فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب تلبس الحادة ثياب العصب

( بابٌُُ: { تَلْبَسُ الحَادَّةُ ثِيابَ العَصْبِ} )

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ: ( تلبس الْمَرْأَة الحادة ثِيَاب العصب) وَقد ذكرنَا عَن قريب أَن العصب بالمهملتين برود يمنية يعصب غزلها أَي: يجمع ويشد ثمَّ يصْبغ وينسخ فَيَأْتِي موشيا لبَقَاء مَا عصب مِنْهُ أَبيض لم يَأْخُذهُ صبغ، يُقَال: برد عصب وبرود عصب بِالتَّنْوِينِ وَالْإِضَافَة، وَقيل: هِيَ برود مخططة، قَالَ ابْن الْأَثِير: فَيكون نهي الْمُعْتَدَّة عَمَّا صبغ بعد النسج.



[ قــ :5051 ... غــ :5342 ]
- حدَّثنا الفَضْلُ بنُ دُكَيْنٍ حدَّثنا عَبْدِ السَّلامِ بنُ حَرْبٍ عَنْ هِشامٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُُمِّ عَطِيّةَ قَالَتْ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَحِلُّ لامْرَأةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ أنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاثٍ إلاَّ عَلَى زَوْجٍ فَإنَّها لَا تَكْتَحِلُ وَلا تَلْبِسُ ثَوْبا مَصْبُوغا إلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( إلاَّ ثوب عصب) وَهِشَام هُوَ ابْن حسان الفردوسي بِضَم الْقَاف وَسُكُون الرَّاء،.

     وَقَالَ  بَعضهم: هُوَ هِشَام الدستوَائي وَهُوَ غلط وَالصَّحِيح أَنه هِشَام بن حسان، وَكَذَا قَالَه الْحَافِظ الْمزي، وَحَفْصَة هِيَ بنت سِيرِين أُخْت مُحَمَّد بن سِيرِين، وَأورد حَدِيث أم عَطِيَّة هَذَا هُنَا مُصَرحًا بِرَفْعِهِ،.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: أَجمعُوا على أَن الحادة لَا يجوز لَهَا لبس المصبغة والمعصفرة إلاَّ مَا صبغ بِالسَّوَادِ وَقد رخص فِي السوَاد عُرْوَة بن الزبير وَمَالك وَالشَّافِعِيّ، وَكَرِهَهُ الزُّهْرِيّ، وَكَانَ عُرْوَة يَقُول: لَا تلبس من الْحمرَة إلاَّ العصب،.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ: تتقي الْمَصْبُوغ إلاَّ ثوب عصب.
.

     وَقَالَ  الزُّهْرِيّ: لَا تلبس العصب، وَهُوَ خلاف الحَدِيث،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: كل صبغ فِيهِ زِينَة أَو تلميع مثل العصب والحبرة والوشي فَلَا تلبسه غليظا كَانَ أَو رَقِيقا، وَعَن مَالك: تجتنب الْحِنَّاء والصباغ إلاَّ السوَاد إِن لم يكن حَرِيرًا وَلَا تلبس الملون من الصُّوف.
قَالَ فِي ( الْمُدَوَّنَة) إلاَّ أَن لَا تَجِد غَيره وَلَا تلبس رَقِيقا وَلَا عصب الْيمن ووسع فِي غليظه وتلبس رَقِيق الْبيَاض وغليظ الْحَرِير والكتان والقطن.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: وَيحرم حلي الذَّهَب وَالْفِضَّة.
وَكَذَلِكَ اللُّؤْلُؤ وَفِي اللُّؤْلُؤ وَجه أَنه يجوز.





[ قــ :5051 ... غــ :5343 ]
- الأنْصَارِيُّ: حدَّثنا هِشامٌ حدَّثَتْنَا حَفْصَةُ حدَّثَتْنِي أُُمُّ عَطِيَّةَ: نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا تَمَسَّ طيِبا إلاّ أدْنَى طَهْرِها إذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ وَأظْفَارٍ.


الْأنْصَارِيّ هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمثنى بن عبد الله بن أنس بن مَالك قَاضِي الْبَصْرَة شيخ البُخَارِيّ، رُوِيَ عَنهُ الْكثير بِوَاسِطَة وَبلا وَاسِطَة.
وَلَعَلَّ البُخَارِيّ أَخذ هَذَا عَنهُ مذاكرة فَلهَذَا لم يرو عَنهُ بِصِيغَة التحديث وَهِشَام هُوَ ابْن حسان وَقد مر عَن قريب وَقد وَصله الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي حَاتِم الرَّازِيّ عَن الْأنْصَارِيّ بِلَفْظ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن تحد الْمَرْأَة فَوق ثَلَاثَة أَيَّام إلاَّ على زوج فَإِنَّهَا تحد عَلَيْهِ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا، وَلَا تلبس ثوبا مصبوغا إلاَّ ثوب عصب، وَلَا تكتحل وَلَا تمس طيبا.

قَوْله: ( نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا تمس) فِيهِ حذف تَقْدِيره نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
.

     وَقَالَ : لَا تمس طيبا.
قَوْله: ( إلاَّ أدنى طهرهَا) ، أَي: إلاَّ فِي أول طهرهَا، والأدنى بِمَعْنى الأول.
وَقيل: بِمَعْنى عِنْد، وَهُوَ الْأَوْجه،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: ويروى إِلَى أدنى مَكَان إلاّ قَوْله: ( نبذة) ، بِالنّصب بدل من قَوْله: ( طيبا) وَيجوز أَن يكون مَنْصُوبًا بِفعل مُقَدّر تَقْدِيره: وتمس نبذة من قسط وأظفار، بواو الْعَطف، وَهُوَ الْأَوْجه على مَا لَا يخفى.