فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب حديث

( بابُُ حَدِيثِ الإفْكِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حَدِيث الْإِفْك، وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ: بابُُ، بل هَكَذَا: حَدِيث الْإِفْك، أَي: هَذَا حَدِيث الْإِفْك وَلما كَانَ حَدِيث الْإِفْك فِي غَزْوَة بني المصطلق وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع ذكره هُنَا.

الإفْكِ والأفَكِ بِمَنْزِلَةِ النِّجْسِ والنَّجَسِ
أَشَارَ بهما إِلَى أَنَّهُمَا لُغَتَانِ الأولى: الأفك، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْفَاء: كالنجس، بِكَسْر النُّون وَسُكُون الْجِيم، وَالثَّانيَِة: الأفك، بِفَتْح الْهمزَة وَالْفَاء مَعًا: كالنجس، بِفتْحَتَيْنِ، وَالْأولَى هِيَ اللُّغَة الْمَشْهُورَة.
قَوْله: ( بِمَنْزِلَة النَّجس) أَي: بنظير النَّجس وَالنَّجس فِي الضَّبْط، وَفِي كَونهمَا لغتين، ثمَّ الْإِفْك مصدر أفك الرجل يأفك من بابُُ ضرب يضْرب إِذا كذب، والإفك، بِضَم الْهمزَة جمع أفوك، وَهُوَ الْكثير الْكَذِب، ذكره ابْن عديس فِي الْكتاب ( الباهر) .

يقَالُ إفْكُهُمْ وأفَكَهُمْ وأفَّكَهُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { بل ضلوا عَنْهُم وَذَلِكَ إفكهم وَمَا كَانُوا يفترون} ( الْأَحْقَاف: 28) .
قرىء فِي الْمَشْهُور: إفكهم، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْفَاء، وارتفاعه على أَنه خبر لقَوْله: وَذَلِكَ، وقرىء فِي الشاذ: أفكهم، بِفَتْح الْهمزَة وَالْفَاء وَالْكَاف جَمِيعًا على أَنه فعل ماضٍ، وقرىء أَيْضا: وأفكهم، بتَشْديد الْفَاء للْمُبَالَغَة، وآفكهم، بِمد الْهمزَة وَفتح الْفَاء أَي: جعلهم آفكين وآفكهم بِالْمدِّ وَكسر الْفَاء، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أَي قَوْلهم الْكَذِب كَمَا تَقول: قَول كَاذِب.

فَمَنْ قَالَ أفَكَهُمْ
يَعْنِي من جعله فعلا مَاضِيا.

يَقُولُ صرَفَهُمْ عنِ الإيمَانِ وكذَبَهُمْ كَمَا قَالَ يُؤْفَكُ عنْهُ مِنْ أُفِكَ يُصْرَفُ عنْهُ مِنْ صُرِفَ
يؤفك، بِضَم الْيَاء صِيغَة الْمَجْهُول، وَفِي الحَدِيث: لقد أفك قوم كَذبُوك، وظاهروا عَلَيْك، أَي صرفُوا عَن الْحق وَمنعُوا مِنْهُ، يُقَال: أفكه يأفكه أفكاً إِذا صرفه عَن الشَّيْء وَقَلبه، وأفك فَهُوَ مأفوك.



[ قــ :3937 ... غــ :4141 ]
- حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنَا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ صالِحٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ حدَّثَنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ وسَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ وعَلْقَمَةُ بنُ وَقَّاصٍ وعُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ بن مَسْعُودٍ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ قَالَ لَهَا أهْلُ الإفْكِ مَا قَالُوا وكلُّهُمْ حدَّثَنِي طائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وبَعْضُهُمْ كانَ أوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وأثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصَاً وقَدْ وَعيْتُ عنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ الحَدِيثَ الَّذِي حدَّثَنِي عنْ عَائِشة وبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدَّقُ بَعْضَاً وإنْ كانَ بَعْضُهُمْ أوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ قالُوا قالَتْ عائِشَةُ كانَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أرَادَ سفَرَاً أقْرَعَ بَيْنَ أزْوَاجِهِ فأيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خرَجَ بِهَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَهُ قالَتْ عائِشَةُ فأقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي فخَرَجْتُ معَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الحِجَابُ فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وأُنْزَلُ فِيهِ فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وقَفَلَ دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قافِلِينَ آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ فقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ فلَمَّا قَضَيْتُ شأنِي أقْبَلْتُ إلَى رَحْلِي فلَمَسْتُ صَدْرِي فإذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَار قَدِ انْقَطَعَ فرَجَعْتُ فالْتَمَسْتُ عِقْدِي فحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ قالَتْ وأقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كانُوا يُرَحِّلُونِي فاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أرْكَبُ عَلَيْهِ وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافَاً لَمْ يَهْبُلْنَ ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ إنَّمَا يأكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ فلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وحَمَلُوهُ وكُنْتُ جارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فبَعَثُوا الجَمَلَ فسَارُوا وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ ولَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ فَبَيْنَا أنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السَّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فرَأى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رآنِي وكَانَ رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ فاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبابُُِي وَوالله مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ ولاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ وهَوَي حَتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِيءَ علَى يَدِهَا فقُمْتُ إلَيْهَا فرَكِبْتُهَا فانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وهُمْ نُزُولٌ قالَتْ فهَلَكَ فِيَّ مَنْ هَلَكَ وكانَ الَّذِي تَوَلَّي كِبْرَ الإفْكِ عَبْدُ الله بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ قَالَ عُرْوَةُ أُخْبِرْتُ أنَّهُ كانَ يُشَاعُ ويُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ فَيُقِرُّهُ ويَسْتَمِعُهُ ويَسْتَوْشِيهِ.

     وَقَالَ  عُرْوَةُ أَيْضا لَمْ يُسَمَّ مِنْ أهْلِ الإفْكِ أَيْضا إلاَّ حَسَّانُ بنُ ثابِتٍ ومِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ وحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِي ناسٍ آخَرِينَ لاَ عِلْمَ لِي بِهِمْ غَيْرَ أنَّهُمْ عُصْبَةٌ كَمَا قَالَ الله تعالَى وإنَّ كُبْرَ ذالِكَ يُقَالُ عَبْدُ الله بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ قَالَ عُرْوَةُ كَانَتْ عائِشَةُ تَكْرَهُ أنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ وتَقُولُ إنَّهُ الَّذِي قَالَ:
( فَإنَّ أبي وَوَالِدَهُ وعِرْضِي ... لِعِرْض مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ)

قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرَاً والنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ لَا أشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وهْوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أنِّي لاَ أعْرِفُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أرَى مِنْهُ حِينَ أشْتَكى إنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيُّ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ كَيْفَ تِيكُمْ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَذالِكَ يَرِيبُنِي ولاَ أشْعُرُ بالشَّرِّ حتَّى خَرَجْتُ حِينَ نقَهْتُ فخَرَجْتُ معَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ وكانُ مُتَبَرَّزَنَا وكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ وذالِكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبَاً مِنْ بُيُوتِنَا قالَتْ وأمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ فِي البَرِيَّةِ قِبَلَ الغَائِطِ وكُنَّا نَتَأذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا قالَتْ فانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ وهْيَ ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ مَنافٍ وأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وابْنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ عَبَّادٍ ابنِ المُطَّلِبِ فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شأنِنَا فعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ فقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ أتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرَاً فقَالَتْ أيْ هَنْتَاهُ ولَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ قالَتْ وقُلْتُ مَا قَالَ فأخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ قالَتْ فازْدَدْتُ مَرَضاً علَى مَرَضِي فلَمَّا رَجَعْتُ إلَى بَيْتِي دخَلَ علَيَّ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ تِيكُمْ فقُلْتُ لَهُ أتَأذَنُ لِي أنْ آتِي أبَوَيَّ قالَتْ وأُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبرَ مِنْ قِبَلِهِمَا قالتْ فأذِنَ لي رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقُلْتُ لأُمِّي يَا أُمَّتَاهُ ماذَا يتَحَدَّثُ النَّاسُ قالتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّني علَيْكِ فَوَالله لقَلَّمَا كانَتِ امْرَأةٌ قَطُّ وضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرَ إلاَّ كَثَّرْنَ علَيْهَا قالَتْ فقُلْتُ سُبْحَانَ الله أوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهاذَا قالتْ فبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أصْبَحْتُ لاَ يَرْقأ لِي دَمْعٌ ولاَ أكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ أصْبَحْتُ أبْكِي قالَتْ ودَعَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علِيَّ بنَ أبِي طالِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلبَثَ الوَحْيُ يَسْألُهُمَا ويَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أهْلِهِ قالَتْ فأمَّا أُسَامَةُ فأشَارَ علَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أهْلِهِ وبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ أُسَامَةُ أهْلَكَ وَلَا نَعْلَمُ إلاَّ خَيْرَاً وأمَّا عليٌّ فقَالَ يَا رسُولَ الله لَمْ يُضَيِّقِ الله عَلَيْكَ والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ قالَتْ فدَعَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَرِيرَةَ فَقال أيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ قالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ والَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ مَا رأيْتُ علَيْهَا أمْرَاً قَطُّ أغْمِصُهُ غيْرَ أنَّهَا جَارِيَةٌ حدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عنْ عَجِينِ أهْلِهَا فتَأتِي الدَّاجِنُ فتَأكُلُهُ قالتْ فَقامَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ يَوْمِهِ فاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ الله بنِ أُبَيٍّ وَهْوَ علَى المِنْبَرِ فَقال يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي عنْهُ أذَاهُ فِي أهْلِي وَالله مَا عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلاَّ خَيْرَاً ولَقَدْ ذكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ علَيْهِ إلاَّ خَيْرَاً وَمَا يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلاَّ مَعِي قالَتْ فقامَ سَعدُ بنُ مُعاذٍ أخُو بَنِي عَبْدِ الأشْهَلِ فَقال أنَا يَا رسُولَ الله أعْذِرُكَ فإنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ وإنْ كانَ مِنْ إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ قالَتْ فقَامَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ وكانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخْذِهِ وهْوَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وهْوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ قالَتْ وكانَ قَبْلَ ذالِكَ رجُلاً صالِحَاً ولاكِنْ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ فقَالَ لِسَعْدٍ كَذَبْت لَعَمْرُ الله لاَ تَقْتُلْهُ ولاَ تَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ ولَوْ كانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أحْبَبْتَ أنْ يُقْتَلَ فقامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ وهْوَ ابنُ عَمِّ سَعْدٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ الله لنَقْتُلَنَّهُ فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عنِ المُنَافِقِينَ قالَتْ فَثارَ الْحَيَّانِ الأوْسُ والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا ورسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قائِمٌ علَى المِنْبَرِ قالَتْ فلَمْ يَزَلْ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا وسَكَتَ قالَتْ فبَكَيْتُ يَوْمِي ذالِكَ كُلَّهُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ ولاَ أكْتَحِلُ بِنَوْمٍ قالَتْ وأصْبَحَ أبَوَايَ عِنْدِي وقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْماً لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ ولاَ أكْتَحِلُ بِنَوْمٍ حتَّى إنِّي لأَظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فالِقٌ كَبِدِي فبَيْنَا أبَوَايَ جالِسَانِ عِنْدِي وأنَا أبْكِي فاسْتأذَنَتْ علَيَّ امْرَأةٌ مِنَ الأنْصَارِ فأذِنْتُ لَهَا فجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي قالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ علَى ذالِكَ دَخَلَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْنَا فسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ قالَتْ ولَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا وقَدْ لَبِثَ شَهْرَاً لاَ يُوحَى إلَيْهِ فِي شأني بِشَيْءٍ قالَتْ فتَشَهَّدَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قالَ أمَّا بَعْدُ يَا عائِشَةُ إنَّهُ بلَغَنِي عَنْكِ كذَا وكَذَا فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فسَيُبَرِّئُكِ الله وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بِذَنْبٍ فاسْتَغْفِرِي الله وتُوبِي إلَيْهِ فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تابَ الله علَيْهِ قالَتْ فلَمَّا قَضَى رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً فَقُلْتُ لأِبِي أجِبْ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنِّي فِيمَا قَالَ فَقَالَ أبي وَالله مَا أدْرِي مَا أقُولُ لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْتُ لاُِمِّي أجِيبِي رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا قالَ قالَتْ أُمِّي مَا أدْرِي مَا أقُولُ لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقُلْتُ وأنَا جَارِيَةٌ حدِيثَةُ السِّنِّ لَا أقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ كَثِيرَاً إنِّي وَالله لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هاذَا الحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ بِهِ فَلَئِنْ.

قُلْتُ لَكُمْ إنِّي بَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِي ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأمْرٍ وَالله يَعْلَمُ أنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِي فَوَالله لاَ أجِدُ لِي ولَكُمْ مَثَلاً إلاَّ أبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَالله المُسْتَعانُ علَى مَا تَصِفُونَ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ واضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي وَالله يَعْلَمُ أنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ وأنَّ الله مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي ولَكِنْ وَالله مَا كُنْتُ أظُنُّ أنَّ الله مُنْزِلٌ فِي شأنِي وَحْيَاً يُتْلَى لِشأنِي فِي نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِنْ أنْ يَتَكَلَّمَ الله فِيَّ بأمْر ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي الله بِهَا فَوالله مَا رَامَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَجْلِسَهُ وَلاَ خَرَجَ أحَدٌ مِنْ أهْلِ البَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ علَيْهِ فأخَذَهُ مَا كَانَ يأخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ حَتَّى إنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ وهْوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ قالَتْ فَسُرِّيَ عنْ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ يَضْحَكُ فكَانَتْ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أنْ قَالَ يَا عَائِشَةُ أمَّا الله فقَدْ بَرَّأكِ قالَتْ فقالَتْ لِي أُمِّي قُوُمِي إلَيْهِ فقُلْتُ لاَ وَالله لاَ أقُومُ إلَيْهِ فإنِّي لَا أحْمَدُ إلاَّ الله عَزَّ وَجَلَّ قالَتْ وأنْزَلَ الله تعَالى: { إنَّ الَّذِينَ جَاؤُا بالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} ( النُّور: 11) .
العَشَرَ الآياتِ ثُمَّ أنْزَلَ الله تعَالى هاذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وفَقْرِهِ وَالله لاَ أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شَيْئَاً أبَداً بعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ فأنْزَلَ الله تعالَى: { وَلاَ يأتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: { غَفُورٌ رَحِيمٌ} ( النُّور: 22) .
قالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بلَى وَالله إنِّي لأحِبُّ أنْ يَغْفِرَ الله لِي فرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كانَ يُنْفِقُ علَيْهِ.

     وَقَالَ  وَالله لَا أنْزِعُهَا مِنْهُ أبَدَاً قالَتْ عائِشَةُ وكانَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سألَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عنْ أمْرِي فَقال لِزَيْنَبَ ماذَا عَلِمْتِ أوْ رَأيْتِ فقالَتْ يَا رسُولَ الله أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي وَالله مَا عَلِمْتُ إلاَّ خَيْرَاً قالَتْ عائِشَةُ وهْيَ الَّتِي كانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعَصَمَهَا الله بالوَرَعِ قالَتْ وطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا فهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ.
قَالَ ابنُ شِهَابٍ فهاذَا الَّذِي بلَغَنِي مِنْ حَدِيثَ هاؤُلاءِ الرَّهْطِ ثُمَّ قالَ عُرْوَةُ قالَتْ عائِشَةُ وَالله إنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لِيَقُولَ سُبْحَانَ الله فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ قالَتْ ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذالِكَ فِي سَبِيلِ الله.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، والْحَدِيث مضى فِي الشَّهَادَات فِي أول: بابُُ تَعْدِيل النِّسَاء بَعضهنَّ بَعْضًا، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الرّبيع سُلَيْمَان بن دَاوُد ... إِلَى آخِره، وَأخرجه هُنَاكَ عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي الْمدنِي عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن صَالح بن كيسَان ... إِلَى آخِره، وليعتبر النَّاظر التَّفَاوُت بَينهمَا من حَدِيث الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى، ولنتكلم هُنَا بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ مِنْهُ.

فَقَوله: ( وَأثبت لَهُ اقتصاصاً) أَي: أحفظ وَأحسن إيراداً وسرداً للْحَدِيث، وَهَذَا الَّذِي فعله الزُّهْرِيّ من جمع الحَدِيث عَنْهُم جَائِز لَا كَرَاهَة فِيهِ، لِأَن هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة أَئِمَّة حفاظ ثقاة من عُظَمَاء التَّابِعين، فالحجة قَائِمَة بقول أَي كَانَ مِنْهُم.
قَوْله: ( فِي غَزْوَة غَزَاهَا) ، أرادة الْغَزْوَة الْمُصْطَلِقِيَّة.
قَوْله: ( سهمي) ، السهْم فِي الأَصْل وَاحِد السِّهَام الَّتِي يضْرب بهَا فِي الميسر، وَهِي القداح، ثمَّ سمى بهَا مَا يفوز بِهِ الفالح سَهْمه، ثمَّ كثر حَتَّى سمي كل نصيب سَهْما، وَالْمرَاد من السهْم هُنَا الْقدح الَّذِي يقترع بِهِ.
قَوْله: ( أحمل) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( فِي هودجي) ، الهودج مركب من مراكب النِّسَاء مقتب وَغَيره مقتب.
قَوْله: ( من جزع ظفار) ، الْجزع بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الزَّاي وبالعين الْمُهْملَة: خرز، وَهُوَ مُضَاف إِلَى: ظفار، بِفَتْح الظَّاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء وبالراء مَبْنِيَّة على الْكسر وَهُوَ اسْم قَرْيَة بِالْيمن.
قَوْله: ( ابتغاؤه) ، أَي: طلبه.
قَوْله: ( لم يهبلن) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: من الهبل وَهُوَ كَثْرَة اللَّحْم والشحم.
ويروى على صِيغَة الْمَجْهُول من الإهبال، ويروى لم يهبلهن اللَّحْم أَي: لم يكثر عَلَيْهِنَّ، يُقَال: هبله اللَّحْم إِذا كثر عَلَيْهِ وَركب بعضه بَعْضًا.
قَوْله: ( الْعلقَة) ، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَهِي الْقَلِيل من الْأكل.
قَوْله: ( فَلم يستنكر الْقَوْم خفَّة الهودج) ، وَقد تقدم فِي كتاب الشَّهَادَات: وَلم يستنكر الْقَوْم ثقل الهودج، والتوفيق بَينهمَا أَن الخفة والثقل من الْأُمُور الإضافية فيتفاوتان بِالنِّسْبَةِ.
قَوْله: ( فَتَيَمَّمت) ، أَي: قصدت.
قَوْله: ( وَكَانَ صَفْوَان ابْن الْمُعَطل) ، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين والطاء الْمُهْمَلَتَيْنِ: ابْن ربيضة بن خزاعي بن محَارب بن مرّة بن فالح بن ثَعْلَبَة بن بهثة بن سليم السّلمِيّ بِالضَّمِّ ثمَّ الذكواني، يكنى أَبَا عَمْرو، وَيُقَال: إِنَّه أسلم قبل الْمُريْسِيع وَشهد الْمُريْسِيع وَمَا بعْدهَا، قَالَ أَبُو عمر: وَكَانَ يكون على ساقة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعَن ابْن إِسْحَاق: أَنه قتل فِي غزَاة أرمينية شَهِيدا وأميرهم يَوْمئِذٍ عُثْمَان بن العَاصِي سنة تسع عشرَة فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقيل: مَاتَ بالجزيرة فِي نَاحيَة سميساط وَدفن هُنَاكَ، وَقيل: غير ذَلِك.
قَوْله: ( باسترجاعه) ، أَي: بقوله: { إِنَّا لله وإنَّا إِلَيْهِ راجعُونَ} ( الْبَقَرَة: 156) .
قَوْله: ( فحمرت) أَي: غطيت من التخمير، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة: وَهِي التغطية.
قَوْله: ( وَهوى) ، أَي: اسرع حَتَّى أَنَاخَ أَي: برك رَاحِلَته، وَيُقَال: هوى يهوي هوياً من بابُُ ضرب يضْرب إِذا أسْرع فِي السّير، وَهوى يهوي من بابُُ علم يعلم هوياً إِذا أحب وَهوى يهوى هوياً بِالضَّمِّ: إِذا صعد، وبالفتح إِذا هَبَط، وَفِي رِوَايَة: وأهوى، بِالْهَمْزَةِ فِي أَوله من أَهْوى إِلَيْهِ إِذا مَال وَأَخذه.
قَوْله: ( فوطىء على يَدهَا) ، أَي: وطىء صَفْوَان على يَد الرَّاحِلَة ليسهل ركُوبهَا وَلَا يحْتَاج إِلَى مساعدته.
قَوْله: ( موغرين) ، يجوز أَن يكون صِيغَة تَثْنِيَة وَأَن يكون صِيغَة جمع نصبا على الْحَال، أَي: داخلين فِي الوغرة، بالغين الْمُعْجَمَة، وَيُقَال: أوغر الرجل أَي: دخل فِي شدَّة الْحر، كَمَا يُقَال: أظهر إِذا دخل فِي وَقت الظّهْر، ووغرت الهاجرة وغراً، إِذا اشتدت فِي وَقت توَسط الشَّمْس السَّمَاء، ووغر الصَّدْر بتحريك الْغَيْن الْمُعْجَمَة الغل والحرارة، ويروى: موعرين، بِالْعينِ الْمُهْملَة من الوعر.
قَوْله: ( فِي نحر الظهيرة) أَي: فِي صدر الظّهْر.
قَوْله: ( وهم نزُول) أَي: وَالْحَال أَن الْجَيْش نازلون.
قَوْله: ( فَقَالَت) أَي: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
قَوْله: ( فَهَلَك فِي) ، بِكَسْر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء، أَرَادَت مَا قَالُوا فِيهَا من الْكَذِب والبهتان والافتراء الَّذِي هُوَ سَبَب لهلاك الْقَائِلين، أَي: لخزيهم وَسَوَاد وُجُوههم عِنْد الله وَعند النَّاس.
قَوْله: ( وَالَّذِي تولى كبر الْإِفْك) بِكَسْر الْكَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، أَي: الَّذِي بَاشر مُعظم الْإِفْك وَأَكْثَره ( عبد الله بن أبي) بِضَم الْهمزَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْيَاء: ابْن سلول، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَضم اللاَّم الأولى، وَهِي امْرَأَة من خُزَاعَة وَهِي أم أبي بن مَالك بن الْحَارِث بن عبيد بن مَالك بن سَالم بن غنم بن الْخَزْرَج، وَكَانَ عبد الله هَذَا رَأس الْمُنَافِقين وَابْنه عبد الله من فضلاء الصَّحَابَة وخيارهم.
قَوْله: ( قَالَ عُرْوَة) أَي: ابْن الزبير بن الْعَوام أحد الروَاة الْمَذْكُورين أول الحَدِيث، وَهُوَ مُتَّصِل بالسند الأول.
قَوْله: ( أخْبرت) على صِيغَة الْمَجْهُول وَهُوَ مقول عُرْوَة.
قَوْله: ( أَنه كَانَ يشاع ويتحدث بِهِ عِنْده) أَي: أَن الْإِفْك كَانَ يشاع عِنْد عبد الله بن أبي وكل من يشاع ويتحدث على صِيغَة الْمَجْهُول من بابُُ تنَازع العاملين فِي قَوْله: عِنْده.
قَوْله: ( فيقره) بِضَم الْيَاء أَي: فَيقر عبد الله حَدِيث الْإِفْك وينكره وَلَا ينْهَى من يَقُول بِهِ.
قَوْله: ( ويستوشيه) أَي: يَسْتَخْرِجهُ بالبحث وَالْمَسْأَلَة ثمَّ يفشيه وَلَا يَدعه ينخمد،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: يستوشيه أَي يطْلب مَا عِنْده ليزيده.
قَوْله: ( لم يسم) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( مسطح) بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْمُهْملَة الأولى وَفتح الثَّانِيَة: ابْن أَثَاثَة، بِضَم الْهمزَة وَتَخْفِيف الثَّاء الْمُثَلَّثَة الأولى: ابْن عباد بن الْمطلب بن عبد منَاف بن قصي الْقرشِي المطلبي، يكنى أَبَا عبَادَة، وَأمه سلمى بنت صَخْر بن عَامر بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة، وَهِي ابْنة خَالَة أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَقيل: أم مسطح بن عَامر خَالَة أبي بكر، شهد بَدْرًا ثمَّ خَاضَ فِي الْإِفْك فجلده رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن جلد، وَيُقَال: مسطح، لقب واسْمه: عَوْف، مَاتَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ، وَقيل: شهد مسطح صفّين وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ.
قَوْله: ( وَحمْنَة) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم وبالنون: بنت جحش، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وبالشين الْمُعْجَمَة: ابْن رياب الأَسدِية، من بني أَسد بن خُزَيْمَة، أُخْت زَيْنَب بنت جحش، كَانَت عِنْد مُصعب بن عُمَيْر فَقتل عَنْهَا يَوْم أحد فَتَزَوجهَا طَلْحَة بن عبيد الله وَكَانَت جلدت مَعَ من جلد فِي الْإِفْك.
قَوْله: ( فِي نَاس آخَرين) أَي: حَال كَون الْمَذْكُورين فِي جمَاعَة آخَرين فِي الْإِفْك.
قَالَ عُرْوَة: ( وَلَا علم لي بهم) أَي: بأساميهم، غير أَنهم كَانُوا عصبَة.
قَالَ ابْن فَارس: الْعصبَة الْعشْرَة،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: مَا فَوق الْعشْرَة إِلَى الْأَرْبَعين، وَقيل: الْعصبَة الْجَمَاعَة.
قَوْله: كَمَا قَالَ الله تَعَالَى فِي قَوْله: { إِن الَّذين جاؤا بالإفك عصبَة مِنْكُم} ( النُّور: 11) .
أَي: جمَاعَة متعصبون مِنْكُم أَي: من الْمُسلمين.
قَوْله: ( وَأَن كبر ذَلِك) بِضَم الْكَاف وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: وَأَن مُتَوَلِّي مُعظم الْإِفْك يُقَال لَهُ عبد الله بن أبي.
قَوْله: ( أَن يسب) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( وَتقول: إِنَّه) أَي: تَقول عَائِشَة: إِن حسان قَالَ: فَإِن أبي ووالده ... إِلَى آخِره.
قَوْله: ( فَإِن أبي) أَرَادَ بِهِ حسان أَبَاهُ ثَابتا، وَأَرَادَ بقوله: ( ووالده) أَي: وَالِد أَبِيه وَهُوَ مُنْذر، وَأَبُو جده: حرَام، لِأَن حسان هُوَ ابْن ثَابت بن الْمُنْذر بن حرَام بن عَمْرو بن زيد مَنَاة بن عدي بن مَالك بن النجار النجاري الْأنْصَارِيّ، وَحرَام ضد الْحَلَال وعاش كل وَاحِد من حسان وَأَبِيهِ وجده وجد أَبِيه مائَة وَعشْرين سنة، وَهَذَا من الغرائب.
قَوْله: ( وعرضي) بِالْكَسْرِ: هُوَ مَوضِع الْمَدْح والذم من الْإِنْسَان سَوَاء كَانَ فِي نَفسه أَو فِي سلفه أَو من يلْزمه أمره، وَقيل: هُوَ جَانِبه الَّذِي يصونه من نَفسه وحسبه ويحامي عَنهُ أَن ينتقص ويثلب.
قَوْله: ( وقاء) بِكَسْر الْوَاو، قَالَ الْجَوْهَرِي: الوقاء والوقاء مَا وقيت بِهِ شَيْئا.
قَوْله: ( فاشتكيت) أَي: مَرضت.
قَوْله: ( وَالنَّاس يفيضون) ، بِضَم الْيَاء أَي: يَخُوضُونَ.
قَوْله: ( وَهُوَ يريبني) ، بِفَتْح الْيَاء وَضمّهَا يُقَال: رابه وأرابه إِذا أَوْهَمهُ وشككه.
قَوْله: ( اللطف) ، بِضَم اللَّام وَسُكُون الطَّاء وَبِفَتْحِهَا جَمِيعًا: الْبر والرفق.
قَوْله: ( كَيفَ تيكم؟) إعلم أَن: تأوته: ته، اسْم يشار بِهِ إِلَى الْمُؤَنَّث، فَإِن خاطبت جِئْت بِالْكَاف، فَقلت: تيك وتيكما وتيكم، وَمَا قبل الْكَاف لمن تُشِير إِلَيْهِ فِي التَّذْكِير والتأنيث والثنية وَالْجمع.
قَوْله: ( حِين نقهت) ، بِفَتْح الْقَاف وَكسرهَا أَي: حِين أَفَقْت من الْمَرَض، يُقَال: نقه نقهاً ونقوها: إِذا صَحَّ عقيب علته، وأنقهه الله فَهُوَ ناقه.
قَوْله: ( قبل المناصع) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، والمناصع بالنُّون وَالصَّاد وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ على وزن الْمَسَاجِد: مَوَاضِع خَارج الْمَدِينَة كَانُوا يتبرزون فِيهَا، قَالَه الْأَزْهَرِي.
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: هِيَ الْمَوَاضِع الَّتِي يتخلى فِيهَا لقَضَاء الْحَاجة، وَاحِدهَا منصع لِأَنَّهُ يبرز إِلَيْهَا وَيظْهر، من نصع الشَّيْء ينصع إِذا وضح وَبَان.
قَوْله: ( متبرزنا) ، بتَشْديد الرَّاء الْمَفْتُوحَة بعْدهَا الزَّاي الْمَفْتُوحَة: وَهُوَ مَوضِع البرَاز.
قَوْله: ( الكنف) ، بِضَمَّتَيْنِ جمع: كنيف، وَهُوَ كل مَا ستر من بِنَاء أَو حَظِيرَة.
قَوْله: ( الأول) بِضَم الْهمزَة وَفتح الْوَاو المخففة، ويروى بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْوَاو.
قَوْله: ( وَهِي ابْنة أبي رهم) ، بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْهَاء واسْمه: أنيس، بِفَتْح الْهمزَة وَكسر النُّون: ابْن الْمطلب بن عبد منَاف، ذكره الزبير وَضَبطه ابْن مَاكُولَا هَكَذَا، وَيُقَال اسْمه صَخْر بن عَامر بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة.
قَوْله: ( تعس) ، بِكَسْر الْعين، قَالَه الْجَوْهَرِي، وَبِفَتْحِهَا قَالَه القَاضِي.
قَوْله: ( أَي: هنتاه) يَعْنِي: يَا هنتاه، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون النُّون وَفتحهَا، وَأما الْهَاء الْأَخِيرَة فتضم وتسكن وَهَذِه اللَّفْظَة تخْتَص بالنداء، وَمَعْنَاهُ: يَا هَذِه، وَقيل: يَا بلهاء كَأَنَّهَا نسبت إِلَى قلَّة الْمعرفَة بمكائد النَّاس وشرورهم.
قَوْله: ( وضيئة) ، أَي: حَسَنَة جميلَة، من الْوَضَاءَة وَهِي الْحسن.
قَوْله: ( إلاَّ كثرن) ، بتَشْديد الثَّاء الْمُثَلَّثَة، ويروى: أكثرن، من الْإِكْثَار، أَي: كثرن القَوْل الرَّدِيء عَلَيْهَا.
قَوْله: ( لَا يرقأ) بِالْقَافِ والهمزة، أَي: لَا يَنْقَطِع يُقَال رقا الدمع وَالدَّم والعرق يرقأ رقوء بِالضَّمِّ: إِذا سكن وَانْقطع.
قَوْله: ( أهلك) ، قَالَ الْكرْمَانِي: بِالرَّفْع وَالنّصب.
قلت: وَجه الرّفْع على أَنه مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف، وَالتَّقْدِير: هِيَ أهلك مَا بهَا شَيْء، وَوجه النصب على تَقْدِير: إلزم أهلك.
قَوْله: ( لم يضيق الله عَلَيْك) قَول عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، هَذَا لم يكن عَدَاوَة وَلَا بغضاً، وَلَكِن لما رأى انزعاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا الْأَمر وتقلقه بِهِ أَرَادَ إراحة خاطره وتسهيل الْأَمر عَلَيْهِ.
قَوْله: ( أَي بَرِيرَة) يَعْنِي: يَا بَرِيرَة، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الرَّاء الأولى، وَهِي مولاة عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَوْله: ( أغمصه) جملَة وَقعت صفة لقَوْله: أمرا، وَمَعْنَاهُ: أعيبها بِهِ وأطع بِهِ عَلَيْهَا، ومادته: غين مُعْجمَة وَمِيم وصاد مُهْملَة.
قَوْله: ( الدَّاجِن) ، بِكَسْر الْجِيم وَهِي: الشَّاة الَّتِي تقتنى فِي الْبَيْت وتعلف، وَقد تطلق على غير الشَّاة من كل مَا يألف الْبيُوت من الطير وَغَيره.
قَوْله: ( فاستعذر من عبد الله بن أبي) ، أَي: قَالَ من يعذرني فِيمَن أذاني فِي أَهلِي؟ وَمعنى: من يعذرني؟ وَمن يقوم بعذري إِن كافأته على قبح فعله؟ وَقيل: مَعْنَاهُ: من ينصرني؟ والعذير النَّاصِر.
قَوْله: ( فَقَامَ سعد بن معَاذ) ، فَإِن قلت: حَدِيث الْإِفْك كَانَ فِي الْمُريْسِيع، وَسعد قد مَاتَ قبله؟ قلت: ذكر ابْن مَنْدَه أَن سَعْدا مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة خمس، وغزوة الْمُريْسِيع كَانَت فِي شعْبَان سنة خمس، فَكَأَن سَعْدا مَاتَ بعد شعْبَان من هَذِه السّنة.
.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: يشبه أَن سَعْدا لم ينفجر جرحه إلاَّ بعد الْمُريْسِيع.
قَوْله: ( قلص دمعي) ، أَي: انْقَطع، قَوْله: ( من البرحاء) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء وَتَخْفِيف الْحَاء الْمُهْملَة وبالمد، وبرحاء الْحمى وَغَيرهَا: شدَّة الْأَذَى.
قَوْله: ( الجمان) ، بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف الْمِيم وَهُوَ: اللُّؤْلُؤ الصغار، وَقيل: حب يتَّخذ من الْفضة أَمْثَال اللُّؤْلُؤ.
قَوْله: ( من ثقل القَوْل) ، وَضَبطه ابْن التِّين بِكَسْر الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْقَاف.
قَوْله: { وَلَا يَأْتَلِ أولو الْفضل مِنْكُم} ( النُّور: 22) .
أَي: لَا يحلف.
قَوْله: ( أحمى سَمْعِي وبصري) هُوَ مَأْخُوذ من الْحمى، تَقول: أحميه من المآثم إِن رَأَيْت مَا قيل، وَبَقِيَّة الْكَلَام قد مرت فِي كتاب الشَّهَادَات مستوفاة.





[ قــ :3938 ... غــ :414 ]
- حدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّد قَالَ أمْلَى عَلَيَّ هِشَامُ بنُ يُوسُفَ مِنْ حِفْظِهِ قَالَ أخبرَنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ لي الولِيدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ أبْلَغَكَ أنَّ عَلِيَّاً كانَ فِيمَنْ قَذَفَ عائِشَةَ.

قُلْتُ لاَ وَلاكِنْ قَدْ أخْبَرَنِي رَجُلاَنِ مِنْ قَوْمِكَ أبُو سلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ وأبُو بَكْرِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ الحَارِثِ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالَتْ لَهُمَا كانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمَاً فِي شَأنِهَا.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يتَعَلَّق بِالْحَدِيثِ السَّابِق الطَّوِيل، وَعبد الله بن مُحَمَّد أَبُو جَعْفَر الْجعْفِيّ البُخَارِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي، وَهِشَام بن يُوسُف أَبُو عبد الرَّحْمَن الصَّنْعَانِيّ، والوليد بن عبد الْملك بن مَرْوَان الْأمَوِي.

قَوْله: ( أمْلى عَليّ) ، من الْإِمْلَاء.
قَوْله: ( من حفظه) ، فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن الْإِمْلَاء قد يَقع من الْكتاب.
قَوْله: ( قَالَ لي الْوَلِيد) ، وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن معمر: كنت عِنْد الْوَلِيد بن عبد الْملك ... أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ.
قَوْله: ( أبلغك؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار.
قَوْله: ( قلت: لَا) ، الْقَائِل هُوَ الزُّهْرِيّ، أَي: لَا، كَانَ فِيمَن قذف عَائِشَة لِأَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، منزه عَن أَن يَقُول مثل مقَالَة أهل الْإِفْك.
قَوْله: ( أَبُو سَلمَة) ، مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، وَأَبُو بكر، عطف عَلَيْهِ تَقْدِيره: هما أَبُو سَلمَة وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن، وَالْأولَى أَن يكون أَبُو سَلمَة عطف بَيَان، وَأَبُو بكر عطف عَلَيْهِ، وَأَرَادَ من قَوْله: ( من قَوْمك) قُريْشًا، لِأَن أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن مخزومي وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف زهري يجمعهما مَعَ بني أُميَّة رَهْط الْوَلِيد مرّة بن كَعْب ابْن لؤَي بن غَالب.
قَوْله: ( قَالَت لَهما) ، أَي: قَالَت عَائِشَة لأبي سَلمَة وَأبي بكر.
قَوْله: ( مُسلما) بِكَسْر اللَّام الْمُشَدّدَة، كَذَا فِي نسخ البُخَارِيّ وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ: مُسلما، بِفَتْح اللاَّم، فَالرِّوَايَة الأولى من التَّسْلِيم بِمَعْنى تَسْلِيم الْأَمر بِمَعْنى السُّكُوت، وَالثَّانيَِة من السَّلامَة من الْخَوْض فِيهِ،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: ويروى: مسيئاً، يَعْنِي من الْإِسَاءَة،.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) : فِيهِ بعد، ورد عَلَيْهِ بِأَن عياضاً ذكر أَنه النَّسَفِيّ رَوَاهُ عَن البُخَارِيّ بِلَفْظ مسيئاً وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَليّ بن السكن عَن الْفربرِي.
قلت: الظَّاهِر أَن نِسْبَة هَذِه اللَّفْظَة إِلَى عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من حَيْثُ إِنَّه لم يقل مثل مَا قَالَ أُسَامَة بن زيد: أهلك، وَلَا نعلم إلاَّ خيرا، بل قَالَ: لم يضيق الله عَلَيْك وَالنِّسَاء سواهَا كثير، وَمن هَذَا أَن بعض الغلاة من الناصبية تقربُوا إِلَى بني أُميَّة بِهَذِهِ اللَّفْظَة، فجزى الله تَعَالَى الزُّهْرِيّ خيرا حَيْثُ بَين للوليد بن عبد الْملك مَا فِي الحَدِيث الْمَذْكُور.

فَرَاجَعُوهُ فلَمْ يَرْجِعْ.

     وَقَالَ  مُسَلِّمَاً بِلاَ شَكَّ فِيهِ وعَلَيْهِ كانَ فِي أصلِ العَتِيقِ كذَلِكَ
أَي: فراجعوا الزُّهْرِيّ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَلم يرجع، أَي: فَلم يجب بِغَيْر ذَلِك.
.

     وَقَالَ  معمر: قَالَ الزُّهْرِيّ: مُسلما بِلَا شكّ فِي هَذَا اللَّفْظ، وَزَاد أَيْضا لفظ: عَلَيْهِ، أَي: على الْوَلِيد.
قَوْله: ( وَقَالَ: مُسلما) أَي: قَالَ الزُّهْرِيّ: قَالَت عَائِشَة: قَالَ عَليّ بِلَفْظ مُسلما، لَا بِلَفْظ: مسيئاً،.

     وَقَالَ  بَعضهم: الْمُرَاجَعَة فِي ذَلِك وَقعت مَعَ هِشَام بن يُوسُف فِيمَا أَحسب، وَذَلِكَ أَن عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ عَن معمر فخالفه، فَرَوَاهُ بِلَفْظ: مسيئاً.
قلت: الَّذِي فسره الْكرْمَانِي هُوَ الصَّوَاب، أَلا يرى أَن الْأصيلِيّ لما رَوَاهُ بِلَفْظ: مُسلما، قَالَ: كَذَا قرأناه؟ وَالله أعلم.





[ قــ :3939 ... غــ :4143 ]
- ( حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن حُصَيْن عَن أبي وَائِل قَالَ حَدثنِي مَسْرُوق بن الأجدع قَالَ حَدَّثتنِي أم رُومَان وَهِي أم عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَت بَينا أَنا قَاعِدَة أَنا وَعَائِشَة إِذْ ولجت امْرَأَة من الْأَنْصَار فَقَالَت فعل الله بفلان وَفعل بفلان فَقَالَت أم رُومَان وَمَا ذَاك قَالَت ابْني فِيمَن حدث الحَدِيث قَالَت وَمَا ذَاك قَالَت كَذَا وَكَذَا قَالَت عَائِشَة سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت نعم قَالَت وَأَبُو بكر قَالَت نعم فخرت مغشيا عَلَيْهَا فَمَا أفاقت إِلَّا وَعَلَيْهَا حمى بنافض فطرحت عَلَيْهَا ثِيَابهَا فغطيتها فجَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ مَا شَأْن هَذِه قلت يَا رَسُول الله أَخَذتهَا الْحمى بنافض قَالَ فَلَعَلَّ فِي حَدِيث تحدث بِهِ قَالَت نعم فَقَعَدت عَائِشَة فَقَالَت وَالله وَلَئِن حَلَفت لَا تصدقوني وَلَئِن قلت لَا تعذروني مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون قَالَت وَانْصَرف وَلم يقل شَيْئا فَأنْزل الله عذرها قَالَت بِحَمْد الله لَا بِحَمْد أَحْمد وَلَا بحَمْدك) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن لَهُ تعلقا بِالْحَدِيثِ الطَّوِيل السَّابِق وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي وحصين بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ ابْن عبد الرَّحْمَن الوَاسِطِيّ وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة الْأَزْدِيّ وَأم رُومَان بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْوَاو تقدم ذكرهَا غير مرّة والْحَدِيث مر فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء فِي بابُُ قَوْله تَعَالَى { لقد كَانَ فِي يُوسُف وَإِخْوَته آيَات للسائلين} فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن ابْن فُضَيْل عَن حُصَيْن إِلَى آخِره وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ ولنذكر هُنَا بعض شَيْء فَقَوله حَدَّثتنِي أم رُومَان فِيهِ إِشْكَال استشكله الْخَطِيب وَآخَرُونَ لِأَن أم رُومَان مَاتَت فِي زمن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومسروق لَيست لَهُ صُحْبَة لِأَنَّهُ لم يقدم من الْيمن إِلَّا بعد موت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي خلَافَة أبي بكر أَو عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

     وَقَالَ  الْخَطِيب أَيْضا كَانَ مَسْرُوق يُرْسل هَذَا الحَدِيث عَن أم رُومَان وَيَقُول سُئِلت أم رُومَان فَوَهم حُصَيْن فِيهِ حَيْثُ جعل السَّائِل لَهَا مسروقا أَو يكون بعض النقلَة كتب سُئِلت بِالْألف فَصَارَت سَأَلت فَقَرَأت بِفتْحَتَيْنِ قَالَ عَليّ أَن بعض الروَاة قد رَوَاهُ عَن حُصَيْن على الصَّوَاب يَعْنِي بالعنعنة قَالَ وَأخرج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث بِنَاء على ظَاهر الِاتِّصَال وَلم تظهر لَهُ علته انْتهى ورد على الْخَطِيب وَمن تبعه بِوَجْهَيْنِ الأول أَن مستندهم فِي تَارِيخ وَفَاة أم رُومَان عَن الْوَاقِدِيّ فَلَا يضر ذَلِك الْإِسْنَاد الصَّحِيح ( الثَّانِي) ذكر أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ أَن أم رُومَان عاشت بعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيُؤَيّد هَذَا مَا تقدم فِي عَلَامَات النُّبُوَّة من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر فِي قصَّة أضياف أبي بكر قَالَ عبد الرَّحْمَن وَإِنَّمَا هُوَ أَنا وَأبي وَأمي وامرأتي وخادم وَفِي كتاب الْأَدَب عِنْد البُخَارِيّ فَلَمَّا جَاءَ أَبُو بكر قَالَت لَهُ أُمِّي احْتبست عَن أضيافك الحَدِيث فَهَذَا يدل على أَن وَفَاة أم رُومَان تَأَخَّرت إِلَى زمن بعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله إِذْ ولجت أَي إِذْ دخلت وَكلمَة إِذْ جَوَاب قَوْله بَينا قَوْله " حمى بنافض " النافض من الْحمى ذَات الرعدة قَوْله " فِي حَدِيث تحدث " بِضَم التَّاء على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " لَئِن حَلَفت " أَي على براءتي قَوْله " لَا تصدقوني " ويروى لَا تصدقونني قَوْله لَا تعذروني أَي لَا تقبلُوا مني الْعذر قَوْله " وَانْصَرف " أَي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -



[ قــ :3940 ... غــ :4144 ]
- حدَّثني يَحْيَى حدَّثنا وَكِيعٌ عنْ نَافِعِ بنِ عُمَرَ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا كانَتْ تَقْرَأُ { إذْ تلِقُونَهُ بألْسِنَتِكُمْ} ( النُّور: 15) .
وتقُولُ الوَلْقُ الكَذِبُ.

قَالَ ابنُ أبِي مُلَيْكَةَ وكانَتْ أعْلَمَ مِنْ غَيْرِهَا بِذَلِكَ لأِنَّهُ نَزَلَ فِيهَا.
( الحَدِيث 4144 طرفه فِي: 475) .


مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مُطَابقَة الَّذِي قبله.
وَيحيى هُوَ ابْن جَعْفَر بن أعين أَبُو زَكَرِيَّا البُخَارِيّ البيكندي، ووكيع ابْن الْجراح، وَنَافِع بن عمر بن عبد الله الجُمَحِي الْقرشِي من أهل مَكَّة، يروي عَن عبد الله بن أبي مليكَة بِضَم الْمِيم.

قَوْله: ( إِذْ تلقونه) يَعْنِي: تقْرَأ بِكَسْر اللَّام وَضم الْقَاف المخففة، وفسرته بقولِهَا: من الولق وَهُوَ: الْكَذِب،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: هُوَ الْإِسْرَاع فِي الْكَذِب، وَقيل: هُوَ الِاسْتِمْرَار فِيهِ، وأصل: تلقونه، تولقونه، حذفت الْوَاو لوقوعها بَين الكسرة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف فِي فعل الْغَائِب، وحذفت فِي فعل الْمُخَاطب وَغَيره طرداً للبابُ.
قَوْله: ( وَكَانَت أعلم من غَيرهَا) أَي: وَكَانَت عَائِشَة أعلم بِهَذِهِ الْقِرَاءَة من غَيرهَا، وَقِرَاءَة الْعَامَّة: إِذْ تلقونه، بِفَتْح اللَّام وَتَشْديد الْقَاف من التلقي، وَأَصله: إِذْ تتلقونه، فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ.





[ قــ :3941 ... غــ :4145 ]
- حدَّثنا عُثْمَانُ بنُ أبِي شَيْبَةَ حدَّثنَا عَبْدَةُ عنْ هِشَامٍ عنْ أبِيهِ قَالَ ذَهَبْتُ أسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عائِشَةَ فقالَتْ لَا تَسُبَّهُ فإنَّهُ كانَ يُنافِحُ عَنْ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وقالَتْ عائِشَةُ اسْتَأذَنَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هِجَاءِ المُشْرِكِينَ قالَ كَيْفَ بِنَسَبي قالَ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ العَجِينِ.
( انْظُر الحَدِيث 3531 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن حسانا مَذْكُور فِي حَدِيث الْبابُُ، وَعَبدَة بِسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن سُلَيْمَان الْكلابِي، وَكَانَ اسْمه عبد الرَّحْمَن فغلب عَلَيْهِ لقبه عَبدة، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن عَبدة وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة.

قَوْله: ( ينافح) بِالْحَاء الْمُهْملَة، يُقَال: نافحت عَن فلَان إِذا خَاصَمت عَنهُ.
قَوْله: ( كَيفَ بنسبي؟) أَي: تعْمل فِي أَمر نسبي، إِذا هجوت قُريْشًا من الْمُشْركين؟
وَقَالَ مُحَمَّدٌ بنُ عُقْبَةَ وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ فَرْقَدٍ سَمِعْتُ هِشَاماً عنْ أبِيهِ قَالَ سَبَبْتُ حَسَّانَ وكانَ مِمَّنْ كَثَّرَ عَلَيْهَا
مُحَمَّد بن عقبَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف وبالباء الْمُوَحدَة: أَبُو جَعْفَر الطَّحَّان الْكُوفِي أحد مَشَايِخ البُخَارِيّ، علق عَنهُ، وَوَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة والأصيلي: حَدثنَا مُحَمَّد بِغَيْر نِسْبَة، وَعرف نسبه من الرِّوَايَة الْأُخْرَى، وَعُثْمَان بن فرقد، بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْقَاف وبالدال الْمُهْملَة: الْبَصْرِيّ، وَله حَدِيث آخر تقدم فِي أَوَاخِر الْبيُوع.
قَوْله: ( وَكَانَ مِمَّن كثر) بتَشْديد الثَّاء الْمُثَلَّثَة من التكثير ( عَلَيْهَا) ، أَي: على عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فِي ذكر قَضِيَّة الْإِفْك، فَلذَلِك كَانَ عُرْوَة يسبه.




[ قــ :394 ... غــ :4146 ]
- ( حَدثنِي بشر بن خَالِد أخبرنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة عَن سُلَيْمَان عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق قَالَ دَخَلنَا على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَعِنْدهَا حسان بن ثَابت ينشدها شعرًا يشبب بِأَبْيَات لَهُ.

     وَقَالَ 
( حصان رزان مَا تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لُحُوم الغوافل) فَقَالَت لَهُ عَائِشَة لكنك لست كَذَلِك قَالَ مَسْرُوق فَقلت لَهَا لم تَأْذَنِي لَهُ أَن يدْخل عَلَيْك وَقد قَالَ الله تَعَالَى { وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم} فَقَالَت وَأي عَذَاب أَشد من الْعَمى قَالَت لَهُ إِنَّه كَانَ ينافح أَو يهاجي عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -)
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث الْمَاضِي وَبشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة ابْن خَالِد أَبُو مُحَمَّد العسكري الْفَرَائِضِي وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا وَمُحَمّد بن جَعْفَر وَهُوَ الملقب بغندر وَسليمَان هُوَ الْأَعْمَش وَأَبُو الضُّحَى بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة اسْمه مُسلم بن صبيح الْكُوفِي والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن بشار وَعَن مُحَمَّد بن يُوسُف وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن بشر بن خَالِد وَعَن مُحَمَّد بن مثنى قَوْله يشبب بالشين الْمُعْجَمَة من التشبيب وَهُوَ ذكر الشَّاعِر مَا يتَعَلَّق بالغزل وَنَحْوه قَوْله حصان إِلَى آخِره وَهُوَ من قصيدة من الطَّوِيل وحصان بِفَتْح الْحَاء أَي عفيفة تمْتَنع من الرِّجَال قَوْله رزان بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الزَّاي أَي صَاحِبَة الْوَقار وَقيل يُقَال امْرَأَة رزان إِذا كَانَت رزينة فِي مجلسها والرزان والثقال بِمَعْنى وَاحِد وَهِي قَليلَة الْحَرَكَة وَكِلَاهُمَا على وزن فعال بِفَتْح الْفَاء وَهُوَ يكثر فِي أَوْصَاف الْمُؤَنَّث وَفِي الْأَعْلَام قَوْله " مَا تزن " بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الزَّاي وَتَشْديد النُّون أَي مَا تتهم بريبة يُقَال أزننت الرجل إِذا اتهمته بريبة والريبة بِكَسْر الرَّاء التُّهْمَة قَوْله " غرثى " بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وبالثاء الْمُثَلَّثَة أَي جائعة يَعْنِي لَا تغتاب النَّاس إِذْ لَو كَانَت مغتابة لكَانَتْ آكِلَة من لحم أَخِيهَا فَتكون شبعانة لَا جوعانة وَيُقَال رجل غرثان وَامْرَأَة غرثى وَيُقَال وتصبح غرثى أَي خميصة الْبَطن من لُحُوم الغوافل وَهن العفيفات قَالَ تَعَالَى { إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات} جَعلهنَّ الله غافلات لِأَن الَّذِي رمين بِهِ من الشَّرّ لم يهمن بِهِ قطّ وَلَا خطر على قلوبهن فهن فِي غَفلَة عَنهُ وَهَذَا أبلغ مَا يكون من الْوَصْف بالعفاف قَوْله لكنك لست كَذَلِك الْخطاب لحسان فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنه اغتاب عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا حِين وَقعت قصَّة الْإِفْك وَقد عمي فِي آخر عمره قَوْله فَقلت لَهَا أَي لعَائِشَة لم تَأْذَنِي لَهُ أَي لحسان قَوْله أَن يدْخل أَي بِأَن يدْخل وَكلمَة أَن مَصْدَرِيَّة قَوْله أَنه كَانَ ينافح أَي أَن حسان كَانَ يذب عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالشعر ويخاصم عَنهُ -