فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب تمني المريض الموت

( بابُُ تَمَنِّي المَرِيضِ المَوْتَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان منع تمني الْمَرِيض الْمَوْت لِشِدَّتِهِ.



[ قــ :5371 ... غــ :5671 ]
- حدّثني آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ حَدثنَا ثابِتٌ البُنَانِيُّ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ، رَضِي الله عَنهُ، قالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لاَ يَتَمَنَّيَنْ أحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أصابَهُ، فإنْ كانَ لَا بُدَّ فاعِلاً فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أحْيني مَا كانَتِ الحَياةُ خَيْراً لِي، وَتَوَفَّنِي إذَا كانَتِ الوَفَاةُ خَيْراً لِي.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الضَّرْب الَّذِي يُصِيب أَعم من أَن يكون من الْمَرَض وَغَيره.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الدَّعْوَات عَن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي خلف.

قَوْله: ( لَا يتمنين) بالنُّون الْخَفِيفَة.
قَوْله: ( أحدكُم) الْخطاب للصحابة وَالْمرَاد هم وَمن بعدهمْ من الْمُسلمين.
قَوْله: ( من ضرّ) أَي: لأجل ضرّ أَصَابَهُ، وَهُوَ يَشْمَل الْمَرَض وَغَيره من أَنْوَاع الضَّرَر.
قَوْله: ( فَاعِلا) أَي: متمنياً، وَفِي رِوَايَة الدَّعْوَات: فَإِن كَانَ لَا بُد متمنياً للْمَوْت.
قَوْله: ( مَا كَانَت الْحَيَاة) أَي: مُدَّة كَون الْحَيَاة خيرا.

وَفِيه: النَّهْي عَن تمني الْمَوْت عِنْد نزُول البلاءِ.
قيل: أَنه مَنْسُوخ بقول يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام.
{ توفني مُسلما} ( يُوسُف: 101) وَبقول سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: { وأدخلني بِرَحْمَتك فِي عِبَادك الصَّالِحين} ( الْإِسْرَاء: 80) وَحَدِيث الْبابُُ: وألحقني بالرفيق الْأَعْلَى، ودعا عمر بن الْخطاب وَعمر بن عبد الْعَزِيز بِالْمَوْتِ، وردَّ بِأَن هَؤُلَاءِ إِنَّمَا سَأَلُوا مَا قَارن الْمَوْت، فَالْمُرَاد بذلك ألحقنا بدرجاتهم، وَحَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ معمر عَن عَليّ بن زيد، وَهُوَ ضَعِيف.





[ قــ :537 ... غــ :567 ]
- حدّثني آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةَ عنْ إسْمَاعِيلَ بنِ أبي خالِدٍ عنْ قَيْسِ بنِ أبِي حازِمٍ، قَالَ: دَخَلْنا علَى خَبَّابٍ نَعُودُهُ وقَدِ اكْتَوَى سَبْعَ كيَّاتٍ، فقالَ: إنَّ أصْحابَنا الَّذِينَ سَلَفُوا مَضَوْا ولَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيا، وَإنَّا أصَبْنا مَا لاَ نَجِدُ لهُ مَوْضِعاً إلاَّ التُّرابَ، ولَوْلاَ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَهَانَا أنْ نَدْعُوَ بالمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ، ثُمَّ أتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْراى وَهُوَ يَبني حائِطاً لَهُ، فَقَالَ: إنَّ المُسْلِمَ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شيءٍ يُنْفِقُهُ إلاَّ فِي شيءٍ يَجْعلُهُ فِي هاذا التُّرابِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَلَوْلَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَهَانَا أَن نَدْعُو بِالْمَوْتِ لَدَعَوْت بِهِ) .

وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس، وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد البَجلِيّ وَاسم أبي خَالِد سعد، وَقيل: هُرْمُز، وَقيل: كثير، وَقيس بن أبي حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي، وخبابُ بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى ابْن الْأَرَت بِفَتْح الْهمزَة وَالرَّاء وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدَّعْوَات وَفِي الرقَاق.
وَأخرجه مُسلم فِي الدَّعْوَات عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد بن بشار.

قَوْله: ( نعوده) جملَة حَالية، وَكَذَا قَوْله: ( وَقد اكتوى) أَي: فِي بَطْنه، وَالنَّهْي الَّذِي جَاءَ عَن الكي هُوَ لمن يعْتَقد أَن الشِّفَاء من الكي، أما من اعْتقد أَن الله عز وَجل هُوَ الشافي فَلَا بَأْس بِهِ، أَو ذَلِك للقادر على مداواة أُخْرَى وَقد استعجل وَلم يَجعله آخر الدَّوَاء.
قَوْله: ( إِن أَصْحَابنَا الَّذين سلفوا) كَأَنَّهُ عَنى بهؤلاء الَّذين مَاتُوا فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( مضوا وَلم تنقصهم الدُّنْيَا) لأَنهم كَانُوا فِي قلَّة وضيق عَيْش، وَأما الَّذين من بعدهمْ فقد اتسعت لَهُم الدُّنْيَا بِسَبَب الفتوحات وَمَا زَاد من الدُّنْيَا فقد نقص من الْآخِرَة.
قَوْله: ( وَإِنَّا أصبْنَا) قَول خبابُ، يَعْنِي: إِنَّا أصبْنَا من الدُّنْيَا مَا لَا نجد لَهُ موضعا يَعْنِي: مصرفاً نصرفه فِيهِ إلاَّ التُّرَاب يَعْنِي: الْبُنيان، فَعلم من هَذَا أَن صرف المَال فِي الْبُنيان مَذْمُوم، لَكِن المذمة فِيمَن بنى مَا يفضل عَنهُ وَلَا يضْطَر إِلَيْهِ، فَذَلِك الَّذِي لَا يُؤجر فِيهِ لِأَنَّهُ من التكاثر الْمنْهِي عَنهُ لَا من بني مَا يكنه، وَلَا غنى بِهِ عَنهُ.
قَوْله: ( لَدَعَوْت بِهِ) أَي: بِالْمَوْتِ وَذَلِكَ لشدَّة مَا بِهِ من ألم الْمَرَض.
قَوْله: ( ثمَّ أتيناه مرّة أُخْرَى) هُوَ كَلَام قيس بن أبي حَازِم، أَي: ثمَّ أَتَيْنَا خبابُاً مرّة ثَانِيَة، وَالْحَال أَن يبْنى حَائِطا لَهُ.
قَوْله: ( فَقَالَ: إِن الْمُسلم يُؤجر) .
.
إِلَى آخِره، مَوْقُوف على خبابُ، وَقد أخرجه الطَّبَرَانِيّ مَرْفُوعا من طَرِيق عمر بن إِسْمَاعِيل بن مجَالد: حَدثنَا أبي عَن بَيَان بن بشر وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد جَمِيعًا عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ: دخلت على خبابُ نعوده ... فَذكر الحَدِيث وَفِيه: وَهُوَ يعالج حَائِطا لَهُ، فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْمُسلم يُؤجر فِي نَفَقَته كلهَا إلاَّ مَا يَجعله فِي التُّرَاب، وَعمر الْمَذْكُور كذبه يحيى بن معِين.





[ قــ :5373 ... غــ :5673 ]
- حدّثنا أبُو اليمَانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبرنِي أبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عَوْفٍ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقُولُ: لَنْ يُدْخِلَ أحَداً عَمَلُهُ الجَنَّةَ.
قالُوا: وَلَا أنْتَ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: وَلَا أَنا، إلاَّ أنْ يَتَغَمَّدَنِي الله بِفَضْلِ مِنْهُ ورَحْمَةٍ، فَسَدِّدُوا وقاربُوا وَلَا يَتَمَنَّيَنْ أحَدُكُمُ المَوْتَ إمَّا مُحْسِناً فَلَعَلَّهُ أنْ يَزْدَاد خَيْراً، وإمَّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ أنْ يَسْتَعْتبَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَلَا يتمنين) وَأَبُو الْيَمَان بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف الحكم بن نَافِع وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة، وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم، وَأَبُو عبيد مصغر العَبْد هُوَ مولى ابْن أَزْهَر واسْمه سعد بن عبيد، وَابْن أَزْهَر هُوَ الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر بن عَوْف وَهُوَ ابْن أخي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم إِلَى قَوْله: ( فسددوا) بطرق مُخْتَلفَة: مِنْهَا: عَن بشر بن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه قَالَ: لن يُنجي أحدا مِنْكُم عمله، قَالَ رجل: وَلَا إياك يَا رَسُول الله؟ وَلَا إيَّايَ، إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمته، وَلَكِن سددوا.
وَمِنْهَا: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من أحد يدْخلهُ عمله الْجنَّة، فَقيل: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: وَلَا أَنا إلاَّ أَن يتغمدني رَبِّي برحمة.
وَمِنْهَا: عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ أحد ينجيه عمله، قَالُوا: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: وَلَا أَنا إِلَّا أَن يتداركني الله مِنْهُ برحمة.
وَمِنْهَا: عَن أبي عبيد مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة إِلَى آخِره، نَحْو رِوَايَة البُخَارِيّ.
وَمِنْهَا: عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قاربوا وسددوا وَاعْلَمُوا أَنه لن ينجو أحد مِنْكُم بِعَمَلِهِ.
.
الحَدِيث.

قَوْله: ( لن يدْخل) بِضَم الْيَاء مضارع مَعْلُوم وفاعله قَوْله: ( عمله) و ( أحدا) بِالنّصب مَفْعُوله وَالْجنَّة نصبت أَيْضا بِتَقْدِير فِي الْجنَّة.
قَوْله: ( إِلَّا أَن يتغمدني الله) بالغين الْمُعْجَمَة، يُقَال: تغمده الله برحمته أَي: غمره بهَا وستره بهَا وَألبسهُ رَحمته، وَإِذا اشْتَمَلت على شَيْء فغطيته فقد تغمدته أَي: صرت لَهُ كالغمد للسيف، وَأما الِاسْتِثْنَاء فَهُوَ مُنْقَطع.
فَإِن قلت: كل الْمُؤمنِينَ لَا يدْخلُونَ الْجنَّة إلاَّ أَن يتغمدهم الله بفضله فَمَا وَجه تَخْصِيص الذّكر برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قلت: تغمد الله لَهُ بِعَيْنِه مَقْطُوع بِهِ، أَو إِذا كَانَ لَهُ بِفضل الله فلغيره بِالطَّرِيقِ الأولى أَن يكون بفضله لَا بِعَمَلِهِ.
فَإِن قلت: قَالَ الله تَعَالَى: { وَتلك الْجنَّة الَّتِي أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} ( الزخرف: 7) قلت الْبَاء لَيست للسَّبَبِيَّة بل للإلصاق أَو المصاحبة أَي: أورثتموها مصاحبة أَو مُلَابسَة لثواب أَعمالكُم.

( وَمذهب أهل السّنة) أَنه لَا يثبت بِالْعقلِ ثَوَاب وَلَا عِقَاب بل ثبوتهما بالشريعة، حَتَّى لَو عذب الله تَعَالَى جَمِيع الْمُؤمنِينَ كَانَ عدلا، وَلكنه أخبر بِأَنَّهُ لَا يفعل بل يغْفر للْمُؤْمِنين ويعذب الْكَافرين.
( والمعتزلة) يثبتون بِالْعقلِ الثَّوَاب وَالْعِقَاب ويجعلون الطَّاعَة سَببا للثَّواب مُوجبَة لَهُ، وَالْمَعْصِيَة سَببا للعقاب مُوجبَة لَهُ.
والْحَدِيث يرد عَلَيْهِم.

قَوْله: ( فسددوا) أَي أطلبوا السداد أَي الصَّوَاب وَهُوَ مَا بَين الإفراط والتفريط أَي: فَلَا تغلوا وَلَا تقصرُوا وَاعْمَلُوا بِهِ فَإِن عجزتم عَنهُ فقاربوا أَي: أقربوا مِنْهُ، ويروى: فقربوا أَي: قربوا غَيْركُمْ إِلَيْهِ، وَقيل: سددوا مَعْنَاهُ اجعلوا أَعمالكُم مُسْتَقِيمَة وقاربوا أَي: اطْلُبُوا قربَة الله عز وَجل.
قَوْله: ( وَلَا يتمنين) بنُون التَّأْكِيد الْخَفِيفَة فِي رِوَايَة غير الْكشميهني لَفظه نفي بِمَعْنى النَّهْي، وَفِي رِوَايَته: وَلَا يتمن، بِحَذْف التَّحْتِيَّة وَالنُّون بِلَفْظ النَّهْي.
قَوْله: ( إِمَّا محسناً) تَقْدِيره: إِمَّا أَن يكون محسناً، ويروى إِمَّا محسن، على تَقْدِير: إِمَّا هُوَ محسن قَوْله: ( إِمَّا مسيئاً) فعلى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورين.
قَوْله: ( أَن يستعتب) من الاستعتاب وَهُوَ طلب زَوَال العتب، وَهُوَ استفعال من الإعتاب الَّذِي الْهمزَة فِيهِ للسلب لَا من العتب وَهُوَ من الغرائب، أَو من العتبى وَهُوَ الرِّضَا، يُقَال: استعتبته فأعتبني أَي: استرضيته فأرضاني.
قَالَ الله عز وَجل: { وَإِن يستعتبوا فَمَا هم من المعتبين} ( فصلت: 4) وَالْمَقْصُود يطْلب رضَا الله بِالتَّوْبَةِ ورد الْمَظَالِم.





[ قــ :5374 ... غــ :5674 ]
- حدّثنا عَبْدُ الله بنُ أبي شَيْبَةَ حَدثنَا أبُو أسامَةَ عنْ هِشامٍ عنْ عَبَّادِ بنِ عبْدِ الله بن الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، قالتْ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وهْوَ مُسْتَنِدٌ إليَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحَمَنِي وألْحِقْنِي بالرَّفِيقِ.
( انْظُر الحَدِيث: 4440) .


قيل: لَا يُطَابق التَّرْجَمَة لِأَن فِيهِ التَّمَنِّي للْمَوْت إِذْ لَا يُمكن الْإِلْحَاق بالرفيق، وهم أَصْحَاب الْمَلأ الْأَعْلَى، إلاَّ بِالْمَوْتِ.
وَأجِيب: بِأَنَّهُ لَيْسَ بتمنٍ للْمَوْت، غَايَته أَنه مُسْتَلْزم لذَلِك، والمنهي مَا يكون هُوَ الْمَقْصُود لذاته، أَو الْمنْهِي هُوَ الْمُقَيد وَهُوَ مَا يكون من ضرٍ أَصَابَهُ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُ بل للإشتياق إِلَيْهِم، وَيُقَال: إِنَّه قَالَ ذَلِك بعد أَن علم أَنه ميت فِي يَوْمه ذَلِك، وَرَأى الْمَلَائِكَة المبشرين لَهُ عَن ربه بالسرور الْكَامِل، وَلِهَذَا قَالَ لفاطمة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: لَا كرب على أَبِيك بعد الْيَوْم، وَكَانَت نَفسه مفرغة فِي اللحاق بكرامة الله لَهُ وسعادة الْأَبَد، فَكَانَ ذَلِك خيرا لَهُ من كَونه فِي الدُّنْيَا، وَبِهَذَا أَمر أمته حَيْثُ قَالَ: فَلْيقل: اللَّهُمَّ توفني مَا كَانَت الْوَفَاة خيرا لي.

وَعبد الله بن أبي شيبَة هُوَ أَبُو بكر صَاحب ( المُصَنّف) ( والمسند) وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة، وَعباد بِفَتْح الْعين وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن عبد الله بن الزبير بن الْعَوام، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

والْحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي فِي: بابُُ مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُعلى بن أَسد عَن عبد الْعَزِيز بن مُخْتَار: حَدثنَا هِشَام بن عُرْوَة عَن عباد بن عبد الله بن الزبير ... إِلَى آخِره، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ، والرفيق هم الْمَلَائِكَة أَصْحَاب الْمَلأ الْأَعْلَى.