فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} [يوسف: 7]

( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى { لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وإخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} ( يُوسُف: 17) .
)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: { لقد كَانَ فِي يُوسُف} ( يُوسُف: 17) .
ويوسف فِيهِ سِتَّة أوجه: ضم السِّين وَكسرهَا وَفتحهَا مَعَ الْهَمْز وَتَركه.
وَاخْتلفُوا فِيهِ: هَل هُوَ أعجمى أَو عَرَبِيّ؟ فالأكثرون على أَنه أعجمي، وَلِهَذَا لم ينْصَرف.
وَقيل: عَرَبِيّ مَأْخُوذ من الأسف وَهُوَ الْحزن، أَو الأسيف وَهُوَ العَبْد، وَقد اجْتمعَا فِي يُوسُف، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَسُمي بِهِ.
.

     وَقَالَ  مقَاتل: ذكر الله يُوسُف فِي الْقُرْآن فِي سَبْعَة وَعشْرين موضعا.
قَوْله: ( وَإِخْوَته) ، أَي: فِي خبرهم.
قَوْله: ( آيَات) ، أَي: عبر.
قَوْله: ( للسائلين) قيل: الْيَهُود، وَقيل: آيَات أَي عَلَامَات وَدَلَائِل على قدرَة الله تَعَالَى وحكمته فِي كل شَيْء، للسائلين: يَعْنِي لمن سَأَلَ عَن قصتهم، وَقيل: آيَات على نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، للَّذين سَأَلُوهُ من الْيَهُود عَنْهَا فَأخْبرهُم بِالصِّحَّةِ من غير سَماع من أحد وَلَا قِرَاءَة كتاب،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: وقريء: لآيَة، وَفِي بعض الْمَصَاحِف: عِبْرَة.

وَأما أَسمَاء أخوة يُوسُف: فروبيل، بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْوَاو وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره لَام، وَهُوَ أكبرهم، وشمعون، ولاوي، ويهودا، ورويالون.
ويسخر وَيُقَال: أَي ساخر.
وأمهم ليا بنت لايان، وَهُوَ خَال يَعْقُوب، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وداني، ويفتالي، وجاد، وآشر، وَهَؤُلَاء من سريتين، ثمَّ توفيت ليا فَتزَوج يَعْقُوب أُخْتهَا راحيل، فَولدت لَهُ يُوسُف وبنيامين، فَالْكل إثنا عشر نَفرا.



[ قــ :3228 ... غــ :3383 ]
- حدَّثني عُبَيْدُ بنُ إسْمَاعِيلَ عَن أسَامَةَ عنْ عُبَيْدِ الله قَالَ أخْبَرَنِي سَعِيدُ بنُ أبِي سَعِيدٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ سُئِلَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ أكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أتْقَاهُم لله قَالُوا لَيْسَ عنْ هَذَا نَسْألُكَ قَالَ فأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ الله ابنُ نَبِيِّ الله ابنِ نَبِيِّ الله ابنِ خَلِيلِ الله قالُوا لَيْسَ عَنْ هاذَا نَسْألُكَ قَالَ فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْألُونِي النَّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإسْلاَمِ إذَا فَقُهُوا.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( أكْرم النَّاس يُوسُف نَبِي الله) وَعبيد الله، بِضَم الْعين: ابْن إِسْمَاعِيل واسْمه فِي الأَصْل: عبد الله أَبُو مُحَمَّد الْهَبَّاري الْكُوفِي، وَهُوَ من أَفْرَاده وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَعبيد الله بن عمر الْعمريّ، والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بابُُ { أم كُنْتُم شُهَدَاء إِذْ حضر يَعْقُوب الْمَوْت} ( الْبَقَرَة: 331) .
قَالَ الْعلمَاء: لما سَأَلُوا عَن أكْرم النَّاس أخبر بأكرم الْكِرَام، فَقَالَ: أَتْقَاهُم، لِأَن المتقي كَبِير فِي الْآخِرَة، فَلَمَّا قَالُوا لَا نَسْأَلك عَنهُ، فَقَالَ: يُوسُف، نَبِي الله الَّذِي جمع بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، فَلَمَّا قَالُوا مَا قَالُوا فهم أَن مُرَادهم قبائل الْعَرَب وأصولهم.
قَوْله: ( فقهوا) ، بِضَم الْقَاف وَحكي كسرهَا.

حدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ أخبرَنَا عَبْدَةُ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ سَعيدٍ عَن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا
هَذَا وَجه آخر للْحَدِيث الْمَذْكُور، قَالَ: حَدثنِي ويروى: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن سَلام أخبرنَا عَبدة ويروى: أَخْبرنِي عَبدة، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن سُلَيْمَان عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري،.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) : لَعَلَّه المَقْبُري، وشنع عَلَيْهِ بعض من عاصره، لَا شكّ أَن سعيداً هُوَ المَقْبُري بِلَا حرف ترج، وَمثل هَذَا كَيفَ يتَصَدَّى لشرح البُخَارِيّ؟ قَوْله: ( بِهَذَا) أَي: بِهَذَا الحَدِيث.





[ قــ :38 ... غــ :3383 ]
- حدَّثني عُبَيْدُ بنُ إسْمَاعِيلَ عَن أسَامَةَ عنْ عُبَيْدِ الله قَالَ أخْبَرَنِي سَعِيدُ بنُ أبِي سَعِيدٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ سُئِلَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ أكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أتْقَاهُم لله قَالُوا لَيْسَ عنْ هَذَا نَسْألُكَ قَالَ فأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ الله ابنُ نَبِيِّ الله ابنِ نَبِيِّ الله ابنِ خَلِيلِ الله قالُوا لَيْسَ عَنْ هاذَا نَسْألُكَ قَالَ فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْألُونِي النَّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإسْلاَمِ إذَا فَقُهُوا.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( أكْرم النَّاس يُوسُف نَبِي الله) وَعبيد الله، بِضَم الْعين: ابْن إِسْمَاعِيل واسْمه فِي الأَصْل: عبد الله أَبُو مُحَمَّد الْهَبَّاري الْكُوفِي، وَهُوَ من أَفْرَاده وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَعبيد الله بن عمر الْعمريّ، والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بابُُ { أم كُنْتُم شُهَدَاء إِذْ حضر يَعْقُوب الْمَوْت} ( الْبَقَرَة: 331) .
قَالَ الْعلمَاء: لما سَأَلُوا عَن أكْرم النَّاس أخبر بأكرم الْكِرَام، فَقَالَ: أَتْقَاهُم، لِأَن المتقي كَبِير فِي الْآخِرَة، فَلَمَّا قَالُوا لَا نَسْأَلك عَنهُ، فَقَالَ: يُوسُف، نَبِي الله الَّذِي جمع بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، فَلَمَّا قَالُوا مَا قَالُوا فهم أَن مُرَادهم قبائل الْعَرَب وأصولهم.
قَوْله: ( فقهوا) ، بِضَم الْقَاف وَحكي كسرهَا.

حدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ أخبرَنَا عَبْدَةُ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ سَعيدٍ عَن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا
هَذَا وَجه آخر للْحَدِيث الْمَذْكُور، قَالَ: حَدثنِي ويروى: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن سَلام أخبرنَا عَبدة ويروى: أَخْبرنِي عَبدة، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن سُلَيْمَان عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري،.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) : لَعَلَّه المَقْبُري، وشنع عَلَيْهِ بعض من عاصره، لَا شكّ أَن سعيداً هُوَ المَقْبُري بِلَا حرف ترج، وَمثل هَذَا كَيفَ يتَصَدَّى لشرح البُخَارِيّ؟ قَوْله: ( بِهَذَا) أَي: بِهَذَا الحَدِيث.



[ قــ :39 ... غــ :3384 ]
- حدَّثنا بَدلُ بنُ الْمُحَبَّرِ أخْبرَنا شُعْبَةُ عنْ سَعْدِ بنِ إبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بنَ الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا مُرِي أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بالنَّاسِ قالَتْ إنَّهُ رَجُلٌ أسِيفٌ مَتَى يَقُمْ مَقامَكَ رَقَّ فَعَادَتْ قَالَ شُعْبَةُ فقالَ فِي الثَّالِثَةِ أوِ الرَّابِعَةِ إنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أبَا بَكْر.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( يُوسُف) .
وَبدل، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالدَّال الْمُهْملَة وباللام: ابْن المحبر، بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة وبالراء: الْيَرْبُوعي الْبَصْرِيّ، وَيُقَال: الوَاسِطِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده.

والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ من أسمع النَّاس تَكْبِير الإِمَام وَفِي الْبابُُ الَّذِي يَلِيهِ وَفِي: بابُُ إِذا بَكَى الإِمَام فِي الصَّلاة.

قَوْله: ( مرى) ، أَمر من: أَمر يَأْمر وَأَصله: اؤمري، فحذفت الْهمزَة الثَّانِيَة تَخْفِيفًا وَاسْتغْنى عَن همزَة الْوَصْل فحذفت، فَصَارَ، مري، على وزن: عَليّ.
قَوْله: ( أسيف) وَفِي رِوَايَة زَائِدَة بعْدهَا: رَقِيق الْقلب سريع الْبكاء والحزن.
قَوْله: ( رق) ، أَي: يحصل لَهُ الرقة.
قَوْله: ( فَعَاد) ، أَي: فَعَاد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى كَلَامه بِأَن قَالَ ( مري) قَوْله: ( فَعَادَت) أَي: عَائِشَة إِلَى كَلَامهَا الأول بِأَن قَالَت: إِنَّه رجل أسيف، وَبَقِيَّة الْكَلَام مرت هُنَاكَ.





[ قــ :330 ... غــ :3385 ]
- حدَّثنا الرَّبِيعُ بنُ يَحْيَى البَصَرِيُّ حدَّثنا زَائِدَةُ عنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ عنْ أبِي بُرْدَةَ بنِ أبِي مُوساى عنْ أبِيهِ قَالَ مَرِضَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقالَتْ إنَّ أبَا بَكْرٍ رَجُلٌ فقالَ مِثْلَهُ فقالَ مُرُوهُ فإنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ فأمَّ أبُو بَكْرٍ فِي حَيَاةِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ حُسَيْنٌ عنْ زَائِدَةَ رَجُلٌ رَقِيقٌ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( يُوسُف) .
وزائدة بن قدامَة وَأَبُو بردة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: اسْمه عَامر، وَأَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.

والْحَدِيث مر فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ أهل الْعلم وَالْفضل أَحَق بِالْإِمَامَةِ.

قَوْله: ( فَقَالَت) ، أَي: عَائِشَة.
قَوْله: ( فَقَالَ مثله) ، أَي: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مثل مَا قَالَ فِي الحَدِيث السَّابِق.
قَوْله: ( فَقَالَت مثله) ، أَي: فَقَالَت عَائِشَة مثل مَا قَالَت فِي الحَدِيث السَّابِق.
قَوْله: ( فَقَالَ حُسَيْن) ، وَالْحُسَيْن هُوَ ابْن عَليّ الْجعْفِيّ وَهُوَ الْمَذْكُور فِي الحَدِيث الَّذِي فِي: بابُُ أهل الْعلم الَّذِي ذكرنَا آنِفا، وَهُوَ الرَّاوِي عَن زَائِدَة فِيهِ.





[ قــ :331 ... غــ :3386 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ أخْبرَنَا شُعَيْبٌ حدَّثَنَا أبُو الزِّنَادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ أنْجِ عَيَّاشَ بنَ أبِي رَبِيعَةَ أللَّهُمَّ أنْجِ سلَمَةَ بنَ هِشَامٍ أللَّهُمَّ أنْجِ الولِيدَ بنَ الوَلِيدِ أللَّهُمَّ أنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وطْأتَكَ عَلَى مُضَرَ ألَّلهُمَّ اجْعَلْهَا سِنينَ كَسِني يُوسُفَ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( كَسِنِي يُوسُف) وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه على هَذَا النسق قد مر غير مرّة، وَمضى الحَدِيث فِي كتاب الصَّلَاة مطولا فِي: بابُُ يهوي بِالتَّكْبِيرِ حِين يسْجد، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.





[ قــ :33 ... غــ :3387 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدِ بنِ أسْمَاءَ ابنِ أخِي جُوَيْرِيَةَ حدَّثنا جُوَيْرِيَةُ بنُ أسْمَاءَ عنْ مالِكٍ عنِ الزُّهْرِيِّ أنَّ سَعِيدَ بنَ الْمُسَيَّبِ وأبَا عُبَيْدٍ أخْبَرَاهُ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرْحَمُ الله لوطَاً لَقَدْ كانَ يَأوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ولَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ أتَانِي الدَّاعِي لأجَبْتُهُ.
.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( مَا لبث يُوسُف) وَعبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء، مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَجُوَيْرِية مصغر جَارِيَة وَهُوَ من الْأَعْلَام الْمُشْتَركَة بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث: ابْن أَسمَاء بِوَزْن حَمْرَاء الضبعِي.
والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بابُُ قَوْله عز وَجل: { ونبئهم عَن ضيف إِبْرَاهِيم} ( الْحجر: 15) .
وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.





[ قــ :333 ... غــ :3388 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ أخْبَرَنا ابنُ فُضَيْلٍ حدَّثنا حُصَيْنٌ عنْ شَقِيقٍ عنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سألْتُ أمَّ رُومانَ وهْيَ أمُّ عائِشَةَ عَمَّا قِيلَ فِيهَا مَا قِيلَ قالَتْ بَيْنَمَا أنَا مَعَ عَائِشَةَ جالِسَتَانِ إذْ ولَجَتْ عَلَيْنَا امْرَأةٌ مِنَ الأنْصَارِ وهْيَ تَقُولُ فَعَلَ الله بِفُلاَنٍ وفَعَلَ قالَتْ فَقُلْتُ لِمَ قالَتْ إنَّهُ نَمَّى ذِكْرَ الحَدِيثِ فَقالَتْ عائِشَةُ أيُّ حَدِيثٍ فأخْبَرَتْهَا قالَتْ فَسَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ ورسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ نَعَمْ فَخَرَّتْ مَغْشِيَّاً عَلَيْهَا فَما أفَاقَتْ إلاَّ وعَلَيْهَا حُمَّى بِنافِضٍ فَجاءَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا لِهَذِهِ.

قُلْتُ حُمَّى أخَذَتْها مِنْ أجْلٍ حَدِيثٍ تُحَدِّثُ بِهِ فقَعَدَتْ فقالَتْ وَالله لَئِنْ حَلَفْتُ لاَ تُصَدِّقُونِي ولَئِنِ اعْتَذَرْتُ لاَ تَعْذِرُونِي فَمَثَلِي ومَثَلُكُمْ كَمَثَلِ يَعْقُوبَ وبَنِيهِ فَالله الْمُسْتَعَانُ علَى مَا تَصِفُونَ فانْصَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنْزَلَ الله مَا أنْزَلَ فأخْبَرَهَا فقالَتْ بِحَمْدِ الله لَا بِحَمْدِ أحَدٍ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْلهَا: ( فمثلي ومثلكم كَمثل يَعْقُوب وبنيه) فَإِن فِيهِ يُوسُف أَيْضا، وَسَيَأْتِي فِي قصَّة الْإِفْك فِي سُورَة النُّور عَن عَائِشَة بِلَفْظ: والتمست اسْم يَعْقُوب فَلم أَجِدهُ، فَقلت: مَا أحد لي وَلكم مثلا، إِلَّا أَبَا يُوسُف.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد بن سَلام البُخَارِيّ البيكندي وَهُوَ من أَفْرَاده.
الثَّانِي: مُحَمَّد بن فُضَيْل مصغر فضل ابْن غَزوَان الْكُوفِي.
الثَّالِث: حُصَيْن، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن عبد الرَّحْمَن الْهِلَالِي.
الرَّابِع: شَقِيق بن سَلمَة الْأَسدي أَبُو وَائِل الْكُوفِي.
الْخَامِس: مَسْرُوق بن الأجدع الْهَمدَانِي الوادعي أَبُو عَائِشَة الْكُوفِي.
السَّادِس: أم رُومَان، بِضَم الرَّاء، وَقيل: بِفَتْحِهَا بنت عَامر بن عُوَيْمِر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة بن سبيع ابْن دهمان بن الْحَارِث بن غنم بن مَالك بن كنَانَة، قَالَ أَبُو عمر: هَكَذَا نَسَبهَا مُصعب، وَخَالفهُ غَيره، وَالْخلاف من أَبِيهَا إِلَى كنَانَة كثير جدا، وَأَجْمعُوا أَنَّهَا من بني غنم بن مَالك بن كنَانَة، امْرَأَة أبي بكر الصّديق وَأم عَائِشَة وَعبد الرَّحْمَن ابْني أبي بكر، وَذكر فِي ( التَّوْضِيح) : أم رُومَان دعد، وَيُقَال: زَيْنَب بنت عُمَيْر بن عَامر، وَقيل: بنت عَامر بن عُوَيْمِر.

ذكر مَا قيل فِي هَذَا السَّنَد اخْتلف فِيهِ، فَقيل: إِنَّه مُنْقَطع.
قَالَ أَبُو عمر: رِوَايَة مَسْرُوق عَن أم رُومَان مُرْسلَة، وَلَعَلَّه سمع ذَلِك من عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا،.

     وَقَالَ  ابْن سعد وَأَبُو حسان الزيَادي: أم رُومَان مَاتَت فِي حَيَاة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سنة سِتّ، وَنزل رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قبرها، زَاد الزبير: فِي ذِي الْحجَّة،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: سنة أَربع، وَقيل: سنة خمس، فعلى هَذَا لَا يتَّجه سَماع مَسْرُوق مِنْهَا، وَيكون حَدِيثه مُنْقَطِعًا،.

     وَقَالَ  آخَرُونَ: الحَدِيث مُتَّصِل، فَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الْحَرْبِيّ فِي ( تَارِيخه) و ( علله) : سَأَلَ مَسْرُوق أم رُومَان وَله خمس عشرَة سنة، وَمَات وَله ثَمَان وَسَبْعُونَ سنة، وَهِي أقدم من حدث عَنهُ مَسْرُوق، وَقد صلى خلف أبي بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا،.

     وَقَالَ  أَبُو نعيم الْحَافِظ: بقيت بعد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دهراً طَويلا، فعلى هَذَا الحَدِيث مُتَّصِل،.

     وَقَالَ  الْخَطِيب: الْعجب من الْحَرْبِيّ كَيفَ خفى عَلَيْهِ اسْتِحَالَة سُؤال مَسْرُوق لَهَا مَعَ علو قدره فِي الْعلم، وأحسب الْعلَّة الَّتِي دخلت عَلَيْهِ اتِّصَال السَّنَد وثقة رِجَاله، وَلم يتفكر فِيمَا وَرَاء ذَلِك، فَهِيَ الْعلَّة الَّتِي دخلت على البُخَارِيّ حَتَّى خرجه، أما مُسلم فَلم يُخرجهُ، وَرِجَاله على شَرطه، وَأَحْسبهُ فطن لاستحالته فردَّه، وَقَول الْحَرْبِيّ: سَأَلَهَا وَله خمس عشرَة سنة، فعلى هَذَا لَو كَانَ لَهُ وَقت وَفَاة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضع عشرَة سنة، فَمَا الَّذِي مَنعه أَن يسمع من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ وَلَقَد انتصر بَعضهم للْبُخَارِيّ: بِأَنَّهُ لما ذكر رِوَايَة عَليّ بن زيد بن جدعَان عَن الْقَاسِم: مَاتَت أم رُومَان زمن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: فِيهِ نظر، لضعف عَليّ وَانْقِطَاع حَدِيث الْقَاسِم.
وَحَدِيث مَسْرُوق أسْند،.

     وَقَالَ  أَيْضا: الَّذِي رَوَاهُ ابْن سعد أَصله من الْوَاقِدِيّ وَفِيه مقَال، ورد عَلَيْهِ بِأَن الْحميدِي قَالَ: كَانَ بعض من لَقينَا من البغداديين الْحفاظ يَقُولُونَ: الْإِرْسَال فِي هَذَا الحَدِيث بيِّن.
.

     وَقَالَ  الْخَطِيب: وَقع فِي كتاب فِي رِوَايَة: رَوَاهُ مَسْرُوق عَن أبي مَسْعُود عَن أم رُومَان، قَالَ: وَهُوَ الْأَشْبَه، وَكَذَا قَالَه نَاصِر السلَامِي،.

     وَقَالَ  الْخَطِيب أَيْضا: الصَّوَاب أَن يُقَال: سُئِلت أم رُومَان على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمَاضِي وَهَذَا أشبه بِالصِّحَّةِ، لِأَن من النَّاس من يكْتب الْهمزَة ألفا فِي جَمِيع أحوالها الرّفْع وَالنّصب والخفض، فَلَعَلَّ بعض النقلَة كتب على صُورَة سَأَلت بِالْألف وَدون عَلَيْهِ وَرَوَاهُ؟.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: لَا يَنْفَعهُ هَذَا الْعذر لما جَاءَ فِي حَدِيث الْإِفْك من الْمَغَازِي، قَالَ مَسْرُوق: حَدَّثتنِي أم رُومَان، قلت: قيل: إِنَّه وهم فِيهِ،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: فِيهِ من الْوَهم أَن أم مسطح من قُرَيْش،.

     وَقَالَ ت: ولجت علينا امْرَأَة من الْأَنْصَار،.

     وَقَالَ  الْخَطِيب: الرَّاوِي عَن شَقِيق عَن مَسْرُوق هُوَ حُصَيْن، وحصين قد اخْتَلَط فِي آخر عمره، فَلَعَلَّهُ روى الحَدِيث فِي حَال اخْتِلَاطه؟ قَالَ الْخَطِيب أَيْضا: وَفِي رِوَايَة عَن مَسْرُوق: سُئِلت أم رُومَان، وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَه بِالصِّحَّةِ، وَالله أعلم.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( عَمَّا قيل فِيهَا) ، أَي: فِي عَائِشَة، مَا قيل من الْإِفْك.
قَوْله: ( إِذا ولجت) ، أَي: دخلت.
قَوْله: ( فعل الله بفلان وَفعل) ، أَرَادَت الْأَنْصَارِيَّة الْمَذْكُورَة بفلان: مسطحًا، بِكَسْر الْمِيم، وَهُوَ مسطح بن أَثَاثَة بن عباد بن الْمطلب بن عبد منَاف بن قصي الْقرشِي المطلبي، يكنى أَبَا عباد،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: اسْمه عَوْف لَا اخْتِلَاف فِي ذَلِك، وَغلب عَلَيْهِ مسطح، وَأمه سلمى بنت صَخْر بن عَامر بن كَعْب بن سعد بن تَمِيم بن مرّة، وَهِي ابْنة خَالَة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقيل: أم مسطح سلمى بنت صَخْر بن عامرة خَالَة أبي بكر الصّديق، شهد مسطح بَدْرًا وَمَات سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَهُوَ ابْن سِتّ وَخمسين سنة، وَقد قيل: إِنَّه شهد صفّين مَعَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ الْأَكْثَر، وَلما خَاضَ فِي الْإِفْك على عَائِشَة وَنزلت براءتها جلده رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِيمَن جلد فِي ذَلِك، وَكَانَ أَبُو بكر ينْفق عَلَيْهِ لِقَرَابَتِهِ وَفَقره، فتألَّى أَن لَا ينْفق عَلَيْهِ، فَنزلت: { وَلَا يأتلِ أولو الْفضل مِنْكُم وَالسعَة ... } ( النُّور: ) .
الْآيَة، فَقَالَ أَبُو بكر: وَالله إِنِّي لأحب أَن يغْفر الله لي، فَرجع إِلَى مسطح النَّفَقَة الَّتِي كَانَ ينْفق عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ : وَالله لَا أنزعهَا عَنهُ أبدا.
قَوْله: ( إِنَّه نمَّى) ، بتَشْديد الْمِيم من التنمية، وَهِي رفع الْخَبَر، يُقَال: نميت الحَدِيث أنميه: إِذا بلغته على وَجه الْإِصْلَاح وَطلب الْخَيْر، فَإِذا بلَّغته على وَجه الْإِفْسَاد والنميمة، قلت: نميته، بِالتَّشْدِيدِ، كَذَا قَالَه أَبُو عبيد وَابْن قُتَيْبَة وَغَيرهمَا من الْعلمَاء،.

     وَقَالَ  الْحَرْبِيّ: نمى، مُشَدّدَة وَأكْثر الْمُحدثين يَقُولُونَهَا مُخَفّفَة، قَالَ ابْن الْأَثِير: وَهَذَا لَا يجوز، يَعْنِي هَهُنَا.
وَفِي ( الْمطَالع) : وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِالتَّخْفِيفِ.
قَوْله: ( ينافض) ، أَي: ملتبسة بارتعاد، والنافض من الْحمى هُوَ ذَات الرعدة، والنفض التحريك.
قَوْله: ( من أجل حَدِيث) ، وَهُوَ حَدِيث الْإِفْك.
قَوْله: ( تحدث بِهِ) ، على صِيغَة الْمَجْهُول صفة لحَدِيث.
قَوْله: ( ومثلي) أَي: صِفَتي كصفة يَعْقُوب، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، حَيْثُ صَبر صبرا جميلاً،.

     وَقَالَ : { وَالله الْمُسْتَعَان} ( يُوسُف: 81) .
قَوْله: ( مَا أنزل) ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: { إِن الَّذين جاؤا بالإفك عصبَة مِنْكُم ... } ( النُّور: 11) .
الْعشْر الْآيَات، فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( يَا عَائِشَة أما الله فقد برأك، فَقَالَت أمهَا: قومِي إِلَيْهِ، فَقَالَت: وَالله لَا أقوم إِلَيْهِ فَإِنِّي وَلَا أَحْمد إلاَّ الله، عز وَجل) وَهُوَ معنى قَوْلهَا: ( بِحَمْد الله لَا بِحَمْد أحد) .





[ قــ :334 ... غــ :3389 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلِ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أخْبَرَنِي عُرْوَةُ أنَّهُ سألَ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرَأيْتِ قَوْلَهُ حَتَّى إذَا اسْتَيْأسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا أوْ كُذِبُوا قالَتْ بَلْ كَذَّبَهُمْ قَوْمُهُمْ فَقُلْتُ وَالله لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ ومَا هُوَ بالظِّنِّ فقالَتْ يَا عُرَيَّةُ لَقَدْ اسْتَيْقَنُوا بِذالِكَ.

قُلْتُ فلَعَلَّهَا أوْ كُذِبُوا قالَتْ مَعَاذَ الله لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذالِكَ بِرَبِّهَا وأمَّا هاذِهِ الآيَةُ قالَتْ هُمْ أتْباعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وصَدَّقُوهُمْ وطَالَ عَلَيْهِمِ البَلاءُ واسْتأخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ حَتَّى إذَا اسْتَيْأسَتْ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وظَنُّوا أنَّ أتْبَاعَهُمْ كَذَّبُوهُمْ جاءَهُمْ نَصْرُ الله.
.
مَا رَأَيْت أحدا ذكر وَجه مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة، وَلَكِن لَهُ مُنَاسبَة للْحَدِيث السَّابِق من حَيْثُ مَجِيء النَّصْر فِي حق كل مِمَّن ذكر فِيهَا بعد الْيَأْس، فَيكون هَذَا مطابقاً للْحَدِيث السَّابِق من هَذَا الْوَجْه، ثمَّ نقُول: المطابق للمطابق للشَّيْء مُطَابق لذَلِك الشَّيْء.

وَرِجَاله ذكرُوا غير مرّة.

قَوْله: ( أَرَأَيْت) أَي: أَخْبِرِينِي.
قَوْله: ( وَقَوله) أَي: قَول الله تَعَالَى { حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كذبُوا} ( يُوسُف: 011) .
وَتَمام الْآيَة: { جَاءَهُم نصرنَا فنجى من نشَاء وَلَا يرد بأسنا عَن الْقَوْم الْمُجْرمين} ( يُوسُف: 011) .
قَوْله: ( إِذا استيأس الرُّسُل) من الْيَأْس وَهُوَ الْقنُوط، وَنَذْكُر بَقِيَّة الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.
قَوْله: ( وظنوا) أَي: الرُّسُل ظنُّوا أَنهم كذبُوا، وَفهم عُرْوَة من ظَاهر الْكَلَام: أَن نِسْبَة الظَّن بالتكذيب لَا يَلِيق فِي حق الرُّسُل، فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: لَيْسَ كَمَا زعمت، بل مَعْنَاهُ مَا أشارت إِلَيْهِ بقوله بِكَلِمَة الإضراب: بل كذبهمْ قَومهمْ، فِي وعد الْعَذَاب، وَقَرِيب مِنْهُ مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس: وظنوا حِين ضعفوا وغلبوا أَنهم قد أخْلفُوا مَا وعدهم الله من النَّصْر،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: وظنوا أَنهم قد كذبُوا، أَي: كذبتهم أنفسهم حِين حدثتهم بِأَنَّهُم ينْصرُونَ.
قَوْله: ( فَقلت) ، الْقَائِل هُوَ عُرْوَة، فَكَأَنَّهُ أشكل عَلَيْهِ قَوْله: وظنوا لأَنهم تيقنوا، وَمَا ظنُّوا، فَقَالَ: وَالله لقد استيقنوا أَن قَومهمْ كذبوهم، فَردَّتْ عَلَيْهِ عَائِشَة بقولِهَا يَا عرية لقد استيقنوا بذلك، وأشارت بذلك أَن الظَّن هُنَا بِمَعْنى الْيَقِين كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وظنوا أَن لَا ملْجأ من الله إلاَّ إِلَيْهِ} ( التَّوْبَة: 811) .
أَي: تيقنوا، ثمَّ عَاد عُرْوَة إِلَيْهَا فَقَالَ: أَو كذبُوا، بِالتَّخْفِيفِ، وَلَفظ الْقُرْآن على لفظ الْفَاعِل على معنى: وَظن الرُّسُل أَنهم قد كذبُوا فِيمَا حدثوا بِهِ قَومهمْ، فأجابت عَائِشَة بقولِهَا: معَاذ الله، لم تكن الرُّسُل تظن ذَلِك بربها، وأشارت بذلك إِلَى مَا فهمه عُرْوَة مِنْهُ، وَلما لم ترض عَائِشَة بِمَا قَالَه فِي الْمَوْضِعَيْنِ خاطبته بقولِهَا: يَا عرية بِالتَّصْغِيرِ وَلكنه تَصْغِير الشَّفَقَة والمحبة والدلال، وَلَيْسَ تَصْغِير التحقير، وَأَصلهَا: عريوة، اجْتمعت الْيَاء وَالْوَاو وسبقت إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ فقلبت الْوَاو يَاء وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء.
قَوْله: ( وَأما هَذِه الْآيَة) ، جَوَاب: أما مَحْذُوف تَقْدِيره: فَالْمُرَاد من الظانين فِيهَا هم أَتبَاع الرُّسُل ... إِلَى آخِره.

قَالَ أبُو عَبْدِ الله اسْتَيأسُوا افْتَعَلُوا مِنْ يَئِسْتُ مِنْهُ مِنْ يُوسُفَ
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه.
قَوْله: ( افتعلوا) ، يَعْنِي: وزن استيأسوا افتعلوا وَلَيْسَ كَذَلِك، بل وَزنه: استفعلوا وَالسِّين وَالتَّاء فِيهِ زائدتان للْمُبَالَغَة.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: استيأسوا استفعلوا، وَفِي بعض النّسخ: افتعلوا، وغرضه بَيَان الْمَعْنى، وَأَن الطّلب لَيْسَ مَقْصُودا فِيهِ وَلَا بَيَان الْوَزْن والاشتقاق.
قلت: قَالَ بَعضهم فِي كثير من الرِّوَايَات: افتعلوا، وَقَوله: إِن الطّلب لَيْسَ مَقْصُودا مِنْهُ، كَلَام واهٍ لِأَن من قَالَ: إِن السِّين فِيهِ للطلب، قَالَ: لَيْسَ إلاَّ للْمُبَالَغَة كَمَا ذَكرْنَاهُ، نَص الزَّمَخْشَرِيّ عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى: { فَلَمَّا استيأسوا مِنْهُ خلصوا نجياً} ( يُوسُف: 08) .
قَوْله: وَلَا بَيَان الْوَزْن، أَيْضا كَلَام واه لِأَنَّهُ إِذا لم يكن مُرَاده بَيَان الْوَزْن لِمَ قَالَ: استيأسوا افتعلوا؟ وَهَذَا عين بَيَان الْوَزْن، وَالظَّاهِر أَن مثل هَذَا من قُصُور الْيَد فِي علم التصريف.

{ لَا تَيْأسُوا مِنْ رَوْحِ الله} ( يُوسُف: 78) .
مَعْناهُ الرَّجاءُ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن الرّوح فِي قَوْله تَعَالَى: { لَا تيأسوا من روح الله} ( يُوسُف: 78) .
بِمَعْنى: الرَّجَاء، وَعَن قَتَادَة: أَي لَا تيأسوا من رَحْمَة الله، كَذَا رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن بشير عَنهُ.





[ قــ :335 ... غــ :3390 ]
- أخْبرَني عَبْدَةُ حدَّثنا عَبْدُ الصَّمَدِ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبِيهِ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الكَرِيمُ ابنُ الكَرِيمِ بنِ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بنُ يَعْقُوبَ بنِ أسْحااقَ ابنِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمِ السَّلامُ.
( انْظُر الحَدِيث 833 وطرفه) .


عَبدة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن عبد الله أَبُو سهل الصفار الْخُزَاعِيّ الْبَصْرِيّ، مَاتَ بالأهواز سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من أَفْرَاده، وَفِي بعض النّسخ: حَدثنَا عَبدة، وَفِي السِّتَّة: عَبدة بن سُلَيْمَان الْكلابِي، وَعَبدَة ابْن أبي لبابَُُة تَابِعِيّ كُوفِي نزل دمشق، روى لَهُ الْجَمَاعَة مَا خلا أَبَا دَاوُد، وَعَبدَة بن سُلَيْمَان الْمروزِي نزل المصيصة صَاحب ابْن الْمُبَارك.
روى عَنهُ أَبُو دَاوُد، وَقيل: روى عَنهُ البُخَارِيّ أَيْضا، ذكره ابْن عدي وَلم يذكر غَيره، وَعَبدَة بن عبد الرَّحِيم الْمروزِي روى لَهُ التِّرْمِذِيّ، مَاتَ بِدِمَشْق سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وَعبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث الْبَصْرِيّ، وَعبد الرَّحْمَن ابْن عبد الله.
والْحَدِيث قد مر عَن قريب فِي: بابُُ { أم كُنْتُم شُهَدَاء إِذْ حضر يَعْقُوب الْمَوْت} ( الْبَقَرَة: 331) .