فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين} [فصلت: 23]

(بابُُ .

     قَوْلُهُ : { وذلِكُمْ ظَنُّكُمُ} (فصلت: 32)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { وذلكم ظنكم الَّذِي ظننتم بربكم أرادكم فأصبحتم من الخاسرين} ، وَفِي بعض النّسخ سَاق الْآيَة بِتَمَامِهَا.
قَوْله: (ذَلِكُم) إِشَارَة إِلَى قَوْله: { وَلَكِن ظننتم أَن الله لَا يعلم كثيرا مِمَّا تَعْمَلُونَ} (فصلت: 22) وذلكم رفع على الِابْتِدَاء وظنكم خَبره.
قَوْله: { الَّذِي ظننتم بربكم} صفة: لظنكم، قَوْله: { أراداكم} ، خبر يعد خبر أَي: أهلككم، وَقيل: ظنكم بدل من ذَلِكُم، وأرادكم هُوَ الْخَبَر.



[ قــ :4557 ... غــ :4817 ]
- حدَّثنا الحمَيْدِيُّ حَدثنَا سُفْيانُ حَدثنَا مَنْصُورٌ عَنْ مُجاهِدٍ عَنْ أبي مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ اجْتَمَعَ عِنْدَ البَيْتِ قُرْشِيَّانِ وثَقَفِيٌّ أوْ ثَقَفِيَّانِ وقُرَشِيٌّ كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ قَلِيلَةٌ فِقهُ قُلُوبِهِمْ فَقالَ أحَدُهُمْ أتُرَوْنَ أنَّ الله يَسْمَعُ مَا نَقُولُ قَالَ الآخَرُ يَسْمَعُ إنْ جَهَرْنا ولاَ يَسْمَعُ إنْ أخْفَيْنا.

     وَقَالَ  الآخَرُ إنْ كانَ يَسْمَعُ إذَا جَهَرْنا فإنَّهُ يَسْمَعُ إذَا أخْفَيْنا فأنْزَلَ الله عَزَّ وجَلَّ: { وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أبْصارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ} (فصلت: 22) .

وكانَ سُفْيانُ يُحَدِّثُنا بِهاذَا فَيَقُولُ حدّثنا مَنْصُورٌ أوِ ابنُ أبي نجِيحٍ أوْ حُمَيْدٌ أحُدهُمْ أوِ اثْنانِ مِنْهُمْ ثُمَّ ثَبَتَ عَلَى مَنْصُورٍ وَتَرَكَ ذالِكَ مرَارًا غَيْرَ واحِدَةٍ.
(انْظُر الحَدِيث 6184 وطرفه) .

هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن عبد الله بن الزبي رالحميدي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن مُجَاهِد عَن أبي معمر عبد الله بن سَخْبَرَة عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ.

قَوْله: (عِنْد الْبَيْت) أَي: عِنْد الْكَعْبَة.
قَوْله: (كَثِيرَة شَحم بطونهم) ، بِإِضَافَة بطونهم إِلَى شَحم، وَكَذَا إِضَافَة قُلُوبهم إِلَى قَوْله: (فقه) ، وكثيرة وقليلة منونتان هَكَذَا عِنْد الْأَكْثَرين، ويروى: كثير وَقَلِيل، بِدُونِ التَّاء.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَجه التَّأْنِيث إِمَّا أَن يكون الشَّحْم مُبْتَدأ واكتسب التَّأْنِيث من الْمُضَاف إِلَيْهِ، وكثيرة خَبره، وَإِمَّا أَن تكون التَّاء للْمُبَالَغَة نَحْو: رجل عَلامَة، وَفِي رِوَايَة ابْن مرْدَوَيْه: عَظِيمَة بطونهم قَلِيل فقههم.
قَوْله: (إِن أخفينا) ويروى: إِن خافتنا، وَهُوَ نَحوه لِأَن المخافتة والخفت إسرار النُّطْق.

قَوْله: (وَكَانَ سُفْيَان يحدثنا)
إِلَى آخِره من كَلَام الْحميدِي شيخ البُخَارِيّ فِيهِ وتردده أَولا وَالْقطع آخرا ظَاهر لَا يقْدَح لِأَنَّهُ تردد أَولا فِي أَي هَؤُلَاءِ الثِّقَات وهم: مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر وَعبد الله بن أبي نجيح وَحميد بِضَم الْحَاء ابْن قيس أَبُو صَفْوَان الْأَعْرَج مولى عبد الله بن الزبير، وَلما ثَبت لَهُ الْيَقِين اسْتَقر عَلَيْهِ.