فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب لا يكون بيع الأمة طلاقا

( بابٌُ لَا يَكُونُ بَيْعُ الأمَةِ طَلاَقا)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ لَا يكون بيع الْأمة الْمُزَوجَة طَلَاقا، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي طَلاقهَا، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عمر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن أبي وَقاص، وَمذهب كَافَّة الْفُقَهَاء،.

     وَقَالَ  آخَرُونَ: بيعهَا طَلَاق، رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب وَابْن عَبَّاس وَابْن السيب وَالْحسن وَمُجاهد.



[ قــ :4994 ... غــ :5279 ]
- حدّثنا إسْماعِيلُ بنُ عبْدِ الله قَالَ: حدّثني مالِكٌ عنْ رَبِيعَةَ بن أبي عبْدِ الرَّحْمانِ عنِ القاسِمِ بن مُحَمَّدٍ عنْ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قالَتْ: كانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ: إحْدَى السُّنَنِ أنَّها أُعْتِقَتْ فخيرت فِي زَوْجِها،.

     وَقَالَ  رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الوَلاء لِمَنْ أعْتَقَ، ودَخَل رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والبُرْمَةُ تَفُورُ بِلَحْمٍ، فَقُرِّبَ إلَيْهِ خُبْزٌ وأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ البَيْتِ، فَقَالَ: ألَمْ أرَ البُرْمَةَ فِيهَا لَحمٌ؟ قالُوا: بَلى ولَكِنْ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصَدِّقَ بِهِ علَى بَرِيرَةَ وأنْتَ لَا تأكُلُ الصَّدَقَةَ.
قَالَ: علَيْها صَدَقَةٌ ولَنا هَدِيَّةٌ.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْعتْق إِذا لم يكن طَلَاقا فَالْبيع بطرِيق الأولى، وَلَو كَانَ ذَلِك طَلَاقا لما خَيرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وَإِسْمَاعِيل بن عبد الله هُوَ إِسْمَاعِيل بن أبي أويس ابْن أُخْت مَالك، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

وقصة بَرِيرَة مَضَت فِي سَبْعَة عشر موضعا.
وَأخرج أَولا فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ ذكر البيع وَالشِّرَاء على الْمِنْبَر فِي الْمَسْجِد، وَمَضَت أَيْضا فِي عدَّة مَوَاضِع مِنْهَا فِي: بابُُ الْمكَاتب فِي مَوَاضِع، وَمِنْهَا فِي الْهِبَة فِي: بابُُ قبُول الْهَدِيَّة، وَمِنْهَا فِي الشُّرُوط فِي: بابُُ الشُّرُوط فِي الْوَلَاء، وَفِي: بابُُ الْمكَاتب وَمَا لَا يحل من الشُّرُوط، وَمِنْهَا فِي آخر كتاب الْعتْق وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

وبريرة بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الرَّاء الأولى مولاة عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قيل: إِنَّهَا نبطية بِفَتْح النُّون وَالْبَاء الْمُوَحدَة، وَقيل: قبطية بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة، وَاخْتلف فِي مواليها فَفِي رِوَايَة أُسَامَة بن زيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة أَن بَرِيرَة كَانَت لناس من الْأَنْصَار، وَكَذَا عِنْد النَّسَائِيّ من رِوَايَة سماك عَن عبد الرَّحْمَن، وَقيل: لآل بني هِلَال أخرجه التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة جرير عَن هِشَام.

قَوْله: ( ثَلَاث سنَن) وَفِي رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه: ثَلَاث قضيات، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد أَحْمد وَأبي دَاوُد قضى فِيهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع قضيات، فَذكر نَحْو حَدِيث عَائِشَة، وَزَاد: وأمرها أَن تَعْتَد عدَّة الْحرَّة، أخرجهَا الدَّارَقُطْنِيّ، وَلم تقع هَذِه الزِّيَادَة فِي حَدِيث عَائِشَة، فَلذَلِك اقتصرت عَليّ ثَلَاث.
قَوْله: ( أعتقت فخيرت) كِلَاهُمَا على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( فِي زَوجهَا) قد ذكرنَا فِيمَا مضى أَن اسْمه مغيث، وَكَانَ عبدا أسود.
قَوْله: ( وَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: دخل بَيت عَائِشَة، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر.
قَوْله: ( والبرمة) الْوَاو فِيهِ للْحَال، والبرمة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَهِي الْقدر مُطلقًا، وَهِي فِي الأَصْل المتخدة من الْحجر الْمَعْرُوف بالحجاز واليمن.
قَوْله: ( وأدم) بِضَم الْهمزَة الأدام، وَقد أَكثر النَّاس فِي الْكَلَام فِي معنى هَذَا الحَدِيث وَتَخْرِيج وجوهه، وَلِلنَّاسِ فِيهِ تصانيف، وَقد استقصينا الْكَلَام فِيهِ فِي مَوَاضِع مُتعَدِّدَة.