فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن، مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا)

( بابٌُ .

     قَوْلُهُ : { عَسَى رَبُّهُ أنْ طَلَّقَكُنَّ أنْ يُبَدِّلُهِ أزْوَاجا خَيْرا مِنْكنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَابِّحَاتٍ ثَيِّباتٍ وَأبْكَارا} )

( التَّحْرِيم: 5)
أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { عَسى ربه} أَي: رب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هَذَا إِخْبَار عَن الْقُدْرَة وتخويف لَهُم لَا أَن فِي الْوُجُود من هُوَ خير من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: فَإِن قلت: كَيفَ يكون المبدلات خيرا مِنْهُنَّ وَلم يكن على وَجه الأَرْض نسَاء خيرا من أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ؟ قلت: إِذا طلقهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعصيانهن وإيذائهن إِيَّاه لم يبْقين على تِلْكَ الصّفة، وَكَانَ غَيْرهنَّ من الموصوفات بالأوصاف الْمَذْكُورَة مَعَ الطَّاعَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنُّزُول على رِضَاهُ وهواه خيرا مِنْهُنَّ.
قَوْله: ( مسلمات مؤمنات) مقرات مخلصات.
( قانتات) داعيات مصليات.
( تائبات) من الذُّنُوب راجعات إِلَى الله تَعَالَى وَرَسُوله تاركات لمحبة أَنْفسهنَّ.
( عابدات) كثيرات الْعِبَادَة لله تَعَالَى، وَقيل: متذللات لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالطَّاعَةِ وَمِنْه أَخذ اسْم العَبْد لتذلله.
( سائحات) يسحن مَعَه حَيْثُمَا ساح، وَقيل: صائمات، وقرىء: سيحات، وَهِي أبلغ، وَقيل للصَّائِم: سائح لِأَن السائح لَا زَاد مَعَه فَلَا يزَال ممسكا إِلَى أَن يجد مَا يطعمهُ، فَشبه بِهِ الصَّائِم فِي إِمْسَاكه إِلَى أَن يَجِيء وَقت إفطاره، وَقيل: ( سائحات) مهاجرات، وَعَن زيد بن أسلم لم يكن فِي هَذِه الْأمة سياحة إلاَّ الْهِجْرَة.
قَوْله: ( ثيبات) جمع ثيب والأبكار جمع بكر فَإِن قلت: وَإِنَّمَا أخليت الصِّفَات كلهَا عَن العاطف ووسط بَين الثيبات والأبكار.
قلت: لِأَنَّهُمَا صفتان متنافيتان لَا يجتمعن فيهمَا اجتماعهن فِي سَائِر الصِّفَات فَلم يكن بُد من الْوَاو.



[ قــ :4650 ... غــ :4916 ]
- حدَّثنا عَمْرُو بنُ عَوْنٍ حدَّثنا هُشَيْمٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أنَسٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ الله عَنْهُ اجْتَمَعَ نِسَاءُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الغَيْرَةِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُنَّ: { عَسَى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكْنَّ أنْ يُبَدِّلَهُ أزْوَاجا خَيْرا مِنْكُنَّ} ( التَّحْرِيم: 5) فَنَزِلَتْ هاذِهِ الآيَةَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَفِيه بَيَان لسَبَب النُّزُول، وَعَمْرو بن عون بن أَوْس الوَاسِطِيّ نزل الْبَصْرَة وروى البُخَارِيّ أَيْضا عَنهُ بالواسطة فِي الاسْتِئْذَان روى عَن عبد الله المسندي عَن عَمْرو بن عون وروى مُسلم عَن حجاج بن الشَّاعِر عَنهُ فِي مَوضِع، وهشيم مصغر هشم بن بشر مصغر بشر يرْوى عَن حميد، الطَّوِيل الْبَصْرِيّ، والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الصَّلَاة فِي بابُُ مَا جَاءَ فِي الْقبْلَة: بأتم مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.