فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم} [النور: 18]

(بابٌُ: { ويُبَيِّنُ الله لَكُمُ الآياتِ وَالله عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (النُّور: 81) (النُّور: 81)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { وَيبين الله لكم الْآيَات} الدالات على علمه وحكمته بِمَا ينزل عَلَيْكُم من الشَّرَائِع ويعلمكم من الْآدَاب الجميلة (وَالله عليم) بِأَمْر عَائِشَة وَصَفوَان وببراءتهما (حَكِيم) يضع الْأَشْيَاء فِي محالها.



[ قــ :4499 ... غــ :4756 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا ابنُ عَدِيّ أنْبأنا شُعْبَةُ عنِ الأعْمَشِ عنْ أبي الضُّحَى عنْ مَسْرُوق قَالَ دَخَلَ حَسَّانُ بنُ ثابِتٍ عَلَى عائِشَةَ فَشَبَّبَ.

     وَقَالَ :
(حَصانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحومِ الغَوافِلِ)

قالَتْ لَسْتَ كَذَاكَ.

قُلْتُ تَدَعِينَ مِثْلَ هاذَا يَدْخُلُ عَلَيْكَ وَقَدْ أنْزَلَ الله: { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} (النُّور: 11) فقالَتْ وأيُّ عَذابٍ أشَدُّ مِنَ العَمَى وقالَتْ وقَدْ كانَ يَرُدُّ عَنْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

(انْظُر الحَدِيث 6414 وطرفه) .

هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الَّذِي قبله، وَابْن أبي عدي مُحَمَّد، وَاسم أبي عدي إِبْرَاهِيم.

قَوْله: (فشبب) من التشبيب، وَهُوَ إنشاد الشّعْر على وَجه الْغَزل.
قَوْله: (قَالَت: لست كَذَاك) ، أَي: قَالَت عَائِشَة لحسان: (لست كَذَاك) تَعْنِي: لم تصبح غرثان من لُحُوم الغوافل، شارت بِهِ إِلَى أَنه خَاضَ فِي الْإِفْك وَلم يسلم من أكل لُحُوم الغوافل.
قَوْله: (قلت) الْقَائِل هُوَ مَسْرُوق.
قَوْله: (تدعين) ، أَي: تتركين (مثل هَذَا) ، يَعْنِي: حسانا (يدْخل عَلَيْك) وَقد خَاضَ فِي الْإِفْك ثمَّ بَين ذَلِك بقوله: وَقد أنزل الله: (وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم) وَقد مر أَنه هُوَ الَّذِي تولى كبره على قَول.
قَوْله: (وَقد كَانَ يرد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: يدافع هجو الْكفَّار لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهجوهم ويذب عَنهُ.
<"

(بابٌُ: { وَلَا يأتَلِ أولُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ والسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أولِي القُرْبَى والمَساكِينَ والمُهاجِرِينَ فِي سَبيلِ الله ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ} (النُّور: )
أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { وَلَا يَأْتَلِ} إِلَى آخِره، وَلَيْسَ فِي كثير من النّسخ لفظ: بابُُ، وَلم تثبت هَذِه الْآيَة هُنَا إِلَّا لأبي ذَر وَحده.
قَوْله: (وَلَا يَأْتَلِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ وَلَا يفتعل، من آلَيْت أَي: أَقْسَمت، وَعَن ابْن عَبَّاس: (لَا يَأْتَلِ) أَي: لَا يقسم، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب،.

     وَقَالَ  الْأَخْفَش: وَإِن شِئْت جعلته من قَول الْعَرَب: مَا ألوت جهدي فِي شَأْن فلَان، أَي: مَا تركته وَلَا قصرت فِيهِ.


[ قــ :4499 ... غــ :4757 ]
- { وَقَالَ أبُو أُسامَةَ}

وَفِي بعض النّسخ: قَالَ أَبُو عبد الله: قَالَ أَبُو أُسَامَة.
وَهُوَ حَمَّاد بن أُسَامَة وَأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، وَفِي: (التَّلْوِيح) : يُرِيد بِهَذَا التَّعْلِيق مَا رَوَاهُ مُسلم فِي: (صَحِيحه) عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب عَن أبي أُسَامَة بِهِ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَفِي بعض النّسخ حَدثنَا إِسْحَاق قَالَ: نَا حميد بن الرّبيع الخراز،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَوَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي عَن الْفربرِي: حَدثنَا حميد ابْن الرّبيع.
نَا أَبُو أُسَامَة، فَظن الْكرْمَانِي أَن البُخَارِيّ وَصله عَن حميد بن الرّبيع، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ خطأ فَاحش فَلَا تعْتَبر بِهِ.
انْتهى.
قلت: هَذَا حط على الْكرْمَانِي بِغَيْر فهم كَلَامه، فَإِنَّهُ لم يقل مثل مَا نسبه إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَالَه مثل مَا نقلت عَنهُ، وَلم يقل: حَدثنَا حميد بن الرّبيع، وَإِنَّمَا قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا حميد بن الرّبيع، نقل ذَلِك على مَا رَآهُ فِي بعض النّسخ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِك شَيْء.


عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ قَالَ أخْبَرَني أبي عنْ عائِشَةَ قالَتْ لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْني الَّذِي ذُكِرَ وَمَا عَلِمْتُ بِهِ قَامَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيَّ خَطِيباً فَتَشَهَّدَ فَحَمِدَ الله وأثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أمّا بَعْدُ أشِيُروا عَلَيَّ فِي أُناسٍ أبَنُوا أهْلِي وأيْمُ الله مَا عَلِمْتُ عَلَى أهْلِي مِنْ سُوءٍ وأبَنُوهُمْ بِمَنْ وَالله مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ وَلَا يَدْخُلُ بَيْتِي قَطُّ إلاّ وَأَنا حاضِرٌ وَلَا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إلاّ غابَ معِي فقامَ سَعْدُ بنُ مُعاذِ فَقَالَ ائْذَنْ لِي يَا رسولَ الله أنْ نَضْرِبَ أعْناقَهُمْ وقامَ رَجُلٌ مِنْ بَني الخَزْرَجِ وكانتْ أُمُّ حَسّانَ بنِ ثابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذالِكَ الرَّجُلِ فَقَالَ كَذَبْتَ أما وَالله أنْ لَوْ كانُوا مِنَ الأوْسِ مَا أحْبَبْت أنْ تُضْرَبَ أعْناقُهُمْ حَتَّى كادَ أنْ يكُونَ بَيْنَ الأوْسِ والخَزْرَجِ شَرٌّ فِي المَسْجدِ وَمَا عَلِمْتُ فَلَمّا كَانَ مَساءُ ذالِكَ اليَوْمِ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حاجَتِي ومَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ فعَثَرَتْ وقالَتْ تَعَسَ مِسْطَحٌ فقُلْتُ أيْ أمِّ تَسُبِّينَ ابنَكِ وسَكَتَتْ ثُمَّ عَثَرَتِ الثّانِيَةَ فقالَتْ تَعَسَ مِسْطَحٌ فَقُلْتُ لَها تَسُبِّينَ ابْنَكِ ثُمَّ عَثَرَتِ الثالِثَةَ فقالَتْ تَعَسَ مَسْطَحٌ فانْتَهَرْتُها فقالَتْ وَالله مَا أسُبُّهُ إلاّ فِيكِ فقُلْتُ فِي أيِّ شأني قالَتْ فَبَقَرَتْ لِي الحَدِيثَ فَقُلْتُ وَقَدْ كانَ هاذَا قالَتْ نَعَمْ وَالله فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتي كَأنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لَا أجِدُ مِنْهُ قَلِيلاً وَلَا كَثِيراً وَوُعكْتُ فَقُلْتُ لرسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرْسِلْني إِلَى بَيْتِ أبي فأرْسَلَ مَعِي الغُلاَمَ فَدَخَلْتُ الدَّارَ فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومانَ فِي السُّفْلِ وَأَبا بَكْرٍ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ فقالَتْ أُمِّي مَا جاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ فأخْبَرْتُها وَذَكَرْتُ لَها الحدِيثَ وَإِذا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْها مِثْلَ مَا بَلَغَ مِنِّي فقالَتْ يَا بُنَيَّةُ خَفِّضِي عَلَيِكِ الشأْنَ فإنَّهُ وَالله لَقَلَّما كانَتِ امْرَأةٌ قَطُّ حَسْناءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّها لَها ضَرَائِرُ إلاّ حَسَدْنَها وقِيلَ فِيها وَإِذا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْها مَا بَلَغَ مِنِّي.

قُلْتُ وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أبي قالَتْ نَعَمْ.

قُلْتُ ورسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ نَعَمْ ورسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واسْتَعْبَرْتُ وَبَكَيْتُ فَسَمَعَ أبُو بَكْرٍ صَوْتِي وهْوَ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ فَنَزَلَ فَقَالَ لأمِّي مَا شأنُها قالَتْ بَلَغَها الَّذِي ذُكِرَ مِنْ شأنِها فَفاضَتْ عَيْناهُ قَالَ أقْسَمْتُ عَلَيْكِ أيْ بُنَيَّةُ إلاّ رجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ فَرَجَعْتُ وَلَقَدْ جاءَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْتِي فَسَأل عَنِّي خادِمَتي فقالَتْ لَا وَالله مَا عَلِمْتُ عَلَيْها عَيْباً إلاّ أنّها كانَتْ تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشّاةُ فَتَأكُلَ خَمِيرَها أوْ عَجِينَها وانْتَهَرَها بَعْضُ أصْحابِهِ فَقَالَ اصْدُقِي رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أسْقَطُوا لَها بِهِ فقالَتْ سُبْحانَ الله وَالله مَا عَلِمْتُ عَلَيْها إلاّ مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأحْمَر وَبَلَغَ الأمْرُ إِلَى ذَلِكَ الرجُلِ الَّذِي قِيلَ لَهُ فَقَالَ سُبْحانَ الله وَالله مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَط قالَتْ عائِشَةُ فقُتِلَ شَهِيداً فِي سَبِيلِ الله قالَتْ وأصْبَحَ أبَوَايَ عِنْدِي فَلَمْ يَزَالا حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَدْ صَلَّى العَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ وقَدِ اكْتَنَفَنِي أبَوَايَ عَنْ يَمِينِي وعَنْ شِمالِي فَحَمِدَ الله وأثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أمَّا بَعْدُ يَا عائِشَةُ إنْ كُنْتِ قارَفْتِ سُوءاً أوْ ظَلمْتِ فتُوبِي إلَى الله فإِنَّ الله يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ قالَتْ وَقَدْ جاءَتِ امْرَأةٌ مِنَ الأنصارِ فَهْيَ جالِسَةٌ بالبابُُِ فَقُلْتُ أَلا تَسْتَحِي مِنْ هاذِهِ المَرْأةِ أنْ تَذْكُرَ شَيْئاً فَوَعَظَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فالْتَفَتُّ إلَى أبي فَقُلْتُ أجِبْهُ قَالَ فَماذا أقُولُ فالْتَفَتُّ إلَى أُمِّي فَقُلْتُ أجِيبِيهِ فقالَتْ أقُولُ ماذَا فَلَمَّا لَمْ يُجِيباهُ تَشَهَّدْتُ فَحَمَدْتُ الله وأثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أهْلُهُ ثُمَّ.

قُلْتُ أمّا بَعْدُ فوَالله لَئِنْ.

قُلْتُ لَكُمْ إنِّي لَمْ أفْعَلْ وَالله عَزَّ وجَلَّ يَشْهَدُ إنِّي لَصادِقَةٌ مَا ذَاكَ بنَافِعي عِنْدَكُمْ لَقَدْ تَكَلَّمْتمْ بِهِ وأُشْرِبَتْهُ قُلُوبُكُمْ وإنْ.

قُلْتُ إنِّي فَعَلْتُ وَالله يَعْلَمُ أنِّي لَمْ أفْعَلْ لَتَقُولُنَّ قَدْ باءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِها وإنِّي وَالله مَا أجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلاً والتَمَسْتُ إسْمَ يَعْقُوبَ فَلَمْ أقْدِرْ عَلَيْهِ إلاّ أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَالله المُسْتَعانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ وأُنْزِلَ عَلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ ساعَتِهِ فَسَكَتْنا فَرُفِعَ عَنْهُ وإنِّي لأَتَبَيَّنُ السُّرُورَ فِي وجْهِهِ وهْوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ وَيَقُولُ أبْشِرِي يَا عائِشَةُ فَقَدْ أنْزَلَ الله بَرَاءَتَكِ قالَتْ وكُنْتُ أشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَباً فَقَالَ لي أبَوَايَ قُومِي إلَيْهِ فَقُلْتُ وَالله لَا أقُومُ إلَيْهِ وَلَا أحْمَدُهُ وَلاَ أحْمَدُكُما ولاكِنْ أحْمَدُ الله الَّذِي أنْزَلَ بَرَاءَتي لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَما أنْكَرْتُمُوهُ وَلَا غَيَّرْتُمُوهُ وكانَتْ عائِشَةُ تقُولُ أمّا زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَعَصَمَها الله بدِينِها فَلَمْ تَقُلْ إلاّ خَيْراً وأمّا أُخْتُها حَمْنَةُ فَهَلَكَتْ فيمَنْ هَلَكَ وكانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِسْطَحٌ وحَسّانُ بنُ ثابِتٍ والمُنافِقُ عَبْدُ الله بنُ أُبَيّ وهْوَ الَّذِي كانَ يَسْتَوشِيهِ وَيَجْمَعُهُ وَهْوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ هُوَ وَحَمْنَةُ قالتْ فَحَلَفَ أبُو بَكْرٍ أَن لَا يَنْفَعِ مِسْطَحاً بِنافِعَةٍ أبَداً فأنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يأتَلِ أولُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ إِلَى آخِرِ الآيةِ يعْنِي أَبَا بَكْرٍ والسَّعَةِ أنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى والمَساكِينَ يَعْنِي مِسْطَحاً إِلَى قَوْلِهِ أَلا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ وَالله غَفُورٌ رحيمٌ حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى وَالله يَا رَبَّنا إنّا لَنُحِبُّ أنْ تَغْفِرَ لَنا وَعَاد لَهُ بِمَا كانَ يَصْنَعُ..
هَذَا طَرِيق آخر فِي قصَّة الْإِفْك، وَهُوَ مُعَلّق كَمَا ذكرنَا، وأسنده مُسلم فِي كتاب التَّوْبَة مُخْتَصرا.
قَوْله: (لما ذكر من شأني) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، والشأن الْأَمر، وَالْحَال.
قَالَه الْجَوْهَرِي.
قَوْله: (وَمَا علمت بِهِ) الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: (قَامَ) جَوَاب: لما.
قَوْله: (فِي) : بِكَسْر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء.
قَوْله: (أبنوا) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَرُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف أشهر، وَمَعْنَاهُ اتهموا أَهلِي، وَالِابْن بِفَتْح الْهمزَة التُّهْمَة، يُقَال: ابْنه يأبنه، بِضَم الْبَاء وَكسرهَا إِذا اتهمه ورماه بخلة سوء فَهُوَ مأبون، قَالُوا: وَهُوَ مُشْتَقّ من الابْن، بِضَم الْهمزَة وَفتح الْبَاء وَهِي العقد فِي القسي تفسدها.
قَوْله: (وابنوهم بِمن) ، كلمة: من، هُنَا عبارَة عَن صَفْوَان.
قَوْله: (وَالله) إِلَى قَوْله: (فَقَامَ سعد بن معَاذ) فِي بَرَاءَة صَفْوَان وَبَيَان دينه المتين، وَقَامَ رجل هُوَ سعد بن عبَادَة.
قَوْله: (أم حسان) ، وَهِي الفريعة بنت خَالِد بن حسر بن لوذان بن عبدود بن زيد بن ثَعْلَبَة بن الْخَزْرَج بن كَعْب بن سَاعِدَة الْأَنْصَارِيَّة، والفريعة بِضَم الْفَاء وبالعين الْمُهْملَة.
قَوْله: (فِيك) ، كلمة: فِي، هُنَا للتَّعْلِيل أَي: لِأَجلِك.
قَوْله: (فنقرت) ، بالنُّون وَالْقَاف، أَي أظهرت وقررت بعجزه وبجره، قَالَه الْكرْمَانِي:.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير فِي بابُُ الْبَاء الْمُوَحدَة مَعَ الْقَاف: وَمِنْه فبقرت لَهَا الحَدِيث، أَي: فَتحته وكشفته.
قَوْله: (لَا أجد مِنْهُ لَا قَلِيلا وَلَا كثيرا) مَعْنَاهُ: أَنِّي دهشت بِحَيْثُ مَا عرفت لأي أَمر خرجت من الْبَيْت.
قَوْله: (ووعكت) ، بِضَم الْوَاو أَي: مَرضت بحمى.
قَوْله: (أم رُومَان) قد ذكرنَا أَنه بِضَم الرَّاء وَفتحهَا،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: اسْمهَا زَيْنَب.
قَوْله: (فِي السّفل) ، بِكَسْر السِّين وَضمّهَا.
قَوْله: (أَقْسَمت عَلَيْك) ، هَذَا مثل قَوْلهم.
نشدتك بِاللَّه إلاَّ فعلت أَي: مَا أطلب مِنْك إلاَّ رجوعك إِلَى بَيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (عَن خادمتي) ، ويروى: عَن خادمي، وَالْخَادِم يُطلق على الذّكر وَالْأُنْثَى وَالْمرَاد بهَا بَرِيرَة بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة.
قَوْله: (حَتَّى أسقطوا لَهَا بِهِ) ، قَالَ النَّوَوِيّ: هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النّسخ: ببلادنا، بِالْبَاء الَّتِي هِيَ حرف الْجَرّ، كَذَا نَقله القَاضِي عَن رِوَايَة الجلودي، وَفِي رِوَايَة ابْن هامان: لهاتها، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق.
قَالَ الْجُمْهُور: هَذَا غلط وَالصَّوَاب الأول، وَمَعْنَاهُ: صَرَّحُوا لَهَا بِالْأَمر، وَلِهَذَا قَالَت: سُبْحَانَ الله استعظاماً لذَلِك، وَقيل: مَعْنَاهُ أَتَوا بسقط من القَوْل فِي سؤالها وانتهارها، وَيُقَال: أسقط وَسقط فِي كَلَامه إِذا أَتَى فِيهِ بساقط، وَقيل: إِذا أَخطَأ فِيهِ وعَلى رِوَايَة ابْن ماهان: إِن صحت مَعْنَاهُ أسكتوها، وَهَذَا ضَعِيف، لِأَنَّهَا لم تسكت بل قَالَت: سُبْحَانَ الله، وَالضَّمِير فِي بِهِ عَائِد إِلَى الِانْتِهَار أَو السُّؤَال،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: ويروى: (الهابة) ، بِلَفْظ الْمصدر من اللهيب.
قَوْله: (على تبر الذَّهَب) ، بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ الْقطعَة الْخَالِصَة.
قَوْله: (وَبلغ الْأَمر) .
أَي: أَمر الْإِفْك.
قَوْله: (إِلَى ذَلِك الرجل) ، وَهُوَ صَفْوَان.
قَوْله: (كنف أُنْثَى) ، بِفَتْح الْكَاف وَالنُّون وَهُوَ السَّاتِر وَأَرَادَ بِهِ الثَّوْب.
قَوْله: (فَقتل شَهِيدا فِي سَبِيل الله) وَهُوَ صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: قتل صَفْوَان بن الْمُعَطل فِي غَزْوَة أرمينية شَهِيدا.
وأميرهم يومئذٍ عُثْمَان بن الْعَاصِ سنة تسع عشرَة فِي خلَافَة عمر رَضِي الله عَنهُ، وَقيل: إِنَّه مَاتَ بالجزيرة فِي نَاحيَة شمشاط وَدفن هُنَاكَ، وَقيل غير ذَلِك.
قَوْله: (قارفت) ، بِالْقَافِ وَالرَّاء وَالْفَاء، أَي: كسبت.
قَوْله (وَقد جَاءَت امْرَأَة)

قَوْله: (أَقُول مَاذَا) ، فَإِن قلت: الِاسْتِفْهَام يَقْتَضِي الصدارة.
قلت: هُوَ مُتَعَلق بِفعل مُقَدّر بعده.
قَوْله: (وأشربته) ، على صِيغَة الْمَجْهُول وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى أَمر الْإِفْك، (وقلوبكم) مَرْفُوع بقوله: أشربت.
قَوْله: (باءت بِهِ على نَفسهَا) ، أَي: أقرَّت بِهِ.
قَوْله: (أَشد مَا كنت غَضبا) نَحْو قَوْلهم: أَخطب مَا يكون الْأَمِير قَائِما.
قَالَ الْكرْمَانِي قلت: لَيْسَ كَذَلِك لِأَن قَوْله: أَخطب، فِي قَوْله: (أَخطب مَا يكون) مُبْتَدأ.
وَقَوله (قَائِما) حَال سد مسد الْخَبَر.
وَالتَّقْدِير: أَخطب كَون الْأَمِير قَائِما حَاصِل.
وَقَوله: (أَشد مَا كنت) خبر قَوْله: (وَكنت أَشد مَا كنت) ، وَقَوله: (غَضبا) خبر: كنت الثَّانِي، وَالْمعْنَى: وَكنت حِين أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ببراءتي أَشد أَي أقوى مَا كنت غَضبا من غَضَبي، قبل ذَلِك.
قَوْله: (ذَلِك) ، لِأَن أفعل التَّفْضِيل يسْتَعْمل إِمَّا بِالْإِضَافَة أَو بِمن أَو بِالْألف وَاللَّام، وَهنا يَقْتَضِي الْحَال اسْتِعْمَاله بِمن على مَا لَا يخفى.
قَوْله: (فعصمها الله) أَي: حفظهَا ومنعها.
قَوْله: (فَهَلَكت فِيمَن هلك) ، أَي: حدت فِيمَن حد.
قَوْله: (يستوشيه) ، أَي: يطْلب مَا عِنْده ليزيده ويريبه.
قَوْله: (وَلَا يَأْتَلِ) أَي: وَلَا يحلف، وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي قصَّة الْإِفْك مُسْتَوفى فِي كتاب الشَّهَادَات.



(بابٌُ .

     قَوْلُهُ : { ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (النُّور: 13)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { وَليَضْرِبن} وأوله: { وَقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} ... الْآيَة، وَمعنى: وَليَضْرِبن وليضعن خمرهن جمع خمار على جُيُوبهنَّ جمع جيب وَأُرِيد بِهِ على صدورهن ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وقرطهن، وَذَلِكَ لِأَن جُيُوبهنَّ كَانَت وَاسِعَة تبدو مِنْهَا نحورهن وصدروهن وَمَا حواليها، وَكن يسدلن الْخمر من ورائهن فَتبقى مكشوفة فأمرن بِأَن يسدلنها من قدامهن حَتَّى يغطينها.



[ قــ :4499 ... غــ :4758 ]
- وَقَالَ أحْمَدُ بنُ شَبِيبٍ حدَّثنا أبي عنْ يُونُسَ قَالَ ابنُ شِهابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالَتْ يَرْحَمُ الله نِسَاءَ المُهاجِراتِ الأوَلَ لَمَّا أنْزَلَ الله: { ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شَقَقْنَ مُرُوطَهِنَّ فاخْتَمَرْنَ بِها.

(انْظُر الحَدِيث 8574 طرفه فِي: 9574) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَذكره مُعَلّقا مَعَ أَن أَحْمد بن شبيب من جملَة مَشَايِخ البُخَارِيّ، وشبيب، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة بعْدهَا بَاء مُوَحدَة: وَهُوَ ابْن سعيد يروي عَن يُونُس بن يزِيد عَن مُحَمَّد بن مُسلم ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَوصل هَذَا الْمُعَلق ابْن الْمُنْذر،.

     وَقَالَ : حَدثنَا مُحَمَّد بن زيد الصَّائِغ عَن أَحْمد بن شبيب فَذكره، وَكَذَا أخرجه أَبُو دَاوُد والطبري من طَرِيق قُرَّة بن عبد الرحمان عَن الزُّهْرِيّ مثله.

قَوْله: (نسَاء الْمُهَاجِرَات) ، أَي: النِّسَاء الْمُهَاجِرَات وَهُوَ نَحْو: شجر الْأَرَاك، أَي: شجر هُوَ الْأَرَاك، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد من وَجه آخر: النِّسَاء الْمُهَاجِرَات.
قَوْله: (الأول) ، بِضَم الْهمزَة وَفتح الْوَاو وَاللَّام، أَي: السابقات من الْمُهَاجِرَات.
قَوْله: (مُرُوطهنَّ) ، جمع مرط بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ الْإِزَار، قَوْله: (فَاخْتَمَرْنَ بهَا) أَي: غطين وجوههن بالمروط الَّتِي شققتها.