فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ذكر حذيفة بن اليمان العبسي رضي الله عنه

( بابُُ ذكْرِ حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ العَبْسِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ ذكر حُذَيْفَة بن الْيَمَان، واليمان لقب واسْمه: حسيل، وَقيل: حسل، وَإِنَّمَا قيل لَهُ الْيَمَان لِأَنَّهُ حَالف اليمانية، وحسل بن جَابر بن أَسد بن عَمْرو بن مَالك أَبُو عبد الله الْعَبْسِي حَلِيف بني الْأَشْهَل صَاحب سر رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَهُ ولأبيه صُحْبَة، قتل أَبوهُ يَوْم أحد وَكَانَ حُذَيْفَة أَمِيرا على الْمَدَائِن، اسْتَعْملهُ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمَات بعد قتل عُثْمَان بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، سكن الْكُوفَة.
.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ: مَاتَ بِدِمَشْق، وَقد ذكره البُخَارِيّ فِيمَا مضى فِي مَنَاقِب عمار وَحُذَيْفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
قَوْله: ( الْعَبْسِي) ، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وبالسين الْمُهْملَة: نِسْبَة إِلَى عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان.



[ قــ :3648 ... غــ :3824 ]
- حدَّثني إسْمَاعِيلُ بنُ خَلِيلٍ قالَ أخبرَنَا سلَمَةُ بنُ رَجَاءٍ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ لَمَّا كانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ المُشْرِكُونَ هَزِيمَةً بَيِّنَةٍ فَصاحَ إبْلِيسُ أيْ عَبَادَ الله أُخْرَاكُمْ فرَجَعَتْ أُوُلاهُمْ علَى أُخْرَاهُمْ فاجْتَلَدَتْ أُخْرَاهُمْ فنَظَر حُذَيْفَةُ فإذَا هُوَ بأبِيهِ فَنَادى أيْ عِبَادَ الله أبي أبي فَقالَتْ فَوَالله مَا احْتَجَزُوا حتَّى قَتلُوهُ فقالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ الله لَكُمْ قَالَ أبِي فَوَالله مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةُ خَيْرٍ حتَّى لَقِيَ الله عَزَّ وجَلَّ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَإِسْمَاعِيل بن خَلِيل عَن قريب مضى، وَسَلَمَة بن رَجَاء، بِفَتْح اللَّام: أَبُو عبد الرَّحْمَن الْكُوفِي، والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( هزم) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( بَيِّنَة) أَي: ظَاهِرَة.
قَوْله: ( أخراكم) أَي: اقْتُلُوا اخراكم أَو انصروا أخراكم، قَالَ ذَلِك إِبْلِيس تغليطاً وتلبيساً، وَالْخطاب للْمُسلمين أَو للْمُشْرِكين.
( فاجتلدت) يُقَال: تجالد الْقَوْم بِالسُّيُوفِ، وَكَذَلِكَ: اجتلدوا.
قَوْله: ( أبي أبي) بالتكرار، يَعْنِي: هَذَا أبي، يحذر الْمُسلمين عَن قَتله وَلم يسمعوه فَقَتَلُوهُ يَظُنُّونَهُ من الْمُشْركين وَلَا يَدْرُونَ، فَتصدق حُذَيْفَة بديته على من أَصَابَهُ.
قَوْله: ( فَقَالَت) أَي: عَائِشَة.
قَوْله: ( مَا احتجزوا) أَي: مَا انفصلوا من الْقِتَال وَمَا امْتنع بَعضهم من بعض ( حَتَّى قَتَلُوهُ) أَي: أَبَا حُذَيْفَة قَوْله: ( قَالَ) ، أَي: هِشَام بن عُرْوَة، ( قَالَ: أبي) أَي: عُرْوَة، وَفصل هَذَا من حَدِيث عَائِشَة فَصَارَ مُرْسلا.
قَوْله: ( مِنْهَا) أَي: من هَذِه الْكَلِمَة أَي بِسَبَبِهَا وَهِي قَول حُذَيْفَة: غفر الله لكم.
قَوْله: ( بَقِيَّة خير حَتَّى لَقِي الله عز وَجل) ، يُؤْخَذ مِنْهُ أَن فعل الْخَيْر تعود بركته على صَاحبه فِي طول حَيَاته، وَهَذَا الْبابُُ وَالَّذِي قبله وَقعا فِي بعض النّسخ قبل: بابُُ تَزْوِيج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَدِيجَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.