فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي، إنك أنت الوهاب} [ص: 35]


[ قــ :45368 ... غــ :45369 ]
- ( سُورَةْ: { ص} )

أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة: { ص} مَكِّيَّة بِلَا خلاف نزلت بعد سُورَة الانشقاق وَقيل الْأَعْرَاف، وَهِي ثَلَاثَة آلَاف وَسَبْعَة وَتسْعُونَ حرفا، وَسَبْعمائة وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ كلمة، وَخمْس وَثَمَانُونَ آيَة، وَاخْتلف فِي مَعْنَاهُ، فَعَن ابْن عَبَّاس: بَحر بِمَكَّة كَانَ عَلَيْهِ عرش الرَّحْمَن لَا ليل وَلَا نَهَار، وَعَن سعيد بن جُبَير: بَحر يحيي الله بِهِ الْمَوْتَى بَين النفختين، وَعَن الضَّحَّاك: { ص} صدق الله تَعَالَى، وَعَن مُجَاهِد: فَاتِحَة السُّورَة، وَعَن قَتَادَة: اسْم من أَسمَاء الْقُرْآن، وَعَن السّديّ: اسْم من أَسمَاء الله، وَعَن مُحَمَّد الْقرظِيّ: هُوَ مِفْتَاح أَسمَاء الله تَعَالَى إِلَى صَمد وصانع المصنوعات وصادق الْوَعْد، وَعَن ابْن سُلَيْمَان الدِّمَشْقِي: اسْم حَيَّة رَأسهَا تَحت الْعَرْش وذنبها تَحت الأَرْض السُّفْلى، قَالَ: وَأَظنهُ عَن عِكْرِمَة، وَقيل: هُوَ من المصاداة من قَوْلك: صَاد فلَانا وَهُوَ أَمر من ذَلِك.
فَمَعْنَاه: صَاد بعملك الْقُرْآن أَي: عَارضه لتنظر أَيْن عَمَلك.
فَمن أول هَكَذَا يقْرَأ: صَاد بِكَسْر الدَّال لِأَنَّهُ أَمر، وَكَذَا رُوِيَ عَن الْحسن، وقرأه عَامَّة قراء الْأَمْصَار بِسُكُون الدَّال إلاّ عبد الله بن إِسْحَاق وَعِيسَى بن عمر فَإِنَّهُمَا يكسرانه.

بِسم الله الرحمان الرَّحِيم

سَقَطت الْبَسْمَلَة فَقَط للنسفي، وَاقْتصر الْبَاقُونَ على لفظ { ص} .





[ قــ :4546 ... غــ :4806 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشارٍ حدَّثنا غُنْدَرٌ حدَّثنا شُعْبَةُ عَنِ العَوَّامِ قَالَ سألْتُ مُجاهدا عَنِ السَّجْدَةِ فِي ص قَالَ سُئِلَ ابنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: { أُوْلَئِكَ الَّذِي هَدَي الله فَبِهُدعاهُمُ اقْتَدِهْ} ( الْأَنْعَام: 09) وَكَانَ ابنُ عَبَّاسٍ يَسْجُدُ فِيها..
غنْدر بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَقد مر غير مرّة، والعوام، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الواوين حَوْشَب الوَاسِطِيّ.
والْحَدِيث مر فِي سُورَة الْأَنْعَام وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَالك.





[ قــ :4547 ... غــ :4807 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ عَنِ العَوَّامِ قَالَ سَألْتُ مُجاهِدا عَنْ سَجْدَةِ ص فَقَالَ سألْتُ ابنَ عَباسٍ مِنْ أيْنَ سَجَدْتَ فَقَالَ أوَ مَا تَقْرَأُ: { وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه} فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فَسَجَدَها رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم..
مُحَمَّد بن عبد الله.
قَالَ الكلاباذي وَابْن طَاهِر: هُوَ الذهلي نِسْبَة إِلَى جده وَهُوَ مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خَالِد بن فَارس بن ذُؤَيْب أَبُو عبد الله الذهلي النَّيْسَابُورِي، مَاتَ بعد البُخَارِيّ بِيَسِير، تَقْدِيره سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي قريب من ثَلَاثِينَ موضعا وَلم يقل: مُحَمَّد بن يحيى الذهلي مُصَرحًا بل يَقُول حَدثنَا مُحَمَّد، وَلَا يزِيد عَلَيْهِ، أَو ينْسبهُ إِلَى جده وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَنه لما دخل نيسابور فشغب عَلَيْهِ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي فِي مَسْأَلَة خلق اللَّفْظ وَكَانَ قد سمع مِنْهُ فَلم يتْرك الرِّوَايَة عَنهُ وَلم يُصَرح باسمه كَمَا يَنْبَغِي،.

     وَقَالَ  غير غَيرهمَا: يحْتَمل أَن يكون مُحَمَّد بن عبد الله هَذَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك المَخْزُومِي فَإِنَّهُ من هَذِه الطَّبَقَة وَالله أعلم.

قَوْله: ( من أَيْن سجدت) ؟ على صِيغَة الْخطاب للحاضر، ويروى على صِيغَة الْمَجْهُول للغائبة، أَي: بِأَيّ دَلِيل صَارَت سَجْدَة! قَوْله: ( فسجدها دَاوُد) ، وَلم يثبت فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَسجد دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِيهَا وَالرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَأْمُور بالاقتداء بِهِ وَنحن مأمورون بالاقتداء بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومتابعته، وَهَذَا حجَّة على الشَّافِعِي فِي قَوْله: لَيْسَ فِي { ص} سَجْدَة عَزِيمَة وَبَاقِي الْكَلَام فِي هَذَا الْبابُُ اسْتَوْفَيْنَاهُ فِي كتاب الصَّلَاة فِي أَبْوَاب سُجُود التِّلَاوَة.

عُجابٌ: عَجِيبٌ أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { إِن هَذَا الشَّيْء عُجاب} ( ص: 5) وَذكر أَن معنى: عُجاب، بِمَعْنى: ( عَجِيب) وقرىء: عُجاب، بتَشْديد الْجِيم وَالْمعْنَى وَاحِد، وَقيل: هُوَ أَكثر،.

     وَقَالَ  مقَاتل هَذَا بلغَة أَزْد شنُوءَة مثل كريم وكرام وكبير وكبار وطويل وطوال وعريض وعراض.

الْقِطُّ: الصَّحِيفَةُ هُوَ هاهُنا صَحِيفَةُ الحَسَنَاتِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { قَالُوا رَبنَا عجل لنا قطنا قبل يَوْم الْحساب} ( ص: 61) .

     وَقَالَ : ( القط الصَّحِيفَة) مُطلقًا وَلَكِن المُرَاد هَاهُنَا صحيفَة الْحَسَنَات، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: صحيفَة الْحساب، وَكَذَا فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ،.

     وَقَالَ  الْكَلْبِيّ لما نزلت فِي الحاقة: { فَأَما من أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ} ( الحاقة: 91) الْآيَة.
قَالُوا على وَجه الِاسْتِهْزَاء، عجل لنا قطنا، يعنون كتَابنَا عجله لنا فِي الدُّنْيَا قبل يَوْم الْحساب، وَعَن قَتَادَة وَمُجاهد وَالسُّديّ: يعنون عقوبتنا وَمَا كتب لنا من الْعَذَاب، وَعَن عَطاء: قَالَه النَّضر بن الْحَارِث، وَعَن أبي عُبَيْدَة: القط الْكتاب وَالْجمع قطوط وقططة كقرد وقرود وقردة وَأَصله من قطّ الشَّيْء إِذا قطعه، وَيُطلق على الصَّحِيفَة لِأَنَّهَا قِطْعَة تقطع وَكَذَلِكَ الصَّك.

وَقَالَ مُجاهِدٌ فِي عِزَّةٍ مُعازِّين
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { بل الَّذين كفرُوا فِي عزة وشقاق} ( ص: ) وَأَرَادَ أَن قَوْله: ( فِي عزة) فِي مَوضِع خبر وَأَنه بِمَعْنى: ( معازين) أَي: مغالبين، وَقيل: فِي حمية جَاهِلِيَّة وتكبر.
قَوْله: ( وشقاق) ، أَي: خلاف وفراق.

المِلَّةِ الآخِرَةِ مِلَّةُ قُرَيْشٍ الاخْتِلاقُ الكَذِبُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { مَا سمعنَا بِهَذَا فِي الْملَّة الْآخِرَة إِن هَذَا إلاَّ اخْتِلَاق} ( ص: 7) وَفسّر الْملَّة الْآخِرَة بِملَّة قُرَيْش، والاختلاق بِالْكَذِبِ، وَبِه فسر مُجَاهِد وَقَتَادَة، وَعَن ابْن عَبَّاس والقرطبي والكلبي وَمُقَاتِل: يعنون النَّصْرَانِيَّة لِأَن النَّصَارَى تجْعَل مَعَ الله إلهاا.

الأسْبابُُ طُرْقُ السَّماءِ فِي أبْوابِها
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فليرتقوا فِي الْأَسْبابُُ} ( ص: 1) وَفسّر الْأَسْبابُُ بطرق السَّمَاء فِي أَبْوَابهَا، وَكَذَا فسره مُجَاهِد وَقَتَادَة، وَفِي التَّفْسِير: فليرتقوا أَي: فليصعدوا فِي الْجبَال إِلَى السَّمَوَات فليأتوا مِنْهَا بِالْوَحْي إِلَى من يختارون ويشاؤون، وَهَذَا أَمر توبيخ وتعجيز.

جُنْدٌ مَا هُنالِكَ مَهْزُومٌ يَعْنِي قُرَيْشا
لغير أبي ذَر قَوْله: ( جندما) إِلَى آخِره.
قَوْله: ( يَعْنِي قُريْشًا) ، وَهَكَذَا قَالَه مُجَاهِد.
قَوْله: جند، خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هم جند، وَكلمَة مَا متزيدة أَو صفة لجند.
( وهنالك) يشار بِهِ إِلَى مَكَان الْمُرَاجَعَة، ومهزوم صفة جند، أَي: سيهزمون بذلك الْمَكَان وَهُوَ من الْأَخْبَار بِالْغَيْبِ لأَنهم هزموا بعد ذَلِك بِمَكَّة.
وَعَن قَتَادَة وعده الله، عز وَجل، بِمَكَّة أَنهم سيهزمون، يهزمهم الله، فجَاء تَأْوِيلهَا يَوْم بدر.

أُولَئِكَ الأحْزَابُ القُرُونُ المَاضِيَةُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَأَصْحَاب الأيكة أُولَئِكَ الْأَحْزَاب} ( ص: 31) وفسرها بقوله: ( الْقُرُون الْمَاضِيَة) وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَزَاد غَيره الَّذين قهروا وأهلكوا.

فَوَالِقٍ: رُجُوعٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَمَا ينظر هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة مَا لَهَا من فوَاق} ( ص: 51) يَقُول: لَيْسَ لَهُم إِقَامَة وَلَا رُجُوع إِلَى الدُّنْيَا،.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة: من فتح الْفَاء قَالَ: مَالهَا من رَاحَة، وَمن ضمهَا جعلهَا من فوَاق النَّاقة وَهُوَ مَا بَين الحليتين، وَقَرَأَ بِضَم الْفَاء حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا، وَقيل الضيم وَالْفَتْح بِمَعْنى وَاحِد مثل قصاص الشّعْر جَاءَ فِيهِ الْفَتْح وَالضَّم.

قِطَّنا: عَذَابَنا
قيل هَذَا مُكَرر وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُ فسر ( قطنا) فِي الأول بالصحيفة، وَهَاهُنَا الْعَذَاب.
أَي: عجل لنا عذابنا على أَنه لَا يُوجد فِي أَكثر النّسخ.

اتَّخَذْنَاهُمْ سُخْرِيا احْطْنا بِهِمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { اتخذناهم سخريا أم زاغت عَنْهُم الْأَبْصَار} وَفَسرهُ بقوله: ( أحطنا بهم) كَذَا فِي الْأُصُول، وبخط الدمياطي: لَعَلَّه أحطناهم، وَقد سبقه بِهَذَا عِيَاض فَإِنَّهُ قَالَ: قَوْله أحطنا بهم لَعَلَّه أحطناهم، وَحذف مَعَ ذَلِك القَوْل الَّذِي هَذَا تَفْسِيره، وَهُوَ: { أم زاغت عَنْهُم الْأَبْصَار} ( ص: 36) وَينْصَح بِالْآيَةِ الَّتِي قبلهَا وَهِي قَوْله تَعَالَى: { وَقَالُوا مَا لنا لَا نرى رجَالًا كُنَّا نعدهم من الأشرار} ( ص: 46) قَوْله: ( وَقَالُوا) يَعْنِي: كفار قُرَيْش وهم فِي النَّار مَا لنا لَا نرى رجَالًا يعنون: فُقَرَاء الْمُسلمين كُنَّا نعدهم من الأشرار الأرذال الَّذين لَا خير فيهم، يَعْنِي: لَا نراهم فِي النَّار كَأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِيهَا بل زاغت عَنْهُم أبصارنا فَلَا نراهم وهم فِيهَا قَوْله: ( اتخذناهم) بوصل الْألف بِلَفْظ الْإِخْبَار على أَنه صفة لَرِجَالًا، هَذَا عِنْد أهل الْبَصْرَة والكوفة إلاَّ عَاصِمًا، وَالْبَاقُونَ يفتحون الْهمزَة ويقطعونها على الِاسْتِفْهَام على أَنه إِنْكَار على أنفسهم وتأنيب لَهَا فِي الاستخبار.

أتْرَابٌ: أمْثَالٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَعِنْدهم قاصرات الطّرف أتراب} ( ص: 5) وَفَسرهُ بقوله: ( أَمْثَال) والأتراب جمع ترب بِالْكَسْرِ وَهُوَ اللدة، وَالْمعْنَى: على سنّ وَاحِد على ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سنة.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ الأيْدُ القُوَّةُ فِي العِبَادَةِ: الأبْصَارُ التبَصرُ فِي أمْرِ الله تَعَالى
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: { وَاذْكُر عبادنَا إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب أولى الْأَيْدِي والأبصار} ( ص: 54) وَفسّر: ( الأيد) بِالْقُوَّةِ فِي الْعِبَادَة وَفسّر الْأَبْصَار بالتبصر فِي أَمر الله، وَهَذَا أسْندهُ الطَّبَرِيّ عَن مُحَمَّد بن سعد حَدثنِي أبي حَدثنِي عمي حَدثنِي أبي عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس بِهِ.

حُبَ الخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي مِنْ ذِكْرِ رَبِّي
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { إِنِّي أَحْبَبْت حب الْخَيْر عَن ذكر رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب} ( ص: 3) أَي: قَالَ سُلَيْمَان، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِنِّي أَحْبَبْت حب الْخَيْر أَي: الْخَيل، وَالْعرب تعاقب بَين الرَّاء وَاللَّام، فَنَقُول: إنهملت الْعين وانهمرت، وَهِي الْخَيل الَّتِي عرضت عَلَيْهِ قَوْله: ( عَن ذكر رَبِّي) أَي: الصَّلَاة ( حَتَّى تَوَارَتْ) أَي: الشَّمْس أَي: حَتَّى غَابَتْ.
قَوْله: ( من ذكر رَبِّي) أَرَادَ بِهِ أَن معنى عَن ذكر رَبِّي ( من ذكر رَبِّي) وَكلمَة: عَن بِمَعْنى: من.

طَفِقَ مَسْحا يَمْسَحُ أعْرَافَ الخَيْلِ وَعَرَاقِيبَها

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فَطَفِقَ مسحا بِالسوقِ والأعناق} ( ص: 33) وَفسّر قَوْله طفق مسحاً بقوله: ( يمسح أعراف الْخَيل) والأعراف جمع عرف بِالضَّمِّ، وَعرف الْفرس شعر عُنُقه، وَكَذَلِكَ الْمعرفَة، وطفق من أَفعَال المقاربة، وَقد ذكر غير مرّة قَالَ الثَّعْلَبِيّ: وطفق أَي: أقبل يمسح سوقها وأعناقها بِالسَّيْفِ وينحرها تقربا إِلَى الله تَعَالَى، وَهَذَا وَمَا بعده ليسَا فِي رِوَايَة أبي ذَر.

الأصْفَادِ: الوَثاقِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { مُقرنين فِي الأصفاد} ( ص: 8) وَفَسرهُ ( بِالْوَثَاقِ) والأصفاد جمع صفد وَهُوَ الْقَيْد، وَمعنى: مُقرنين موثوقين وَهَذَا وَمَا قبله مضيا فِي تَرْجَمَة سُلَيْمَان فِي كتاب الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام.


(بابُُُ قَوْلِهِ: { هَبْ لِي مُلْكا لَا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي إنَّكَ أنْتَ الوَهَّابُ} (ص: 53)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { هَب لي ملكا} إِلَى آخِره، وَأول الْآيَة: { قَالَ رب اغْفِر لي وهب لي ملكا} الْآيَة، طلب سُلَيْمَان، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، الْمَغْفِرَة من الله، ثمَّ قَالَ: هَب لي ملكا أَصله: أوهب، لِأَنَّهُ من وهب يهب حذفت الْوَاو مِنْهُ تبعا لفعله، وَاسْتغْنى عَن الْهمزَة فحذفت فَبَقيَ: هَب، على وزن: عل.
قَوْله: (لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي) ، أَي: لَا يكون لأحد من بعدِي، قَالَه ابْن كيسَان، وَعَن عَطاء بن أبي رَبَاح.
أَي: هَب لي ملكا لَا أسلبه فِي بَاقِي عمري كَمَا سلبته فِي ماضي عمري، وَعَن مقَاتل بن حبَان: كَانَ سُلَيْمَان ملكا وَلكنه أَرَادَ بقوله: (لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي) تسخير الرِّيَاح وَالطير يدل عَلَيْهِ مَا بعده، وَعَن عمر بن عُثْمَان الصَّدَفِي: أَرَادَ بِهِ ملك النَّفس وقهرها.
قَوْله: (الْوَهَّاب) الْمُعْطِي كثير الْعَطاء.



[ قــ :4548 ... غــ :4808 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدَّثنا رَوْحٌ وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إنَّ عَفْرِيتا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ أوْ كَلِمَةً نَحْوَها لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاةَ فَأمْكَنَنِي الله مِنْهُ وَأرَدْتُ أنْ أرْبِطَهُ إلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إلَيْهِ كُلَكُمْ فَذَكَرْتُ قَوْلَ أخِي سُلَيْمَان رَبِّ هَبْ لِي مُلْكا لَا يَنْبَغِي لاْحَدٍ مِنْ بَعْدِي قَالَ رَوْحٌ فَرَدَّهُ خَاصا.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والْحَدِيث مر فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ الْأَسير أَو الْغَرِيم يرْبط فِي الْمَسْجِد بِعَيْنِه متْنا وسندا وَإِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم هُوَ الْمَعْرُوف بِابْن رَاهَوَيْه، وروح، بِفَتْح الرَّاء، هُوَ ابْن عبَادَة.

قَوْله: (أَن عفريتا) ، هُوَ المبالغ من كل شَيْء.
قَوْله: (تفلت) ، على وزن تفعل من التفليت، أَي: تعرض عَليّ فَجْأَة فِي البارحة.
قَوْله: (قَالَ روح) ، هُوَ ابْن عبَادَة الرَّاوِي.
قَوْله: (خاسئا) ، أَي: مطرودا متحيرا وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِي الْبابُُ الْمَذْكُور.