فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما

(بابُُ مَناقِبِ الحَسَنِ والْحُسَيْنِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما
(
أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَنَاقِب أبي مُحَمَّد الْحسن وَأبي عبد الله الْحُسَيْن، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وفضائلهما لَا تعد ومناقبهما لَا تحد.
وَترك الْحسن الْخلَافَة لله تَعَالَى لَا لعِلَّة وَلَا لذلة وَلَا لقلَّة، وَكَانَ ذَلِك تَحْقِيقا لمعجزة جده رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَيْثُ قَالَ: يُصْلِح الله بِهِ بَين طائفتين، وهما طائفته وَطَائِفَة مُعَاوِيَة، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ مسموماً سنة تسع وَأَرْبَعين وَلم يكن بَين وِلَادَته وَحمل الْحُسَيْن إلاَّ طهر وَاحِد، وَأما الْحُسَيْن فَقتله سِنَان، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وبالنونين: ابْن أنس النَّخعِيّ يَوْم الْجُمُعَة يَوْم عَاشُورَاء سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ بكربلاء من أَرض الْعرَاق، وَيُقَال كَانَ مولد الْحسن فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة عِنْد الْأَكْثَرين، وَقيل: بعد ذَلِك، ومولد الْحُسَيْن فِي شعْبَان سنة أَربع من الْهِجْرَة فِي قَول الْأَكْثَرين.

قَالَ نافِعُ بنُ جُبَيْرٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَانَقَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَسَنَ
نَافِع بن جُبَير بن مطعم مر فِي الْوضُوء، وَهَذَا التَّعْلِيق قد مضى مَوْصُولا مطولا فِي كتاب الْبيُوع فِي: بابُُ مَا ذكر فِي الْأَسْوَاق.

[ قــ :3569 ... غــ :3746 ]
- حدَّثنا صَدَقَةُ حدَّثَنَا ابنُ عُيَيْنَةَ حدَّثَنَا أبُو أبُو مُوساى عنِ الحَسَنِ سَمِعَ أبَا بَكْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى المِنْبَرِ والحَسَنُ إلَى جَنْبِهِ يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ مَرَّةً وإلَيْهِ مَرَّةً ويَقُولُ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ ولَعَلَّ الله أنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمينَ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (هَذَا سيد) .

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: صَدَقَة بن الْفضل أَبُو الْفضل الْمروزِي وَهُوَ من أَفْرَاده، وَابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَأَبُو مُوسَى إِسْرَائِيل بن مُوسَى من أهل الْبَصْرَة نزل الْهِنْد لم يروه عَن الْحسن غَيره، وَالْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ، وَأَبُو بكرَة اسْمه نفيع، بِضَم النُّون وَفتح الْفَاء: ابْن الْحَارِث بن كلدة الثَّقَفِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الصُّلْح فِي: بابُُ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِلْحسنِ بن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ... إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.





[ قــ :3571 ... غــ :3748 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثني حُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا جَرِيرٌ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ أنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أتِيَ عُبَيْدُ الله بنُ زِيادٍ بِرَأسِ الْحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَجُعِلَ فِي طَستٍ فجَعَلَ يَنْكُتُ.

     وَقَالَ  فِي حُسْنِهِ شَيْئَاً فَقَالَ أنَسٌ كانَ أشْبَهُهُمْ بِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكانَ مَخْضُوبَاً بالوَسْمَةِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( كَانَ أشبههم برَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) .

وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن الْحر أَخُو أبي الْحسن عَليّ بن أشكاب العامري الْبَغْدَادِيّ، مَاتَ يَوْم الثُّلَاثَاء يَوْم عَاشُورَاء سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بِبَغْدَاد، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَالْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن بهْرَام أَبُو أَحْمد التَّمِيمِي الْمروزِي الْمعلم، نزل بِبَغْدَاد، مَاتَ سنة أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وَجَرِير ابْن حَازِم، وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين.

والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( أُتِي) بِضَم الْهمزَة على صِيغَة الْمَجْهُول.
( وَعبيد الله بن زِيَاد) بن أبي سُفْيَان وَزِيَاد بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف هُوَ الَّذِي ادَّعَاهُ مُعَاوِيَة أَخا لِأَبِيهِ أبي سُفْيَان فألحقه بنسبه، وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: زِيَاد ابْن أَبِيه، وَيُقَال لَهُ: زِيَاد بن سميَّة، بِضَم السِّين الْمُهْملَة، وَهِي أمة كَانَت لِلْحَارِثِ وَالِد أبي بكرَة نفيع، بِضَم النُّون وَفتح الْفَاء.
.

     وَقَالَ  ابْن معِين: وَيُقَال لِعبيد الله بن مرْجَانَة وَهِي أمه،.

     وَقَالَ  غَيره: وَكَانَت مَجُوسِيَّة،.

     وَقَالَ  البُخَارِيّ: وَكَانَت مرْجَانَة سبية من أصفهان، وَكَانَ زِيَاد من أَصْحَاب عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَلَمَّا اسْتَلْحقهُ مُعَاوِيَة صَار من أَشد النَّاس بغضاً لعَلي بن أبي طَالب وَأَوْلَاده، وَعبيد الله ابْنه هُوَ الَّذِي سير الْجَيْش لقِتَال الْحُسَيْن، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ يَوْمئِذٍ أَمِير الْكُوفَة ليزِيد بن مُعَاوِيَة ابْن أبي سُفْيَان، وَكَانَ جَيْشه ألف فَارس، ورأسهم الْحر بن يزِيد التَّمِيمِي وعَلى مقدمتهم الْحصين بن نمير الْكُوفِي، ثمَّ جرى مَا جرى فَأخر الْأَمر قتل الْحُسَيْن.

وَاخْتلفُوا فِي قَاتله، فَقيل: الْحصين بن نمير، وَقيل: مهَاجر بن أَوْس التَّمِيمِي، وَقيل: كثير ابْن عبد الله الشّعبِيّ، وَقيل: شمر بن ذِي الجوشن، وَقيل: سِنَان بن أبي أَوْس بن عَمْرو النَّخعِيّ، وَهُوَ الْأَشْهر، فَأخذ رَأس الْحُسَيْن وَدفعه إِلَى خولي بن يزِيد، وَكَانَ سِنَان طعنه فَوَقع، ثمَّ قَالَ لخولي: احتز رَأسه، فَأَرَادَ أَن يفعل فارعد وَضعف، فَقَالَ لَهُ سِنَان: فت الله عضدك، وَأَبَان يَديك، فَنزل إِلَيْهِ فذبحه، وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْجُمُعَة يَوْم عَاشُورَاء سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ، ثمَّ حملُوا رَأس الْحُسَيْن ورؤوس الْقَتْلَى من أَصْحَابه إِلَى عبيد الله بن زِيَاد وَهُوَ بِالْكُوفَةِ، وَكَانَت الرؤوس اثْنَيْنِ وَسبعين رَأْسا حمل خولي بن يزِيد رَأس الْحُسَيْن، وحملت كِنْدَة ثَلَاثَة عشر رَأْسا، وهوازن عشْرين، وَبَنُو تَمِيم عشْرين، وَبَنُو أَسد سَبْعَة، ومذحج أحد عشر، وَكَانَ مَعَ الرؤوس والسبايا شمر بن ذِي الجوشن، وَقيس بن الْأَشْعَث وَعَمْرو بن الْحجَّاج وَعُرْوَة بن قيس.
فاقبلوا حَتَّى قدمُوا بهَا على عبيد الله بن زِيَاد، ثمَّ نذْكر الْآن مَا جرى بعد أَن قدمُوا بِرَأْس الْحُسَيْن على هَذَا اللعين عبيد الله ابْن زِيَاد.

قَوْله: ( فَجعل) ، على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: جعل رَأس الْحُسَيْن، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي طست، بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة، قَالَ الْجَوْهَرِي: الطست الطس بلغَة طي أبدل من إِحْدَى السينين تَاء للاستثقال، وَفِي ( الْمغرب) بالشين الْمُعْجَمَة: الطشت مُؤَنّثَة، وَهِي أَعْجَمِيَّة، والطس تعريبها، وَالْجمع طشاش وطشوش، وَقد يُقَال: الطشوت.
قَوْله: ( فَجعل ينكت) ، أَي: فَجعل عبيد الله بن زِيَاد ينكت أَي: يضْرب بقضيب على الأَرْض فيؤثر فِيهَا، وَهُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان من طَرِيق حَفْصَة بنت سِيرِين عَن أنس: فَجعل يَقُول بقضيب لَهُ فِي أَنفه، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث زيد بن أَرقم: فَجعل يَجْعَل قَضِيبًا فِي يَده فِي عَيْنَيْهِ وَأَنْفه، فَقلت: أرفع قضيبك فقد رَأَيْت فَم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَوْضِعه.
قَوْله: فَقَالَ فِي حسنه شَيْئا.
وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ، رَحمَه الله: مَا رَأَيْت مثل هَذَا حسنا، لم يذكر، فَقَالَ أنس: كَانَ أشبههم برَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَي: أشبه أهل الْبَيْت، وَزَاد الْبَزَّار من وَجه آخر عَن أنس، قَالَ: فَقلت لَهُ: إِنِّي رَأَيْت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يلثم حَيْثُ يَقع قضيبك، قَالَ: فانقبض.
انْتهى.
.

     وَقَالَ  سبط ابْن الْجَوْزِيّ: أما كَانَ لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أنس من الْحُقُوق أَن يُنكر على ابْن زِيَاد فعله ويقبح لَهُ مَا وَقع من قرع ثنايا الْحُسَيْن بالقضيب؟ لَكِن الْفَحْل زيد بن أَرقم فَإِنَّهُ أنكر عَلَيْهِ، فروى الطَّبَرِيّ عَن أبي محنف عَن سُلَيْمَان بن أبي رَاشد عَن حميد بن مُسلم، قَالَ: شهِدت ابْن زِيَاد وَهُوَ ينْكث بقضيب بَين ثنيتيه سَاعَة، فَلَمَّا رَآهُ زيد بن أَرقم لاهجه عَن نكثه بالقضيب، فَقَالَ لَهُ: أعل بِهَذَا الْقَضِيب عَن هَاتين الشفتين، فوالذي لَا إِلَه غَيره لقد رَأَيْت شفتي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على هَاتين الشفتين يقبلهما، ثمَّ انفضح الشَّيْخ يبكي.
فَقَالَ لَهُ ابْن زِيَاد: أبكى الله عَيْنَيْك، فوَاللَّه لَوْلَا أَنَّك شيخ قد خرفت وَذهب عقلك لضَرَبْت عُنُقك، فَقَامَ وَخرج فَسمِعت النَّاس يَقُولُونَ: وَالله لقد قَالَ زيد بن أَرقم قولا لَو سَمعه ابْن زِيَاد لقَتله، فَقلت: مَا الَّذِي قَالَ؟ قَالَ: مر بِنَا وَهُوَ يَقُول: أَنْتُم يَا معاشر الْعَرَب عبيد بعد الْيَوْم، قتلتم ابْن فَاطِمَة وأمرتم ابْن مرْجَانَة فَهُوَ يقتل خياركم ويستعبد شِرَاركُمْ فبعداً لمن رَضِي بالذل والعار.
قلت: فَللَّه ذَر زيد بن أَرقم الْأنْصَارِيّ الخزرجي من أَعْيَان الصَّحَابَة، غزا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سبع عشرَة غَزْوَة، وَشهد صفّين مَعَ عَليّ بن أبي طَالب وَكَانَ من خَواص أَصْحَابه، وَمَات بِالْكُوفَةِ سنة سِتّ وَسِتِّينَ، وَقيل: ثَمَان وَسِتِّينَ، ثمَّ إِن الله تَعَالَى جازى هَذَا الْفَاسِق الظَّالِم عبيد الله بن زِيَاد بِأَن جعل قَتله على يَدي إِبْرَاهِيم بن الأشتر يَوْم السبت لثمان بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَسِتِّينَ على أَرض يُقَال لَهَا: الجازر، بَينهَا وَبَين الْموصل خَمْسَة فراسخ، وَكَانَ الْمُخْتَار بن أبي عُبَيْدَة الثَّقَفِيّ أرْسلهُ لقِتَال ابْن زِيَاد، وَلما قتل ابْن زِيَاد جِيءَ بِرَأْسِهِ وبرؤوس أَصْحَابه وطرحت بَين يَدي الْمُخْتَار، وَجَاءَت حَيَّة دقيقة تخللت الرؤوس حَتَّى دخلت فِي فَم ابْن مرْجَانَة وَهُوَ ابْن زِيَاد وَخرجت من منخره وَدخلت فِي منخره وَخرجت من فِيهِ، وَجعلت تدخل وَتخرج من رَأسه بَين الرؤوس، ثمَّ إِن الْمُخْتَار بعث بِرَأْس ابْن زِيَاد ورؤوس الَّذين قتلوا مَعَه إِلَى مَكَّة إِلَى مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، وَقيل: إِلَى عبد الله بن الزبير، فنصبها بِمَكَّة وأحرق ابْن الأشتر جثة ابْن زِيَاد وجثث البَاقِينَ.
قَوْله: ( وَكَانَ) أَي: الْحُسَيْن ( مخضوباً بالوسمة) بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة، وَجَاء فتحهَا وَهُوَ نبت يختضب بِهِ يمِيل إِلَى سَواد.



[ قــ :357 ... غــ :3749 ]
- حدَّثنا حَجَّاجُ بنُ المِنْهَالِ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ أخْبَرَنِي عَدِيٌ قَالَ سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ رأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ علَى عاتِقِهِ يَقُولُ أللَّهُمَّ إنِّي أُحِبُّهُ فأحِبَّهُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وعدي، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الدَّال: ابْن ثَابت الْأنْصَارِيّ مر فِي الْإِيمَان.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن عبيد الله بن معَاذ وَعَن أبي بكر بن نَافِع وَبُنْدَار.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن بنْدَار بِهِ وَعَن مَحْمُود بن غيلَان.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن الدرهمي.

قَوْله: ( وَالْحسن) الْوَاو فِيهِ للْحَال وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق عَمْرو بن مَرْزُوق عَن شُعْبَة الْحسن أَو الْحُسَيْن بِالشَّكِّ، ثمَّ ذكر أَن أَكثر أَصْحَاب شُعْبَة رَوَوْهُ، فَقَالُوا: الْحسن، بِغَيْر شكّ.
قَوْله: ( على عَاتِقه) اسْم لما بَين الْمنْكب والعنق.
قَوْله: ( يَقُول) جملَة حَالية.
قَوْله: ( إِنِّي أحبه) بِضَم الْهمزَة وَكسر الْحَاء.
قَوْله: ( فَأَحبهُ) بِفَتْح الْهمزَة لِأَنَّهُ أَمر من: أحب.





[ قــ :3573 ... غــ :3750 ]
- حدَّثنا عَبْدَانُ أخبرَنا عَبْدُ الله قَالَ أخبرنِي عُمَرُ بنُ سَعِيدِ بنِ أبِي حُسَيْنٍ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ عنْ عُقْبَةَ بنِ الحَارِثِ قَالَ رأيْتُ أبَا بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ وحَمَلَ الحَسَنُ وهْوَ يَقُولُ بِأبِي شَبِيهٌ بالنَّبِيِّ لَيْسَ شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ وعَلِيٌّ يَضْحَكُ.
( انْظُر الحَدِيث 453) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَحمل الْحسن.
.
)
إِلَى آخِره.
وعبدان هُوَ عبد الله لقب لعبدان، وَقد تكَرر ذكره، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك وَعمر بن سعيد بن أبي سعيد حُسَيْن الْقرشِي النَّوْفَلِي، يروي عَن عبد الله بن أبي مليكَة، بِضَم الْمِيم وَعقبَة بِضَم الْعين وَسُكُون الْقَاف: ابْن الْحَارِث بن عَامر بن نَوْفَل بن عبد منَاف أَبُو سروعة الْقرشِي الْمَكِّيّ، سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ من أَفْرَاده.

قَوْله: ( وَحمل الْحسن) الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَكَذَا الْوَاو فِي قَوْله: ( وَهُوَ يَقُول) قَوْله: ( بِأبي شَبيه) وَقد مر هَذَا فِي أول: بابُُ صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَدِيث عقبَة بن الْحَارِث وَمعنى: بِأبي مفدى أَي: هُوَ مفدى بِأبي، قَوْله: ( شَبيه) مَرْفُوع لِأَنَّهُ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: هُوَ شَبيه بِالنَّبِيِّ، قَوْله: ( لَيْسَ شَبيه) رُوِيَ بِالرَّفْع وَبِالنَّصبِ، فَوجه الرّفْع على أَن: لَيْسَ، بِمَعْنى: لَا، العاطفة يَعْنِي: لَا شَبيه بعلي،.

     وَقَالَ  ابْن مَالك: أَصله لَيْسَ شَبيه، وَيكون شَبيه اسْم: لَيْسَ، وخبرها الضَّمِير الْمُتَّصِل الْمَحْذُوف اسْتغْنَاء عَن تلفظه بنيته، وَوجه النصب على أَن يكون اسْم لَيْسَ هُوَ الضَّمِير الَّذِي فِيهِ وخبرها.
قَوْله: ( شَبِيها) .
فَإِن قلت: هَذَا يُعَارض قَول عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم أر قبله وَلَا بعده مثله.
قلت: يحمل الْمَنْفِيّ على عُمُوم الشّبَه، والمثبت على معظمه.





[ قــ :3574 ... غــ :3751 ]
- حدَّثني يَحْيَى بنُ مُعِينٍ وصَدَقةُ قَالَا أخْبرَنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ شُعْبَةَ عنْ واقِدِ بنِ مُحَمَّدٍ عنْ أبِيهِ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ قَالَ أبُو بَكْرٍ ارْقُبُوا مُحَمَّدَاً صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أهْلِ بَيْتِهِ.
( انْظُر الحَدِيث 3173) .


هَذَا الحَدِيث مر عَن قريب فِي بابُُ مَنَاقِب قرَابَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن عبد الْوَهَّاب عَن خَالِد عَن شُعْبَة عَن وَاقد بِكَسْر الْقَاف ابْن مُحَمَّد بن زيد ابْن عبد الله بن عمر بن الْخطاب




[ قــ :3575 ... غــ :375 ]
- حدَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخبرَنا هِشامُ بنُ يُوسُفُ عنْ مَعْمَرٍ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ أنَسَ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخبرنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبرنِي أنَسٌ قَالَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أشْبَهَ بالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنَ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْحسن إِذا لم يكن أحد أشبه بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُ كَانَت لَهُ منقبة عَظِيمَة وَفضل ظَاهر، وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد التَّمِيمِي الْفراء أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ، وَقد مر فِي مَوَاضِع، وَهِشَام بن يُوسُف أَبُو عبد الرَّحْمَن الصَّنْعَانِيّ يروي عَن معمر بن رَاشد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

وَأخرج هَذَا مُسْندًا ثمَّ أخرجه مُعَلّقا فَقَالَ:.

     وَقَالَ  عبد الرَّزَّاق ... إِلَى آخِره، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن مُحَمَّد بن يحيى الذهلي عَن عبد الرَّزَّاق بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
قيل: إِنَّمَا قصد البُخَارِيّ بِهَذَا التَّعْلِيق بَيَان سَماع الزُّهْرِيّ لَهُ من أنس، وَقيل: هَذَا يُعَارض مَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس، وَقد مضى عَن قريب، وَلَفظه: كَانَ، أَي: الْحسن أشبههم برَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ووفق بَينهمَا بِأَن الَّذِي وَقع فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ هُنَا فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لِأَنَّهُ يَوْمئِذٍ كَانَ أَشد شبها بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَخِيه الْحُسَيْن، وَالَّذِي وَقع فِي رِوَايَة ابْن سِيرِين كَانَ بعد ذَلِك، وَقيل: إِن المُرَاد أَن كلاًّ مِنْهُمَا كَانَ أَشد شبها فِي بعض أَعْضَائِهِ فقد روى التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان من طَرِيق هَانِيء بن هانىء عَن عَليّ، قَالَ: كَانَ الْحسن أشبه برَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بَين الرَّأْس إِلَى الصَّدْر وَالْحُسَيْن أشبه بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ أَسْفَل فِي ذَلِك.





[ قــ :3576 ... غــ :3753 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا غُنْدَرٌ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ مُحَمَّدِ بنِ أبِي يَعْقُوبَ سَمِعْتُ ابنَ أبِي نُعْمٍ سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ وسألَهُ عنِ الْمُحْرِم قَالَ شُعْبَةُ أحْسِبُهُ يَقْتُلُ الذُّبابَُ فَقَالَ أهْلُ العِراقِ يَسْألُونَ عنِ الذُّبابُُِ وقَدْ قَتَلُوا ابنَ ابْنَةِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

     وَقَالَ  النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُمَا رِيحانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا.
( الحَدِيث 3573 طرفه فِي: 4995) .


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يتَضَمَّن فضل الْحُسَيْن ظَاهرا، وغندر هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَمُحَمّد بن أبي يَعْقُوب هُوَ مُحَمَّد ابْن أبي عبد الله بن أبي يَعْقُوب الضَّبِّيّ الْبَصْرِيّ، وينسب إِلَى جده، وَابْن أبي نعم، بِضَم النُّون وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة: التِّرْمِذِيّ اسْمه عبد الرَّحْمَن، يكنى أَبَا الحكم البَجلِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن عقبَة بن مكرم الْعمي الضَّبِّيّ.

قَوْله: ( عَن الْمحرم) أَي: بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة، يَعْنِي: سَأَلَ رجل ابْن عمر عَن حَال الْمحرم يقتل الذُّبابُُ حَالَة الْإِحْرَام.
وَفِي الْأَدَب فِي رِوَايَة مهْدي بن مَيْمُون عَن ابْن أبي يَعْقُوب، وَسَأَلَهُ رجل، وَقيل فِي رِوَايَة أبي ذَر: فَسَأَلته، ورد هَذَا بِأَن فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: أَن رجلا من أهل الْعرَاق سَأَلَ.
قَوْله: ( قَالَ شُعْبَة: أَحْسبهُ يقتل الذُّبابُُ) أَي: أَظُنهُ سَأَلَ عَن الْمحرم يقتل الذُّبابُُ، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: عَن شُعْبَة بِغَيْر شكّ.
فَإِن قلت: وَقع فِي رِوَايَة مهْدي ابْن مَيْمُون فِي الْأَدَب: سُئِلَ ابْن عمر عَن دم البعوض يُصِيب الثَّوْب؟ قلت: يحْتَمل أَن يكون السُّؤَال وَقع عَن الْأَمريْنِ.
قَوْله: ( فَقَالَ أهل الْعرَاق) أَي: قَالَ عبد الله بن عمر ... إِلَى آخِره، إِنَّمَا قَالَ مُتَعَجِّبا حَيْثُ يسْأَلُون عَن قتل الذُّبابُُ ويتفكرون فِيهِ، وَقد كَانُوا اجترأوا على قتل الْحُسَيْن بن عَليّ وَابْن بنت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذَا شَيْء عَجِيب، يسْأَلُون عَن الشَّيْء الْيَسِير ويفرطون فِي الشَّيْء الْخطر الْعَظِيم.
قَوْله: ( هما) أَي: الْحسن وَالْحُسَيْن ( ريحانتاي) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بالتثنية، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِالْإِفْرَادِ والتذكير، أَعنِي، هما ريحاني، وَجه التَّشْبِيه أَن الْوَلَد يشم وَيقبل فكأنهم من جملَة الرياحين،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الريحان الرزق أَو المشموم.
قلت: لَا وَجه هُنَا أَن يكون بِمَعْنى الرزق على مَا لَا يخفى، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو الْحسن وَالْحُسَيْن فيشمهما ويضمهما إِلَيْهِ، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) من طَرِيق أبي أَيُّوب، قَالَ: ( دخلت على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْحسن وَالْحُسَيْن يلعبان بَين يَدَيْهِ، فَقلت: أتحبهما يَا رَسُول الله؟ قَالَ: وَكَيف لَا وهما ريحانتاي من الدُّنْيَا أشمهما؟) .