فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من أجاب إلى كراع

( بابُُ مَنْ أجابَ إِلَى كُرَاعٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من أجَاب إِلَى دَعْوَة فِيهَا كرَاع، وَفِي بعض النّسخ: بابُُ من دعِي إِلَى كرَاع، والكراع، بِضَم الْكَاف وَتَخْفِيف الرَّاء وبالعين الْمُهْملَة: مستدق السَّاق من الرجل وَمن حد الرسغ من الْيَد وَهُوَ من الْبَقر وَالْغنم بِمَنْزِلَة الوظيف من الْفرس وَالْبَعِير.
وَقيل: الكراع مَا دون الكعب من الدَّوَابّ،.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: كرَاع كل شَيْء طرفه.



[ قــ :4901 ... غــ :5178 ]
- حدَّثنا عَبْدَانُ عنْ أبي حَمْزَةَ عنِ الأعْمشِ عنْ أبي حازِمٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لأجَبْتُ ولَوْ أهْدِيَ إلَيَّ ذِرَاعٌ لَقَبِلْتُ.

( انْظُر الحَدِيث 8652) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وعبدان لقب عبد الله بن عُثْمَان بن جبلة، وَأَبُو حَمْزَة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي مُحَمَّد بن مَيْمُون السكرِي الْمروزِي، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان بن مهْرَان، وَأَبُو حَازِم سلمَان الْأَشْجَعِيّ، جَالس أَبَا هُرَيْرَة خمس سِنِين وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة.

والْحَدِيث أخرجه أَيْضا فِي كتاب الْهِبَة فِي: بابُُ الْقَلِيل من الْهِبَة وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة عَن بشر بن خَالِد العسكري.

قَوْله: ( لَو دعيت) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( إِلَى كرَاع) المُرَاد بِهِ كرَاع الشَّاة، وَقد مر تَفْسِير الكراع آنِفا،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَزعم بعض الشُّرَّاح أَن المُرَاد بِالْكُرَاعِ فِي هَذَا الحَدِيث الْمَكَان الْمَعْرُوف بكراع الغميم بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَهُوَ مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، وَزعم أَنه أطلق ذَلِك على سَبِيل الْمُبَالغَة فِي الْإِجَابَة، وَلَو بعد الْمَكَان.
انْتهى.
قلت: هَذَا نفلة الْكرْمَانِي فِي شَرحه حَيْثُ قَالَ: فِي كرَاع، المُرَاد عِنْد الْجُمْهُور كرَاع الشَّاة، وَقيل: هُوَ كرَاع الغميم بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَهُوَ مَوضِع على مراحل من الْمَدِينَة من جِهَة مَكَّة، هَذَا كَلَامه فِي شَرحه وَهُوَ نقل هَذَا بقوله، وَقيل: وَمَا زعم وَهُوَ بذلك فَكيف يَقُول هَذَا الْقَائِل: وَزعم بعض الشُّرَّاح؟ وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول: وَنقل بعض الشُّرَّاح كَذَا وَكَذَا.
قَوْله: ( لَو أهدي) على صِيغَة الْمَجْهُول من الإهداء وَاللَّام فِي ( لَأَجَبْت) وَفِي ( لقبلت) للتَّأْكِيد، وَصرح الْغَزالِيّ فِي الْإِحْيَاء بِأَنَّهُ كرَاع الغميم حَيْثُ قَالَ: وَلَو دعيت إِلَى كرَاع الغميم، وَكَانَ يَنْبَغِي لهَذَا الْقَائِل أَن يناقشه فِي هَذِه الزِّيَادَة، زِيَادَة على قَوْله، وَلَا أصل لهَذِهِ الزِّيَادَة.

وَفِي هَذَا الحَدِيث: دَلِيل على حسن خلقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتواضعه وجبره لقلوب النَّاس، وعَلى قبُول الْهَدِيَّة وَإِن كَانَت قَليلَة، وَإجَابَة من يَدْعُو الرجل إِلَى منزله، وَلَو أعلم أَن الَّذِي يَدعُوهُ إِلَيْهِ قَلِيل،.

     وَقَالَ  الْمُهلب: لَا باعث على الدعْوَة إِلَى الطَّعَام إلاَّ صدق الْمحبَّة وسرور الدَّاعِي بِأَكْل الْمَدْعُو من طَعَامه والتحبب إِلَيْهِ بالمواكلة وتوكيد الذمام مَعَه بهَا، فَلذَلِك حض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْإِجَابَة وَلَو كَانَ الْمَدْعُو إِلَيْهِ نزرا.