فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه}

(بابُُ قَوْلِهِ: { والأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ والسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (الزمر: 76)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { وَالْأَرْض جَمِيعًا} الْآيَة ... وَلم يذكر لفظ: بابُُ، فِي بعض النّسخ، وَلما أخبر الله تَعَالَى عَن عَظمته قبل هَذِه الْآيَة ذكر أَن من جملَة عَظمته أَن الأَرْض جَمِيعًا قَبضته أَي: ملكه يَوْم الْقِيَامَة بِلَا مُنَازع وَلَا مدافع، قَالَ الْأَخْفَش: هَذَا كَمَا يُقَال: خُرَاسَان فِي قَبْضَة فلَان، لَيْسَ يُرِيد أَنَّهَا فِي كَفه، إِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهَا ملكه، وَلما وَقع الأَرْض مُفردا حسن تأكيده بقوله: جَمِيعًا، أَشَارَ إِلَى أَن المُرَاد جَمِيع الْأَرَاضِي.
قَوْله: (مَطْوِيَّات) للطي معَان: (الإدراج) : كطي القرطاس وَالثَّوْب، بَيَانه فِي قَوْله تَعَالَى: { يَوْم نطوي السَّمَاء كطي السّجل للكتب} (الْأَنْبِيَاء: 401) ، (والإخفاء) ، يُقَال: طويت فلَانا عَن أعين النَّاس، واطوِ هَذَا الحَدِيث عني أَي: استره، والإعراض، يُقَال: طويت عَن فلَان أَعرَضت عَنهُ، (والإفناء) : يَقُول الْعَرَب: طويت فلَانا بسيفي أَي أفنيته، وَإِنَّمَا ذكر الْيَمين للْمُبَالَغَة فِي الاقتدار، وَقيل: هُوَ بِمَعْنى الْقُوَّة، وَقيل: الْيَمين الْقسم لِأَنَّهُ حلف أَنه يطويها وينفيها، ثمَّ نزه الله عز وَجل فَقَالَ سُبْحَانَهُ الْآيَة.

[ قــ :4552 ... غــ :4812 ]
- حدَّثنا سَعِيدُ بنُ عُفَيْرٍ قَالَ حدّثني اللَّيْثُ قَالَ حدّثني عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ خالِدِ ابنِ مُسافِرٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عَنْ أبي سَلَمَةَ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ يَقْبِضُ الله الأرْضَ وَيَطْوِي السَّماواتِ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنا المَلِكُ أيْنَ مُلوكُ الأرْضِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَسَعِيد بن عفير، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء: وَهُوَ إسم جده، وَسَعِيد بن كثير بن عفير بن مُسلم أَبُو عُثْمَان الْمصْرِيّ وَهُوَ من رجال مُسلم أَيْضا، والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن يُونُس بن يزِيد.
قَوْله: (بِيَمِينِهِ) يُرِيد بِهِ: الْقُوَّة.