فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الرطب والتمر

( بابُُُ: {الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي الرطب وَالتَّمْر، وَرُبمَا أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن التَّمْر لَهُ فضل على غَيره من الأقوات فَلذَلِك ذكر.
قَوْله: {وهزي إِلَيْك} ( مَرْيَم: 25) الْآيَة على مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَقد روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَيت لَا تمر فِيهِ جِيَاع أَهله،.

     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَالرّطب وَالتَّمْر من طيب مَا خلق الله عز وَجل وأباحه للعباد، وَهُوَ طَعَام أهل الْحجاز وعمدة أقواتهم، وَقد دَعَا إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، لتمر مَكَّة بِالْبركَةِ ودعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لتمر الْمَدِينَة بِمثل مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَلَا تزَال الْبركَة فِي تمرهم وثمارهم إِلَى السَّاعَة.
وَقد وَقع فِي كتاب ابْن بطال: بابُُ الرطب بِالتَّمْرِ بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَلَيْسَ فِي حَدِيث الْبابُُ مثل لذَلِك.

وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَهُزِّي إلَيْكَ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تَسَّاقَطْ عَلَيْكَ رُطبا جَنِيا ( مَرْيَم: 25) [/ ح.

قَوْله: {هزي} خطاب لِمَرْيَم أم عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام أَي: حركي جذع النَّخْلَة، وَكَانَت لَيْسَ لَهَا سعف وَلَا كرانيف وَلَا عذوق وَكَانَت فِي مَوضِع يُقَال لَهُ: بَيت لحم.
وَهِي قَرْيَة قريبَة من بَيت الْمُقَدّس على ثَلَاثَة أَمْيَال، وَكَانَت لما حملت بِعِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، خَافت على نَفسهَا من قَومهَا فَخرجت مَعَ ابْن عَمها يُوسُف طالبة أَرض مصر، فَلَمَّا وصلت إِلَى النَّخْلَة وأدركها النّفاس احتضنتها النَّخْلَة وَأَحْدَقَتْ بهَا الْمَلَائِكَة فنوديت {أَن لَا تحزني قد جعل رَبك تَحْتك سريا} أَي: نَهرا وَلم يكن هُنَاكَ نهر وَلَا عين، وَقيل: المُرَاد بالسري عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، وعَلى الأول الْجُمْهُور،.

     وَقَالَ  مقَاتل: لما سقط عِيسَى على الأَرْض ضرب بِرجلِهِ فنبع المَاء واطلعت النَّخْلَة وأورقت وأثمرت، وَقيل لَهَا: ( وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة) أَي: حركيه {تساقط عَلَيْك رطبا جنيا} أَي: غضا طريا،.

     وَقَالَ  الرّبيع بن خَيْثَم: مَا للنفساء عِنْدِي خير من الرطب، وَلَا للْمَرِيض من الْعَسَل، ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة رَوَاهُ عبد بن حميد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو يعلى الْموصِلِي من حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَفعه قَالَ: أطعموا نفساءكم الْوَلَد الرطب، فَإِن لم يكن رطب فتمر وَلَيْسَ من الشّجر شَجَرَة أكْرم على الله تَعَالَى من شَجَرَة نزلت تحتهَا مَرْيَم، عَلَيْهَا السَّلَام، وَقِرَاءَة الْجُمْهُور: تساقط، بتَشْديد السِّين وَأَصله: تتساقط، فأبدلت من إِحْدَى التَّاءَيْنِ سين وأدغمت السِّين فِي السِّين، وَقِرَاءَة حَمْزَة بِالتَّخْفِيفِ، وَهِي رِوَايَة عَن أبي عمر، وعَلى حذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ وفيهَا قراآت شَاذَّة.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورِ بنِ صَفِيَّةَ: حَدَّثَتْنِي أُُمِّي عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْها.
قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَدْ شَبِعْنا مِنَ الأسْوَدَيْنِ: التَّمْرِ وَالمَاءِ.


مطابقته هَذَا التَّعْلِيق عَن مُحَمَّد بن يُوسُف شيخ البُخَارِيّ للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
.

وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَمَنْصُور بن صَفِيَّة، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَكسر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: بنت شيبَة بن عُثْمَان من بني عبد الداربن قصي، ذكرت فِي الصحابيات، روى عَنْهَا ابْنهَا مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن بن طَلْحَة بن الْحَارِث بن طَلْحَة بن أبي طَلْحَة الحَجبي.

والْحَدِيث قد مر عَن قريب فِي: بابُُ من أكل حَتَّى شبع، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَإِطْلَاق الْأسود على المَاء من بابُُ التغليب، وَكَذَلِكَ الشِّبَع مَكَان الرّيّ.



[ قــ :5150 ... غــ :5443 ]
-
حدَّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ حدَّثنا أبُو غَسَّانَ.
قَالَ: حدَّثني أبُو حَازِمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبِي رَبِيعَةَ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله رَضِيَ الله عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ بِالمَدِينَةِ يَهُودِي وَكَانَ يُسْلِفُنِي فِي تَمْرِي إلَى الجِذَاذِ، وَكَانَتْ لِجَابِرٍ الأرْضُ الَّتِي بِطَرِيقِ رُومَةَ، فَجَلَسَتْ نَخْلاً عَاما فَجَاءَنِي اليَهُودِيُّ عِنْدَ الجِذَاذِ وَلَمْ أجُذَّ مِنْهَا شَيْئا، فَجَعَلْتُ أسْتَنْظِرُهُ إلَى قَابِلٍ فَيَأْتِي، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لأصْحَابِهِ: امْشوا نَسْتَنْظِر لِجابِرٍ مِنَ اليَهُودِيِّ فَجَاؤُنِي فِي نَخْلِي، فَجَعَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يِكَلِّمُ اليَهُودِيَّ فَيَقُولُ: أبَا القَاسِمِ لَا أُنْظِرُهُ! فَلَمَّا رَآهُ النبيُّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَامَ فَطَافَ فِي النَّخْلِ ثُمَّ جَاءَهُ فَكَلَّمَهُ فَأبَى.
فَقُمْتُ فَجِئْتُ بِقَلِيلٍ رُطِبٍ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَي النبيِّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأكَلَ ثُمَّ قَالَ: أيْنَ عَرِيشُكَ يَا جَابِرُ؟ فَأخْبَرْتُهُ فَقَالَ: افْرُشْ لِي فِيهِ فَفَرَشْتُهُ فَدَخَلَ فَرَقَدَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَجِئْتُهُ بِقَبْضَةٍ أُخْرَى فَأكَلَ مِنْها ثُمَّ قَامَ فَكَلَمَ اليَهُودِيُّ فَأبَى عَلَيْهِ فَقَامَ فِي الرِّطابِ فِي النَّخْلِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ قَالَ: يَا جَابِرُ خُذُّ وَاقْضِ فَوَقَفَ فِي الجَذَاذِ فَجَذَذْتُ مِنْهَا مَا قَضَيْتُهُ وَفَضَلَ مِثْلُهُ فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَشَّرْتُهُ.
فَقَالَ: أشْهَدُ أنِّي رَسُولُ الله.


مطابقته للجزء الأول من التَّرْجَمَة فِي ذكر الرطب فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَأَبُو غَسَّان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة وبالنون اسْمه مُحَمَّد بن مطرف، وَأَبُو حَازِم سَلمَة بن دِينَار، وَإِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي، وَاسم أبي ربيعَة عَمْرو، وَيُقَال: حُذَيْفَة، وَكَانَ يلقب ذَا الرمحين، وَهُوَ من مسلمة الْفَتْح وَولى الْجند من بِلَاد الْيمن لعمر ابْن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
فَلم يزل بهَا حَتَّى جَاءَ لسنة حصر عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِيَنْصُرهُ فَسقط عَن رَاحِلَته فَمَاتَ ولإبراهيم عَنهُ رِوَايَة فِي النَّسَائِيّ قَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّهَا مُرْسلَة وَلَيْسَ لإِبْرَاهِيم فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث وَأمه أم كُلْثُوم بنت أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَله رِوَايَة عَن أمه وخالته عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَهَذَا من أَفْرَاده، وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْقَاسِم: حَدثنَا يحيى بن صاعد حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور وَسَعِيد بن أبي مَرْيَم بِهِ سَوَاء، ثمَّ قَالَ: هَذِه الْقِصَّة رَوَاهَا المعروفون فِيمَا كَانَ على أبي جَابر، وَالسَّلَف إِلَى الْجذاذ مِمَّا لَا يُجِيزهُ البُخَارِيّ وَغَيره فَفِي هَذَا الْإِسْنَاد نظر، وَكَذَا قَالَ ابْن التِّين: الَّذِي فِي أَكثر الْأَحَادِيث أَن الدّين كَانَ على وَالِد جَابر، وَأجِيب بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِسْنَاد من ينظر فِي حَاله سوى إِبْرَاهِيم، وَقد ذكره ابْن حبَان فِي ( ثِقَات التَّابِعين) وروى عَنهُ أَيْضا وَلَده إِسْمَاعِيل وَالزهْرِيّ.
قلت: قَالَ ابْن الْقطَّان: لَا يعرف حَاله وَأجِيب: عَن قَوْله: وَالسَّلَف إِلَى الْجذاذ مِمَّا لَا يُجِيزهُ البُخَارِيّ بِأَنَّهُ يُعَارضهُ الْأَمر بالسلم إِلَى أجل مَعْلُوم فَيحمل على أَنه وَقع فِي الِاقْتِصَار على الْجذاذ اختصارا وَأَن الْوَقْت كَانَ فِي الأَصْل معينا.
وَمن قَوْله: هَذِه الْقِصَّة رَوَاهَا المعروفون فِيهَا كَانَ على أبي جَابر، بِأَن الْقِصَّة مُتعَدِّدَة فَفعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّخل الْمُخْتَص بجابر فِيمَا كَانَ عَلَيْهِ من الدّين كَمَا فعل فِيمَا كَانَ على وَالِده من الدّين، وَالله أعلم.

قَوْله: ( يسلفني) ، بِضَم الْيَاء، من الإسلاف.
قَوْله: ( إِلَى الْجذاذ) ، بِكَسْر الْجِيم وَيجوز فتحهَا وبالذال الْمُعْجَمَة وَيجوز أهمالها أَي: زمن قطع ثَمَر النّخل وَهُوَ الصرام.
قَوْله: ( وَكَانَت لجَابِر الأَرْض الَّتِي بطرِيق رومة) ، فِيهِ الْتِفَات من الحضرة إِلَى الْغَيْبَة، وَكَانَ الْقيَاس أَن يُقَال: وَكَانَت لي الأَرْض الَّتِي بطرِيق رومة.
فَإِن قلت: هَل يجوز أَن يكون مدرجا من كَلَام الرَّاوِي؟ قلت: يمنعهُ مَا رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) من طَرِيق الرَّمَادِي عَن سعيد بن أبي مَرْيَم شيخ البُخَارِيّ فِيهِ: وَكَانَت الأَرْض لي بطرِيق رومة، بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْوَاو، وَهِي الْبِئْر الَّتِي اشْتَرَاهَا عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وسبلها، وَهِي فِي نفس الْمَدِينَة.
وَقيل: إِن رومة رجل من بني غفار كَانَت لَهُ الْبِئْر قبل أَن يَشْتَرِيهَا عُثْمَان فنسبت إِلَيْهِ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: رومة بِضَم الرَّاء مَوضِع، وَفِي بَعْضهَا بِضَم الدَّال الْمُهْملَة بدل الرَّاء ولعلها دومة الجندل،.

     وَقَالَ  بَعضهم وَنقل الْكرْمَانِي: أَن فِي بعض الرِّوَايَات دومة بدال بدل الرَّاء ولعلها دومة الجندل قَالَ: وَهَذَا بَاطِل، لِأَن دومة الجندل إِذْ ذَاك لم تكن فتحت حَتَّى يُمكن أَن يكون لجَابِر فِيهَا أَرض انْتهى.
قلت: هَذَا الَّذِي قَالَه بَاطِل لِأَن الَّذِي فِي الحَدِيث بطرِيق رومة، وَهَذَا ظَاهر، وَأما رِوَايَة الدَّال فمعناها: كَانَت لجَابِر أَرض كائنة بِالطَّرِيقِ الَّتِي يُسَافر مِنْهَا إِلَى دومة: الجندل، وَلَيْسَ مَعْنَاهَا الَّتِي بدومة الجندل حَتَّى يُقَال: لِأَن دومة الجندل إِذْ ذَاك لم تكن فتحت، ودومة الجندل على عشر مراحل من الْمَدِينَة.
قَوْله: ( فَجَلَست) ، كَذَا هُوَ بِالْجِيم وَاللَّام فِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ وَأبي ذَر، وَعَلِيهِ أَكثر الروَاة، وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الأَرْض أَي: فَجَلَست الأَرْض من الأثمار نخلا بالنُّون وَالْخَاء الْمُعْجَمَة أَي: من جِهَة النّخل قَالَ عِيَاض: وَكَانَ أَبُو مَرْوَان من سراج يصوب هَذِه الرِّوَايَة إلاَّ أَنه يضبطها على صِيغَة الْمُتَكَلّم بِضَم التَّاء ويفسره أَي: تَأَخَّرت عَن الْقَضَاء، وَيَقُول: فَخَلا، بِالْفَاءِ وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وَاللَّام الْمُشَدّدَة من التَّخْلِيَة.
أَي: تَأَخّر السّلف عَاما.
.

     وَقَالَ : وَوَقع للأصيلي: فحبست، بحاء مُهْملَة ثمَّ بَاء مُوَحدَة على صِيغَة الْمَجْهُول، وَفِي رِوَايَة أبي الْهَيْثَم فخاست، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَبعد الْألف سين مُهْملَة يَعْنِي: خَالَفت معهودها وَحملهَا يُقَال: خاس فلَان عَهده إِذا خانه أَو تغير عَن عَادَته وخاس الشَّيْء إِذا تغير، وروى خنست، بخاء مُعْجمَة ثمَّ نون أَي: تَأَخَّرت.
قَوْله: ( وَلم أجد) ، بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْجِيم وَتَشْديد الدَّال وَيجوز فِي مثل هَذِه الْمَادَّة ثَلَاثَة أوجه: الْفَتْح فِي آخِره وَالْكَسْر وَفك الْإِدْغَام.
قَوْله: ( استنظره) ، أَي: اطلب مِنْهُ أَن ينظرني إِلَى قَابل أَي: عَام آتٍ.
قَوْله: ( فيأبى) ، أَي: فَيمْتَنع الْيَهُودِيّ عَن النظرة.
قَوْله: ( فَأخْبر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمَاضِي، قيل: يحْتَمل أَن يكون بِضَم الرَّاء على صِيغَة نفس الْمُتَكَلّم من الْمُضَارع وَالضَّمِير فِيهِ لجَابِر، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي نعيم ( الْمُسْتَخْرج) فَأخْبرت.
قَوْله: ( أَبَا الْقَاسِم) ، أَي: يَا أَبَا الْقَاسِم فَحذف مِنْهُ حرف النداء.
قَوْله: ( عريشك) ، الْعَريش مَا يستظل بِهِ عِنْد الْجُلُوس تَحْتَهُ، وَقيل: الْبناء، على مَا يَجِيء الْآن أَرَادَ أَيْن الْمَكَان الَّذِي اتخذته فِي بستانك لتستظل بِهِ وَتقبل فِيهِ؟ قَوْله: ( فَجِئْته) ، أَي: النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( قَبْضَة أُخْرَى) ، أَي: من الرطب.
قَوْله: ( فَقَامَ فِي الرطاب فِي النّخل الثَّانِيَة) ، بِالنّصب أَي: الْمرة الثَّانِيَة، وَلَا يظنّ أَنه صفة النّخل لِأَنَّهُ مَا ثمَّ إلاَّ نحل وَاحِد.
قَوْله: ( جد) ، بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الدَّال الْمَفْتُوحَة.
وَهُوَ أَمر من جد يجد، وَيجوز فِيهِ أَيْضا الْأَوْجه الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة، وَلَا يدْرك طعم هَذَا إلاَّ من لَهُ يَد فِي علم الصّرْف.
قَوْله: ( وأقض) ، أَمر من الْقَضَاء.
أَي: افض الدّين الَّذِي عَلَيْك، يَعْنِي: أوفه لِلْيَهُودِيِّ.
قَوْله: ( وَفضل مثله) ، أَي: مثل الدّين، ويروى: وَفضل مِنْهُ.
قَوْله: ( أشهد أَنِّي رَسُول الله) ، إِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَن فِيهِ خرق الْعَادة الظَّاهِرَة، وَهُوَ دَلِيل من أَدِلَّة النُّبُوَّة وَعلم من أعلامها حَيْثُ قضى بِالْقَلِيلِ الَّذِي لم يكن يَفِي بِدِينِهِ تَمام الدّين وَفضل مِنْهُ مثله.

( عَرْشٌ وَعَرِيشٌ بِناءٌ.
.

     وَقَالَ  ابنُ عَبَّاسٍ: مَعْرُوشاتٍ مَا يُعَرِشُ مِنَ الكُرُومِ وَغَيْرِ ذالِكَ، يُقالُ: عُرُوشُها أبْنِيَتُها قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ: قَالَ أبُو جَعْفَرِ: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إسْمَاعِيلَ فَخَلَّى لَيْسَ عِنْدِي مُقيَّدا ثُمَّ قَالَ: نَخْلاً لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ)
.

هَذَا كُله لم يثبت إلاَّ للمستملي.
قَوْله: ( عرش وعريش بِنَاء) يَعْنِي: أَن الْعَرْش بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء، وعريش بِكَسْر الرَّاء بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة مَعْنَاهُمَا بِنَاء هَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة.
قَوْله: ( وَقَالَ ابْن عَبَّاس: معروشات) قد مر هَذَا فِي آخر تَفْسِير سُورَة الْأَنْعَام.
قَوْله: ( يُقَال: عروشها أبنيتها) أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {خاوية على عرشها} ( الْبَقَرَة: 259) أَي: على أبنيتها، وَهُوَ تَفْسِير أبي عُبَيْدَة أَيْضا.
وَمُحَمّد بن يُوسُف هُوَ الْفربرِي، وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي حَاتِم، وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل هُوَ البُخَارِيّ قَوْله: ( فَخَلا لَيْسَ عِنْدِي مُقَيّدا) أَي: مضبوطا، ثمَّ قَالَ: ( نخلا) يَعْنِي: بالنُّون وَالْخَاء الْمُعْجَمَة ( لَيْسَ فِيهِ شكّ) هَذَا هُوَ الَّذِي يظْهر، وَالله أعلم.