فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الإشارة في الطلاق والأمور

( بابُُ الإشارَةِ فِي الطّلاَقِ والأُمُورِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْإِشَارَة فِي الطَّلَاق،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: أَرَادَ الْإِشَارَة الَّتِي يفهم مِنْهَا الطَّلَاق من الصَّحِيح والأخرس،.

     وَقَالَ  الْمُهلب: الْإِشَارَة إِذا فهمت يحكم بهَا وأوكد مَا أَتَى بهَا من الْإِشَارَة مَا حكم بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي أَمر السَّوْدَاء حِين قَالَ لَهَا: أَيْن الله؟ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاء.
فَقَالَ: أعْتقهَا فَإِنَّهَا مُؤمنَة، فَأجَاز الْإِسْلَام بِالْإِشَارَةِ الَّذِي هُوَ أصل الدّيانَة، وَحكم بإيمانها كَمَا يحكم بنطق من يَقُول ذَلِك، فَيجب أَن تكون الْإِشَارَة عَامَّة فِي سَائِر الديانَات، وَهُوَ قَول عَامَّة الْفُقَهَاء.
.

     وَقَالَ  مَالك: الْأَخْرَس إِذا أَشَارَ بِالطَّلَاق يلْزمه.
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي فِي الرجل يمرض فيختل لِسَانه: فَهُوَ كالأخرس فِي الطَّلَاق وَالرَّجْعَة.
.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: إِن كَانَت إِشَارَته تعرف فِي طَلَاقه ونكاحه وَبيعه فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِ، وَإِن كَانَ يشك فِيهِ فَهُوَ بَاطِل،.

     وَقَالَ : وَلَيْسَ ذَلِك بِقِيَاس، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَان، وَالْقِيَاس فِي هَذَا كُله بَاطِل لِأَنَّهُ لَا يتَكَلَّم وَلَا تعقل إِشَارَته،.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: وَفِي ذَلِك إِقْرَار من أبي حنيفَة أَنه حكم بِالْبَاطِلِ لِأَن الْقيَاس عِنْده حق، فَإِذا حكم بضده وَهُوَ الِاسْتِحْسَان فقد حكم بضد الْحق، وَفِي إِظْهَار القَوْل بالاستحسان وَهُوَ ضد الْقيَاس دفع مِنْهُ للْقِيَاس الَّذِي هُوَ عِنْده حق انْتهى.
قلت: هَذَا كَلَام من لَا يفهم دقائق الْأَحْكَام مَعَ المكابرة والجرأة على مثل الإِمَام الْأَعْظَم الَّذِي انتشى فِي خير الْقُرُون، وَقَول أبي حنيفَة: الْقيَاس فِي هَذَا بَاطِل، هَل يسْتَلْزم بطلَان الأقيسة كلهَا، وَلَيْسَ الِاسْتِحْسَان ضد الْقيَاس، بل هُوَ نوع مِنْهُ لِأَن الْقيَاس على نَوْعَيْنِ: جلي وخفى وَالِاسْتِحْسَان قِيَاس خَفِي، وَمن لَا يدْرِي هَذَا كَيفَ يتحدث بِكَلَام فِيهِ افتراء وجرأة بِغَيْر حق؟ وَكَذَلِكَ ابْن بطال الَّذِي أطلق لِسَانه فِي أبي حنيفَة بِوَجْه بَاطِل حَيْثُ قَالَ حاول البُخَارِيّ بِهَذَا الْبابُُ الرَّد على أبي حنيفَة لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حكم بِالْإِشَارَةِ فِي هَذِه الْأَحَادِيث، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَحَادِيث الْبابُُ، ثمَّ نقل كَلَام ابْن الْمُنْذر، ثمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا حمل أَبَا حنيفَة على قَوْله هَذَا لِأَنَّهُ لم يعلم السّنَن الَّتِي جَاءَت بِجَوَاز الإشارات فِي أَحْكَام مُخْتَلفَة.
انْتهى.
قلت: هَذَا الَّذِي قَالَه أدب فَمن قَالَ: إِن أَبَا حنيفَة لم يعلم هَذِه السّنَن، وَمن نقل عَنهُ أَنه لم يجوز الْعَمَل بِالْإِشَارَةِ، وَهَذِه كتب أَصْحَابنَا ناطقة بِجَوَاز ذَلِك كَمَا نبهنا على بعض شَيْء من ذَلِك.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا إِشَارَة الْأَخْرَس وكتابته كالبيان بِاللِّسَانِ فَيلْزمهُ الْأَحْكَام بِالْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَة حَتَّى يجوز نِكَاحه وطلاقه وعتاقه وَبيعه وشراؤه وَغير ذَلِك من الْأَحْكَام، بِخِلَاف معتقل اللِّسَان يَعْنِي: الَّذِي حبس لِسَانه فَإِن إِشَارَته غير مُعْتَبرَة لِأَن الْإِشَارَة لَا تنبىء عَن المُرَاد إلاَّ إِذا طَالَتْ وَصَارَت معهودة كالأخرس، وَقدر التُّمُرْتَاشِيّ الامتداد بِالسنةِ وَعَن أبي حنيفَة: أَن العقلة إِن دَامَت إِلَى وَقت الْمَوْت يَجْعَل إِقْرَاره بِالْإِشَارَةِ، وَيجوز الْإِشْهَاد عَلَيْهِ.
قَالُوا: وَعَلِيهِ الْفَتْوَى، وَفِي ( الْمُحِيط) : وَلَو أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى امْرَأَة.

     وَقَالَ : زَيْنَب أَنْت طَالِق فَإِذا هِيَ عمْرَة، طلقت عمْرَة لِأَنَّهُ أَشَارَ وسمى، فَالْعِبْرَة للْإِشَارَة لَا للتسمية.
قَوْله: ( والأمور) أَي: الْأُمُور الْحكمِيَّة وَغَيرهَا.

وَقَالَ ابنُ عُمَرَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يُعَذِّبُ الله بِدَمْعِ العَيْنِ ولاكِنْ يُعَذِّبُ بِهاذَا فأشارَ إِلَى لِسانِهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْإِشَارَة الَّتِي يفهم مِنْهَا الْأَمر من الْأُمُور كالنطق بِاللِّسَانِ، وَهَذَا التَّعْلِيق أخرجه فِي كتاب الْجَنَائِز مُسْندًا بأتم مِنْهُ فِي: بابُُ الْبكاء عِنْد الْمَرِيض.

وَقَالَ كَعْبُ بنُ مالِكٍ: أَشَارَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَيَّ أَي تخُذِ النِّصفَ.

تقدم هَذَا التَّعْلِيق فِي كتاب الْمُلَازمَة مُسْندًا عَن كَعْب بن مَالك: أَنه كَانَ لَهُ على عبد الله بن أبي حَدْرَد الْأَسْلَمِيّ دين، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ فتكلما حَتَّى ارْتَفَعت أصواتهما، فَمر بهما النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا كَعْب، وَأَشَارَ بِيَدِهِ، كَأَنَّهُ يَقُول: النّصْف: فَأخذ نصف مَا عَلَيْهِ وَترك نصفا.

وقالَتْ أسْماءُ صَلّى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الكُسُوفِ، فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا شأْنُ النّاسِ وهْيَ تُصَلِّي؟ فأوْمأتْ بِرَأْسِها إِلَى الشَّمْسِ، فَقُلْتُ: آيةٌ.
فأوْمأتْ بِرَأْسِها: أنْ نَعَمْ.

تقدم هَذَا التَّعْلِيق أَيْضا مُسْندًا فِي الْكُسُوف فِي: بابُُ صَلَاة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال فِي الْكُسُوف عَن أَسمَاء بنت أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنَّهَا قَالَت: أتيت عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين خسفت الشَّمْس فَإِذا النَّاس قيام يصلونَ فَإِذا هِيَ قَائِمَة تصلي، فَقلت: للنَّاس؟ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاء،.

     وَقَالَ ت: سُبْحَانَ الله.
فَقلت: آيَة؟ فَأَشَارَتْ، أَي: نعم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

وَقَالَ أنَسٌ: أوْمأ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ إِلَى أبي بَكْرٍ أنْ يَتَقَدَّمَ.

تقدم هَذَا التَّعْلِيق أَيْضا فِي كتاب الصَّلَاة مُسْندًا فِي: بابُُ أهل الْعلم وَالْفضل أَحَق بِالْإِمَامَةِ، عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لم يخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثًا فأقيمت الصَّلَاة ... الحَدِيث، وَفِيه: فَأَوْمأ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ إِلَى أبي بكر أَن يتَقَدَّم إِلَى آخِره.

وَقَالَ ابنُ عبَّاسٍ: أومْأ النيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ: لَا حَرَجَ.

تقدم هَذَا التَّعْلِيق أَيْضا مُسْندًا فِي كتاب الْحَج قَالَه صَاحب ( التَّلْوِيح) .
قلت: بِهَذَا اللَّفْظ مضى فِي كتاب الْعلم فِي: بابُُ الْفتيا بِإِشَارَة الْيَد وَالرَّأْس عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ فِي حجَّته، فَقَالَ: ذبحت.
قبل أَن أرمي قَالَ: فأوما بِيَدِهِ، قَالَ: وَلَا حرج.

وَقَالَ أَبُو قُتَادَةَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ: آحَدٌ مِنْكُمْ أمَرَهُ أنْ يَحمِلَ عَلَيْها أوْ أشارَ إلَيْها؟ قالُوا: لَا.
قَالَ: فكُلُوا.

تقدم هَذَا التَّعْلِيق أَيْضا فِي الْحَج فِي: بابُُ لَا يُشِير الْمحرم إِلَى الصَّيْد عَن عبد الله بن أبي قَتَادَة عَن أَبِيه: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج حَاجا الحَدِيث، وَفِيه: فَرَأَيْنَا حمر وَحش فَحمل عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَة، إِلَى أَن قَالَ: فحملنا مَا بَقِي من لَحمهَا.
قَالَ: أمنكم أحد أمره أَن يحمل عَلَيْهَا أَو أَشَارَ إِلَيْهَا؟ قَالُوا: لَا.
قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِي من لَحمهَا.



[ قــ :5007 ... غــ :5293 ]
- حدّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا أبُو عامِرٍ عبْدُ المَلِكِ بن عُمْرٍ وَحدثنَا إبْرَاهِيمُ عنْ خالِدٍ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ قَالَ: طافَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على بَعِيرِهِ وكانَ كُلّما أتَى علَى الرُّكْنِ أشارَ إلَيْهِ وكَبَّرَ، وقالَتْ زَيْنَبُ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فتِحَ مِنْ رَدْمِ يأْجُوجَ ومأْجُوجَ مِثْلُ هاذِهِ وهاذِهِ، وعَقَدَ تِسْعِينَ.

دم حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي الْحَج أَيْضا فِي: بابُُ من أَشَارَ إِلَى الرُّكْن إِذا أَتَى عَلَيْهِ.
عَن ابْن عَبَّاس نَحوه، وَفِي آخِره: أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْء كَانَ عِنْده وَكبر.

وَأَبُو عَامر عبد الْملك الْعَقدي وَإِبْرَاهِيم قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ ابْن طهْمَان وَجزم بِهِ الْحَافِظ الْمزي وَقيل: هُوَ أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ.

وَأما تَعْلِيق زَيْنَب بنت جشح أم الْمُؤمنِينَ فقد مضى مَوْصُولا فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، فِي: بابُُ عَلَامَات النُّبُوَّة، عَن زَيْنَب بنت جشح أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهَا فَزعًا يَقُول: لَا إِلَه إلاَّ الله ويل للْعَرَب من شَرّ قد اقْترب، فتح الْيَوْم من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج مثل هَذَا، وَحلق بإصبعه وبالتي تَلِيهَا ... الحَدِيث.
قيل: لَيْسَ فِيهِ الْإِشَارَة.
وَأجِيب: بِأَن عقد الْأَصَابِع نوع من الْإِشَارَة.





[ قــ :5008 ... غــ :594 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا بِشْرُ بنُ المُفَضْلِ حَدثنَا سَلمةُ بنُ عَلْقَمَةَ عنْ مُحَمَّد بنِ سِيرينَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أبُو القاسِمِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِي الجُمُعَةِ ساعَة لَا يُوَافِقُها مُسْلمٌ قائِمٌ يُصَلِّي فَسأل الله خَيْراً إلاّ أُعطاهُ،.

     وَقَالَ  بِيَدِهِ، ووَضَعَ أنْمُلَتَهُ علَى بَطْنِ الوُسْطَى والخنْصِرِ، قُلْنا: يَزُهِّدُها.

( انْظُر الحَدِيث: 539 وطرفه) .

مطابقته للجزء الْأَخير من التَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَقَالَ بِيَدِهِ) لِأَن مَعْنَاهُ أَشَارَ بِيَدِهِ، وَتُؤْخَذ الْمُطَابقَة أَيْضا من قَوْله: ( وَوضع أنملته) إِلَى آخِره، لِأَن وضع الْأُنْمُلَة على الْوُسْطَى إِيمَاء إِلَى أَن تِلْكَ السَّاعَة فِي وسط النَّهَار، وعَلى الْخِنْصر إِلَى أَنَّهَا فِي آخر النَّهَار.

وَبشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: ابْن الْمفضل على صِيغَة اسْم الْمَفْعُول من التَّفْضِيل بالضاد الْمُعْجَمَة الْبَصْرِيّ، وَسَلَمَة بِفتْحَتَيْنِ ابْن عَلْقَمَة التَّمِيمِي.

والْحَدِيث تقدم فِي كتاب الْجُمُعَة فِي: بابُُ السَّاعَة الَّتِي فِي يَوْم الْجُمُعَة، وَلَكِن من حَدِيث الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة.
وَفِي آخِره: وَأَشَارَ بِيَدِهِ يقللها، وَهنا: يزهدها.
من التزهيد وَهُوَ التقليل.





[ قــ :5009 ... غــ :595 ]
- وَقَالَ الأوَيْسِيُّ.
حدّثنا إبْرَاهِيمٌ بنُ سَعْدٍ عنْ شُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ عنْ هِشامِ ابنِ زَيْدٍ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ قَالَ: عَدَا يَهُوديٌّ فِي عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى جاريَةٍ فأخَذَ أوْضاحاً كانَتْ علَيْها ورَضَخَ رأْسَها، فأتَى بهَا أهْلُها رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْيَ فِي آخِرِ رَمَقٍ، وقَدْ صُمَتَتْ فَقَالَ لَهَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَنْ قَتَلَكِ؟ فُلاَنٌ لِغَيْرِ الّذِي قَتَلَها فأشارَتْ بِرَأْسِهَا أنْ لَا قَالَ.
فَقَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الذِي قَتَلَها.
فأشارَتْ أنْ لَا، فَقَالَ: فَفَلاَنٌ لِقاتِلِها، فأشارتْ أنْ نَعَمْ، فأَمَرَ بِهِ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرُضِخ رأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ.
مطابقته للجزء الْأَخير من التَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والأويسي، بِضَم الْهمزَة وَفتح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالسين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: هُوَ عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى بن عَمْرو بن أويس العامري الْمَدِينِيّ، أحد شُيُوخ البُخَارِيّ، وَقد مر فِي الْعلم ونسبته إِلَى أحد أجداده أويس، وَهِشَام بن زيد بن أنس بن مَالك يروي عَن جده أنس.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدِّيات عَن مُحَمَّد وَهُوَ ابْن سَلام وَعَن بنْدَار عَن غنْدر.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن أبي مُوسَى وَغَيره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الدِّيات عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن بنْدَار وَغَيره.

قَوْله: ( عدا يَهُودِيّ) ، يَعْنِي: تعدى قَوْله: ( فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، أَي: فِي زَمَنه وأيامه قَوْله: ( فَأخذ أَوْضَاحًا) ، بِفَتْح الْهمزَة جمع وضح بالضاد الْمُعْجَمَة والحاء الْمُهْملَة، وَهُوَ نوع من الْحلِيّ يعْمل من الْفضة سميت بهَا لبياضها وصفائها،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الأوضاح الْحلِيّ من الدَّرَاهِم الصِّحَاح، سميت بذلك لوضوحها وبياضها وصفائها، وَقيل: وَمِنْه أَنه أَمر بصيام الأواضح، وَهِي أَيَّام الْبيض، وَفِي حَدِيث آخر: ( صُومُوا من وضح إِلَى وضح) ، أَي: من الضَّوْء إِلَى الضَّوْء، وَقيل: من الْهلَال إِلَى الْهلَال، وَهُوَ الْوَجْه لِأَن سِيَاق الحَدِيث يدل عَلَيْهِ، وَتَمَامه: فَإِن خَفِي عَلَيْكُم فَأتمُّوا الْعدة ثَلَاثِينَ يَوْمًا.
قلت: الأواضح جمع وَاضِحَة لِأَن أَصله وواضح قلبت الْوَاو الأولى همزَة.
قَوْله: ( كَانَت عَلَيْهَا) ، جملَة وَقعت صفة لأوضاح.
قَوْله: ( ورضخ) بالمعجمتين من الرضخ وَهُوَ الدق وَالْكَسْر هَهُنَا، وَيَجِيء بِمَعْنى الشدخ والقطعة.
قَوْله: ( فِي آخر رَمق) ، الرمق بَقِيَّة الرّوح.
قَوْله: ( وَقد أصمتت) على صِيغَة الْمَعْلُوم وَبِمَعْنى الْمَجْهُول أَيْضا.
يُقَال: صمت العليل وأصمت فَهُوَ صَامت ومصمت إِذا اعتقل لِسَانه وَسكت، والصموت والإصمات بِمَعْنى.
قَوْله: ( فلَان؟) أَي: أفلان؟ الْهمزَة فِيهِ مقدرَة، ويروى كَذَلِك.
قَوْله: ( أَن لَا) أَي: لَيْسَ فلَان قتلني، وَكلمَة: أَن تفسيرية فِي الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة.
قَوْله: ( فرضخ) على صِيغَة الْمَجْهُول وَقد مر مَعْنَاهُ.

وَقد اخْتلفت أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث هُنَا، فَروِيَ: رض رَأسه بَين حجرين، كَذَا فِي رِوَايَة لمُسلم، وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد عَن أنس: أَن يَهُودِيّا قتل جَارِيَة من الْأَنْصَار على حلي لَهَا ثمَّ أَلْقَاهَا فِي قليب ورضح رَأسهَا بِالْحِجَارَةِ، فَأخذ فَأتي بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأمر بِهِ أَن يرْجم حَتَّى يَمُوت، فرجم حَتَّى مَاتَ، وَاسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث جمَاعَة على أَن الْقَاتِل يقتل بِمَا قتل بِهِ، وهم: عمر بن عبد الْعَزِيز وَقَتَادَة وَالْحسن وَابْن سِيرِين وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبُو إِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَابْن الْمُنْذر وَجَمَاعَة الظَّاهِرِيَّة.

وَخَالفهُم آخَرُونَ وَقَالُوا: كل من وَجب عَلَيْهِ الْقود لم يقتل إلاَّ بِالسَّيْفِ، وهم: الشّعبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد،.

     وَقَالَ  ابْن حزم: وَهُوَ قَول أبي سُلَيْمَان.
وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا قَود إلاَّ بِالسَّيْفِ) ، روى هَذَا عَن خَمْسَة من الصَّحَابَة وهم: أَبُو بكرَة والنعمان بن بشير وَابْن مَسْعُود وَأَبُو هُرَيْرَة وَعلي بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
أما حديثأبي بكرَة فَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث الْحسن عَن أبي بكرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ( لَا قَود إلاَّ بِالسَّيْفِ) ، وَأما حَدِيث النُّعْمَان فَأخْرجهُ ابْن ماجة أَيْضا عَن جَابر الْجعْفِيّ عَن أبي عَازِب عَن النُّعْمَان بن بشير، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا قَود إلاَّ بِالسَّيْفِ) ، وَأما حديثابن مَسْعُود فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ فِي ( مُعْجَمه) من حَدِيث عَلْقَمَة عَنهُ مَرْفُوعا نَحوه.
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَأخْرجهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي ( سنَنه) من حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
نَحوه وَأما حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَأخْرجهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من حَدِيث عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا قَود فِي النَّفس وَغَيرهَا إلاَّ بحديدة.

فَإِن قلت: قَالَ الْبَزَّار فِي حَدِيث أبي بكرَة بعد أَن أخرجه: النَّاس يَرْوُونَهُ عَن الْحسن مُرْسلا.
قلت: تَابعه الْوَلِيد بن صَالح ابْن مُحَمَّد الْأَيْلِي عَن مبارك بن فضَالة عَن الْحسن عَن أبي بكرَة مَرْفُوعا.
فَإِن قلت: رَوَاهُ ابْن عدي فِي ( الْكَامِل) وَأعله بالوليد،.

     وَقَالَ : أَحَادِيثه غير مَحْفُوظَة،.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: وَالْمبَارك بن فضَالة لَا يحْتَج بِهِ.
قلت: أخرج لَهُ ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) وَالْحَاكِم فِي ( مُسْتَدْركه) وَوَثَّقَهُ، والمرسل: الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَزَّار رَوَاهُ أَحْمد فِي ( مُسْنده) مَرْفُوعا: حَدثنَا هشيم حَدثنَا أَشْعَث عَن عبد الْملك عَن الْحسن مَرْفُوعا: لَا قَود إلاَّ بحديدة.
وَكَذَلِكَ أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) : حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس عَن أَشْعَث وَعمر وَعَن الْحسن مَرْفُوعا نَحوه.
فَإِن قلت: فِي حَدِيث النُّعْمَان عَن جَابر الْجعْفِيّ وَهُوَ ضَعِيف،.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: اتَّفقُوا على ضعفه، قَالَه فِي ( التَّنْقِيح) .
قلت: عجبا مِنْهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي غَيره: وَجَابِر الْجعْفِيّ قد وَثَّقَهُ الثَّوْريّ وَشعْبَة، وناهيك بهما فَكيف يَقُول هَذَا ثمَّ يَحْكِي الِاتِّفَاق على ضعفه؟ هَذَا تنَاقض بيّن.
وَأَبُو عَازِب اسْمه مُسلم بن عَمْرو، فَإِن قلت: فِي سَنَد حَدِيث ابْن مَسْعُود عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق وَهُوَ ضَعِيف.
قلت: حَدِيثه قد تقوى بِغَيْرِهِ.
فَإِن قلت: فِي سَنَد حَدِيث أبي هُرَيْرَة سُلَيْمَان ابْن أَرقم وَهُوَ مَتْرُوك.
قلت: فِي غَيره كِفَايَة.
فَإِن قلت: فِي سَنَد حَدِيث عَليّ مُعلى بن هِلَال وَهُوَ مَتْرُوك.
قلت: الْمَتْرُوك قد يسْتَعْمل عِنْد وجود المقبول.
وَقد يسكت عَنهُ لحُصُول الْمَقْصُود بِغَيْرِهِ.
وَلَا شكّ أَن بعض هَذِه الْأَحَادِيث تشهد لبَعض وَأَقل أَحْوَاله أَن يكون حسنا فَيصح الِاحْتِجَاج بِهِ، وَالْعجب من الْكرْمَانِي حَيْثُ يَقُول: وَفِيه أَي: وَفِي حَدِيث الْبابُُ ثُبُوت الْقصاص بِالْمثلِ خلافًا للحنفية، فَلم.
لَا يَقُول فِي هَذِه الْأَحَادِيث: لَا قَود إلاَّ بِالسَّيْفِ خلافًا للشَّافِعِيَّة؟ وأعجب مِنْهُ صَاحب ( التَّوْضِيح) حَيْثُ يَقُول: وَهُوَ حجَّة على أبي حنيفَة فِي قَوْله: لَا يُقَاد إلاَّ بِالسَّيْفِ، فَمَا معنى تَخْصِيص أبي حنيفَة من بَين الْجَمَاعَة الَّذين قَالُوا بقوله وهم: الشّعبِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَهَؤُلَاء أساطين فِي أُمُور الدّين؟ وَلَكِن هَذَا من نبض عرق العصبية الْبَارِدَة.

وَأجَاب أَصْحَاب أبي حنيفَة عَن حَدِيث الْبابُُ بأجوبة.
الأول: بِأَنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام يقتل الْقَاتِل بقول الْمَقْتُول وَبِمَا قتل بِهِ.
الثَّانِي: مَا قَتله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
إلاَّ باعترافه، فَإِن لفظ الِاعْتِرَاف أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ، وَفِي ( صَحِيح مُسلم) : فَأخذ الْيَهُودِيّ فاعترف.
وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ: فَلم يزل بِهِ حَتَّى أقرّ.
الثَّالِث: أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، علمه بِالْوَحْي، فَلذَلِك لم يحْتَج إِلَى الْبَيِّنَة وَلَا إِلَى الْإِقْرَار.
وَالرَّابِع: مَا قَالَه الطَّحَاوِيّ: إِنَّه يحْتَمل أَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى أَن ذَلِك الْقَاتِل يجب قَتله لله، إِذْ كَانَ إِنَّمَا قتل على مَال قد، بَين ذَلِك فِي بعض الحَدِيث، ثمَّ روى الحَدِيث الْمَذْكُور، فَإِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل دم ذَلِك الْيَهُود قد وَجب لله عز وَجل كَمَا يجب دم قَاطع الطَّرِيق لله تَعَالَى، فَكَانَ لَهُ أَن يقْتله كَيفَ شَاءَ بِسيف وَبِغير ذَلِك.
الْخَامِس: إِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي زمن كَانَت المُثلة مُبَاحَة، كَمَا فِي العرنيين، ثمَّ نسخ ذَلِك بانتساخ المُثلة.





[ قــ :5010 ... غــ :596 ]
- حدّثني قَبِيصَةُ حَدثنَا سُفْيَانُ عنْ عبْدِ الله بن دينارٍ عنِ ابْن عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُولُ: الفِتْنَةُ مِنْ هُنا، وأشارَ إِلَى المَشْرِقِ.

ابقته للجزء الْأَخير من التَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقبيصَة هُوَ ابْن عقبَة الْكُوفِي، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.





[ قــ :5011 ... غــ :597 ]
- حدّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا جَرِيرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيدِ عنْ أبِي إسْحاقَ الشَّيْبَانِيِّ عنْ عَبْدِ الله بنِ أبي أوْفَى قَالَ: كُنَّا فِي سفَرٍ مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ لرَجُلٍ: انْزِلْ فاجْدَحْ لِي.
قَالَ: يَا رسولَ الله { لوْ أمْسَيْتَ.
ثُمَّ قَالَ: انُزِلْ فاجْدَحْ.
قَالَ: قَالَ يَا رسولَ الله لوْ أمْسَيْتَ}
إنَّ عَلَيْكَ نَهاراً، ثُمَّ قَالَ: انْزِلِ فاجْدَحْ، فنَزَلَ فَجَدَحَ لهُ فِي الثالِثَةِ، فشَرِبَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ أوْمأ بِيَدِهِ إِلَى المَشْرِقِ فَقَالَ: إذَا رأيْتُمُ اللّيْلَ قَدْ أقْبَلَ مِنْ هاهُنا فَقَدْ أفْطَرَ الصائِمُ.

ابقته للجزء الْأَخير من التَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ثمَّ أَوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى الْمشرق) .

وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ وَأَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان واسْمه فَيْرُوز الْكُوفِي، وَعبد الله بن أبي أوفي، وَقيل: ابْن أوفى، فَلَيْسَ بِصَحِيح وَاسم أبي أوفى عَلْقَمَة الْأَسْلَمِيّ، قَالَ الْوَاقِدِيّ: مَاتَ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَهُوَ آخر من مَاتَ بِالْكُوفَةِ من الصَّحَابَة.
رَوَاهُ أَبُو حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الصَّوْم فِي: بابُُ مَتى يحل فطر الصَّائِم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْحَاق الوَاسِطِيّ عَن خَالِد عَن الشَّيْبَانِيّ إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( فاجدح) أَمر من الجدح بِالْجِيم وبالمهملتين وَهُوَ بل السويق بِالْمَاءِ.
قَوْله: ( فقد أفطر الصَّائِم) أَي: قد دخل وَقت الْإِفْطَار نَحْو: أحصد الزَّرْع.



[ قــ :501 ... غــ :598 ]
- حدّثنا عبْدُ الله بنُ مَسْلَمَة حَدثنَا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ عنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عنْ أبي عُثْمَانَ عنْ عبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ رَضِي الله عنْهُ، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَمْنَعَنَّ أحَداً مِنْكُمْ نِدَاءُ بِلاَلٍ، أوْ قَالَ: أذَانُهُ مِنْ سَحُورِهِ فَإنَّما يُنادِيَ أوْ قَالَ: يُؤَذِّنُ لِيَرْجِعَ قائِمُكُمْ ولَيْسَ أنْ يَقُولَ كأنّهُ يَعْنِي الصُّبْحَ أوِ الفَجْرِ، وأظْهَرَ يَزِيدُ يَدَيْهِ ثُمَّ مَدَّ إحْدَاهُمَا مِنَ الأُخْرَى.

ابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( وَأظْهر يزِيد) إِلَى آخِره، وَفِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة فِي الْأَذَان،.

     وَقَالَ  بأصابعه ورفعهما إِلَى فَوق وطأطأ إِلَى أَسْفَل حَتَّى يَقُول: هَكَذَا، وَبِه يظْهر المُرَاد من الْإِشَارَة.

وَعبد الله بن مسلمة بِفَتْح الْمِيم فِي أَوله، وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن زُرَيْع مصغر زرع، وَسليمَان التَّيْمِيّ هُوَ سلميان بن طرخان وَأَبُو عُثْمَان عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ، بِفَتْح الون.

والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ الْأَذَان قبل الْفجْر فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أَحْمد بن يُونُس عَن زُهَيْر عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( أَو قَالَ) ، شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( من سحوره) ، بِضَم السِّين وَهُوَ التسحر.
قَوْله: ( ليرْجع) ، يجوز أَن يكون من الرُّجُوع أَو من الرجع، وقائمكم بِالنّصب على المفعولية، والقائم هُوَ المتهجد أَي: يعود إِلَى الاسْتِرَاحَة بِأَن ينَام سَاعَة قبل الصُّبْح قَوْله: ( كَأَنَّهُ) ، غَرَضه أَن اسْم لَيْسَ هُوَ الصُّبْح يَعْنِي: لَيْسَ الْمُعْتَبر هُوَ أَن يكون الضَّوْء مستطيلاً من الْعُلُوّ إِلَى أَسْفَل، وَهُوَ الْكَاذِب، بل الصُّبْح هُوَ الضَّوْء الْمُعْتَرض من الْيَمين إِلَى الشمَال وَهُوَ الصُّبْح الصَّادِق.
قَوْله: ( أَو الْفجْر) ، شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( وَأظْهر) ، فعل ماضٍ ( وَيزِيد) فَاعله وَهُوَ يزِيد بن زُرَيْع الرَّاوِي، أَي: جعل إِحْدَى يَدَيْهِ على ظهر الْأُخْرَى ومدها عَنْهَا، وَالْحَاصِل أَن قَوْله: ( وَأظْهر يزِيد.
.
،)
إِلَى آخِره إِشَارَة إِلَى صُورَة الصُّبْح الْكَاذِب.
قَوْله: ( ثمَّ مد إِحْدَاهمَا من الْأُخْرَى) ، إِشَارَة إِلَى الصُّبْح الصَّادِق.





[ قــ :5013 ... غــ :599 ]
- قَالَ اللّيْثُ: حدّثني جَعْفَرُ بنُ ربِيعَةَ عنْ عبْدِ الرَّحْمانِ بن هُرْمُزَ سَمَعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَثَلُ البَخِيلِ والمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتانٍ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ لَدُنْ ثَدْيَيْهِما إِلَى تَرَاقِيهما، فأمَّا المُنْفِقُ فَلاَ يُنْفِقُ شَيْئاً إلاّ مادَّتْ عَلى جِلْدِهِ حتَّى تَجِنَّ بَنَانَهُ وتَعْفُوَ أثَرَهُ، وأمَّا البَخِيلُ فَلا يُرِيدُ يُنْفِقُ إلاّ لَزِمتْ كلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعها فَهُوَ يُوسِّعُها فَلاَ تَتَّسِعُ، ويُشِيرُ بأصْبُعِهِ إِلَى حلْقِهِ.

ابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَيُشِير بإصبعه إِلَى حلقه) .
وَاللَّيْث هُوَ ابْن سعد.

والْحَدِيث قد مر مَوْصُولا فِي الزَّكَاة فِي: بابُُ التَّصَدُّق والبخيل، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن عبد الرَّحْمَن أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة،.

     وَقَالَ  هُنَاكَ أَيْضا: قَالَ اللَّيْث: حَدثنِي جَعْفَر عَن ابْن هُرْمُز: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جبتان، وَسكت وَهنا سَاقه بِتَمَامِهِ.

قَوْله: ( جبتان) ، بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة، وَهُنَاكَ جنتان بالنُّون مَوضِع الْمُوَحدَة، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: ( من لدن ثدييهما) بالتثنية، كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: ثديهما، بِضَم الثَّاء وَكسر الدَّال وَتَشْديد الْيَاء جمع ثدي قَوْله: ( إِلَى تراقيهما) ، جمع ترقوة وَهِي الْعظم الْكَبِير الَّذِي بَين ثغرة النَّحْر والعاتق، ووزنها فَعَلُوهُ.
قَوْله: ( إلاَّ مادت) ، بتَشْديد الدَّال أَصله: ماددت، فأدغمت الدَّال فِي الدَّال، وَذكر ابْن بطال أَنه مارت برَاء خَفِيفَة بدل الدَّال، وَنقل عَن الْخَلِيل: مار الشَّيْء يمور موراً إِذا تردد.
قَوْله: ( حَتَّى تجن) ، بِفَتْح أَوله وَكسر الْجِيم كَذَا ضَبطه ابْن التِّين، قَالَ: وَيجوز بِضَم أَوله وَكسر الْجِيم من: أجن، وَهُوَ الَّذِي ثَبت فِي أَكثر الرِّوَايَات، وَمَعْنَاهُ: تستر بنانه وَهُوَ أَطْرَاف الْأَصَابِع.
قَوْله: ( وَتَعْفُو) ، أَي: تمحو، من عُفيَ الشَّيْء إِذا محاه.