فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر، أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم} [النساء: 102]

(بابُُ قَوْلِهِ: { وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إنْ كانَ بِكُمْ أَذَى مِنْ مَطَرٍ أوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أنْ تَضَعُوا أسْلِحَتَكُمْ} (النِّسَاء: 102)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَلَا جنَاح عَلَيْكُم} وَلَيْسَ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي لفظ: بابُُ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: { وَلَا جنَاح عَلَيْكُم إِن كَانَ بكم أَذَى من مطر} الْآيَة وَقبل قَوْله: { وَلَا جنَاح عَلَيْكُم} أول الْآيَة قَوْله تَعَالَى: { وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} إِلَى قَوْله: { وَلَا جنَاح} وَتَمام الْآيَة بعد قَوْله أسلحتكم { وخذوا حذركُمْ إِن الله أعد للْكَافِرِينَ عذَابا مهينا} وَهَذِه الْآيَة الطَّوِيلَة نزلت فِي صَلَاة الْخَوْف، وأنواعها كَثِيرَة، وَمحل ذكرهَا فِي الْفُرُوع، وَسبب نُزُولهَا مَا ذكره ابْن جرير بِإِسْنَادِهِ عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَالَ: سَأَلَ قوم من بني النجار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فَقَالُوا: يَا رَسُول الله! إِنَّا نضرب فِي الأَرْض، فَكيف نصلي؟ فَأنْزل الله عز وَجل أَولا: { وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} (النِّسَاء: 101) الحَدِيث.
ثمَّ بَين صفتهَا بقوله: { وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} إِلَى قَوْله: { عذَابا مهينا} .
قَوْله: (وَلَا جنَاح عَلَيْكُم) أَي: لَا إِثْم عَلَيْكُم (إِن كَانَ بكم أَذَى من مطر) أَي: بِسَبَب مَا يبلكم من مطر أَو يضعفكم من جِهَة مرض.
قَوْله: (أَن تضعوا) أَي: تضعوا.
أَي: بِوَضْع الأسلحة لثقلها، وَأمرهمْ مَعَ ذَلِك بِأخذ الحذر لِئَلَّا يغفلوا فيهجم عَلَيْهِم الْعَدو.



[ قــ :4346 ... غــ :4599 ]
- ح دَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقَاتِلٍ أبُو الحَسَنِ أخبرنَا حَجَّاجٌ عنِ ابنِ جُرَيْجٍ قَالَ أخْبَرَنِي يَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ بنِ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُمَا { إنْ كانَ بِكُمْ أَذَى مِنْ مَطَرٍ أوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قَالَ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَوْفٍ كَانَ جَرِيحا.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وحجاج هُوَ ابْن مُحَمَّد الْأَعْوَر أَصله مدنِي سكن المصيصة، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز ابْن جريج، ويعلى، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة.
وَفتح اللَّام مَقْصُورا.
ابْن مسلمُ بن هُرْمُز.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن أَحْمد بن الْخَلِيل العباسي، ابْن مُحَمَّد، وَلم يقل كَانَ جريحا.

قَوْله: (عَن ابْن عَبَّاس: إِن كَانَ بكم) يَعْنِي: ذكر ابْن عَبَّاس قَوْله تَعَالَى: { إِن كَانَ بكم أَذَى من مطر أَو كُنْتُم مرضى} قَالَ: عبد الرَّحْمَن بن عَوْف كَانَ جريحا فَنزلت الْآيَة فِيهِ، وفاعل: قَالَ: هُوَ ابْن عَبَّاس، وَقَوله: عبد الرَّحْمَن، مُبْتَدأ وَخَبره هُوَ قَوْله: كَانَ جريحا.
وَالْجُمْلَة مقول ابْن عَبَّاس، وَلَا قَول فِيهِ لعبد الرَّحْمَن، وَقد غمض أَكثر الشُّرَّاح أَعينهم فِي هَذَا الْموضع، وَفِيمَا ذكرنَا كِفَايَة وَللَّه الْحَمد.