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَها أنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرُ حَيْضَتِها ثُمَّ يُبَاشِرُها قالَتْ وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إرْبَهُ كَما كَانَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَمْلِكُ إرْبَهُ.
( انْظُر الحَدِيث 300 وطرفه) .

مطابقتة للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: إِسْمَاعِيل بن خَلِيل أَبُو عبد الله الْكُوفِي فِي الخزاز، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة والزايين المعجمتين أولاهما مُشَدّدَة، قَالَ البُخَارِيّ: جَاءَنَا نعيه سنة خمس وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: عَليّ بن مسْهر، بِضَم الْمِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْهَاء وبالراء أَبُو الْحسن الْقرشِي الْكُوفِي، مَاتَ سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة.
الثَّالِث: أَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ سُلَيْمَان بن فَيْرُوز، من مشاهير التَّابِعين، مَاتَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة.
الرَّابِع: عبد الرَّحْمَن بن الْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ، من خِيَار التَّابِعين وَالْعُلَمَاء العاملين، مَاتَ سنة تسع وَتِسْعين.
الْخَامِس: أَبوهُ الْأسود بن يزِيد، وَقد مر غير مرّة.
السَّادِس: عاشة أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: خَلِيل، بِدُونِ الْألف وَاللَّام فِي رِوَايَة أبي ذكر وكريمة، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: الْخَلِيل، بِالْألف وَاللَّام.
فَإِن قلت: هُوَ علم فَلَا تدخله أَدَاة التَّعْرِيف.
قلت: إِذا قصد بِهِ لمح الصّفة يجوز كَمَا فِي: الْعَبَّاس والْحَارث وَنَحْوهمَا وَفِيه: التحديث، أَشَارَ إِلَى أَنه تَعْرِيف لَهُ من تِلْقَاء نَفسه، وَلَيْسَ من كَلَام شَيْخه.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم إِلَى عَائِشَة كوفيون.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابَة.

ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم فِي الطهاة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن حجر.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة بِهِ، وَعَن أبي سَلمَة يحيى بن خلف.

ذكر مَعْنَاهُ قَوْلهَا: ( كَانَت إحدانا) أَرَادَت: إِحْدَى زَوْجَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( كَانَ إحدانا) بِدُونِ التَّاء، وَحكى سِيبَوَيْهٍ فِي كِتَابه أَنه قَالَ بعض الْعَرَب، قَالَ امْرَأَة قَوْله: ( أَن يُبَاشِرهَا) من الْمُبَاشرَة الَّتِي هِيَ أَن يمس الْجلد الْجلد، وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ الْجِمَاع، كَمَا ذكرنَا فِيمَا مضى.
قَوْله: ( أَن تتزر) قد ذكرنَا أَن اللُّغَة الفصحى بأتزر بِالْهَمْزَةِ بِلَا إدغام.
قَوْله: ( فِي فَور حَيْضَتهَا) بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الْوَاو، وَفِي آخِره رَاء، وأرادت بِهِ مُعظم حَيْضَتهَا وَوقت كثرتها،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: فورة الْحر شدته، وفار الْقدر فَوْرًا إِذا حاشت، وحيضتها بِفَتْح الْحَاء لَا غير.
قَوْله: ( إربه) بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وبالباء الْمُوَحدَة، وَقيل: المُرَاد عضوه الَّذِي يستمنع بِهِ، وَقيل: حَاجته، وَفِي كتاب ( الْمُنْتَهى) فِيهِ لُغَات إرب وإربة وأراب ومأربة ومأربة ومأربة، عَن أبي سَلمَة، وَفِي الحَدِيث: وَلكنه ( أملككم لإربه) قَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ الْحَاجة، أَي: أضبطكم لشهوته،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: أَي: لجزمه، وَضبط نَفسه وَقد أرب يأرب إرباً إِذا احْتَاجَ.
يُقَال آإن فلَانا لأرب بفلانة إِذا كَانَ ذاهم بهَا، وَيشْهد لقَوْل ابْن الْأَعرَابِي مَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات: ( أملككم لنَفسِهِ) وَفِي ( الْمُحكم) و ( الْجَامِع) والمأرب، وَهِي الإراب والأرب،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: وَأكْثر الروَاة يَقُولُونَ: لإربه، والإرب الْعُضْو، وَإِنَّمَا هُوَ الأرب مَفْتُوحَة الرَّاء، وَهِي الْوَطْء وحاجة النَّفس، وَقد يكون الإرب، الْحَاجة أَيْضا، وَالْأول أميز، وَكَذَا حَكَاهُ صَاحب ( الواعي) وَأما ابْن سَيّده وَابْن عديس فِي كتاب ( الباهر) فَقَالَا الإرب بِكَسْر الْهَمْز جمع إربه، وَهِي الْحَاجة،.

     وَقَالَ  أَبُو جَعْفَر النّحاس: أَخطَأ من رَوَاهُ بِكَسْر الْهمزَة.
قَالَ: وَإِنَّمَا هِيَ بِفَتْحِهَا.
وَفِي ( مجمع الغرائب) لعبد الغافر هُوَ فِي الْكَلَام مَعْرُوف الإرب والإربة بِمَعْنى الْحَاجة، فَإِن كَانَ الأول مَحْفُوظًا، يَعْنِي فِي حَدِيث عَائِشَة فَفِيهِ ثَلَاث لُغَات، الإرب والأرب والإربة، والإرب يكون بِمَعْنى الْعُضْو فَيحْتَمل أَنَّهَا أَرَادَ كَانَ، أملككم لعضوه، لِأَنَّهَا ذكرت التَّقْبِيل فِي الصَّوْم وَفِي ( المغيث) لأبي مُوسَى: أرب فِي الشَّيْء رغب فِيهِ، وَالْحَاصِل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أملك النَّاس لأَمره، فَلَا يخْشَى عَلَيْهِ مَا يخْشَى على غيرهممن يحوم حول الْحمى، وَكَانَ يُبَاشر فَوق الْإِزَار تشريعاً لغيره.

ذكر استنباط الْأَحْكَام مِنْهَا: جَوَاز مُبَاشرَة الْحَائِض فِيمَا فَوق الْإِزَار، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوْفِي وَمِنْهَا: أَن الْحَائِض لَا بُد لَهَا من الاتزار فِي أَيَّام حَيْضهَا، إِلَّا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر عَائِشَة بذلك، وَذَلِكَ لتمتنع الْمَرْأَة بِهِ عَن الْجِمَاع، وروى أَبُو دَاوُد عَن مَيْمُونَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( كَانَ يُبَاشر الْمَرْأَة من نِسَائِهِ وَهِي حَائِض إِذا كَانَ عَلَيْهَا إِزَار إِلَى اتصاف الْفَخْذ أَو الرُّكْبَتَيْنِ تحتجز بِهِ) أَي: بالإزار عَن الْجِمَاع فِي رِوَايَة محتجزه بِهِ، أَي: حَال كَون الْمَرْأَة ممتنعة بِهِ عَن الْجِمَاع، وَأَصله من حجزه يحجزه حجزاً أَي: مَنعه من بابُُ: نصر ينصر، وَمِنْه الحاجز بَين الشَّيْئَيْنِ، وَهُوَ الْحَائِل بَينهمَا.
وَمِنْهَا: أَن هَذِه الْمُبَاشرَة إِنَّمَا تجوز لَهُ إِذا كَانَ يضْبط نَفسه ويمنعها من الْوُقُوع فِي الْجِمَاع، وَإِن كَانَ لَا يملك ذَلِك فَلَا يجوز لَهُ ذَلِك، لِأَن من رعى حول الْحمى يُوشك أَن يَقع فِيهِ، وَعَلِيهِ بعض الشَّافِعِيَّة، وَاسْتَحْسنهُ النَّوَوِيّ.
وَمِنْهَا: أَن التَّقْيِيد بقولِهَا: فِي فَور حَيْضَتهَا، يدل على الْفرق بَين ابْتِدَاء الْحيض وَمَا بعده، وَيشْهد لذَلِك مَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي ( سنَنه) بِإِسْنَاد حسن عَن أم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( كَانَ يتفي سُورَة الدَّم ثَلَاثًا ثمَّ يُبَاشِرهَا بعد ذَلِك) وَلَا مُنَافَاة بَينه وَبَين الْأَحَادِيث الدَّالَّة على الْمُبَاشرَة مُطلقًا، لِأَنَّهَا تجمع بَينهَا على اخْتِلَاف الْحَالَتَيْنِ، وَالله تَعَالَى أعلم.

تابعَهُ خَالِدٌ وَجَرِيرٌ عَنِ الشيْبَانِيِّ
أَي تَابع عَليّ بن مسْهر خَالِد بن عبد الله الوَاسِطِيّ فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ، وَقد وَصلهَا أَبُو الْقَاسِم التنوخي من طَرِيق وهب بن بَقِيَّة عَنهُ.
قَوْله: ( وَجَرِير) عطف على: خَالِد، أَي: وَتَابعه أَيْضا جرير بن عبد الحميد فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث عَن الشَّيْبَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن، وَقد وصل هَذِه الْمُتَابَعَة أَبُو دَاوُد،.

     وَقَالَ : حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة،.

     وَقَالَ : حَدثنَا جرير عَن الشَّيْبَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، قَالَت: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرنَا فِي فوح حيضتنا أَن نتزر ثمَّ يباشرنا، وَأَيكُمْ كَانَ يملك إربه؟ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يملك إربه) رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَالْحَاكِم فِي ( مُسْتَدْركه) أَيْضا قَوْله: ( فِي فوح حيضتنا) فوح الْحيض، بِالْفَاءِ والحاء الْمُهْملَة، معظمة وأوله، مثله، فوعة الدَّم، يُقَال: فاع وفاح بِمَعْنى وَاحِد، وفوعة الطّيب أول مَا يفوح مِنْهُ، ويروي بالغين الْمُعْجَمَة وَهُوَ لُغَة فِيهِ، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ وَمُسلم: ( فِي فَور حيضتنا) كَمَا ذَكرْنَاهُ.





[ قــ :99 ... غــ :303 ]
- حدّثنا أبُو النُّعْمانِ قالَ حدّثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ قالَ حدّثنا الشَّيْبَانِيُّ قالَ حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ ابنْ شَدَّادٍ قالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ تقولُ كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَها فَاتَّزَرَتْ وَهِيَ حائِضٌ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي الْمَعْرُوف بعارم.
الثَّانِي: عبد الْوَاحِد بن زِيَاد الْبَصْرِيّ.
الثَّالِث: أَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ.
الرَّابِع: عبد الله بن شَدَّاد، بتَشْديد الدَّال ابْن الْهَاد اللَّيْثِيّ.
الْخَامِس: مَيْمُونَة، أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: السماع فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي، وكوفي ومدني.
ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن يحيى بن يحيى عَن خَالِد بن عبد الله عَن الشَّيْبَانِيّ بِهِ وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي النِّكَاح عَن مُسَدّد، وَمُحَمّد بن الْعَلَاء، كِلَاهُمَا عَن حَفْص بن غياث عَن الشَّيْبَانِيّ، وَأخرجه ابْن مَاجَه بِسَنَد صَحِيح من حَدِيث أم حَبِيبَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: [حم ( كَانَت إحدانا فِي فورها أول مَا تحيض تشد عَلَيْهَا إزاراً إِلَى أَنْصَاف فخذيها ثمَّ تضطجع مَعَه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) [/ حم وَأخرج أَبُو يعلى الْموصِلِي، من حَدِيث عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ( لَهُ مَا فَوق الْإِزَار وَلَيْسَ لَهُ مَا تَحْتَهُ) وَفِي لفظ: [حم ( لَا يطلعن إِلَى مَا تَحْتَهُ حَتَّى يطهرن) [/ حم وَأخرج أَبُو دَاوُد بِسَنَد صَحِيح عَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: [حم ( أَنه كَانَ إِذا أَرَادَ من الْحَائِض شَيْئا ألْقى على فرجهَا ثوبا) [/ حم وَأخرج ابْن أبي دَاوُد بِسَنَد جيد عَن أم سَلمَة: [حم ( أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُبَاشِرهَا وعَلى قبلهَا ثوب) [/ حم تَعْنِي: وَهِي حَائِض، وَأخرج أَبُو دَاوُد من حَدِيث معَاذ وَعبد الله بن سعد: ( مَا يحل للرجل من امْرَأَته وَهِي حَائِض؟ قَالَ: مَا فَوق الْإِزَار) وَفِي حَدِيث معَاذ: ( وَالتَّعَفُّف عَن ذَلِك أجمل) ، وَأخرج عبد الله بن وهب بِسَنَد صَحِيح من حَدِيث كريب، قَالَ: سَمِعت أم الْمُؤمنِينَ تَقول: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضطجع معي وَأَنا حَائِض، وبيني وَبَينه ثوب) وَأخرج الدَّارمِيّ فِي ( مُسْنده) من حَدِيث أبي ميسرَة عَمْرو بن شُرَحْبِيل، قَالَ: ( قَالَت أم الْمُؤمنِينَ: كنت أتزر وَأَنا حَائِض وَأدْخل مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لِحَافه) وَإِسْنَاده صَحِيح، وَفِي ( الْمُوَطَّأ) عَن زيد بن أسلم: ( سَأَلَ رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يحل لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض؟ قَالَ لِتشد عَلَيْهَا إزَارهَا ثمَّ شَأْنك بِأَعْلَاهَا) قَالَ أَبُو عمر: لَا أعلم أحدا روى هَذَا الحَدِيث مُسْندًا بِهَذَا اللَّفْظ.

ورَوَاهُ سُفْيَانُ عَنِ الشَّيْبَانِي
يَعْنِي: روى هَذَا الحَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ، كَذَا قَالَ بَعضهم، سُفْيَان هُوَ: الثَّوْريّ.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي سَوَاء كَانَ هُوَ الثَّوْريّ أَو ابْن عُيَيْنَة فَهُوَ على شَرط البُخَارِيّ فَلَا بَأْس فِي إبهامه.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) وَكَانَ البُخَارِيّ يُرِيد بمتابعة سُفْيَان هُنَا الْمَعْنى لَا اللَّفْظ، وَذَلِكَ أَن أَبَا دَاوُد قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الصَّباح عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ سمع عبد الله بن شَدَّاد عَن مَيْمُونَة: ( أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرط على بعض أَزوَاجه مِنْهُ وَهِي حَائِض) وَقد رَوَاهُ عَن الشَّيْبَانِيّ أَيْضا بِهَذَا الْإِسْنَاد خَالِد بن عبد الله عِنْد مُسلم وَجَرِير بن عبد الحميد عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا بِإِسْنَاد مَيْمُونَة حَفْص بن غياث عِنْد أبي دَاوُد، رَحمَه الله، وَأَبُو مُعَاوِيَة عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ وأسباط بن مُحَمَّد عَن أبي عوَانَة فِي ( صَحِيحه) .

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: قَالَ رَوَاهُ، وَلم يقل تَابعه؟ قلت: الرِّوَايَة أَعم مِنْهَا، فَلَعَلَّهُ لم يروها مُتَابعَة.