فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {ودا ولا سواعا، ولا يغوث ويعوق} [نوح: 23]


[ قــ :34321 ... غــ :34322 ]
- ( { سُورَةُ نُوحٍ} )

أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة نوح، عَلَيْهِ الصلام، وَفِي بعض النّسخ: سُورَة ( إِنَّا أرسلنَا نوحًا) ( المعارج: 1) وَهِي مَكِّيَّة نزلت بعد النَّحْل وَقبل سُورَة إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَسَقَطت الْبَسْمَلَة عِنْد الْكل، وَهِي تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَعِشْرُونَ حرفا، ومائتان وَأَرْبع وَعِشْرُونَ كلمة، وثمان وَعِشْرُونَ آيَة.

أطوَارا: طوْرا كَذَا وَطَوْرا كَذَا يُقالُ: عَدَا طَوْرَهُ أيْ قَدْرَهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَقد خَلقكُم أطوارا} ( نوح: 41) وَذكر عبد عَن خَالِد بن عبد الله، قَالَ: طورا نُطْفَة وطورا علقَة وطورا مُضْغَة وطورا عظاما ثمَّ كسونا الْعِظَام لَحْمًا ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر،.

     وَقَالَ  مُجَاهِد: طورا من تُرَاب ثمَّ من نُطْفَة ثمَّ من علقَة ثمَّ مَا ذكر حَتَّى يتم خلقه، وَالطور فِي هَذِه الْمَوَاضِع بِمَعْنى: تارةٍ وَيَجِيء أَيْضا بِمَعْنى الْقدر أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: وَيُقَال عدا طوره أَي: تجَاوز قدره، وَيجمع على أطوار.

وَالكِبَّارُ أشَدُّ مِنَ الكُبَارِ وَكَذلِكَ جُمَّالٌ وَجَمِيلٌ لأنَّهَا أشَدُّ مُبَالَغَةٍ، وَكُبَّارٌ الكَبِيرُ وَكُبارا أيْضا بِالتَّخْفِيفِ.
وَالعَرَبُ تَقُولُ: رَجُلٌ حُسَّانٌ وَجُمَّالٌ وَحُسَانٌ مُخَفَّفٌ وحمال مخفف

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: { ومكروا مكرا كبارًا} ( نوح: 22) .

     وَقَالَ : ( الْكِبَار) يَعْنِي بِالتَّشْدِيدِ ( أَشد) يَعْنِي: أبلغ فِي الْمَعْنى من الْكِبَار بِالتَّخْفِيفِ، والكبار بِالتَّخْفِيفِ أبلغ معنى من الْكَبِير.
قَوْله: ( كَذَلِك جمال) بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْمِيم، يَعْنِي: الْجمال أبلغ فِي الْمَعْنى من الْجَمِيل، وَهُوَ معنى قَوْله: ( لِأَنَّهَا أَشد مُبَالغَة) .
قَوْله: ( وكبار) ، يَعْنِي: بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنى الْكَبِير وَكَذَلِكَ الْكِبَار بِالتَّخْفِيفِ.
قَوْله: ( حسان) ، بِضَم الْحَاء وَتَشْديد السِّين، وَهُوَ أبلغ من حسان بِالتَّخْفِيفِ.
وَكَذَلِكَ جمال بِالتَّشْدِيدِ أبلغ من جمال بِالتَّخْفِيفِ.

دَيَّارا مِنْ دَوْرٍ وَلاكِنَّهُ فَيْعالٌ مِنَ الدَّوَرَانِ كَمَا قَرَأَ عُمَرُ الحَي القَيَّامُ.
وَهِيَ مِنّ قَمْتُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ: دَيَّارا أحدا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَرب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا} ( نوح: 62) واشتقاقه من دور، ووزنه: فيعال، لِأَن أَصله ديوَان فأبدلت الْوَاو يَاء، وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء، وَلَا يُقَال: وَزنه فعال.
لِأَنَّهُ لَو قيل: دوار، كَانَ يُقَال: فعال قَوْله: كَمَا قَرَأَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْحَيّ الْقيام، ذكر هَذَا نظيرا للديار لِأَن أَصله قوام فَلَا يُقَال: وَزنه فعال.
بل يُقَال: فيعال، كَمَا فِي الديار.
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَرَأَهَا كَذَلِك، وَذكر عَن ابْن مَسْعُود أَيْضا قَوْله:.

     وَقَالَ  غَيره: هَذَا يَقْتَضِي تقدم أحد سقط من بعض النقلَة وَإِلَّا لَا يَسْتَقِيم الْمَعْنى على مَا لَا يخفى، وَنسب إِلَى هَذَا الْغَيْر أَن ديارًا يَأْتِي بِمَعْنى أحد وَالْمعْنَى: لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين أحدا، وَقد أَشَارَ الثَّعْلَبِيّ إِلَى هَذَا الْمَعْنى حَيْثُ قَالَ: ديارًا أحدا يَدُور فِي الأَرْض فَيذْهب وَيَجِيء، وَكَذَلِكَ ذكره النَّسَفِيّ فِي ( تَفْسِيره) .

تَبارا هَلَاكًا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَلَا تزد الظَّالِمين إلاَّ تبارا} ( نوح: 82) وَفسّر التيار بِالْهَلَاكِ، وَفَسرهُ الثَّعْلَبِيّ بالدمار.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: مِدْرَارا يَتْبَعُ بَعْضَهُ بَعْضا
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: { يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا} ( نوح: 11) أَي: مَاء السَّمَاء وَهُوَ الْمَطَر، وَفسّر المدرار بقوله: ( يتبع بعضه بَعْضًا) وَوصل هَذَا ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس.

وَقَارا عَظَمَةً

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى؛ { مَا لكم لَا ترجون لله وقارا} ( نوح: 31) وَفسّر: الْوَقار.
بالعظمة.
وَأخرجه سُفْيَان فِي تَفْسِيره عَن أبي روق عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم عَن ابْن عَبَّاس بِلَفْظ: لَا يخَافُونَ فِي الله حق عَظمته.
وَأخرجه عبد بن حميد من رِوَايَة أبي الرّبيع عَنهُ: مَا لكم لَا تعلمُونَ لله عَظمته،.

     وَقَالَ  مُجَاهِد: لَا ترَوْنَ لله عَظمَة.
وَعَن الْحسن: لَا تعرفُون لله حَقًا وَلَا تشكرون لَهُ نعْمَة، وَعَن ابْن جُبَير: لَا ترجون ثَوابًا وَلَا تخافون عقَابا.


( بابٌُُ: { وَدَّا وَلَا سَوَّاعا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { وَقَالُوا لَا تذرن آلِهَتكُم وَلَا تذرن ودّوالا سواعا} ( نوح: 3) الْآيَة.
وَلم تثبت هَذِه التَّرْجَمَة إلاَّ لأبي ذَر وَحده، وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب كَانَ لآدَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، خمس بَنِينَ.
ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر فَمَاتَ رجل مِنْهُم فَحَزِنُوا عَلَيْهِ.
فَقَالَ الشَّيْطَان: أَنا أصور لكم مثله إِذا نظرتم إِلَيْهِ ذكرتموه.
قَالُوا افْعَل، فَصورهُ فِي الْمَسْجِد من صفر ورصاص ثمَّ مَاتَ آخر وصوره حَتَّى مَاتُوا كلهم وتنغصت الْأَشْيَاء إِلَى أَن تركُوا عبَادَة الله بعد حِين، فَقَالَ الشَّيْطَان للنَّاس: مَا لكم لَا تَعْبدُونَ إلاهكم وإلاه آبائكم أَلا ترونها فِي مصلاكم؟ فعبدوها من دون الله حَتَّى بعث الله، عز وَجل، نوحًا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: يَغُوث هُوَ ابْن شِيث، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَابْتِدَاء عِبَادَتهم من زمن مهلائيل بن قينان، وَفِي ( كتاب الْعين) ود بِفَتْح الْوَاو صنم كَانَ لقوم نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَبِضَمِّهَا صنم لقريش، وَبِه سمي عَمْرو بن عبد ود، وَقِرَاءَة نَافِع بِالضَّمِّ وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْح،.

     وَقَالَ  الْمَاوَرْدِيّ: هُوَ أول صنم معبود وَسمي ودا لودهم لَهُ، وَكَانَ بعد قوم نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لكَلْب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمرَان بن الحاف بن قضاعة، وَكَانَ بدومة الجندل، وسواع كَانَ على صُورَة امْرَأَة، وَكَانَ لهذيل بن مدركة بن الياس بن مُضر برهاط مَوضِع بِقرب مَكَّة شرفها الله بساحل الْبَحْر، ويغوث كَانَ لمراد ثمَّ لبني غطيف بالجوف من أَرض الْيمن على مَا نذكرهُ فِي الحَدِيث.



[ قــ :4654 ... غــ :490 ]
- حدَّثنا إبْرَاهِيمِ بنُ مُوسَى أخْبرنَا هِشامٌ عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ.

     وَقَالَ  عَطَاءٌ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا صَارَتِ الأوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي العَرَبِ بَعْدُ أمَّا وَد فَكَانَتْ لِكَلْبٍ بِدُومَةِ الجَنْدَلِ وَأمَّا صُوَاغٌ فَكَانَتْ لِهُذَيْلٍ وَأمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمَوادٍ ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالجَوْفِ عِنْدَ صَبا وأمّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ وَأمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرِ لآلِ ذِي الكَلاعِ أسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فَلمَّا هَلَكُوا أوْحَى الشَّيْطَانُ إلَى قَوْمِهِمْ أنْ انْصِبُوا إلَى مَجَالِسِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أنْصابا وَسَموها بأسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إذَا هَلَكَ أُوْلَئِكَ وَتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ، وَابْن جريج عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَعَطَاء هُوَ الْخُرَاسَانِي، وَلَيْسَ بعطاء بن أبي رَبَاح وَلَا بعطاء بن يسَار.
قَالَه الغساني،.

     وَقَالَ  ابْن جريج: أَخذه من كتاب عَطاء لَا من السماع مِنْهُ وَلِهَذَا قيل: إِنَّه مُنْقَطع لِأَن عَطاء الْخُرَاسَانِي لم يلق ابْن عَبَّاس،.

     وَقَالَ  أَبُو مَسْعُود: ظن البُخَارِيّ أَنه ابْن أبي رَبَاح وَابْن جريج لم يسمع التَّفْسِير من الْخُرَاسَانِي، وَإِنَّمَا أَخذ الْكتاب من ابْنه وَنظر فِيهِ، وروى عَن صَالح بن أَحْمد عَن ابْن الْمَدِينِيّ، قَالَ: سَأَلت يحيى بن سعيد عَن أَحَادِيث ابْن جريج عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي، فَقَالَ: ضَعِيف.
فَقلت: ليحيى: إِنَّه كَانَ يَقُول أخبرنَا.
قَالَ: لَا شَيْء كُله ضَعِيف إِنَّمَا هُوَ كتاب دَفعه إِلَيْهِ ابْنه، وَقيل: فِي معاضدة البُخَارِيّ فِي هَذَا، إِنَّه بِخُصُوصِهِ عِنْد ابْن جريج عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي، وَعَن عَطاء بن أبي رَبَاح جَمِيعًا وَلَا يخفى على البُخَارِيّ ذَلِك مَعَ تشدده فِي شَرط الِاتِّصَال واعتماده عَلَيْهِ، وَيُؤَيّد هَذَا إِنَّه لم يكثر من تَخْرِيج هَذَا وَإِنَّمَا ذكره بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي موضِعين هَذَا وَالْآخر فِي النِّكَاح، وَلَو كَانَ يخفى عَلَيْهِ ذَلِك لاستكثر من إِخْرَاجه لِأَن ظَاهره على شَرطه.
انْتهى.
قلت: فِيهِ نظر لَا يخفى لِأَن تشدده فِي شَرط الِاتِّصَال لَا يسْتَلْزم عدم الخفاء عَلَيْهِ أصلا فسبحان من لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء وَقَوله: على ظَاهره.
على شَرطه لَيْسَ بِصَحِيح لِأَن الْخُرَاسَانِي من أَفْرَاد مُسلم كَمَا ذكر فِي مَوْضِعه.

قَوْله: ( الْأَوْثَان) ، جمع وثن وَفِي ( الْمغرب) الوثن مَا لَهُ جثة من خشب أَو حجر أَو فضَّة أَو جَوْهَر ينحت، وَكَانَت الْعَرَب تنصب الْأَوْثَان وتعبدها.
قَوْله: ( فِي الْعَرَب بعد) ، بِضَم الدَّال أَي: بعد كَون الْأَوْثَان فِي قوم نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَانَت فِي الْعَرَب، وروى عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة كَانَت الْأَوْثَان آلِهَة يَعْبُدهَا قوم نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، ثمَّ عبدتها الْعَرَب بعد، وَعَن أبي عُبَيْدَة: زَعَمُوا أَنهم كَانُوا مجوسا وَأَنَّهَا غرقت فِي الطوفان فَلَمَّا نصب المَاء عَنْهَا أخرجهَا إِبْلِيس، عَلَيْهِ اللَّعْنَة فبثها فِي الأَرْض قبل قَوْله: كَانُوا مجوسا غير صَحِيح لِأَن الْمَجُوسِيَّة نَخْلَة ظَهرت بعد ذَلِك بدهر طَوِيل.
قَوْله: ( أما ود) ، شرع فِي تَفْصِيل هَذِه الْأَوْثَان وبيانها.
قَوْله: أما، بِكَلِمَة التَّفْصِيل.
قَوْله: ( لكَلْب) ، وَقد ذكرنَا عَن قريب أَن كَلْبا هُوَ ابْن وبرة بن تغلب.
قَوْله: ( بدومة الجندل) ، بِضَم الدَّال والجندل بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون النُّون مَدِينَة من الشَّام مِمَّا يَلِي الْعرَاق وَيُقَال: بَين الْمَدِينَة وَالشَّام، وَالْعراق وفيهَا اجْتمع الحكمان.
قَوْله: ( لهذيل) مصغر الهذل قَبيلَة وَهُوَ ابْن مدركة بن الياس بن مُضر.
قَوْله: ( لمراد) ، بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الرَّاء الْمُهْملَة أَبُو قَبيلَة من الْيمن.
قَوْله: ( ثمَّ لبني غطيف) بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره فَاء، وَهُوَ بطن من مُرَاد وَهُوَ: غطيف بن عبد الله بن نَاجِية بن مُرَاد.
قَوْله: ( بالجوف) ، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وبالفاء، وَهُوَ المطمئن من الأَرْض، وَقيل: هُوَ وَاد بِالْيمن، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن غير الْكشميهني بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو، وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن الْكشميهني بالجرف بِضَم الْجِيم وَالرَّاء،.

     وَقَالَ  ياقوت: وَرِوَايَة الْحميدِي بالراء، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ بالجون بِالْجِيم وَالْوَاو وَالنُّون.
.

     وَقَالَ  أَبُو عُثْمَان، رَأَيْته كَانَ من رصاص على صُورَة أَسد.
قَوْله: ( عِنْد سبأ) ، هَذَا فِي رِوَايَة غير أبي ذَر.
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: سبأ اسْم مَدِينَة بلقيس، وَقيل: هُوَ اسْم رجل ولد مِنْهُ عَامَّة قبائل الْيمن، وَكَذَا جَاءَ مُفَسرًا فِي الحَدِيث، وَسميت الْمَدِينَة بِهِ قَوْله: ( لهمدان) ، بِسُكُون الْمِيم وإهمال الدَّال قَبيلَة، وَأما مَدِينَة هَمدَان الَّتِي هِيَ مَدِينَة من بِلَاد عراق الْعَجم فَهِيَ بِفَتْح الْمِيم والذال الْمُعْجَمَة.
قَوْله: ( لحمير) ، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف، أَبُو قَبيلَة.
قَوْله: ( لآل ذِي كلاع) ، بِفَتْح الْكَاف وَتَخْفِيف اللَّام وبالعين الْمُهْملَة وَهُوَ اسْم ملك من مُلُوك الْيمن.
قَوْله: ( أَسمَاء رجال) أَي: هَذِه الْخَمْسَة أَسمَاء رجال صالحين قَالَه الْكرْمَانِي، وَقدر مُبْتَدأ محذوفا.
وَهُوَ قَوْله: هَذِه الْخَمْسَة، وَيكون ارْتِفَاع: أَسمَاء رجال على الخبرية.
قَالَ: ويروى ونسر، أسما ثمَّ قَالَ وَالْمرَاد: نسر وإخواته أَسمَاء رجال صالحين، وَقيل: وَسقط لفظ: ونسر، لغير أبي ذَر.
قَوْله: ( فَلَمَّا هَلَكُوا) أَي: فَلَمَّا مَاتَ الصالحون، وَكَانَ مبدأ عبَادَة قوم نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، هَذِه الْأَصْنَام بعد هلاكهم ثمَّ تَبِعَهُمْ من بعدهمْ على ذَلِك.
قَوْله: ( أنصابا) جمع النصب وَهُوَ مَا ينصب لغَرَض كالعبادة.
قَوْله: ( وسموها) أَي: هَذِه الْأَصْنَام بأسماء الصَّالِحين الْمَذْكُورين.
قَوْله: ( فَلم تعبد) هَذِه الْأَصْنَام حَتَّى إِذا هلك أُولَئِكَ الصالحون.
قَوْله: ( وتنسخ) بِلَفْظ الْمَاضِي من التفعيل أَي تغير علمهمْ بِصُورَة الْحَال وزالت معرفتهم بذلك، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني، وَنسخ الْعلم فَحِينَئِذٍ عبدت على صِيغَة الْمَجْهُول، وَحَاصِل الْمَعْنى، أَنهم لما مَاتُوا وتغيرت صُورَة الْحَال وزالت معرفتهم جعلوها معابيد بعد ذَلِك.


( سُورَةُ: { قُلْ أُوحِيَ إلَيَّ} )

أَي: هَذَا تَفْسِير بَعْص سُورَة: { قل أُوحي} ( الْجِنّ: 1) تسمى: سُورَة الْجِنّ، وَهِي مَكِّيَّة.
وَهِي ثَمَانمِائَة وَسَبْعُونَ حرفا.
ومائتان وَخمْس وَثَمَانُونَ كلمة، وثمان وَعِشْرُونَ آيَة.

قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: لِبَدا: أعْوانا

أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: { وَإنَّهُ لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبدا} ( الْجِنّ: 91) وَوصل هَذَا التَّعْلِيق ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ هَكَذَا.
قَوْله: ( لبدا) ، يَعْنِي: مُجْتَمعين يركب بَعضهم بَعْضًا ويزدحمون ويسقطون حرصا مِنْهُم على اسْتِمَاع الْقُرْآن، وَعَن الْحسن وَقَتَادَة وَابْن زيد يَعْنِي لما قَامَ عبد الله بالدعوة تلبدت الْإِنْس وَالْجِنّ وتظاهروا عَلَيْهِ ليبطلوا الْحق الَّذِي جَاءَهُم بِهِ ويطفؤا نور الله فَأبى الله إلاَّ أَن يتم هَذَا الْأَمر وينصره ويظهره على من ناواه.
.

     وَقَالَ  النَّسَفِيّ فِي ( تَفْسِيره) وأصل اللبد الْجَمَاعَات بَعْضهَا فَوق بعض جمع لبدة وَهِي مَا تلبد بعضه على بعض، وَمِنْه سمي اللبد لتراكمه، وَعَاصِم كَانَ يقْرؤهَا بِفَتْح اللَّام وبضم الَّذِي فِي سُورَة الْبَلَد، وَفسّر لبدا بِكَثِير هُنَاكَ، ولبدا هُنَا باجتمع بَعْضهَا على بعض، وقرىء بِضَم اللَّام وَالْبَاء وَهُوَ جمع لبود، وقرىء: لبدا جمع لابد كراكع وَركع، فَهَذِهِ أَربع قراآت.
قَوْله: ( أعوانا) ، جمع عون وَهُوَ الظهير على الْأَمر، وَهُوَ مُكَرر فِي بعض النّسخ أَعنِي: ذكر مرَّتَيْنِ.

بَخْسا نَقْصا

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فَلَا يخَاف بخسا وَلَا رهقا} ( الْجِنّ: 31) وَفسّر البخس بِالنَّقْصِ، والرهق فِي كَلَام الْعَرَب الْإِثْم وغشيان الْمَحَارِم، وَهَذَا لم يثبت إلاَّ للنسفي وَحده.



[ قــ :4655 ... غــ :491 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عَنْ أبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ انْطَلَقَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَائِفَةٍ مِنْ أصْحَابِهِ عَامِدِينَ إلَى سُوقِ عُكاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشيَّاطِينَ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ فَرَجَعَتِ الشيَّاطِينُ فَقَالُوا مَا لَكُمْ فَقَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ قَالَ مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إلاَّ مَا حَدَثَ فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَها فَانْظُروا مَا هاذا الأمْرُ الَّذِي حَدَثَ فَانْطَلَقُوا فَضَرَبُوا مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَها يَنْظُرُونَ مَا هاذا الأمْرُ الَّذِي حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ قَالَ فَانْطَلَقَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَخْلَةً وَهُوَ عَامِدٌ إلَى سُوقِ عُكاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأصْحَابِهِ صَلاةَ الفَجْرِ فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ تَسَمَّعُوا لَهُ فَقَالُوا هاذا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا يَا قَوْمَنا إنَّا سَمِعْنَا قُرْآنا عَجَبا يَهْدِي إلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أحَدا وَأنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: { قُلْ أُوحِيَ إلَيَّ أنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} ( الْجِنّ: 1) وَإنَّمَا أُوحِيَ إلَيْهِ قَوْلُ الجِنِّ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ويوضح سَبَب النُّزُول أَيْضا وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة: الوضاح الْيَشْكُرِي، وَأَبُو بشر: بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة جَعْفَر بن أبي وحشية الوَاسِطِيّ الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث قد مضى فِي الصَّلَاة فِي: بابُُ الْجَهْر بِقِرَاءَة الصُّبْح فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن أبي عوَانَة إِلَى آخِره، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: ( انْطلق) كَانَ ذَلِك فِي ذِي الْقعدَة سنة عشر من الْبعْثَة.
قَوْله: ( عكاظ) بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْكَاف وبالظاء الْمُعْجَمَة: سوق الْعَرَب بِنَاحِيَة مَكَّة يصرف وَلَا يصرف وَكَانُوا يُقِيمُونَ بِهِ أَيَّامًا فِي الْجَاهِلِيَّة.
قَوْله: ( قد حيل) ، على بِنَاء الْمَجْهُول من حَال إِذا حجز.
قَوْله: ( تهَامَة) ، بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَهُوَ اسْم لكل مَا نزل عَن نجد من بِلَاد الْحجاز.
قَوْله: ( بنخلة) ، مَوضِع مَشْهُور ثمَّة وَهُوَ غير منصرف.
قَوْله: ( عَامِدًا) أَي: قَاصِدا.
قَوْله: ( تسمعوا) ، أَي: تكلفوا للسماع لِأَن بابُُ التفعل للتكلف قَوْله: ( حَال) ، أَي: حجز.