فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

( بابُُ وفاةِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)

أَي: هَذَا بابُُ فِي باين وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هَكَذَا وَقعت هَذِه التَّرْجَمَة عِنْد أبي ذَر، وَسَقَطت من رِوَايَة النَّسَفِيّ.



[ قــ :3375 ... غــ :3536 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلِ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تُوُفِّيَ وهْوَ ابنُ ثَلاثٍ وسِتِّينَ.

     وَقَالَ  ابنُ شِهَابٍ وأخْبَرَنِي سَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ مِثْلَهُ.
( الحَدِيث 6353 طرفه فِي: 6644) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث عَن أَبِيه عَن جده بِهِ.

قَوْله: ( توفّي وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ) ، هَذَا هُوَ الْأَصَح فِي سنه، وَقد ذكره البُخَارِيّ فِي آخر الْغَزَوَات، وَترْجم عَلَيْهِ هَذِه التَّرْجَمَة أَيْضا، وَرُوِيَ أَيْضا هَذَا عَن ابْن عَبَّاس وَمُعَاوِيَة،.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: وَهُوَ قَول سعيد بن الْمسيب وَالشعْبِيّ وَأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أنس، وروى عَن أنس: ( أَنه توفّي على رَأس السِّتين) ، وَصَححهُ الْحَاكِم فِي ( الإكليل) وأسنده ابْن سعد من طَرِيقين عَنهُ، وَبِه قَالَ عُرْوَة وَيحيى بن جعدة وَالنَّخَعِيّ، وروى مُسلم من حَدِيث عمار بن أبي عَامر عَن ابْن عَبَّاس: ( أَنه توفّي وَهُوَ ابْن خمس وَسِتِّينَ) ، وَصَححهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ أَيْضا فِي ( تَارِيخه) .
وَأما البُخَارِيّ فَذكره فِي ( تَارِيخه الصَّغِير) : عَن عمار، ثمَّ قَالَ: وَلَا يُتَابع عَلَيْهِ، وَكَانَ شُعْبَة يتَكَلَّم فِي عمار وَفِيه نظر من حَيْثُ إِن ابْن أبي خَيْثَمَة ذكره أَيْضا من حَدِيث عَليّ بن زيد عَن يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس، وَرَوَاهُ أَيْضا ابْن سعد عَن سعيد بن سُلَيْمَان عَن هشيم حَدثنَا عَليّ ... فَذكره، وَلَو أعله البُخَارِيّ مَا ذكره الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث حَمَّاد عَن عمار عَن ابْن عَبَّاس، لَكَانَ صَوَابا، لِأَن شُعْبَة، وَإِن تكلم فِيهِ فقد أثنى عَلَيْهِ غير وَاحِد.
وَفِي ( تَارِيخ ابْن عَسَاكِر) : ثِنْتَانِ وَسِتُّونَ سنة وَنصف، وَفِي كتاب عمر بن شُعْبَة: إِحْدَى أَو اثْنَتَانِ، لَا أرَاهُ بلغ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ.
وروى الْبَزَّار من حَدِيث ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: توفّي فِي إِحْدَى وَعشْرين من رَمَضَان، وَلما ذكر الطَّبَرِيّ قَول الْكَلْبِيّ وَأبي محيف: أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، توفّي فِي ثامن ربيع الأول، قَالَ هَذَا القَوْل: وَإِن كَانَ خلاف قَول الْجُمْهُور فَإِنَّهُ لَا يبعد أَن كَانَت الثَّلَاثَة الْأَشْهر الَّتِي قبله كَانَت تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا، وَفِي ( التَّوْضِيح) : وَهَذَا قَول أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمُحَمّد بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ والمعتمر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه وَأبي معشر عَن مُحَمَّد بن قيس، قَالُوا ذَلِك أَيْضا، حَكَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَالْقَاضِي أَبُو بكر بن كَامِل فِي ( الْبُرْهَان) .
.

     وَقَالَ  السُّهيْلي فِي ( الرَّوْض) : اتَّفقُوا أَنه توفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ، وَقَالُوا كلهم: فِي ربيع الأول غير أَنهم قَالُوا، أَو قَالَ أَكْثَرهم: فِي الثَّانِي عشر من الشَّهْر أَو الثَّالِث عشر أَو الرَّابِع عشر أَو الْخَامِس عشر، لإِجْمَاع الْمُسلمين على أَن وَقْفَة عَرَفَة فِي حجَّة الْوَدَاع كَانَت يَوْم الْجُمُعَة، وَهُوَ التَّاسِع من ذِي الْحجَّة، فَدخل ذُو الْحجَّة يَوْم الْخَمِيس، فَكَانَ الْمحرم إِمَّا الْجُمُعَة وَإِمَّا السبت وَإِمَّا الْأَحَد، فَإِن كَانَ الْجُمُعَة فقد كَانَ صفر إِمَّا السبت وَإِمَّا الْأَحَد، فَإِن كَانَ السبت فقد كَانَ الرّبيع إِمَّا الْأَحَد وَإِمَّا الْإِثْنَيْنِ، وَكَيف مَا دارت الْحَال على هَذَا الْحساب فَلم يكن الثَّانِي عشر من ربيع الأول يَوْم الْإِثْنَيْنِ بِوَجْه، وَعَن الْخَوَارِزْمِيّ: توفّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أول يَوْم من ربيع الأول، قَالَ: وَهَذَا أقرب إِلَى الْقيَاس، وَعَن الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( مرض يَوْم السبت لاثْنَيْنِ وَعشْرين لَيْلَة من صفر، بَدَأَ بِهِ وَجَعه عِنْد وليدته ريحاته، وَتوفى فِي الْيَوْم الْعَاشِر) ، وَعند أبي معشر عَن مُحَمَّد بن قيس: اشْتَكَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَرْبَعَاء لإحدى عشرَة بقيت من صفر فِي بَيت زَيْنَب بنت جحش، فَمَكثَ ثَلَاثَة عشر يَوْمًا.
وَعند الْوَاقِدِيّ: عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( أَنه بدىء بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَعه فِي بَيت مَيْمُونَة زَوجته) ،.

     وَقَالَ  أهل الصَّحِيح بِإِجْمَاع: إِنَّه توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ، قَالَ أهل السّير: مثل الْوَقْت الَّذِي دخل فِيهِ الْمَدِينَة، وَذَلِكَ حِين ارْتَفع الضُّحَى،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: كَانَت مُدَّة علته اثْنَي عشر يَوْمًا، وَقيل: أَرْبَعَة عشر يَوْمًا.
قَوْله: ( وَقَالَ ابْن شهَاب) ، وَهُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ ( وَأَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب مثله) أَي: مثل مَا أخبر عُرْوَة عَن عَائِشَة، وَهُوَ موصل بِالْإِسْنَادِ الأول الْمَذْكُور، وَقد أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب بالإسنادين مَعًا مفرقاً وَهُوَ من مُرْسل سعيد بن الْمسيب، وَيحْتَمل أَن يكون سعيد أَيْضا سَمعه من عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَالله تَعَالَى أعلم.
<