فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل

( بابُُ حَدِيثِ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حَدِيث زيد بن عَمْرو بن نفَيْل بن عبد الْعُزَّى بن رَبَاح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب بن فهر الْعَدوي، وَهُوَ وَالِد سعيد بن زيد أحد الْعشْرَة المبشرة، وَابْن عَم عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِأَن عمر هُوَ ابْن الْخطاب بن نفَيْل بن عبد الْعُزَّى وَعَمْرو الَّذِي هُوَ وَالِد زيد أَخُو خطاب وَالِد عمر بن الْخطاب، فَيكون زيد هَذَا ابْن عَم عمر بن الْخطاب، وَكَانَ زيد هَذَا مِمَّن طلب التَّوْحِيد، وخلع الْأَوْثَان وجانب الشّرك وَلكنه مَاتَ قبل مبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،.

     وَقَالَ  سعيد بن الْمسيب: مَاتَ وقريش تبني الْكَعْبَة قبل نزُول الْوَحْي على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِخمْس سِنِين، وَعَن زَكَرِيَّا السَّعْدِيّ: أَنه لما مَاتَ دفن بِأَصْل حراء، وَعند ابْن إِسْحَاق: أَنه لما توَسط بِلَاد لحم عدوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَعند الزبير: بلغنَا أَن زيدا كَانَ بِالشَّام فَلَمَّا بلغه خُرُوج سيدنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أقبل يُريدهُ فَقتله أهل ميفعة.
.

     وَقَالَ  الْبكْرِيّ، وَهِي قَرْيَة من أَرض البلقاء بِالشَّام، وَيُقَال: كَانَ زيد سكن حراء وَكَانَ يدْخل مَكَّة سرَّاً ثمَّ سَار إِلَى الشَّام يسْأَل عَن الدّين فَسَمتْهُ النَّصَارَى فَمَاتَ.
فَإِن قلت: مَا حكمه من جِهَة الدّين؟ قلت: ذكره الذَّهَبِيّ فِي ( تَجْرِيد الصَّحَابَة) .

     وَقَالَ : قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يبْعَث أمة وَحده، وَعَن جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل أَنه كَانَ يسْتَقْبل الْقبْلَة فِي الْجَاهِلِيَّة، وَيَقُول: إل هِي إل هـ إِبْرَاهِيم وديني دين إِبْرَاهِيم وَيسْجد، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يحْشر ذَاك أمه وَحده بيني وَبَين عِيسَى ابْن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا السَّلَام، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة، وروى مُحَمَّد بن سعد من حَدِيث عَامر بن ربيعَة حَلِيف بني عدي بن كَعْب، قَالَ: قَالَ لي زيد بن عَمْرو: إِنِّي خَالَفت قومِي وَاتَّبَعت مِلَّة إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل، وَمَا كَانَا يعبدان، وَإِن كَانَا يصليان إِلَى هَذِه الْقبْلَة وَأَنا أنْتَظر نَبيا من بني إِسْمَاعِيل يبْعَث، وَلَا أَرَانِي أدْركهُ وَأَنا أومن بِهِ وأصدقه وَأشْهد أَنه نَبِي، وَإِن طَالَتْ بك حَيَاة فأقرئه مني السَّلَام.
قَالَ عَامر فَلَمَّا أسلمت أعلمت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَبَرِهِ، قَالَ: فَرد عَلَيْهِ السَّلَام، وترحم عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ : لقد رَأَيْته فِي الْجنَّة يسحب ذيولاً، وروى الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث سعيد بن زيد، وَفِيه قَالَ: سَأَلت أَنا وَعمر، رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن زيد، فَقَالَ: غفر الله لَهُ، ورحمه.
فَإِنَّهُ مَاتَ على دين إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
.

     وَقَالَ  الباغندي عَن أبي سعيد الْأَشَج عَن أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( دخلت الْجنَّة فَرَأَيْت لزيد بن عَمْرو بن نفَيْل دوحتين) ،.

     وَقَالَ  ابْن كثير: وَهَذَا إِسْنَاد جيد وَلَيْسَ فِي شَيْء من الْكتب.
فَإِن قلت: لم ذكر البُخَارِيّ هَذَا الْبابُُ فِي كِتَابه؟ قلت: أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقِيه قبل أَن يبْعَث، وَذكر فِي شَأْنه مَا ذكره حَتَّى إِن الذَّهَبِيّ وَغَيره ذَكرُوهُ فِي الصَّحَابَة،.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) ميل البُخَارِيّ إِلَيْهِ، قلت: فَلذَلِك ذكره بَين ذكر الصَّحَابَة.



[ قــ :3650 ... غــ :3826 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ أبِي بَكْرٍ حدَّثنا فُضَيْلُ بنُ سُلَيْمَانَ حدَّثنا مُوساى حدَّثنا سالِمُ بنُ عَبْدِ الله عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِيَ زَيْدَ بنَ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ بأسْفَلِ بلْدَحَ قَبْلَ أنْ يَنْزِلَ علَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقُدَّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُفْرَةٌ فأبَى أنْ يأكُلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ إنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تذْبَحُونَ علَى أنْصَابِكُمْ ولاَ آكُلُ إِلاَّ مَا ذُكِرَ اسْمُ الله علَيْهِ وأنَّ زَيْدَ بنَ عَمْرٍ وكانَ يَعِيبُ علَى قُرَيْشٍ ذَبائِحَهُمْ ويَقُولُ الشَّاةُ خَلَقَهَا الله وأنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّماءِ المَاءَ وأنْبَتَ لَهَا مِنَ الأرْضِ ثُمَّ تَذْبَحُونَها علَى غيْرِ اسْمِ الله إنْكَارَاً لِذَلِكَ وإعْظَاماً لَهُ.
( الحَدِيث 6283 طرفه فِي: 9945) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن فِيهِ حَدِيث زيد الْمَذْكُور.
وَمُحَمّد بن أبي بكر بن عَليّ بن عَطاء بن مقدم أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بالمقدمي الْبَصْرِيّ، يروي عَن فُضَيْل بن سُلَيْمَان النميري الْبَصْرِيّ، يروي عَن مُوسَى بن عقبَة بن أبي عَيَّاش الْأَسدي الْمَدِينِيّ عَن سَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب عَن أَبِيه عبد الله.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الذَّبَائِح عَن مُعلى بن أَسد.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان.

قَوْله: ( يلدح) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون اللَّام وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَفِي آخِره حاء مُهْملَة، قَالَ الْبكْرِيّ: هُوَ مَوضِع فِي ديار بني فَزَارَة، وَهُوَ وَاد فِي طَرِيق التَّنْعِيم إِلَى مَكَّة.
قَوْله: ( فَقدمت) على صِيغَة الْمَجْهُول: قَوْله: ( سفرة) قَالَ ابْن الْأَثِير: السفرة طَعَام يَتَّخِذهُ الْمُسَافِر وَأكْثر مَا يحمل فِي جلد مستدير فَنقل اسْم الطَّعَام إِلَى الْجلد وَسمي بِهِ، كَمَا سميت المزادة راوية، وَغير ذَلِك من الْأَسْمَاء المنقولة.
قَوْله: ( فَأبى) أَي: أَبى زيد، أَي: امْتنع أَن يَأْكُل مِنْهَا.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: كَانَت السفرة لقريش فقدموها للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأبى أَن يَأْكُل مِنْهَا، فَقَدمهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لزيد بن عَمْرو فَأبى أَن يَأْكُل مِنْهَا.
.

     وَقَالَ  مُخَاطبا لقريش الَّذين قدموها أَولا: إِنَّا لَا نَأْكُل كل مَا ذبح على أنصابكم.
انْتهى.
والأنصاب جمع النصب، قَالَ الْكرْمَانِي: وَهُوَ مَا نصب فعبد من دون الله، عز وَجل.
قلت: هِيَ أَحْجَار كَانَت حول الْكَعْبَة يذبحون عَلَيْهَا للأصنام.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: هَل أكل رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا؟ قلت: جعله فِي سفرة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدل على أَنه كَانَ يَأْكُلهُ، وَكم شَيْء يوضع فِي سفرة الْمُسَافِر مِمَّا لَا يَأْكُلهُ هُوَ بل يَأْكُل مَن مَعَه، وَإِنَّمَا لم ينْه الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَعَه عَن أكله لِأَنَّهُ لم يُوح إِلَيْهِ إِذْ ذَاك وَلم يُؤمر بتبليغ شَيْء تَحْرِيمًا وتحليلاً حِينَئِذٍ.
انْتهى.
قلت: لَو اطلع الْكرْمَانِي على كَلَام الْقَوْم لما احْتَاجَ إِلَى هَذَا السُّؤَال، وَالْجَوَاب، وَقد ذكرنَا الْآن عَن ابْن بطال مَا يُغني عَن ذَلِك.
وَقَوله أَيْضا: فِي سفرة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، غير صَحِيح، لِأَن السفرة كَانَت لقريش كَمَا مر الْآن،.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: إِن قلت: كَيفَ وفْق زيد إِلَى ترك أكل ذَلِك وَسَيِّدنَا أولى بالفضيلة فِي الْجَاهِلِيَّة لما ثَبت من عصمته؟ قلت: عَنهُ جوابان: أَحدهمَا: أَنه لَيْسَ فِي الحَدِيث أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكل مِنْهَا، وَإِنَّمَا فِيهِ: أَن زيدا لما قدمت إِلَيْهِ أَبى.
ثَانِيهمَا: أَن زيدا إِنَّمَا فعل ذَلِك بِرَأْي رَآهُ لَا بشرع مُتَقَدم، وَإِنَّمَا تقدم شرع إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، بِتَحْرِيم الْميتَة لَا بِتَحْرِيم مَا ذبح لغير الله، وَإِنَّمَا نزل تَحْرِيم ذَلِك فِي الْإِسْلَام.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: امْتنَاع زيد من أكل مَا فِي السفرة إِنَّمَا هُوَ من أجل خَوفه أَن يكون اللَّحْم الَّذِي فيهمَا مِمَّا ذبح على الأنصاب، وَقد كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيْضا لَا يَأْكُل من ذَبَائِحهم الَّتِي كَانُوا يذبحونها لأصنامهم، فَأَما ذَبَائِحهم لمأكلهم فَلم نجد فِي الحَدِيث أَنه كَانَ يتنزه عَنْهَا، وَقد كَانَ بَين ظهرانيهم مُقيما، وَلم يذكر أَنه كَانَ يتَمَيَّز عَنْهُم إلاَّ فِي أكل الْميتَة، لِأَن قُريْشًا كَانُوا يتنزهون أَيْضا فِي الْجَاهِلِيَّة عَن الْميتَة مَعَ أَنه أَبَاحَ الله لنا طَعَام أهل الْكتاب وَالنَّصَارَى يذبحون ويشركون فِي ذَلِك الله تَعَالَى.
قَوْله: ( وَإِن كَانَ زيد بن عَمْرو) هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْله: ( كَانَ يعيب) بِفَتْح الْيَاء.
قَوْله: ( إنكاراً) ، نصب على التَّعْلِيل ( وإعظاماً) عطف عَلَيْهِ.





[ قــ :3651 ... غــ :387 ]
- قَالَ مُوساى حدَّثني سالِمُ بنُ عَبْدِ الله ولاَ أعْلَمُهُ إلاَّ يُحَدِّثُ بِهِ عنِ ابنِ عُمَرَ أنَّ زَيْدَ بنَ عَمْرو بنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إلَى الشَّامِ يَسأَلُ عنِ الدِّينِ ويَتَّبِعُهُ فلَقِيَ عالِمَاً مِنَ اليَهُودِ فسألَهُ عنْ دِينِهِمْ فقالَ إنِّي لعَلِّي أنْ أدِينَ دِينَكُمْ فأخْبرني فقالَ لاَ تَكُونُ علَى دِينِنَا حتَّى تأخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ الله قَالَ زَيْدٌ مَا أفِرُّ إلاَّ مِنْ غَضَبِ الله ولاَ أحْمِلُ مِنْ غَضَبِ الله شَيْئَاً أبَدَاً وأنَا أسْتَطِيعُهُ فَهَلْ تَدُلُّنِي علَى غَيْرِهِ قَالَ مَا أعْلَمُهُ إلاَّ أنْ يَكُونَ حَنِيفاً قَالَ زَيْدٌ وَمَا الحَنِيفُ قَالَ دِينُ إبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيَّاً ولاَ نَصْرَانِيَّاً ولاَ يَعْبُدُ إلاَّ الله فخَرَجَ زَيْدٌ فلَقِيَ عالِمَاً مِنَ النَّصارى فذَكَرَ مثْلَهُ فقالَ لَنْ تَكُونَ علَى دينِنَا حَتَّى تأخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ الله قَالَ مَا أفِرُّ إلاَّ مِنْ لَعْنَةِ الله ولاَ أحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ الله وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئاً أبَدَاً وأنَا أسْتَطِيعُ فَهَلْ تَدُلُّنِي علَى غَيْرِهِ قالَ مَا أعْلَمُهُ إلاَّ أنْ يَكُونَ حَنِيفاً قَالَ وَمَا الحَنِيفُ؟ قالَ دِينُ إبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيَّاً ولاَ نَصْرَانِيَّاً ولاَ يَعْبُدُ إلاَّ الله فلَمَّا رأى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إبرَاهِيمَ علَيْهِ السَّلامُ خَرَجَ فلَمَّا برَزَ رفَعَ يَدَيْهِ فَقالَ اللَّهُمَّ إنِّي أُشْهِدُكَ أنِّي علَى دِينِ إبْرَاهِيمَ.

مُوسَى هُوَ ابْن عقبَة الْمَذْكُور الَّذِي روى عَن سَالم، وَظَاهره التَّعْلِيق، وَلِهَذَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: مَا أَدْرِي هَذِه الْقِصَّة الثَّانِيَة من رِوَايَة الفضيل عَن مُوسَى أم لَا.
وَقيل: هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور وَفِيه نظر لَا يخفى.

قَوْله: ( ويتبعه) بِالتَّشْدِيدِ من الِاتِّبَاع، ويروى عَن الْكشميهني: يبتغيه من الابتغاء بالغين الْمُعْجَمَة، وَهُوَ الطّلب.
قَوْله: ( لعلِّي) كلمة: لَعَلَّ، للترجي تنصب الإسم وترفع الْخَبَر وَاسْمهَا هُنَا: يَاء الْمُتَكَلّم وخبرها.
قَوْله: ( أَن أدين) قَوْله: ( فَأَخْبرنِي) أَي: عَن حَال دينكُمْ وكيفيته.
قَوْله: ( من غضب الله) المُرَاد من غضب الله هُوَ إِيصَال الْعَذَاب.
قَوْله: ( فَذكر مثله) أَي: مثل مَا ذكر لعالم الْيَهُود، قَوْله: ( من لعنة الله) المُرَاد من اللَّعْنَة إبعاد الله عَبده من رَحمته وطرده عَن بابُُه، لِأَن اللَّعْنَة فِي اللُّغَة الطَّرْد، وَإِنَّمَا خص الْغَضَب باليهود واللعنة بالنصارى لِأَن الْغَضَب أردى من اللَّعْنَة، فَكَانَ الْيَهُود أَحَق بِهِ لأَنهم أَشد عَدَاوَة لأهل الْحق.
قَوْله: ( وَأَنا أَسْتَطِيع) أَي: وَالْحَال أَن لي قدرَة على عدم حمل ذَلِك.
قَوْله: ( فَلَمَّا برز) ، أَي: لما ظهر خَارِجا عَن أَرضهم.
قَوْله: ( إِنِّي أشهدك) بِكَسْر الْهمزَة.
قَوْله: ( أَنِّي على دين إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام) بِفَتْح الْهمزَة.
وَفِي حَدِيث سعد بن زيد: فَانْطَلق زيد وَهُوَ يَقُول: لبيْك حَقًا حَقًا، تعبداً وَرقا، ثمَّ يخر فَيسْجد لله عز وَجل.





[ قــ :3651 ... غــ :388 ]
- وقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إلَيَّ هِشَامٌ عنْ أبِيهِ عنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قالَتْ رأيْتُ زَيْدَ بنَ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ قائِمَاً مُسْنِدَاً ظَهْرَهُ إلَى الكَعْبَةِ يقُولُ يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ وَالله مَا مِنْكُمْ على دِينِ إبْرَاهِيمَ غَيْرِي وكانَ يُحْيى المَوؤُدَةَ يقُولُ لِلرَّجُلِ إذَا أرَادَ أنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ لاَ تَقْتُلْهَا أنَا أكْفِيكَها مَؤُنَتها فيَأخُذُها فإذَا تَرَعْرَعَتْ قالَ لأبِيهَا إنْ شِئْتَ دَفَعْتُها إلَيْكَ وإنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَؤُونَتها.


أَي: قَالَ اللَّيْث بن سعد: كتب إِلَيّ هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير، وَهَذَا تَعْلِيق وَصله أَبُو بكر بن أبي دَاوُد عَن عِيسَى بن حَمَّاد الْمَعْرُوف بزغبة عَن اللَّيْث ... إِلَى آخِره.

وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن الْحُسَيْن بن مَنْصُور بن جَعْفَر عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام بن عُرْوَة.

قَوْله: ( مَا مِنْكُم على دين إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام غَيْرِي) وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة كَانَ يَقُول: إل هِي إل هـ إِبْرَاهِيم وديني دين إِبْرَاهِيم، وَرِوَايَة ابْن أبي الزِّنَاد: وَكَانَ قد ترك عبَادَة الْأَوْثَان وَترك أكل مَا يذبح على النصب، وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: وَكَانَ يَقُول: أللهم لَو أعلم أحب الْوُجُود إِلَيْك لعبدتك بِهِ، وَلَكِن لَا أعلمهُ ثمَّ يسْجد على راحتيه.
قَوْله: ( وَكَانَ يحيي الموؤدة) الْإِحْيَاء هُنَا مجَاز عَن الْإِبْقَاء، وَهُوَ على وزن مفعولة من الوأد وَهُوَ الْقَتْل، كَانَ إِذا ولد لأَحَدهم فِي الْجَاهِلِيَّة بنت دَفنهَا فِي التُّرَاب وَهِي حَيَّة، يُقَال: وأدها يئدها وأداً فَهِيَ موؤدة، وَهِي الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْعَزِيز، وَفِي الحَدِيث: الوئيد فِي الْجنَّة، أَي: الموؤدة، فعيل بِمَعْنى مفعول، وَزعم بعض الْعَرَب: أَنهم كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك غيرَة على الْبَنَات، وَقَول الله عز وَجل هُوَ الْحق: وَلَا تقتلُوا أَوْلَادكُم من إملاق أَي: خشيَة إملاق، أَي: فقر وَقلة، وَذكر النقاش فِي تَفْسِيره أَنهم كَانُوا يئدون من الْبَنَات من كَانَت مِنْهُنَّ زرقاء أَو هرشاء أَو شيماء أَو كشحاء تشاؤماً مِنْهُم بِهَذِهِ الصِّفَات.
قلت: هرشاء من التهريش وَهُوَ مقاتلة الْكلاب، والشيماء من التشاؤم، والكشحاء من الكشاحة وَهُوَ إِضْمَار الْعَدَاوَة.
قَوْله: ( أَنا أكفيكها مؤونتها) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: أَنا أكفيك مؤنتها.
قَوْله: ( فَإِذا ترعرعت) ، براءين وعينين مهملتين أولاهما مَفْتُوحَة أَي: تحركت ونشأت.